سعيد الشحات

حمايتنا فى مشروعنا القومى

الأربعاء، 06 يناير 2016 07:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هو السبيل الوحيد لمواجهة المؤامرات الخارجية
تحتاج المنطقة أكثر من أى وقت مضى إلى مشروعها القومى الذى يوحد العرب تحت راية واحدة أمام التهديدات الخارجية.

المشروع القومى وحده هو العابر للمذاهب الدينية وخلافاتها، وهو العابر للطائفية والتمترس خلفها، هو الضامن لحماية الحدود العربية، هو الذى يؤسس لتواصل عربى جاد وفعال، هو الذى لو نجح يجعل للعرب كلمة مؤثرة فى العالم، ويجعل لهم كيانا مؤثرا فى التكتلات الدولية.

جربنا منذ السبعينيات بدء الصوت العالى لقوى الإسلام السياسى، والتى اتخذت من العنف والإرهاب طريقا، ولم تختلف هذه القوى على مبدأ الإرهاب، وإنما اختلفت فى درجاته، وظلت هذه القوى فى طبعتها الإخوانية، تحرز أهدافا وتسجل نقاطا بالفوز بمقاعد وفيرة فى الانتخابات البرلمانية فى العديد من الأقطار العربية، وبلغت ذروتها مع جبهة «الإنقاذ» فى الجزائر، والتى اكتسحت الانتخابات فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى، وسيطرت على السودان بتحالف «البشير الترابى» كما أحرزت مكاسب فى الكويت، وسيطرت على النقابات المهنية فى مصر، ثم أحرزت 88 مقعدا فى البرلمان عام 2005، وفازت بالأغلبية فى أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير، ثم فازت برئاسة الجمهورية، وكذلك فازت بالأغلبية البرلمانية فى تونس.

قدمت القوى المنتسبة لـ«الإسلام السياسى» أو بالأدق «قوى» اليمين الدينى» نفسها إلى الجماهير بخطاب دينى يدغدغ المشاعر، لكنه افتقد إلى أسس للنهضة الحقيقية، وحين تم اختبارهم بحق فى مصر، تأكد الجميع من أنه لا يوجد اختلاف جذرى بينهم وبين نظام مبارك فى توجهاته الاقتصادية، وبدلا من أنه كان يحكمنا «مستغلون ببرنيطة»، أصبح يحكمنا «مستغلون بلحية وسواك».

فى تجربة «اليمين الدينى»، رأينا فرزا لأبناء المنطقة العربية على أسس طائفية خالصة، فالمسيحى لم يعد يشعر بالاطمئنان، والخطاب السياسى لجماعات الإرهاب اعتبرهم «أهل ذمة»، ورأينا فرزا على أسس مذهبية بين الشيعة والسنة، والعراق أصبح محكوما بهذه الصيغة، وسوريا يتم جرها إلى هذا المستنقع، وليبيا أصبحت مقسمة على هذا الأساس، ومن قبل تم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وهكذا كان الحصاد تقسيما وتجزيئا، وسارت الأمور على نحو تقسيم المقسم وتجزىء المجزأ، وبالطبع كانت إسرائيل وأمريكا فى قلب هذا المخطط، تقدمان الرعاية والمساعدة، والمال، والسلاح، وترسمان المخططات وذلك فى ظل تبعية كاملة لمعظم الأقطار العربية لأمريكا، وفى ظل رعاية أمريكية وغربية لقوى اليمين الدينى، وخاصة جماعة الإخوان من أجل أن ترث نظم الحكم العربية الفاسدة، ولعل ما حدث من تشجيع لمحمد مرسى وجماعة الإخوان فى مصر خير دليل على ذلك.

وفيما ساد هذا الوضع العربى المأزوم، كانت القوى الإقليمية الأخرى تبنى قوتها يوما بعد يوم، وبالطبع فإن تمدد هذه القوى كان يتم فى المنطقة العربية كمجال للهيمنة على المنطقة ككل، وفعلت تركيا ذلك، وفعلت إيران ذلك، وفعلت إسرائيل ذلك، كانت هذه القوى تتصاعد فى الوقت الذى يتراجع الوضع العربى إلى درجات ضعف غير مسبوقة، وكان تراجع الاهتمام العربى بالقضية الفلسطينية فى مقابل الاهتمام التركى «المفاجئ»، والاهتمام الإيرانى «المحسوب»، من أهم سمات المرحلة، ومن أقوى الدلائل على أن الطامعين إقليميا فى المنطقة ينظرون إلى الرأى العام العربى حتى يكسبونه.

الحاصل مما مضى، أن المشروع القومى هو السبيل الوحيد لمواجهة المؤامرات الخارجية على المنطقة العربية، فدولة عربية واحدة لا يمكنها أن تواجه الخطر الخارجى وحدها، ولا نطرح هذا الأمر بنفس ما كان مطروحا فى الخمسينيات والستينيات، حيث كان المشروع القومى يشهد عصره الذهبى، وإنما نطرحه بصيغة احترام حدود الدولة الإقليمية، وتطلع كل دولة إلى أن تكون قوية داخل حدودها، ومن هنا تأتى أهمية التكامل العربى، وإحياء كل الاتفاقات العربية فى المجال العسكرى، وغيرها من الحقائق التى لا بديل عنها كى يستطيع العرب أن يقولوا كلمتهم أمام العالم الذى يطمع فينا كلما أصبحنا ضعفاء، ويزداد طمعه كلما كنا أكثر ضعفا، ويتوغل داخل حدودنا كلما نعجز عن الدفاع عنها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة