وقالت المحكمة فى حيثياتها، إن الدستور المصرى قرر الحق فى حرية الإعلام بشتى صوره، بل ولم يقصر ممارسة هذه الحرية على المؤسسات الإعلامية التى تمتلكها الدولة، إذ اعترف بتقرير هذا الحق كذلك للمؤسسات الخاصة، مشيرة إلى أنه انطلاقا من حرص المشرع على مواكبة التطور السريع لوسائل الإعلام وإيمانه بوجوب الإلتزام بموروث المجتمع الدينى والأخلاقى والثقافى، فيما يبث عبر قنوات الإعلام المسموعة والمرئية، وحتى لا يفقد المجتمع هويته، فقد وضع عدة ضمانات للوصول لهدفه منها ما نصت عليه مواد قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ولائحته التنفيذية من تدابير تواجه بها الهيئة العامة للاستثمار أى خروج يصدر من القائمين على المنشأة الإعلامية.
وتابعت: "وذلك عن طريق إجراءات جاءت متدرجة فى الشدة بحسب نوع المخالفة ابتداء من وقف المشروع لمدة معينة مرورا بتقصير مدة تمتع المشروع الإعلامى بالضمانات والحوافز المقررة قانونا انتهاء بسحب الترخيص إذا دأبت على مخالفة القانون، إلا أن المشرع قيد تلك القرارات بضرورة توجيه إنذار للمشروع الإعلامى لإزالة تلك المخالفات خلال مدة تقوم بتحديدها الهيئة فى الإنذار المرسل له".
و أوضحت المحكمة أن الحماية القانونية والدستورية المقررة فى مجال الإعلام والصحافة قاصرة على حماية الفكر الإعلامى بصوره المختلفة، ولا تمتد إلى حماية المواد الإعلامية التى تمس حقوق الأفراد أو حرياتهم، أو نالت بشكل مباشر أو غير مباشر اعتبارات الأمن القومى، وأسند المشرع الأمر للقضاء الجنائى أو الإدارى لإنزال العقوبة الجنائية أو للرقابة القضائية على مشروعية ما يصدر من الهيئة العامة للاستثمار من قرارات الضبط الإدارى.
وأشارت الحيثيات إلى أن الظاهر من الأوراق أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة كانت أرسلت كتابا إلى الممثل القانونى لشركة "فيرجينيا" للإنتاج الإعلامى المالكة لقناة الفراعين فى 29 ديسمبر الماضى معنونا فى صدره بكونه إنذار، جاء به أن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية قد أصدر قراره المتضمن إيقاف برنامج مصر اليوم الذى يبث على القناة لمدة 3 اشهر ومنع ظهور توفيق عكاشة على القناة، ثم جاء بختامه توجيه إنذار للشركة بضرورة الالتزام بشروط ترخيص مزاولة النشاط، وفى حالة تكرار المخالفة مستقبلا سيتم إلغاء الترخيص.
وعرفت المحكمة الإنذار الذى حرص المشرع على توجيهه للمنشأة الاعلامية فى حالة المخالفة قبل اتخاذ أى إجراء تجاهها بأنه ذلك الانذار الذى يفرد فى طياته اوجه المخالفات التى تم ارتكابها ويحدد لهم مدة محددة لإزالتها، وينذرهم بالجزاءات التى تنتظرهم فى حالة تكرار المخالفات أو عدم إزالتها وما عدا ذلك من أوجه المكاتبات التى ترسلها الهيئة لا يعتد بها كإنذارات لإعمال أثرها القانونى، فلا يكفى بعنونتها بلفظ الإنذار ليكسبها هذا الوصف إذ العبرة بالمحتوى الداخلى وليس الشكل الخارجى.
وأكدت المحكمة، أن مراجعة الأداء الإعلامى أصبحت مطلبا شعبيا لن يتحقق إلا بتشريعات خاصة تتفق مع طبيعة النشاط الإعلامى ولا يسوغ معاملة المشروع الإعلامى معاملة المشروع الاستثمارى أو التجارى بحسبان أن الإعلام فكر وأن أثمر ربحا ماليا.
واختتمت المحكمة فى حيثياتها، أن الظاهر من الأوراق أن قرار الإيقاف والمنع صدر دون أن يسبقه أى إنذار للشركة المالكة للقناة، حيث صدر القرار المطعون فيه فى صلب الإنذار الموجه لها بما أفقده أثره القانونى، وأفرغه من مضمونه كإنذار بل وغل يد المحكمة من مراقبة المخالفات التى نسبتها الهيئة لعكاشة.
موضوعات متعلقة..
القضاء الإدارى يلغى قرار منع ظهور توفيق عكاشة بوسائل الإعلام