وسط صف طويل من المحلات الكبيرة لبيع الأحذية والملابس المستوردة فى شارع النمسا بحى الأربعين، مازال عبد الرحمن يحتفظ بمكان "فاترينة" صغيرة يجهز بها "الاستريديا" أحد أنواع المحار المفضل للأكل.
المحار أحد أشهى المأكولات البحرية فى المدن الساحلية، وتشتهر مدينة السويس بطعام البحر، فوجودها على رأس خليج السويس والبحر الأحمر، يجعلها من أفضل المدن لتناول الوجبات البحرية، لكن طريقة طهى المحار أحد أسرار المدينة التى تتوارثها عائلات السويس.
يستخدم عبد الرحمن سكينا صغيرا لفتح صدف محار الاستريديا، ويقول: "المحار يجهز بطريقتين، الشوى أو السلق فى إناء كبير، ونبدأ التجهيز بفتح الصدف لإخراج اللحم أمام الزبون لأنه إذا بقى طويلا خارج الصدف يتغير طعمه".
لتتأكد من جودة المحار قبل أكله عليك أن تطلب من الطاهى أن يقشر أمامك وليس أن يكون مقشر من قبل لذا إذا تناولت المحار بمجرد تقشيره فى غضون 5 دقائق فبذلك فأنت قد حصلت على وجبة من المحار الطازج واللذيذ.
تختلف أسماء المحار الصالح للأكل ففى السويس يطلقون أسماء مختلفة بحسب شكل الصدف، وأشهرها الاستريديا و"الطماطم واللوجز والاسرومباء وشل"، وكلها تأتى من أعماق خليج السويس والبحر الأحمر.
يقول عبد الرحمن "قصة الطعم فى كمية التوابل وخلطة خاصة بأهل السويس، بمزج ملح والفلفل الأسود والشطة، ونفضل وضع فلفل أخضر حريف مع الطبق ليضيف نكهة قوية للمحار".
بلغ إنتاج صيد المحار من البحر الأحمر 26 طنا خلال عام 2014 بحسب تقرير إحصائى للهيئة العامة للثروة السمكية بمصر، ويتوقف صيد المحار فى السويس ثلاثة أشهر فى السنة، ويصاد من أماكن بعيدة وعلى أعماق تصل لـ20 مترا، لكن أكثر أنواع المحار انتشارا يصاد على عمق 5 أمتار بالقرب من الشاطئ.
المحار يعتبر طعاما مثاليا للعشاء بشكل خاص بسبب غناه بعنصر الزنك المساعد على إنتاج هرمون التستستيرون المهم لدعم الخصوبة، وتناول المحار يمد الجسم بالبروتينيات والأحماض الأمينية وهى مواد مهمة لتوفير الطاقة.
أماكن بيع المحار منتشرة فى شوارع الأربعين القديمة وبالقرب من كورنيش خليج السويس وهو مشهد غير غريب، كون المدينة يسكنها أكبر عدد من الصيادين الذين يخرجون للصيد فى البحر الأحمر وخليج السويس.
أكشاك طهى المحار والاسترديا منتشرة بالسويس، ويمكن الجلوس على طاولات لتناولها، لكن المحار المخفف المعروف باسم "الاسرومباء" له قصة أخرى.
عيسى عبد الحفيظ 53 عاما تاجر للمحار المخفف وقف على ناصية شارع رئيسى بالمدينة ليبيع المحار، بدأ فى تجهيز عرضه للمحار المجفف قبل غروب الشمس، ويقول "شهرتنا ببيع الاسرومباء وصلت لخارج مصر، وكثيرا ما يأتى لى زبائن لشرائه كهدايا لأصدقائهم فى الخارج.
ويشكو عبد الحفيظ من غلاء سعر المحار المجفف، بسبب ارتفاع تكاليف الصيد واتجاه الصيادين إلى طرق أماكن بعيدة للصيد قرب السودان، ما يرفع قيمة المحارة الواحدة من 3 جنيهات قبل 5 سنوات إلى 12 جنيها حاليا، ورفع سعر بلح البحر إلى 20 جنيها للواحدة.
ويشرح عبد الحفيظ طريقة أكل المحار المجفف الذى يبدو صلبا وقت بيعه، بعرضه للغلى قليلا أو تركه فى ماء بارد ليعود لوضعه بشكل طرى ويترك للزبون الحرية فى طريقة التتبيل، لكنه ينصح بإضافة كمية مناسبة من الشطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة