"الغلابة لهم ربنا، عارف أن السفر لليبيا ممنوع من مصر وخطر على حياتى ويمكن أموت هناك، بس أنا بموت فى مصر وعندى التزامات تجاه أسرتى، حضرتك متعرفيش الأسعار بقت إزاى، بالله عليكم سيبونا فى حالنا ومحدش يبكى علينا لو داعش قتلتنا راضى بقضاء ربنا فى كل الأحوال".. هذا ما قاله أحد المصريين الذى قرر الهروب من مصر إلى ليبيا عن طريق السودان.
ورصد "اليوم السابع" من الخرطوم هروب العديد من المصريين إلى ليبيا بعد حظر سفرهم من مصر نتيجة الظروف الموجودة فى عدد من المدن الليبية وانتشار داعش، إلا أن هناك رغبة ملحة من المصريين فى السفر إلى ليبيا مهما كلفهم الأمر، حيث قرروا الخوض فى المخاطر والسفر عن طريق السودان، وهو ما اضطر وزارة الداخلية المصرية فى وضع ضوابط للسفر إلى السودان التى لا تحتاج إلى الحصول على تأشيرة، حيث ألزمت من يرغب فى السفر الحصول على موافقة أمنية.
ورغم الإجراءات التى فرضتها وزارة الداخلية المصرية على المسافرين إلى السودان، إلا أن العصابات التى تقوم بتسفير الشباب قامت بابتداع حيل أخرى وهى تسفيرهم عن طريق إحدى الدول العربية ومنها إلى السودان لإنهاء إجراءات السفر إلى ليبيا. وتقوم العصابات التى تسفر المصريين إلى ليبيا منذ ما يقارب العام ونصف، بتوفير تأشيرة السفر للراغبين حيث يتم ذلك عبر رحلتين أسبوعياً، بإيصالهم إلى ليبيا وفق المبلغ المتفق عليه الذى يتراوح بين 1500 لـ 2000 دولار، دون أن يكون لدى الوسطاء عبء توفير فرص العمل.
ووفقاً لمصادر سودانية فإن عدد من تم تسفيرهم من المصريين إلى ليبيا بلغ حوالى 8 آلاف مصرى خلال عام ونصف، بالطريقة التى تتم عبر وسطاء مصريين بالتنسيق مع وكالة سفر سودانية.
وأكد "إبراهيم" من محافظة أسيوط أن والده باع له "المواشى" ودفع حوالى 15 ألف جنيه لأحد الوسطاء المصريين، الذى قام بتسفيره إلى إحدى الدول العربية من مطار برج العرب ثم سافر منها إلى السودان لإنهاء إجراءات سفره إلى ليبيا، مؤكداً أن السفر تم بهذه الطريقة بعد رفض وزارة الداخلية منحه موافقة أمنية.
واستكمل صديقه كما سمى نفسه خالد الحديث قائلاً "لو حد عرف اننا بنتكلم معاكى هتحصلنا مشكلة، بص خلينى أقولك اننا نايمين فى الشارع بقالنا يومين علشان الفلوس كلها دفعناها فى السفر، احنا غلابة، صدقينى منملكش تمن الأكل أو حتى اننا نركب موصلات هنا فى السودان، ابن عمتى هيستتنانى فى ليبيا هو سافر من فترة واموره ماشية هناك"، وعندما حاولت ألتقط صورة له خلال حديثه قام بالتقاط الهاتف منى رافضاً أنا أقوم بتصويره، قائلاً "مش ناقصين مشاكل". واللافت فى الأمر أن هناك من بين المسافرين إلى ليبيا أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، فضلاً عن مسنين، بينما الأغلبية الكبيرة لشباب تجاوزت أعمار هم الـ30 عاماً.
ولم تكن هذه هى معاناة خالد وإبراهيم وحدهم، إنما وجدت الكثير من المصريين الذين كان أغلبهم من الصعيد وظهر عليهم القلق الشديد والارتياب فى أمرى عندما وجدونى أتحدث وأحاول أن أعرف منهم تفاصيل سفرهم ومن الذى يقوم به فى مصر، حيث غادر الكثيرين منهم المكان الذى كانوا يجلسون فيه كل منهم فى اتجاه لتشتيتى إلا أننى جلست على مقربة منهم حتى أتمكن تكوين صورة عامة عن الموقف الذى يمكن أن نوصفه بـ"المحزن".
وغادرت المكان وتوجهت فى اليوم التالى لعلنى أجدهم وأحاول أن أكمل حديثى معهم، فوجدت آخرين غيرهم لما يتجاوز عددهم 10 أفراد، فقررت أنا أتحدث معهم، مصريين؟؟ أجابوا جميعاً نعم، فقولت أنا مصرية فى محاولة لطمأنتهم، وسألتهم أنتوا منين أجابوا "أسيوط، المنيا، سوهاج، قنا"، مسافرين ليبيا؟ فأجابوا أيوة، فقلت لهم بس السفر لليبيا خطر وبشكل ده غير شرعى وأنتوا أكيد سمعتوا عن اللى بيحصل هناك، وهنا قاطعنى أحدهم "الأعمار بيد الله اللى فى نصيبنا هناخده".
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل العاقب حامد
من السودان
شكرا