"النقابات" دستور يحميها وقوانين مشوهة ومحكمة تفرض "الحارس".. خلاف قضائى حول تفسير "فرض الحراسة".. والقضاء الإدارى يثور على القوانين "البالية" للنقابات.. ويؤكد: قانون "الصحفيين" تجاوز الزمان

الجمعة، 18 نوفمبر 2016 07:00 ص
"النقابات" دستور يحميها وقوانين مشوهة ومحكمة تفرض "الحارس".. خلاف قضائى حول تفسير "فرض الحراسة".. والقضاء الإدارى يثور على القوانين "البالية" للنقابات.. ويؤكد: قانون "الصحفيين" تجاوز الزمان "النقابات" دستور يحميها وقوانين مشوهه ومحكمة تفرض "الحارس"
كتب: محمد أسعد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيام تفصلنا عن إصدار التشريعات المنظمة للصحافة والإعلام ومنها قانون لإنشاء نقابة الإعلاميين، ذلك فى الوقت الذى يحتاج فيه القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بنقابة الصحفيين إلى كثير من التعديلات خاصة بعدما وصفت محكمة القضاء الإدارى نصوصه بأنها "تجاوزت الزمان".

 

ليس قانون نقابة الصحفيين وحده الذى يحتاج لتعديلات جذرية، وتشوبه شبهات عدم الدستورية. لكن جل قوانين النقابات المهنية تحتاج إعادة النظر فى موادها. فيما قامت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى أثناء ترأس المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة لها، بثورة قضائية على العديد من هذه القوانين، مصدرة عشرات الأحكام القضائية خلال العامين المنصرمين، وأحالت بعضها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريتها، أيضاً أرست العديد من المبادئ القضائية الهامة فى شأن النقابات.

 

وبنظرة سريعة على الدساتير المصرية المتعاقبة نكتشف أنها نصت على كفالة الحق فى تكوين النقابات بوصفها أحد أهم مكونات منظمات المجتمع المدنى. وذلك وفق عبارة نص المادة 55 من دستور سنة 1956، ونص المادة 41 من دستور سنة 1964، وهو الحد الذى جاوزه دستور سنة 1971 بتقريره مبدأ "الديمقراطية النقابية" إذ نص فى الفقرة الأولى من المادة 56 منه على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية"، ثم جاء الدستور الصادر سنة 2012 مفردا مادتين منفصلين مؤكدا بهما على حرية وديمقراطية التنظيم النقابى واستقلاله فى شتى مظاهره. ثم جاء دستور 2014 مؤكداً على المبادئ ذاتها.

وتنص المادة 76 من دستور 2014 على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم فى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي. ولا يجوز إنشاء أى منها بالهيئات النظامية".

فيما تنص المادة 77 على أن "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها".

لدينا فى مصر ما يتخطى الـ25 نقابة مهنية، تحكمها قوانين صدرت منذ عشرات السنين، تحتاج لتدخل من جانب المشرع المتمثل فى مجلس النواب لإجراء تلك التعديلات، فيما تنتظر بعضها رأى المحكمة الدستورية، فى الوقت الذى تختلف فيه محاكم القضاء الإدارى ومحكمة الأمور المستعجلة حول تفسير إحدى فقرت المادة 77 المتعلقة بفرض الحراسة على النقابات.

 

3 نقابات تواجه أحكام "فرض الحراسة" من قبل "الأمور المستعجلة"

خلال العامين الماضيين، أصدرت محكمة الأمور المستعجلة، أحكاما قضائية بفرض الحراسة القضائية على 3 نقابات مهنية وهى نقابات الصيادلة والمهن التعليمة والتجاريين.

وتثير أحكام فرض الحراسة على النقابات جدلا كبيراً. السبب وراءه اختلاف الآراء حول تفسير الفقرة الأخيرة للمادة 77 من الدستور والتى نصت على أنه ".. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها".

 

الأمور المستعجلة: فرض الحراسة جائز وفقاً للدستور

محكمة الأمور المستعجلة تستند فى حيثيات أحكامها بفرض الحراسة على النقابات، وفقاً لتفسيرها لهذه الفقرة بأن فرض الحراسة جائز. حيث ترى أنها أباحت فرض الحراسة على النقابات إلا أنها قيدت ذلك بصدور حكم قضائى. وأن الاستثناءات الثلاثة "لا يجوز فرض الحراسة أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى. ما مفاده أن الاستثناءات الثلاثة الواردة بنص المادة تنسحب عليها عبارة إلا بحكم قضائى وتقول "إن الاستثناء الوارد بتلك المادة جاء متصلا غير منفصلا بما مفاده لغويا أنه يجوز فرض الحراسة بحكم قضائى".

تضيف الأمور المستعجلة، أنه من المستقر عليه فقهيا فإنه يجوز فرض الحراسة القضائية على النقابات والجمعيات والمؤسسات الخاصة، إذا قام نزاع بين أعضائها وبين القائمين على شئونها، وإذ استفحل الخلاف بين أعضاء نقابة وبين هيئة إدارتها، وتبين أن الغرض الذى أنشئت من أجله، وهو القيام على مصالح العمال قد أصبح مستهدفا للخطر وأصبحت موارد النقابة معرضة للضياع. وكانت هذه الأسباب التى تستند فيها المحكمة لأحكامها بفرض الحراسة.

 

القضاء الإدارى ترد بتفسير مغاير للمادة 77 من الدستور

أما محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار الشاذلى فكان لها تفسيراً آخر لهذه الفقرة، وأكدت فى مجموعة من حيثيات أحكامها التى أصدرتها خلال الفترة الماضية على أن المادة 77 حظرت فرض الحراسة على النقابات المهنية حظراً تاماً. وأن الحظر واضح لا لبس فيه. والحالة الوحيدة التى يجوز فيها صدور حكم قضائى هى حل مجلس الإدارة فقط.

 

توضح المحكمة أسباب ميلها لهذا التفسير أن المشرع المصرى حرص على أن يكون التنظيم النقابى قائماً وفق مقاييس ديمقراطية. وقرر فى عبارات واضحة استقلال التنظيم النقابى وعدم جواز تدخل الجهات الإدارية فى شئونها وعدم جواز فرض الحراسة عليها، وترتيبًا على ذلك كان الحظر التام لفرض الحراسة على النقابات المهنية. وبالتالى فقد بات ممتنعًا على السلطة التشريعية ذاتها أن تقرر أى قانون يبيح الحراسة على النقابات. كما لم يعد جائزاً لجهات الإدارة أن تتسلط عليها أو تتدخل فى شئونها.

أضافت، أن حرية واستقلال التنظيم النقابى، وعدم جواز فرض الحراسة عليه بمقتضى نصوص الدستور القائم باتت تستعصى على أى تقييد من جانب جميع السلطات فى الدولة سواء السلطة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية، وأن مراحل التطور الدستورى فى مصر، تجسد فى مجملها توجه الإرادة الشعبية لجموع الشعب المصرى وبلوغ أعلى مراتب التطور الديمقراطى فى الأمم المتحضرة، ويضحى فرض الحراسة على هذه النقابات من التاريخ الذى لا يعود.

 

ولكن، هل هذا يعنى أن يتحلل التنظيم النقابى من أية رقابة؟ ترد محكمة القضاء الإدارى فى حيثيات حكم صادر لها فى قضية الصيادلة، بأنه يتعين أن تفرض النقابة أشكالاً من الرقابة الذاتية فى حدود أهدافها ليكون تقييم أعضاء التنظيم النقابى لممثليهم القائمين على الإدارة فيه موضوعيا وواقيعا، فإذا ما تبين أوجه القصور كان لأعضاء التنظيم النقابى الحق فى سحب الثقة من ممثليهم فى مجلس الإدارة، أو اللجوء إلى قضاء المشروعية بحسبان أن النقابات المهنية تعد شخصا من أشخاص القانون العام - والاحتكام إليه فى استمرار مجلس إدارة التنظيم أو حله وانقضاؤه على مقتضى أحكام القانون المنشئ للنقابة أعمالا لحكم الدستور الذى لم يجز حل مجلس إدارة التنظيم النقابى إلا بحكم قضائى، ودون إخلال بالمسئولية الجنائية لأعضاء مجلس إدارة التنظيم النقابى عما يمكن أن ينسب إليهم من أفعال يمكن أن تشكل جرائم معاقب عليها فى قانون العقوبات.

 

"اليوم السابع" يحقق فى مضابط لجنتى الخبراء والخمسين حول "فرض الحراسة"

وحصل "اليوم السابع" على مضابط لجنتى العشرة والخمسين اللتين أعدتا التعديلات على دستور 2012، والمداولات التى تمت فيما يتعلق بالمادتين المتعلقتين بالنقابات والاتحادات.

وتبين ميل جل أعضاء لجنة الخبراء إلى إمكانية فرض الحراسة على النقابات، حيث بدء النقاش فيما يتعلق بهذه الجزئية بقراءة مقرر اللجنة الدكتور على عوض بنص المادتين، كما جاءت فى دستور 2012، ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 53 – تم استبدالها فى دستور 2014 لتصبح المادة 77-  على أنه "لا يجوز للسلطات حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائى ولا تفرض عليها الحراسة".

بدء المستشار محمد عيد نائب رئيس محكمة النقض وعضو اللجنة، حديثه بتأييده للنص قائلا "النص يسير بشكل جيد" مستشهداً بما حدث مع نقابة المحامين بحلها أبان حكم الرئيس الأسبق أنور السادات وفرض الحراسة عليها، وما حدث مع نقابة المهندسين من فرض الحراسة لسنوات طويلة قائلا "تدخل الجهات الإدارية  يظهر لنا فساد الإدارات فى النقابات" مؤيدا فرض الحراسة على النقابة ككل ولكن ذلك يجب أن يكون بحكم قضائى.

بينما أيد عضو اللجنة الدكتور على عبدالعال – رئيس مجلس النواب الحالى- الإبقاء على نص "لا تفرض عليها الحراسة" بحجة القضاء على أية تخوفات حول فرض الحراسات على النقابات بقرارات إدارية، وقال "أعتقد أن نبقى على "ولا تفرض عليها الحراسة" لأن هناك تخوف فى ظل الظروف الحالية".

وتدخل المستشار حسن بسيونى -الرئيس بمحكمة الاستئناف وقتئذ وعضو مجلس النواب حالياً- وقال "لى تعليق على جزئية "ولا تفرض عليها الحراسة"  أعتقد أن هذا افتئات على سلطة القضاء فى الرقابة، فمن الممكن اللجوء للقضاء لحل نقابة معينة، وطلب لفرض الحراسة عليها لحين الفصل فى طلب الموضوعى، ألا تملك المحكمة فرض الحراسة؟ إذن يصعب على المحكمة هنا نظر طلب الحراسة، فالمقصود هنا هو الحراسة القضائية وليست الحراسة الإدارية، لذلك أرى حذف هذه الفقرة لأن بها افتئات على سلطة القضاء، ويصبح للقضاء سلطته فى الرقابة على طلب الحل المستعجل والموضوعى، إذ كان يملك الحل ألا يملك فرض الحراسة؟ هذا من باب أولى.

وأيد الدكتور صلاح فوزى وقال "أنضم إلى ما قاله الدكتور حسن بسيونى فى أن الحراسة أو الحل يكون بحكم قضائى، لأن إطلاق عدم فرض الحراسة معناه الحيلولة بين القضاء وبين أن يفرض الحراسة القضائية على هذه النقابات.

وأقترح المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة آنذاك ووزير الشئون القانونية ومجلس النواب حالياً- إعادة صياغة المادة كما جاءت فى دستور 1971 فى المادة 56 منه وصفا إياها بأنه "نص جيد جدا" لأنه أفضل وأعم وأشمل، وقال "النص هذا لم يتكلم عن الحراسة لأنه تركها للقواعد العامة هل يجوز فرضها من عدمه، نترك هذه المسألة للقاعدة العامة، قالت يجوز إذن يجوز" لذلك أرى نص المادة 56 فى الدستور نص لا خلاف عليه.

بينما توضح المضابط أن النقاشات التى جرت بلجنة الخمسين فيما يتعلق بمواد النقابات، كانت حول شكل الإخطار لإنشاء النقابات والتعددية النقابية، وتدخل الجهات الإدارية وحل مجالس الإدارات ووضع أعضاء النقابات تحت مظلة التأمين الاجتماعى الشامل، ولكن لم يتم التطرق لجزئية فرض الحراسة.

 

قوانين نقابات "الفنون" تفرض قيودا على "الإبداع"

واحد من بين الأحكام القضائية الهامة التى سطرتها محكمة القضاء الإدارى فى شأن النقابات، ذلك الحكم الذى أصدرته بحق القانون رقم 35 لسنة 1987 الخاص بنقابات واتحادات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.

المحكمة رأت أن القانون بمواده الحالى لا يتناسب مع بيئة العمل الإبداعى التى يمارسها العاملون فى المهن التمثيلية أو السينمائية أو الموسيقية. ذلك العمل الذى يقوم على الخلق والابتكار والتجديد.

أحالت محكمة القضاء الإدارى القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المواد 5 و5 مكرر، وهما المادتين اللتين تفرض رسماً على طالب تصريح المزاولة لا يزيد عن 10 ألاف جنيها، كما يخول للنقابة الحق فى متابعة تنفيذ العقد، بالإضافة لفرض عقوبة تصل للحبس مدة تتراوح ما بين شهر و 3 أشهر على من زوال عملا منها هذه الأعمال دون الحصول على التصريح.

تقول المحكمة، إن القانون يتضمن المساس والانتقاص من حرية الفنانين فى ممارسة نشاطهم الإبداعى الفنى دون تهديد أو ملاحقة من قبل اعضاء مجلس النقابة، على الرغم من عدم اختصاصهم بهذا العمل، الأمر الذى ينال من مبدأ شرعية الإجراءات الجنائية ويخل بالضمانات الدستورية المقررة لحريات المواطنين عموما، وحرية التعبير عن الرأى وما يرتبط بها من حرية الإبداع الفنى والأدبى وغيرها عموما. 

وسبق للمحكمة الدستورية العليا إبطال بعض مواد القانون عام 1997، وأجريت عليه تعديلات، لكن محكمة القضاء الإدارى كشفت أن القانون مازال يشوب بعض مواد شبهة عدم الدستورية.

سطرت المحكمة فى حيثيات حكمها أن إلزام طالب التصريح بأداء مبالغ مالية فى حدها الأقصى ممثلا قيدا على الحق فى العمل يحول بذاته دون استفادة الدولة من المبدعين الذين لا يملكون القدرة المالية لأداء المبالغ التى تفرض عليهم للحصول على التصريح بمزاولة العمل الفنى التمثيلى بالمحالفة لحكم المادة 12 من الدستور، فضلا عن أن فرض مبالغ مالية على طالب التصريح بمزاولة العمل الفنى السينمائى يحول دون الاستفادة من جهود المبدعين، وما ينعكس بأثره فى الارتقاء بالمجتمع وتنميته ثقافياً.

وأضافت أن التنظيم النقابة فى جوهره لا يعتبرا قيدا على حرية الإبداع التى يمارسها العاملون فى المهن التمثيلية أو السينمائية أو الموسيقية، بل الفرض أنه يثريها من خلال رد كل عدوان عليها، وتعميق مستوياتها وفق أكثر القيم تطويرا لمجتمعها.

وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند كان قد أصدر قرارا يمنح الضبطية القضائية لبعض أعضاء مجلس نقابة المهن الموسيقية، فقررت المحكمة وقف هذا القرار، مؤكده أنه يهدر ضمانات الحرية الشخصية المصونة دستوريا، ويعتدى على محارم الدستور والقانون ويخالف أحكامهما.

أوضحت، أن هذا القرار يمثل تدخلا من جانب السلطة التنفيذية ممثلة فى وزير العدل فى شئون التنظيم النقابى بما ينال من استقلاله وحريته متخذا من إطلاق لفظ "الموظفين" الوارد فى المادة 23 – فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجنائية، سبيلا لذلك، وهو ما يثير شبهة عدم دستورية .

 

قوانين نقابات المهندسين والبيطريين والزراعيين والسينمائيين تتصادم مع الدستور

فى قانون نقابة المهندسين رقم 66 لسنة 1974  تمنح الفقرة الأولى من المادة 20 وزير الرى الحق فى الطعن على انعقاد الجمعية العمومية والقرارات الصادرة عن النقابة، وهو ما رأته المحكمة يتصادم مع حرية النقابات ويخالف حكم المادة 77 من الدستور التى حظرت تدخل الجهات الإدارية فى شئون النقابات المهنية لضمانة الاستقلال فى اتخاذ القرارات وحفظ حقوق الأعضاء بعيداً عن التدخل من جانب السلطة التنفيذية بكافة صورة.

كما تبين للمحكمة أن الفقرة الثانية من المادة نفسها تتضمن شرط ألا يقل نصاب الطعن على الجمعية العمومية أو قراراتها عن مائة عضو على الأقل ممن حضروا تلك الجمعية، وهو ما رأته المحكمة يحول بين كل عضو دون ممارسة حقه الدستورى فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى وهو ما يشكل عدواناً جسيماً على المواد 77 و76 و97 من الدستور.

الأمر الأول أيضاَ وجدته المحكمة فى قانون نقابة الأطباء البيطريين رقم 48 لسنة 1969 فى مادته رقم 35، والتى اشترطت 50 عضوا على الأقل لاتخاذ إجراءات للطعن.

ويشوب قانون نقابة المهن الزراعية رقم 31 لسنة 1966، نفس شبهة البطلان حيث اشترطت المادة 22 منه على 500 عضو على الأقل لجواز اتخاذ إجراءات الطعن.

وهو ما تنص عليه كذلك المادة 30 من قانون إنشاء نقابات واتحادات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.

وجميع هذه القوانين احالتها محكمة القضاء الإدارى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية موادها التى رأت المحكمة أنها تتصادم مع مواد الدستور.

المحكمة الدستورية العليا كانت قد أصدرت أحكاماً بعدم دستورية مواد عدد من قوانين بعض النقابات التى كانت تضع شروطاً مماثلة، من بينها المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية، والمادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 الخاص بنقابة التجاريين، والمادة 62 من القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بنقابة الصحفيين، والمادة رقم 3 لسنة 1987 الخاص بإنشاء وتنظيم المهن الرياضية. وهو ما يرجح القضاء بعدم دستورية مواد قوانين النقابات سالفة الذكر.

 

قانون نقابة الصحفيين نصوصه تتجاوز الزمان

فى مارس 2015، أصدرت المحكمة حكماً قضائياً خاص بنقابة الصحفيين، وذلك أثناء إجراء انتخابات التجديد النصفى، وناشدت فيه الصحفيين بضرورة القيام بإعداد دراسة متأنية لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بالنقابة والمنظم لمهنة الصحافة.

قالت المحكمة أنه يجب تنقية القانون من النصوص التى تجاوزها الزمان وإدخال التعديلات اللازمة عليه بمراعاة التطور السريع والهائل لحركة وحرية تداول المعلومات، وظهور أنماط وأشكال جديدة من الأعمال التى تتماثل فى طبيعتها وأهميتها للعمل الصحفى التقليدى، والتى أوجدها عصر الانترنت والسموات المفتوحة، ومن ثم فان تعديل القانون المنظم لمهنة الصحافة بات أمرا حتميا وهو أمر منوط بأصحاب المهنة بحسبانهم الأقدر على إدراك متطلباتها ووسائل تطوريها بما يكفل تحقيق الدور المنوط بمهنة الصحافة فى تعميق الوعى الاجتماعى والسياسى والاقتصادى لدى المواطن بما ينعكس بأثره الإيجابى المنشود على تطور حركة المجتمع فى جميع جوانبها، وفى ذات الوقت ضمان احترام وسمو تلك المهنة والتزام القائمين عليها برسالتهم فى ضوء قواعد واضحة تمثل فى مجملها ميثاقا للعمل الصحفى تحول دون التغول على تلك المهنة والإضرار برسالتها ومحاسبة المنتمين لها إذا خرجوا على آدابها ومقتضياتها كل ذلك فى إطار تشريع منظم يصدر عن جهة الاختصاص.

 

"عدم الدستورية" تطارد قانون "المهن التعليمية" بسبب "الإختصاص"

وأحالت المحكمة قانون نقابة المهن التعليمية للمحكمة الدستورية العليا، بعدما كشفت عن شبهة عدم دستورية فى نص المادة 56 من القانون رقم 79 لسنة 1969، والتى أوسدت الاختصاص بنظر الطعون فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو فى تشكيل مجالس إدارات التشكيلات النقابية المختلفة بالنقابة أو فى القرارات الصادرة منها إلى محكمة النقض متعديا على الاختصاص الحصرى لمحاكم مجلس الدولة بنظر تلك الطعون بحسبانها منازعات إدارية حظر الدستور الحالى النأى بها عن اختصاص قاضى المشروعية بأى عمل تشريعى يصدر عن جهة التشريع المختصة.

أوضحت أن ما تضمنته المادة (56) سالفة الذكر من اختصاص لمحكمة النقض فى نظر الطعون المشار، والتى يدخل فى إطارها مثل المنازعة الماثلة، إنما ينطوى على مخالفة لحكم المادة (190) من الدستور، وبما يتعين حسمه من جانب المحكمة الدستورية العليا.

 

قانون النقابات العمالية لا يعبر عن "الطبقة العاملة"

فى 16 يونيو من العام الجارى أحالت المحكمة قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته، إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية بعض مواده، التى رأت المحكمة أن بها شبهة عدم دستورية لمخالفتها مواد الدستور المعمول به حالياً.

رأت المحكمة أن نصوص المواد 4 و7 و13 و63، من القانون، تشوبها عدم الدستورية لأنها قصرت التشكيلات النقابية على المنظمات النقابية الواردة بها واعتنقت مبدأ وحدة الحركة النقابية، وهو ما يتنافى مع حق الانسان فى تكوين النقابات وحرية انشائها.

تقول المحكمة أن النقابات العمالية هى تنظيمات جماعية اختيارية للعمال أو أصحاب العمل، وهى لمن يعملون فى مهنة أو مجال عمل معين، بهدف الدفاع عن حقوقهم وتمثيل مهنتهم والنهوض لمن يعملون فى مهنة أو مجال معين، بهدف الدفاع عن حقوقهم وتمثيل مهنتهم والنهوض بأحوالهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والمهنية وحماية مصالحهم وتحسين ظروفهم.

وأكدت المحكمة أن التجربة المصرية أثبتت فى العقود الماضية أن الحركة النقابية العمالية أسفرت عن تنظيم حكومى لم يستطع أن يعبر عن هموم وآمال الطبقة العامة سواء فى مواجهة الدولة أو أرباب الأعمال.

وأضافت أنه لا خلاف على أن قيام ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو على أكتاف الطبقة العاملة كجزء أساسى من التكوين الشعبى يلزم سلطات الدولة أن تعلى داخل هذه الطبقة روح الفهم الديمقراطى الدافع إلى تحسين الأداء خدمة للاقتصاد القومى، ونبذ النظرة الاستعلائية التى قد تأتى من داخل التنظيم الحكومى ذاته وتتناسى هذه الفئات، وأن أطلق عليها ملح الأرض فمعناه قطعاً التبر والمعدن النفيس اللازم لاستمرار الحياة.

استطرت أن وضع قيود على تشكيل النقابات وإجراءات تنظيمها وإنشائها أو انحصارها فى بوتقة تنظيم حكومى واحد على رأسه الاتحاد العام للعمال ووسد الأمر إليه بمنع قيام تنظيمات نقابية تعبر عن الإدارة الحقيقية للطبقة العاملة داخل المهن العمالية المختلفة يقوم به شبهة عدم دستورية، وذلك ينال من حقوق التنظيم النقابى الذى هو فى الأصل تعبير عن إرادة شعبية لطبقة أو مهنة تتشارك هموم الحياة وتسعى إلى رفع المستوى الاجتماعى والاقتصادى والمهنى لأفرادها.

ولجأت المحكمة إلى المادة 93 من الدستور التى تلزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان التى تصدق عليها مصر ويصبح لها قوة القانون، والتى من بينهما اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق فى التنظيم والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتى تنص على فكرة استقلال النقابات العمالية وقبول فكرة تعددها داخل إطار المهنة الواحدة أو المهن المماثلة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة