سنوات طويلة نادى فيها العالم الغربى بالحريات وحقوق الإنسان، وانتقد البلدان الأخرى التى تسعى لمراقبة مواطنيها والتضييق عليهم بأى شكل من الأشكال، وكان الإعراب عن التخوفات من مستوى الحريات فى بعض الدول، هو ملخص موقف الدول الغربية الكبرى من باقى دول العالم، ولكن تمر السنوات وتنقلب الأحوال، وتصبح بريطانيا واحدة من الدول الأكثر تهديدًا للحريات، بعد الموافقة على قانون التجسس الأكثر تطرفا فى العالم، ولم يهتم المسؤولون هناك بالانتقادات الواسعة التى أعلن عنها المهتمون بالخصوصية، ومر القانون من جهة لأخرى، وحصل على كل الموافقات المطلوبة، إذ تم تمريره من قبل مجلس اللوردات فى وقت سابق من هذا الشهر، وحصلت سلطات التحقيق على الموافقة الملكية، وأصبح القانون فى حيز التنفيذ.
أخطر بنود قانون التجسس الجديد
يضيف القانون الجديد سلطات مراقبة جديدة، بما فى ذلك القواعد التى تجبر مزودى الإنترنت على الاحتفاظ بالسجلات الكاملة للمواقع التى يزورها عملاؤها، وهذه السجلات ستكون متاحة لمجموعة واسعة من الوكالات الأمنية، كما يعطى القانون صلاحيات واسعة لمراقبة مستخدمى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، وحل شفرات الرسائل النصية، ومراقبة المحادثات الصوتية المتبادلة بين المشتبه بضلوعهم فى نشاطات إرهابية.
وسيتم إعطاء وكالات المراقبة، سلطات جديدة لإجبار الشركات على المساعدة فى اختراق الهواتف، وجمع مزيد من المعلومات عن أى شخص فى بريطانيا، وأشادت وزارة الداخلية بالقانون الجديد، ووصفته بالتاريخى، لأنه يعزز القوى المتاحة لأجهزة الشرطة والأمن والاستخبارات، لجمع والوصول إلى الاتصالات الإلكترونية، بينما قالت الأجهزة الأمنية إن القانون لا يعطيها كل القوى كما يعتقد البعض، ولكنه يعزز قدرة السلطات بشكل كبير، وستتم تجربته خلال الفترة المقبلة.
معارضة القانون.. عشرات الآلاف يرفضون التشريع الجديد
القانون الجديد يواجه معارضة من قبل عشرات الآلاف من الناس، خاصة المهتمين بالخصوصية والأمن الإلكترونى، ولكن هذه المعارضة لم تغير أى بند فى القانون، ولم تؤثر على صناع القرار، وفى هذا الإطار قالت منظمة الحريات المدنية "ليبرتى"، إن القانون بمثابة "منارة للطغاة فى كل مكان"، وقال بيلا سانكى، مدير سياسة المجموعة، إنه "يوم حزين لديمقراطيتنا".
وكان عميل وكالة الأمن القومى السابق والمسرب الشهير "إدوارد سنودن"، قد علق على الأمر فى وقت سابق، عبر حسابه الرسمى على موقع "تويتر"، قائلا إن هذا القانون هو الأكثر تطرفا فى تاريخ الديمقراطية الغربية، كما انتقدت الشركات التكنولوجية العملاقة، مثل أبل وجوجل وفيس بوك، خطوة بريطانيا نحو تقنين التجسس والتعامل معه على أنه أمر طبيعى ومشروع.
دور رئيس الوزراء فى تشريع القانون الجديد للتجسس
جدير بالذكر، أن القانون الجديد الخاص بالتجسس، تم عرضه أول مرة من قبل رئيس مجلس الوزراء الحالية "تيريزا ماى"، فى العام 2015، أثناء توليها منصب وزيرة الداخلية، وذلك فى إطار سياسة تبنتها حكومة رئيس الوزراء السابق "ديفيد كاميرون"، الذى دعا مطلع العام الماضى إلى ضرورة سن تشريعات تمنح أجهزة المخابرات البريطانية مزيدًا من الصلاحيات والسلطات، لمراقبة مستخدمى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، ومن المتوقع أن يتسبب فى كثير من المشكلات المتعلقة بخصوصية المستخدمين خلال الأشهر الأولى من بدء العمل به.
تاريخ بريطانيا مع التجسس
فى سياق متصل، وعلى صعيد تاريخ المملكة المتحدة مع التجسس، سبق أن كشف "إدوارد سنودن"، عميل المخابرات المركزية الأمريكية ومؤسس موقع "ويكيليكس"، عن وثائق تقول إن "مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية" الاستخباراتى، يخترق هواتف المواطنين عبر إرسال رسائل إليها، وبعد تلقيها يمكن للجهاز استخدام الكاميرا لالتقاط الصور والتحكم فى الميكروفون، إضافة إلى معرفة لائحة الاتصالات والأرقام وصفحات الإنترنت التى تصفّحها الشخص، والأماكن التى زارها، وغيرها من المعلومات الشخصية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة