لما وجدت حيــاتنا فى هذه الدنـيا قصــيرة
أبقيت فيها صورتى فالمرءُ فى دنياه صورة
بتلك الكلمات بدأ شاعر العامية بيرم التونسى مذكراته، وقد حُفرت صورته – مثلما أراد- فى أذهان الجميع نظراً لما أبدعه من أعمال، وقد اكتملت الصورة بتلك المذكرات التى كشف فيها عن خفايا حياته البائسة والتى جعلت منه رجلاً شهيراً مبدعاً.
ولد الشاعر المصرى لعائلة تونسية الأصل عام 1893، وعاش بالإسكندرية، وقد واجه ظروف موت اخته وزواج ابيه سراً ثم موته بعد ذلك، بالإضافة إلى عمله فى محل للبقالة والعمل مع زوج أمه ومن بعد ذلك وفاتها، وغيرها من الظروف الصعبة جعلت حياته غير مستقرة دراسياً أو معيشياً، كما أنه نُفى عدة مرات إلى الخارج، مما أنتج عن هذه التجارب القاسية المذكرات التى نحن بصدد ذكرها، والتى تم كتابة بعضها فى مرسيليا بفرنسا، ونشر منها بيرم أجزاء فى عدة صحف قبل أن يتم نشرها كاملةً فى نسخة تحت عنوان "مذكرات فى المنفى".
تناول بيرم التونسى فى مذكراته، سبب هجرة جده من تونس، واتخاذه الإسكندرية موطناً ومستقراً له، وتحدث عن مصنع الحرير الذى امتلكه ابيه وعمه، وعن الكُتـّابَ الذى تعلّم فيه والأعمال التى مارسها قبل أن يتجه للصحافة والشعر، بالإضافة إلى ما تعرض له بسبب مواقفه السياسية، ومواقف بعض الزعماء السياسيين، مثل سعد زغلول، مصطفى النحاس، والملك فاروق.
كما حكى "التونسى" عن منفاه وعما واجهه فيه سواء فى تونس أو فرنسا، فتكلم عن المدن و أهلها ومعالمها ومعيشته وما واجهه ما بين جيد وسئ، وقال "التونسى" عن مرسيليا الفرنسية
"أقمت فى مرسيليا خمسة أعوام وكتبتُ عنها جادا وهازلا ولا أرانى أسأم الكتابة عنها كلما مر ذكرها بخاطرى وأحسب القراء لا يسأمون ما أكتبه".
"يعجبك من هذه المدينة شمسها الساطعة حتى فى فصول الأمطار والزوابع ونسيمها الذى يلقح الجسم بالصحة والعافية. وتشعر بالازدياد فى قواك الحيوية ورغبتك بالأكل والشرب وكل مشتهيات الحياة. وسكان المدينة جميعا يتمتعون بأبدان خصبة فارعة وعلى وجوههم ابتسامات البطر والتبجح. وقد كان الجنود المارسيلية أثناء الحرب العظمى فى مقدمة الجيش الفرنسى وأول من قابل الألمان في ميدان القتال".
وكانت هذه المذكرات قد صدرت مؤخراً عن قطاع الثقافة بأخبار اليوم عن سلسلة روائع التى يرأس تحريرها الكاتب "عزت القمحاوى" فى أول اصدارات كتب الجيب الصادرة عن المؤسسة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
الله يرحمك
يا عم بيرم