لا مفر من إيجاد حلول جذرية لكل ما يتعلق بالغذاء والمرض
ما تعيشه مصر من أجواء منقسمة مابين متفائلة تفاؤل حذر، وبين إحباط بلا حدود.. فقد تقرأ الصورة بطريقتك فإذا كنت من أولئك المتفائلين فإنك سترى هذا الكم من العمل والإنتاج يصب فى مصلحة المواطن، وستعتبر أن تعويم الجنيه كان حلا لابد منه حتى نستطيع من خلاله ضبط الأسعار والقضاء على السوق السوداء، وسترى أن ارتفاع سعر الوقود أمر بديهى فى ظل ارتفاع أسعار كل شىء.. وسترفع القبعة لهذا الكم من الحملات الإنسانية لجمع التبرعات لمستشفيات تقدم خدمات كبيرة للمرضى فى جميع أنحاء البلد، فعلى سبيل المثال الحملة الكبيرة التى أطلقها المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس المحكمة الدستورية السابق لإنقاذ مستشفى أبو الريش، وتضامن عمرو أديب من خلال برنامجه قد أثمرت على حجم تبرعات لا يستهان بها للدرجة التى قررت وزارة الإسكان بناء مستشفى موازى للأطفال فى الصعيد عشرات الملايين بل وصلت إلى مئات الملايين من الجنيهات تدفقت على هذا المشروع الطبى الذى يحتاجه كل أطفال مصر.. ناهيك عن حملات جمع تبرعات مستشفى الأورام فى الصعيد ومستشفى للحروق.. هذا التكافل المجتمعى الذى نراه لم يأت من فراغ لكنه كان نتاج إرادة شعبية فى البقاء والاستمرار والتمسك بالحياة.. وستقول وقتها والله ده مصر لسه بخير وإيد على إيد تساعد.
أما إذا كنت من أولئك المتشائمين الذين يرون السواد يضرب فى جذور كل شىء فى مصر.. فسوف ترى ذلك أن حملات جمع التبرعات ماهى إلا مجرد مد اليد وشحاتة يندى لها الجبين، وأن تعويم الجنيه وغلاء الأسعار خلق طبقة تحت مستوى الفقر لم تكن موجودة فى المجتمع المصرى، وأن منع الاستيراد قد هدد علاج الكثير من المرضى المصابين بالسكر والفشل الكلوى والذين يدخلون الرعاية المركزة ومرضى الأمراض المزمنة وسترى أيضا فضيحة المزارع السمكية فى كفر الشيخ التى يتم من خلالها تسمين الأسماك ببقايا وفضلات الدواجن ومياه الصرف الصحى مما يجعلها أسماكا سامة تصيب ما تبقى من الشعب المصرى بأمراض تقضى عليه..الغريب حقا أن المتفائلين لديهم كل الحق وأيضا المتشائمون لا نستطيع إنكار حديثهم عن الفساد والأمراض والفقر وخلافه.. الأمر الذى يحتاج إلى وقفة ولا مفر من إيجاد حلول جذرية لكل ما يتعلق بالغذاء والمرض فكلاهما يكمل الآخر. فإذا كان الغذاء ملوثا فسوف يصبح لدى مواطنون أكثر مرضى.. وإذا استفحل المرض بلا دواء فسوف يكون عدد الوفيات أعلى.. ولذلك أوجه ندائى لسيادة الرئيس من بين حروف كلماتى نحن فى حاجة إلى استمرار استيراد الأدوية التى لا يمكن الاستغناء عنها فى نفس الوقت الذى يقوم عدد من مصانع تصنيع الدواء المصرى حتى يكفى البديل المصرى الجميع، لايمكن سيادة الرئيس أن نوقف استيراد المحاليل والجلوكوز وأدوية السكر ومستلزمات الجراحات الكبرى وليس لدينا البديل لمجرد أننا أوقفنا الاستيراد لفترة.
وأتساءل لماذا تحكمنا حكومة لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم فإذا كان وقف الاستيراد هو الاستراتيجية الجديدة فى فترة الشهور القليلة القادمة لتوفير مزيد من العملة الصعبة، فما هى الاستراتيجية التى وضعتها الحكومة لاستقبال الذين يقتربون من الموت فى ظل إيقاف استيراد الأدوية المهمة التى تقتل ولا بديل؟ من يتحمل ذلك التقصير الأطفال فى جميع المستشفيات الذين لا يجدون المحاليل لاستكمال علاجهم؟ ومن سيتحمل مايحدث فى عشرات المراكز التى تغسل غسيلا كلويا فى ظل اختفاء جميع أنواع المحاليل ولا بديل مصرى؟ متى ستتعامل الحكومة المصرية بأسلوب تقدير الموقف وإيجاد الحلول والبدائل السريعة التى تنقذ مرضانا من مصير محتوم؟.. وأستغرب حقا من قيام الدنيا فى كل مصر شرقها وغربها شمالها وجنوبها لنقصان السكر ذلك السم الأبيض.. وانتفضت الحكومة الهمامة ولم تنتفض لنقص الأنسولين ولا المحاليل الملحية والجلوكوز.. لن يموت المصريون من نقصان أى سلعة غذائية مهما كانت لكنهم سيموتون إذا اختفى الأنسولين وتوقفت عمليات الغسيل الكلوى وأغلقت غرف الرعاية المركزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة