عبد الرحيم العلام يكتب: مركز جابر الأحمد الثقافى مركز الأمل والمستقبل

الأحد، 20 نوفمبر 2016 06:22 م
عبد الرحيم العلام  يكتب: مركز جابر الأحمد الثقافى مركز الأمل والمستقبل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا أخفى أن شعورا عارما وطافحا بالدهشة قد تملكنى لحظتها، وأنا أحضر فعاليات افتتاح مركز جابر الأحمد الثقافي، بدولة الكويت، بدعوة كريمة من وزارة الإعلام؛ شعور سرعان ما امتزج بشعور آخر متأصل فينا جميعا، أملاه، هذه المرة، اعتزازى بكل ما يتحقق، فى هذا البلد أو ذاك، من مشاريع ومنجزات ومعلمات ثقافية وفنية، تعيد الرونق إلى قلوبنا، والثقة إلى نفوسنا، بالانتماء إلى هذا الوطن العربى الكبير، فى وقت استبد بنا فيه شعور غريب بانتمائنا القاسى إلى هذا الوطن، بما يعرفه من انكسارات وتراجعات وأزمات وحروب وصراعات وتقسيمات طائفية وداخلية، بل ومستقبل مفتوح على المجهول وعلى كل الاحتمالات.

 

غير أن دولة الكويت التى عودتنا دائما على الانتصار للفرح، ولكل ما ثقافى ومعرفى وعلمى وإعلامى وتنويري، على امتداد مسيرتها التنموية الطويلة، حتى قبل استقلالها، تبرهن اليوم، مرة أخرى، على أن الرهان على العمل الثقافي، يشكل فى العمق أحد الرهانات الاجتماعية والتنموية الكبرى،

 

من هنا، فما شاهدناه إبان افتتاح مركز جابر الأحمد الثقافي، يزكى فى جانب منه تلك الأدوار الريادية والطلائعية التى اضطلعت بها دولة الكويت، وحافظت عليها، عقدا بعد آخر، وجيلا بعد جيل، بمثل ما يعزز مكانة الكويت الثقافية عربيا، باعتبارها بلدا عرف، منذ زمان، بمراكزه ومؤسساته وأنديته الثقافية، فى زمن تخلت فيه بعض البلدان عن حضورها وأدوارها الثقافية التقليدية، فى سياق ما يعرفه عالم اليوم من أزمات وتداعيات عاصفة، نتيجة تنامى أشكال الصراعات والتطرف والإرهاب، وغيرها، هنا وهناك.

 

غير أن دولة الكويت، ربما أرادت أن تقول لأبنائها وللعالم من حولها، من خلال تشييدها لهذه المعلمة الحضارية البديعة (مركز جابر الأحمد الثقافي)، أنها بلد ماض قدما فى انتهاج سياسته التنوبرية، المنفتحة على الافق الثقافى والفنى والجمالى الكوني، مواصلة، عبر ذلك، تحقيق رهاناتها على الثقافة لبناء الإنسان والعقل والوجدان وتقوية روح الانتماء.

 

جئت إلى الكويت لاشهد عن قرب، من موقعى الاعتباري، على ولادة لحظة تاريخية جديدة فى عالم الثقافة والفن والإبداع بهذا البلد العربى الاصيل، الذى عودنا دائما على التجدد والعطاء، بحضارته وتاريخه وتراثه وإنجازاته، وبمراكزه ومؤسساته الثقافية والعلمية، وبفنونه ودورياته ومجلاته الثقافية والإعلامية. توجهنا فى ذلك الصباح الجميل، إلى المركز الثقافي، يغمرنا شوق عارم لرؤية هذه المعلمة الثقافية، كان صباحا كويتيا بامتياز، وكأن الجميع قد استشعروا أنهم ذاهبون إلى حفل أسطوري، بما يليق به من زينة وبهجة، وبما تستلزمه الاحتفالية من زينة وتطيب.

 

فى طريقنا إلى مقر بناية المركز، كنا من جنسيات مختلفة، كان بيننا صحافى من كوريا، قدم بدوره ليشهد على ميلاد لحظة جديدة فى تاريخ الكويت الطافح بالمحطات المضيىة، كنا، ونحن نقطع تلك المسافة القصيرة التى تفصل بين الفندق والمركز، وكأننا فى سباق محموم حول من تعن له بناية المركز الثقافي، الأول، إذ سرعان ما أصابتنا الدهشة جميعا، وقد تراءت أمامنا تلك الجواهر البديعة الثلاث، متلألئة ومشعة، ومرحبة بضيوفها وزوارها، تكاد تقول خذوني... أحسست لحظتها، حتى قبل أن أدلف إلى داخل البناية، أننى أمام أعجوبة جديدة من عجائب حضارة العصر ورقيها، ولا غرابة فى ذلك، ما دامت الإرادة قائمة، والفرح الثقافى الكويتى متواصل، إذ كثيرة هى المناسبات الكويتية الجميلة التى رسخت فينا الأمل والإيمان بالحياة والجمال، فى وقت أصبحنا نعيش فيه زمنا عربيا صعبا، لا مكان فيه سوى للشعور بانعدام اليقين فى الحاضر والمستقبل ... 

 

ما أن دلفنا فضاء إحدى تلك الجواهر الثلاث، حتى تجدد لدينا، مرة أخرى، ذلك الشعور بالاندهاش، زاد من حدته ومن متعته، افتتاح حفل الافتتاح الذى بدأ فى موعده المحدد، خلافا لما تعودناه فى وطننا العربي، من تأخير فى المواعيد الرسمية الأخرى، دون أى اعتبار للمناسبة ولا لضيوفها. لكن الكويت، من منطلق إيمانها بقيمة الزمن وبسرعته اليوم فى عالمنا، كانت مرة أخرى فى الموعد، بمثل ما تم إنجاز هذه المعلمة فى موعدها المحدد أيضا، وفى زمن قياسى قد لا يدركه العقل العربي، تم ذلك فى اثنى وعشرين شهرا فقط لا غير، لكنها إرادة التحدى والإنجاز التى تملكت أهل الكويت، منذ زمان، قيادة وشعبا، ليكونوا فى موعد آخر مع التاريخ.

 

كانت لحظات حفل الافتتاح وفقراته متنوعة وبديعة جدا، أثارت إعجاب الحضور، بل ونالت فى كثير من المرات تصفيقاتهم، بما قدمته من مشاهد وعروض مثيرة وذات قيمة عالية وعالمية، اختيارا وأداء وإخراجا، شملت عرضا لكل مرافق ومسارح وصالات وأجنحة الجواهر الثلاث، بتصاميمها الجميلة والمدهشة رونقا وإتقانا، بل إن درجة متعتنا وانتشائنا قد تفاقمت، ونحن نتابع العروض التمثيلية والفنية والموسيقية والغنائية والاوبرالية، فى تنوعها وبهائها وروعتها وجمالها، إذ امتزج فيها الحضارى والتاريخى والتراثى بما هو عصرى وفني، محلى وكوني، فكانت تلك اللحظات المضيىة فى حجم هذا الحدث العظيم، وفى مستوى ما تستحقه هذه المعلمة الباذخة والرائعة، التى تم تشييدها وإبداعها وتصميمها من قبل سواعد الشخصية الكويتية، بكل كفاءة واحترافية ومهارة وفنية وإتقان ...

 

عدنا إلى الفندق، وقد تركنا بعضا من ذواتنا ووجداننا هناك، أما ما تبقى فينا، فكان، فى المساء، فى موعد مع حكاية شهرزاد لسيرة الجواهر الثلاث، وهى تنسج للبحر الذى يقابلها، حكاية التفاؤل والأمل فى المستقبل، والثقة فى الثقافة والفن بوطننا العربي،

 

 كاتب ورئيس اتحاد كتاب المغرب.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة