15 شهراً بالتمام والكمال، وهى تجلس منذ شروق الشمس على حجر قديم أمام منزلها الريفى بقرية الشيخ خطاب التابعة لمركز سمسطا، جنوب غرب محافظة بنى سويف، انتظاراً لوصول ابنها المختفى بدولة ليبيا.
سيدة فى العقد السادس من عمرها، تركها ابنها الوحيد وهو طفل لم يتجاوز الخمسة عشر عاماً، هارباً بهجرة غير شرعية عبر مدقات جبال الصحراء الغربية، بحثاً عن مصدر رزق ليساعد أسرته البسيطة ووالده الفلاح، بعدما ضاقت به الدنيا داخل قريته
وفى ليلة الخميس الماضى، والأم تجلس على الحجر الذى ظل حافظاً لأسرار بكائها ودعائها، وحسرتها على ابنها الوحيد، فوجئت به مهرولا إليها، ليرتمى فى أحضانها باكياً، وهى معتقدة بأن ما يحدث هو حلم من أحلامها اليومية.
خلف بين والديه
حالة من الفرح الشديد والبكاء المستمر، رجالا وسيدات وشباب واطفال، يتجمعون داخل منزل الحاج محمد مقدمين التهانى لعودة نجله خلف بعدما اختفى داخل الأراضى الليبية منذ سنة وثلاثة أشهر، وبحث أقاربه فى ليبيا عنه كثيراً، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
"اليوم السابع" التقت بالشاب خلف محمد ليروى لنا قصته، وكيف عاد إلى الأراضى المصرية مرة أخرى قائلا "هاجرت إلى ليبيا مع مجموعة من الشباب عن طريق أحد السماسرة الموجودين فى مركز سمسطا، واتخذنا بعض المدقات الصغيرة والطرق الوعرة داخل الجبال، لأننا مجموعة من الأطفال لم يتعدى عمرنا وقتها 16 عاماً "
ويضيف خلف، وصلنا إلى ليبيا، وعثرت على عمل جيد داخل إحدى الجامعات فى مجال الزراعة وتشجير حدائق الجامعة، وكنت أتقاضى راتبا جيدا، وأعيش وقتها مع أقاربى من الأعمام والأخوال داخل أحد المنازل فى العاصمة طرابلس.
الشاب المختفى بجوار والدته
ويتابع الشاب العائد "خرجت فى أحد الأيام عقب الانتهاء من العمل، إلى الشارع لشراء مسحوق غسيل لتنظيف ملابسى، فاستوقفتنى إحدى السيارات، وتم جذبى إلى الداخل، وتم إغماء عينى بقطعة قماش إلى أن وصلنا مركز شرطة بعيد فى الصحراء وتم إدخالى إلى غرفة ضيقة إلى يتعدى عرضها الثلاث أمتار ".
ويضيف خلف، سألونى عن جواز سفرى فأخبرتهم أننى خرجت لشراء مسحوق غسيل والجواز موجود داخل شقتى وحددت لهم العنوان، إلا أنهم لم يستجيبوا لكلامى وتعرضت لضرب شديد وتم تحويلى إلى المستشفى وثم إلى السجن، متابعا "حجزونى مع خمسين آخرين داخل تلك الغرفة الضيقة طوال 15 شهرا، مع مجموعة من المصريين والجنسيات الأفريقية، بعضهم دون سبب والبعض الآخر مسجون على ذمة قضايا" مشيرا إلى أنهم كانوا يتناولون قطعة خبز واحدة فقط كل يوم، وكان الخمسون شخص يتبادلون النوم داخل الغرفة، فالبعض يقف ساعات والاخرين ينامون على الأرض فوق بعضهم.
الفرحة داخل منزل والد خلف
ويستكمل الشاب حديثه "لم أر الشمس طول تلك الفترة، ولم نغير ملابسنا أو نستحم، مشيراً إلى أن احد لضباط طلب رؤية المحجوزين داخل تلك الغرفة، واستمع إلى قصتى، وقام بترحيلى إلى الحدود المصرية.
ويقول الشاب العائد، قبل خروجنا فى سيارة الترحيلات، طلب أحد المصريين الموجودين خارج السجن أن يصطحبنى خمسة دقائق إلى منزله، وغيرت ملابسى التى ظلت على جسدى 15 شهراً، وعند وصولنا إلى الحدود المصرية، أعطانى أحد الضباط المصريين 300 جنيه، كمصاريف مواصلات إلى أن وصلت إلى قريتى.
خلف بين أحضان والديه
واختتم الشاب خلف محمد حديثه قائلا "لن أعود مرة أخرى إلى ليبيا، ولن أخرج من مصر مرة أخرى، حتى لو هموت من الجوع، وياريت كل الشباب ميفكروش فى السفر مرة أخرى، ربنا هو الوحيد اللى كتبلى أنى أخرج للحياة مرة أخرى"..
الحاج محمد والد خلف ووالدته، أكدا أن سعادتهما لا توصف برجوع ابنهما إلى منزله مرة أخرى، مؤكدين أنهما كانا على يقين بعودته مرة أخرى إلى المنزل، وقدما الشكر لكل من بحث معهم عن ابنهما المفقود، مطالبين شباب مصر بعدم المجازفة والذهاب إلى إى دولة بطريقة غير شرعية.
عودة شاب بنى سويف المختفى بليبيا منذ 15 شهرا by youm7
وكان "اليوم السابع" قد نشر فى شهر مايو القادم، تقريرا تحت عنوان "بالفيديو والصور.. مأساة أسرة ببنى سويف تبحث عن نجلها فى ليبيا.. والد خلف: خرج لشراء مسحوق غسيل ولم يعد.. والأم: ابنى سافر تهريب عبر الجبال ولا يملك جواز سفر.. وعمه: الهجرة غير الشرعية منتشرة فى "سمسطا"، رصدت فيه ماساة اسرة الشاب بعدما انقطعت الاتصالات بينهما، وبين الشاب واقاربه داخل دولة ليبيا، بعدما خرج لشراء مسحوق غسيل.
وتلقت الجريدة اتصالا تليفونيا من والد الشاب يخبرنا فيه بعودة نجله خلف إلى المنزل بعد غياب دام سنتين وثلاثة أشهر.
خلف بين أبناء أخته وجدته
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة