أعلنت روسيا الثلاثاء وقف غاراتها فى مدينة حلب فى "بادرة حسن نية" وللسماح بإجلاء المدنيين من الأحياء الشرقية فى هذه المدينة التى تتعرض لقصف كثيف منذ شهر، فى خطوة شككت فيها واشنطن.
وفى ثانى كبرى مدن سوريا استغل سكان الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة توقف القصف للخروج من منازلهم لشراء المواد الغذائية التى لا تنفك تتضاءل كمياتها فى السوق مع اقتراب فصل الشتاء، وفق مراسل فرانس برس.
وشككت الدبلوماسية الأمريكية فى الاعلان الروسى المفاجئ الذى يأتى بعد اسابيع من الانتقادات الغربية لكثافة القصف السورى للمدينة بدعم من المقاتلات الروسية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربى "لا يزال الوقت مبكرا للقول أن هذا صحيح وكم من الوقت سيصمد. سبق أن شهدنا هذا النوع من الالتزامات والوعود، وشهدنا أنه لم يتم الايفاء بها".
وبحسب المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف فان وقف الغارات على حلب هو "بادرة حسن نية من الجيش الروسى (...) وليس مرتبطا" بالانتقادات التى وجهتها فرنسا والمانيا.
كذلك، يعقد "اجتماع عمل" حول سوريا الاربعاء فى برلين بين الرئيسين الفرنسى فرنسوا هولاند والروسى فلاديمير بوتين والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل اثر قمة حول اوكرانيا، بحسب الرئاسة الفرنسية.
بدوره يعقد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الجمعة جلسة خاصة حول الوضع الانسانى فى حلب بطلب من 16 بلدا وبدعم من الولايات المتحدة.
واشادت الامم المتحدة باعلان وقف الغارات الجوية الروسية والسورية على حلب، الا انها قالت انها تنتظر الحصول على ضمانات بشان السلامة من جميع الاطراف قبل أن تبدأ فى ادخال المساعدات.
وكان وزير الدفاع الروسى سيرغى شويغو اعلن فى وقت سابق خلال اجتماع لهيئة الاركان الروسية "اليوم ومنذ الساعة العاشرة (7,00 ت غ) صباحا توقفت ضربات الطيران الروسى والسوري"، موضحا أن هذا الوقف المبكر للغارات "ضرورى من اجل تطبيق الهدنة الانسانية".
واستبقت موسكو هذا القرار باعلانها مساء الاثنين هدنة انسانية من ثمانى ساعات تطبق الخميس بدءا من الثامنة صباحا (5,00 ت غ)، فى خطوة رحبت بها الامم المتحدة والاتحاد الاوروبى لكنهما اعتبرا انها غير كافية لادخال المساعدات.
وتصاعد الضغط الدولى على روسيا، الحليفة الابرز للرئيس السورى بشار الاسد، اثر هجوم بدأه الجيش السورى فى 22 ايلول/سبتمبر للسيطرة على الاحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت مئات القتلى والحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.
ولم تنجح الجهود والمحادثات الدولية منذ ذلك الحين فى احياء وقف اطلاق النار، فى وقت اتهم الغربيون روسيا بـ"جرائم حرب" فى سوريا.
"خروج آمن عبر ستة ممرات"
وأوضح شويغو أن وقف الغارات الثلاثاء "يضمن سلامة خروج المدنيين عبر ستة ممرات ويحضر لاجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب".
وأضاف "فى الوقت الذى تبدأ فيه هذه الهدنة الانسانية، ستنسحب القوات السورية إلى مسافة كافية تمكن المقاتلين من الخروج من شرق حلب مع اسلحتهم" عبر ممرين خاصين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال فى وسط المدينة.
وقال شويغو أنه يمكن لوقف الغارات الجوية اعتبارا من الثلاثاء أن يساعد فى نجاح محادثات تتمحور حول "الفصل بين المعارضة المعتدلة والارهابيين فى حلب" التى يفترض أن تبدأ الاربعاء فى جنيف كما قال.
وأضاف "نطلب من حكومات الدول التى لها نفوذ على القسم الشرقى لحلب أن تقنع قيادييه بوقف المعارك ومغادرة المدينة".
وتقدر الامم المتحدة وجود 900 مقاتل من جبهة فتح الشام فى شرق حلب فى وقت يقدر المرصد السورى وجود 400 مقاتل فقط من اصل نحو 15 الف مقاتل معارض.
وقبل ساعات من وقف الغارات، افاد مدير المرصد السورى رامى عبد الرحمن بغارات روسية كثيفة استهدفت بعد منتصف الليل أحياء عدة فى شرق حلب.
واشار مراسل فرانس برس إلى انهيار مبنى على رؤوس قاطنيه فجرا فى حى بستان القصر جراء الغارات، ما تسبب وفق المرصد بمقتل عائلة بأكملها، تضم رجلا وزوجته وثلاثة اولاد.
ويعيش 250 الف شخص فى شرق حلب فى ظروف انسانية صعبة فى ظل الغارات والحصار وتعذر ادخال المساعدات الانسانية منذ ثلاثة اشهر.
بالمقابل قتل فى غرب حلب الثلاثاء اربعة اشخاص على الاقل واصيب حوالى 20 بجروح، بعضهم حالتهم خطرة، من جراء قذائف اطلقتها فصائل المعارضة على أحياء الجميلية والميدان والسيد على، بحسب المرصد.