أعطى أنور السادات الكلمة للمفكر خالد محمد خالد ليعقب على كلمة الرئيس جمال عبدالناصر، ففتح التعقيب بابًا لمناظرة بين «الرئيس» و«المفكر» استمرت نحو ساعتين فى مثل هذا اليوم «29 نوفمبر 1961»، أثناء الجلسة الرابعة لمؤتمر «اللجنة الوطنية للقوى الشعبية» وتضم مائة شخصية، ونقلها التليفزيون والإذاعة على الهواء مباشرة.
طلب «خالد» التعليق على كلمة عبدالناصر، فنادى عليه رئيس الجلسة «أنور السادات»، وفى بداية كلمته قال إنه سمع الليلة من السيد الرئيس كلاما خطيرا، وخطورته أنه يستدعينا إلى الوقوف أمامه طويلاً للبحث عن المغزى الجليل، إننى من الذين يؤمنون بأننا لا نمارس اليوم ثورة، لا ثورة اجتماعية ولا ثورة اشتراكية، نحن نعيش فى تحول لا فى ثورة، نحن نعيش فى تطور لا فى طفرة، وإذا كنا نرى أننا أمام ثورة جديدة ففيم إذن كانت السنوات العشر التى مضت؟
إن هذه الثورة لم تولد إجهاضًا، إنها الوليد الشرعى لكفاح طويل قام به شعبنا فى مراحل مختلفة، وهذه الثورة من أول أيامها أحست أنها لتزيح من طريق مصر وشعب مصر كل قوى الشر التى تصده عن المسير، وإنى لا أذكر عبارة سمعتها وأنا أعبر الطريق، قالها الرئيس فى حفل كان مقاماً فى شارع «عدلى»، لا أذكر مناسبته فى الشهور الأولى للثورة، كنت أعبر الطريق وإذا صوته يتصدح بهذه العبارة: «لا تظنوا أننا جئنا لنعزل الملك، إننا جئنا لنبنى مصر العظمى».
وانتقل «خالد» إلى قضية الديمقراطية قائلاً: «هى عندى ببساطة أن يكون الشعب قادرا على أن يختار حكاما باقتراع حر، وأن يكون الشعب قادرا على أن يغير حكامه باقتراع حر، الديمقراطية هى أن يمارس الشعب مسؤوليته، فأنا لا أجامل حين أقول إننا إذا أضعنا على الشعب اليوم فرصته الكاملة فى أن يمارس الديمقراطية بالمفهوم الذى ذكرته الآن فإننا نحرمه فرصة العمر».
رد عبدالناصر مذكرًا خالد بأن الاجتماع الذى تحدث عنه فى الشهور الأولى لقيام الثورة عقدته «رابطة قنا» فى شارع عدلى، وتحدث فيه عن الرجعية والثورة والشعب ومبادئ الثورة، أما عن الديمقراطية فقال: «إذا كنا عاوزين هنبحث عن الحقيقة بنأخذ هذه الحقيقة منين؟ من تجربتنا فى العشر سنين دى، ومن السنين اللى حصلت قبل هذه الثورة، تجربتنا كانت تدل على إيه؟ هل استطعنا أن نقيم عدالة اجتماعية؟ هل استطعنا أن نقيم ما يمكنا من القضاء على الظلم الاجتماعى؟ هل استطعنا أن نقضى على الاستغلال السياسى والاقتصادى والاجتماعى؟ أبدا ما استطعناش، وأنت كتبك اللى عملتها قبل الثورة كنت بتتكلم فيها عن الاستغلال السياسى الاجتماعى «وبتطالب بالقضاء عليه».
توجه عبدالناصر بسؤال إلى خالد: هل الديمقراطية اللى أنت بتتكلم عنها بمعناها القديم مكنتنا إحنا الشعب من إن إحنا نقضى على الاستغلال؟ وأجاب: «أبدًا، بدليل أنه حينما قامت الثورة كان هناك إقطاع بأبشع صوره، إقطاع تكلم عنه الخطيب هنا فى نجع حمادى، وقال لكم كان بيعملوا فيهم إيه؟ كان هناك سيطرة من العائلة المالكة، وتحكم وسيطرة لرأس المال، وكان فيه واحد زى ما قلت لكم بيسقط وزارة بخمسين ألف جنيه، هل استطعنا بهذه الديمقراطية اللى بتتكلم عليها إن إحنا نقضى على هذا؟ لم نقض على هذا إلا بالثورة، وهذه الثورة مستمرة حتى نقيم الديمقراطية الحقيقية وحتى نقيم العدالة الاجتماعية».
تحدث خالد معقبا: «أنا لا أنسى حديثا صحفيا لسيادتكم فى هذا العام مع صحفى أظنه أنه ألمانى»، وقلت: «إننى أؤمن أو أرى أن هناك أحزابا ستنشأ فى مجتمعنا فى المستقبل، وستكون أحزابا قومية لن تنتكس بالمجتمع إلى الوراء، ولكن ستطور مفاهيمه وقيمه»، فرد الرئيس: «فى المستقبل»، رد خالد: آه طيب أنا مبقولش حاجة، أنا كل الذى أقوله إننى أريد ما استطعت لله ولرسوله ولهذا الوطن أن نبدأ بداية عميقة فى حبها دافئة فى مودتها، وكما قلت نستقبل قبلتنا الجليلة جميعا شعبا واحدا وأمة واحدة «تصفيق».
رد عبدالناصر: «فى المستقبل إن شاء الله، يعنى إذا استطعنا أن نذيب الفوارق بين الطبقات فى فترة بسيطة، ميبقاش فيه أحزاب بتعمل على عودة الإقطاع، وتعمل على عودة الديكتاتورية وسيطرة رأس المال».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة