من يدفع بالكرة الملتهبة فى اتجاه إشعال النار فى منطقة الخليج.. وتفجير الصراع المذهبى السنى الشيعى..؟ رد الفعل الإيرانى على إعدام المملكة العربية السعودية 47 متهما بالإرهاب من بينهم القيادى الشيعى السعودى نمر النمر مفاجئ وعنيف وغيرر مبرر، فالسعودية أعدمت مواطنا سعوديا بالأخير رأت أنه المحرض على عمليات العنف والإرهاب داخل أراضيها، والرد باقتحام السفارة السعودية فى طهران والقنصلية فى مدينة مشهد الإيرانية يشير إلى أن العقلية السياسية الإيرانية منذ عام 79 وانطلاق «الثورة الإيرانية» لم تتغير، وأن «الصديق الإيرانى» الذى حاول تصدير دبلوماسية التهدئة والقبلات والقفاز الناعم ومد علاقات الجوار، ما هو إلا «عدو خفى» له أنياب متوارية خلف ابتسامات الخديعة والتسكين.
ولم تفلح محاولات الدفع بالوجوه الرئاسية الوسطية لطمأنة دول المنطقة وباقى الدول العربية منذ الدكتور محمد خاتمى وانتهاء بالرئيس الحالى حسن روحانى.
الأزمة الحالية والتصعيد الإيرانى ودفع المنطقة للتوتر والشحن، يسقط ورقة التوت عن السياسة الخارجية «البراجماتية» لإيران ويسقط أقنعة الخديعة طوال أكثر من أربعين عاما بالتحول إلى دبلوماسية حسن الجوار، والعودة إلى فرض القوة والتخويف والإرهاب، فإيران لا تصادق أو تعادى أحدا إلا بقدر ما يقربها ذلك من هدفها النهائى وهو القوة وحدها، فخرائط الأصدقاء والأعداء تتغير مع تغير خرائط القوة وموازينها بالنسبة لإيران.
وربما ظنت طهران بأن تسوية الملف النووى مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية يشكل دافعا وإغواء لها لاتهام دول الخليج فى ظل الأوضاع الأمنية والسياسية للقوى العربية الكبرى.
وربما أيضا أن رد الفعل المتجاوز للأعراف الدبلوماسية فى طهران ومشهد كان استقواء بالامتداد الشيعى الإيرانى فى أربع عواصم عربية هى دمشق وبغداد وبيروت وأخيرا صنعاء، وهو سوء تقدير سياسى وافتقار للرؤية الاستراتيجية، فإيران لن تستطيع فرض الأمر بالقوة لأنها محكومة بمعادلات دولية وإقليمية فى المنطقة حتى بعد التقارب الإيرانى الأمريكى، وغياب العقل عنها فى التعامل مع هذه الأزمة ودفعها بكرة اللهب المشتعلة قد يخسرها كل شىء، فى السياسة وفى العلاقات التجارية والتمدد الاجتماعى فى غالبية دول الخليج العربية، فالدول العربية لن تترك السعودية بمفردها فى مواجهة إيران و«هوجة الانفعال الثورى» باقتحام السفارة والقنصلية السعودية لن يخيف أحدا وقد يقلب الطاولة على طهران من جديد، وقد لا ينفعها تسوية ملف نووى أو تخفيض أسعار النفط أو فتح جبهة مع أنقرة وتل أبيب أو تواجدها السياسى والعسكرى فى بيروت ودمشق وصنعاء وبغداد.
والعمى السياسى الإيرانى قد يفقدها الشريك الأساسى سياسيا واقتصاديا فى منطقة الخليج، وهى السعودية ويعيد فتح ملفات التوتر بين البلدين ليس أقلها الخلاف الاثنى «العربى-الفارسى» والطائفى «السنى-الشيعى» ، فهناك أيضا الخلاف حول البرنامج النووى الإيرانى، والشيعة السعوديين خاصة فى المناطق النفطية، والمناوشات المتعلقة بآبار الغاز والنفط كما حدث فى نوفمبر 2012، فضلا عن توجس السعودية من عدد الشيعة العاملين فى منشآت الطاقة السعودية، وتهديدات إيران بغلق مضيق هرمز، علاوة عن الحج وما تمارسه إيران من ضغوط على السعودية عن طريق مظاهرات الشيعة خلال موسم الحج، فضلا عن الخلافات حول البحرين والعراق واليمن وسوريا والصراع العربى الإسرائيلى.
الهوجة الإيرانية ورد الفعل العنيف ضد السعودية يبدد هدوء السطح فى العلاقات بين الجانبين والتى اتخذت فى بعض الأحيان علاقات اجتماعية وثيقة بعد زواج حفيدة رفسنجانى من أحد شباب العائلة المالكة السعودية، والاتفاق الأمنى بين الجانبين.
إشعال النيران ودق الطبول وتصعيد الأزمة وتعقيدها ليس من مصلحة أحد، وبالأخص إيران والرهان على المحاور الإقليمية الجديدة هو رهان خاسر لطهران ولعبة «الصديق المخادع» و«العدو الخفى» لم تعد ذات جدوى مع دول المنطقة. فالعقل هنا مطلوب والوضوح أيضا مطلوب فى إدارة الأزمة والعلاقات ليس مع السعودية فقط ولكن مع مجمل الدول العربية التى قطعا لن تترك السعودية فى النزال لوحدها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة