يوسف أيوب

من يحمى العرب من التقسيم؟

الخميس، 20 أكتوبر 2016 06:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المؤشرات كلها تذهب فى طريق واحد، هو أن رغبة بعض الأطراف الإقليمية والدولية فى إعادة تقسيم المنطقة مرة أخرى مازالت قائمة، حتى بعدما أفشلت ثورة 30 يونيو فى مصر التفاهم الإخوانى الأمريكى حول إضافة 1600 كيلومتر مربع من أراضى سيناء إلى قطاع غزة، وبناء دولة فلسطينية عليها، مقابل التنازل عن الضفة الغربية لإسرائيل، وهو المشروع الذى سبق أن طرحته إسرائيل عام 1956، لكنها فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى توصلت إلى اتفاق بشأنه مع الإخوان برعاية أمريكية مقابل 8 مليارات دولار، تحصل عليها الجماعة من واشنطن.
 
جزء من المطروح حاليًا فى دراسات وأفكار غربية وإسرائيلية أيضًا هو تنفيذ المخطط الإسرائيلى القديم، لكن من الجهة الأردنية، بتكوين المملكة الأردنية الكبيرة التى تجمع الفلسطينيين والأردنيين فى دولة واحدة كبيرة، على أن تتم زيادة مساحة الأردن بضم جزء من شمال السعودية إلى المملكة الهاشمية، وتدخل الضفة الغربية ضمن الحدود الإسرائيلية، أما قطاع غزة فإنه يبقى على وضعه الحالى تحت السيطرة الحمساوية.
 
هو طرح غير مقبول عربيًا، لأنه مبنى على فرضيات ونظريات تهدف إلى إعادة تقسيم الدول العربية وفقًا لما تراه القوى الغربية، خاصة تلك التى تحاول الخروج من المنطقة، وترك دولها تتحمل مسؤولية ما يحدث بها، لكن هذ الخروج لن يأتى إلا بعد تأمين الوجود الإسرائيلى، وهذا لن يحدث إلا بهذه المقترحات والأطروحات التى نراها غريبة، ويراها الغرب- ومعهم بالطبع إسرائيل- واقعية ومنطقية لحل الصراع العربى الإسرائيلى، ولوضع حل نهائى لهذا الصراع، معتبرين أن الحل بيد العرب وليس بيد الإسرائيليين.
 
بالتأكيد فإن هذا الطرح لن يجد له صدى عربيًا، وسيكون مرفوضًا بشكل تام حال طرحه رسميًا على مائدة التفاوض، لكن ما يهمنى هو: لماذا جرى التفكير بهذا الشكل، ولماذا السعودية تحديدًا؟.. الإجابة ربما تكمن فى الرغبة لدى بعض القوى الإقليمية والدولية فى القضاء على فكرة الدول العربية الكبرى، أو ذات الوزن السياسى والاستراتيجى، فبعد تدمير الجيش العراقى، وإنهاك الجيش السورى فى أزمة داخلية مع السوريين، لم يتبقَ سوى مصر والسعودية، وبينما وقفت مصر فى وجه كل المخططات الغربية، انغرست المملكة فى الأزمة اليمنية التى أثرت على ميزانيتها، كما أن دخولها على خط الأزمة السورية جعل بعض المراقبين يتحدثون عن تراجع فى القدرات السعودية، بشكل قد يشير إلى تغيرات جغرافية مستقبلية تؤثر على وضعية المملكة نفسها.
 
الأمر على غرابته، لكنه مؤشر على أن الأحاديث الغربية عن تقسيم دول المنطقة إلى دوليات صغيرة، وإعادة ترتيب المنطقة من جديد لا تزال تسيطر على العقلية الغربية، دون أى اعتبار لفكرة من هو حليف الغرب ومن ضده، لأن القضية بالنسبة للدوائر الغربية تعتمد فى الأساس على الشكل الذى سيكفل له حماية مصالحه فى الشرق الأوسط، فأيًا كان الشكل سيلجأ إليه، وسيحاول تطبيقه، حتى وإن انقلب على الحلفاء والأصدقاء فى المنطقة، لأن الغرب يتعامل مع السياسة بمبدأ أنه لا صداقات دائمة، ولا عداوات قائمة، وخير دليل على ذلك ما حدث مع إيران التى باتت اليوم الأقرب للغرب من الحلفاء العرب.
 
أمام كل هذه الأطروحات والأفكار التى تستهدف تقسيم المنطقة، بات على العرب إعادة تحديد أولوياتهم من جديد بشكل يحافظ على التماسك العربى، وعدم تعريضه للخطر، وتخلى الدول العربية عن أفكارها ومصالحها الخاصة الضيقة، وأن يكون هناك اتفاق بين الجميع على ضرورة إنهاء الخلافات العربية، والتوصل إلى تفاهمات واضحة ومحددة، وذات رؤية عربية، للمشاكل والأزمات الموجودة حاليًا، مثل ليبيا واليمن وسوريا، لأنه إذا لم نفعل ذلك، وتمسكت كل دولة بأفكارها، خاصة الدول التى اعتمدت على فكرة شخصنة الخلافات مع الدول الأخرى، فإننا نكون سلّمنا أنفسنا لمخططات التقسيم، ولن يجدى معنا أى شىء.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة