ذات يوم 18نوفمبر 1951.. الفدائيون وأهالى الإسماعيلية يلقون جنود الاحتلال نصف أحياء فى الترعة

الجمعة، 18 نوفمبر 2016 11:00 ص
ذات يوم 18نوفمبر 1951.. الفدائيون وأهالى الإسماعيلية يلقون جنود الاحتلال نصف أحياء فى الترعة كمال الدين رفعت
يكتبها: سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حلقت طائرات الاحتلال الإنجليزى فى سماء مدينة الإسماعيلية، وطافت دبابات ومصفحات وعربات مسلحة تجوب الشوارع، وانطلقت حملات تفتيش على جميع فنادق المدينة وبيوتها، حسبما يذكر كمال الدين رفعت فى مذكراته، حرب التحرير الوطنية بين إلغاء معاهدة «1936» وإلغاء اتفاقية «1954»، الصادرة عن «دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة».
 
«رفعت» هو أحد قيادات تنظيم الضباط الأحرار، الذى قام بثورة 23 يوليو 1952، وكلفه التنظيم بقيادة المقاومة الفدائية السرية فى منطقة القناة قبل الثورة، وبعدها وحتى جلاء الإنجليز عن مصر 1954، وبهذه الحيثية فإنه مذكراته وثيقة مهمة عن المقاومة الفدائية فى منطقة القناة وقتئذ، ومنها نعرف ما حدث لمدينة الإسماعيلية فى مثل هذا اليوم «18 نوفمبر 1951»، وبدأت مقدماته من 16 نوفمبر حينما نجح الفدائيون بتخطيط ومشاركة ثلاثة من الضباط الأحرار بتفجير معسكر «طيران الإسماعيلية».
 
فى صباح يوم 17 نوفمبر انطلقت الشائعات بأن قططا مشتعلة تحمل متفجرات بـ«ساعات توقيت» وزعت الحرائق على المعسكرات، ووفقًا لـ«رفعت»، كان الإنجليز متأكدين أن وافدين على المدينة هم من قاموا بهذه المعركة، ومدربون تدريبًا عاليًا على حرب العصابات، ولهذا طارت الطائرات وانطلقت الدوريات فى حملات تفتيش للبحث عنهم، واحتلت القوات البريطانية المدينة احتلالًا كاملًا، وبعد أن اطمأنت إلى مواقعها سارت قوة منها إلى المحافظة واختطفت الحارس، لكنه تمكن من إطلاق «البروجى» فأسرع الإنجليز بإطلاق الرصاص على رجال البوليس الذين خرجوا من المحافظة، وكانت معركة شاملة بين البوليس والأهالى ضد قوات الاحتلال، استمرت حتى منتصف الليل وسقط من الجانبين العشرات من القتلى، ومع أن المعركة لم تكن متكافئة، بالإضافة إلى غدر الإنجليز وخيانتهم، فإنهم بذلوا كل جهدهم لوقفها فطافت سيارات الاحتلال بمكبرات الصوت تطالب جنودهم بالانسحاب والعودة إلى ثكناتهم.
 
فى ظهر 18 نوفمبر «مثل هذا اليوم»، اتصل الضابط مصطفى قائد مجموعة الضباط فى عملية «طيران إسماعيلية» بـ«غريب تومى»، أحد أبطال المقاومة فى الإسماعيلية، يطلب منه الرد على ما فعله الإنجليز يوم «17 نوفمبر»، وينقل «كمال رفعت» فى مذكراته شهادة غريب تومى عما حدث: «كان مصطفى قائد مجموعة الضباط قد اتصل بى أمس وقال إنه من الضرورى أن نرد على حوادث الأمس، وكنا عقدنا اجتماعًا وقررنا بعد دراسة دقيقة لشوارع الإسماعيلية، واختيار المنازل، التى تصلح مواقع لإطلاق النار، وكذلك تحديد عدد المقاتلين، الذين بلغوا حوالى 50 مقاتلًا، وما كاد كل منا يحتل موقعه، الذى حدد له حتى كانت قوات بريطانية ضخمة تتحرك فوق المصفحات والدبابات وعربات اللاسلكى، وكانت قوات مشاة الإنجليز تحتل الشوارع الرئيسية والميادين العامة، وما إن حوصرت قوات «بلوكات النظام» حتى انطلق رصاص الإنجليز فى الشوارع على المارة فيها وعلى نوافذ المنازل وسطوحها، وما هى سوى لحظات إلا وانطلق رصاص الوطنيين يخترق صدور الأعداء ويردى بهم قتلى فى شوارع المدينة».
 
دخل عنصر جديد فى هذه المعركة ويكشف معدن المصريين فى مثل هذه الأوقات، ينقله كمال رفعت عن «غريب تومى»: «دخل عنصر جديد فى المعركة هو من يطلق عليهم اسم «الشبيحة»، فهؤلاء الذين لم يكن لهم هم إلا سرقة مهمات الإنجليز وأسلحتهم وبيعها، تحولوا فى لحظة إلى رجال أبناء الوطن المخلصين، لقد أتى هؤلاء الرجال بأكوام من الأسلحة وأخذوا يوزعونها على الأهالى فى الشوارع وعلى الجنود فى مواقعهم، وتحولت الإسماعيلية كلها إلى ساحة قتال كل من بها يحمل سلاحًا، الأهالى فى أيديهم السلاح، رجال «بلوكات النظام»، الذين نفذت ذخيرتهم، حيث كانت أوامر «فؤاد سراج الدين»، وزير الداخلية، تقضى بألا تتعدى عشر طلقات، ملكوا الذخيرة، التى نفدت منهم، حتى النساء حملن السلاح، ولم تقف مساعدتهن على تمويل الرجال بالذخيرة، وإنما أيضًا بالاشتراك فى القتال».
 
يضيف: «بلغ سخط الشعب حدا جعل الأهالى رجالًا ونساء يلقون بالجنود الإنجليز إلى الترعة، وهم نصف أحياء، واستمرت المعركة حوالى أربع ساعات»، وكانت حصيلتها: «سقط منا ما يقرب من العشرين شهيدًا بين رجال ونساء، وسقط من الإنجليز المئات، وحوالى السابعة مساء بعد أن هدأت المعركة أطلقت البوارج الحربية الإنجليزية فى بحيرة التمساح طلقاتها المحمومة على المدينة الباسلة لإرهابها».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة