تقع قضية اللاجئين فى قلب الأزمات التى تموج بالقارة الأوروبية عامة وفى ألمانيا خاصة، وتتخذ القضية منحنى سياسيا خاص فى ألمانيا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية وسعى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى ولاية رابعة فى الانتخابات المقررة فى 2017.
غير أن سياسة الباب المفتوح التى اتبعتها ميركل تجاه اللاجئين السوريين تسببت فى تراجع شعبيتها وشعبية حزبها الإتحاد المسيحى الديمقراطى الذى حقق نتائج مخيبة للآمال فى الانتخابات المحلية بثلاث ولايات، فى مارس الماضى، أمام حزب البديل اليمينى، المناهض للأجانب.
وفى وجه هذا التراجع يبدو أن قادة ومسئولى الحزب المسيحى الديمقراطى اتخذوا إستراتيجية جديدة، فى محاولة إنقاذ موقفهم قبل الانتخابات المقررة فى 2017، وهى محاولة التنصل من السياسات التى اتبعتها ميركل تجاه اللاجئين واقتراح سبل التخلص من اللاجئين فى الداخل.
وبرز هذا التوجه فى اقتراح وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرج، توماس ستروبل، عضو الحزب الديمقراطى المسيحى الحاكم فى ألمانيا، فى مقال نشرته إحدى الصحف الألمانية، إعادة توطين 500 ألف لاجئ فى مصر بعد ترحيلهم من ألمانيا. واللافت أن ولاية بادن فورتمبيرج، التى ينتمى إليها ستروبل هى واحدة من الولايات الثلاث، التى نجح حزب البديل الشعبوى دخول برلماناتها فى انتخابات مارس الماضى، حيث حصل على 12.5% من الأصوات فى هذه الولاية الواقعة جنوب ألمانيا، التى كانت مركزا لتأييد الإتحاد الديمقراطى المسيحى على مدار أكثر من 50عاما. لذا يبدو أن قادة الحزب الذى يقود الائتلاف الحاكم يسعون فى الوقت الحالى إلى تصريحات تصلح للاستهلاك المحلى سعيا للحد من تأثير سياساتهم الأولى تجاه اللاجئين.
وتراجع حزب المستشارة ميركل، فى ولاية بادن فورتمبرج التى فاز بها حزب الخضر بنسبة 32.5%، وأكتفى حزب ميركل بنسبة 27.5%، وحل حزب البديل من أجل ألمانيا، ثانيا فى ولاية ساكسونيا السفلى، التى يمثل حزب الإتحاد الديمقراطى المسيحى أكبر الأحزاب به، وحصد البديل على 21.5% بها، ليتمكن من دخول المجالس النيابية فى الولايتين بالإضافة إلى ولاية وراينلاند بالاتينات.
تحدثت تقارير صحفية سابقة حول مساعى ألمانية لعقد صفقة أوروبية مع مصر لترحيل اللاجئين، على غرار تلك الصفقة التى عقدها الإتحاد الأوروبى مع تركيا. ويتعلق ذلك بنقاش على الصعيد الداخلى فى ألمانيا حول ضرورة الإسراع فى ترحيل اللاجئين غير المعترف بهم، ينطلق هذا النقاش بالأساس من محاولات سياسية لقطع الطريق أمام اليمين الذى نجح فى استقطاب الكثيرون لصالحه.
ورغم أن النقاش حول ترحيل اللاجئين لمصر مقابل حزمة من المساعدات الأوروبية بشكل عام، إلا أنه لا يوجد أى إشارات على مفاوضات جادة مع مصر بهذا الصدد. وهو ما أكدته مصادر من الحكومة الألمانية لليوم السابع التى قالت أنه على الرغم من رغبة ألمانيا فى توسيع التعاون بين الاتحاد الأوروبى ودول شمال أفريقيا، بمن فيهم مصر، حول قضية اللاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين، لكن لا توجد مفاوضات حقيقية بهذا الصدد.
وأكدت هذه المصادر ما قالته وزارة الخارجية المصرية مسبقا، بأن مستشار الأمن القومى الخاص بحكومة ميركل ومساعدها لشئون اللاجئين، خلال زيارتهم لمصر فى أكتوبر الماضى، ناقشوا عددا من القضايا كان من بينها قضية الهجرة، وأنهم لم يأتوا خصيصا لأى مفاوضات محددة حول القضية.
هذه التصريحات وعدم توفر إشارات أو تفصيلات واضحة حول وجود صفقة محتملة بشأن القضية، بين مصر والإتحاد الأوروبى أو ألمانيا، تؤكد أن الحديث عن إعادة توطين اللاجئين فى مصر هو للاستهلاك المحلى داخل ألمانيا لتحقيق أغراض سياسية محددة قبيل الانتخابات التى تحدد مصير ميركل وعما إذا كانت ستتولى فترة رابعة، فضلا عن انتخابات برلمانية تشهدها الولايات الألمانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة