هل يلقى قانون التأمين الصحى الشامل مصير الخدمة المدنية؟.. الحكومة ترفض التشاور مع النقابات وتدعوها لحوارات صورية وتتجاهل مقترحاتها لتعديل مواده..وضعف الموازنة والمديونيات أبرز العقبات أمام إقراره

السبت، 23 يناير 2016 05:24 م
هل يلقى قانون التأمين الصحى الشامل مصير الخدمة المدنية؟.. الحكومة ترفض التشاور مع النقابات وتدعوها لحوارات صورية وتتجاهل مقترحاتها لتعديل مواده..وضعف الموازنة والمديونيات أبرز العقبات أمام إقراره الدكتور أحمد عماد وزير الصحة
كتبت آية دعبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المنتظر أن يواجه قانون التأمين الصحى الشامل، نفس مصير قانون الخدمة المدنية الذى تم رفضه من مجلس النواب، خاصة أن قانون التأمين الصحى يعد الأكثر جدلا الفترة الأخيرة بعدما شكلت الحكومة لجنة وزارية للإسراع والانتهاء منه.

فرغم إعلان الحكومة بدء حوار مجتمعى حول القانون، بالتزامن مع تزايد اعتراضات النقابات المهنية والعمالية، والعديد من موظفى الحكومة عليه، إلا أنها حتى الآن لم تستجيب لمقترحات النقابات ولم تجتمع إلا مرة واحدة مع ممثلى النقابات وتصر على مسودة القانون رغم عيوبه، خاصة ما يتعلق بالجانب المالى والإدارى، وهو تقريبا ذاته مسار الحكومة فى قانون الخدمة المدنية.

وخاطبت نقابات "الأطباء، والصيادلة، والأسنان، والبيطريين"، الرئاسة ومجلس الوزراء ووزارة الصحة مؤخرا باعتراضاتهم حول القانون التى تضمنت، أن تقديم الخدمة عن طريق "التعاقد" بين هيئة التمويل والإدارة وبين المستشفيات الحكومية أو الخاصة التى ستنطبق عليها شروط الجودة، سيخرج المستشفيات الحكومية من الخدمة نظراً لأنه لا يوجد إنفاق كاف عليها، وتستأثر بها نظيرتها الخاصة.

بجانب أن الثلاث هيئات التى ينص القانون على تشكيلها أولها للإدارة والتمويل والثانية لتقديم الخدمة والثالثة للرقابة، ينفى أى استقلالية حقيقية لها لتبعيتها لمجلس الوزراء، بالإضافة إلى تحمل غير القادرين أى عجز تتعرض له الهيئة من خلال زيادة الاشتراكات والمساهمات، وإهماله للمؤسسات الصيدلانية، معتبرة القانون بابا لخصخصة المنظومة الصحية.

وسيواجه القانون أزمة حقيقة خاصة أنه لم يعتمد على حساب التكلفة العادلة للخدمة الصحية، واعتماد الاشتراكات على الضريبة الإضافية على الدخل مما سيتنج عنه تضرر لكل الفقراء من أصحاب الأعمال الحرة، حيث أنه سيضطر إلى دفع 10% على دخله بالإضافة إلى 20% آخرين لأبنائه، فيما سيجد رجال الأعمال أنفسهم يدفعون ملايين فى تأمين صحى لن يلجئون يوما له.

وفكرة وجود تأمين صحى هو أمر دائم من السبيعينات، منذ أن ثبت عدم صلاحية قانون 64، وأن أغلب المصريين لا يستفيدون منه، حيث أن عدد العاملين المؤمن عليهم 17 مليون مواطن، وأعداد المعاشات 4 ونصف مليون مواطن، وبالتالى المستفيدين فقط حوالى 21 مليون، فكانت نسبة غير المستفيدين أعدادهم تزداد وبالتالى كانت الحكومات المتتالية ومجالس الشعب تحاول ضم المزيد من الناس من خلال قوانين جديدة، بدأت باستحداث قوانين جزئية خلال أعوام 76 و94 و98، طبقا لما أكده الدكتور خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء.

وفى 2011 كان أول ظهور لكلمة نظام "شامل"، حينما أراد الدكتور حاتم الجبلى، عمل تطوير لوجود هيئة مستشفيات وتطبيق وأسس إصلاح النظام الصحى التى بدأت فى التسعينيات منذ وزارة الدكتور إسماعيل سلام، وقتها حصلت مصر على منحه من الاتحاد الأوروبى بحوالى 10 مليون يورو لإصلاح النظام الصحى، والذى تشكلت لجنة من إحدى الهيئات الأمريكية لدراسة سبل تطبيقه، ولكنهم رحلوا أيام مع اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، ولم ينتهوا من أعمالهم.

وفى عام 2012، تم تشكيل لجنة برأسه الدكتور عبد الرحمن السقا رئيس هيئة التأمين الصحى وقتها لإعداد مشروع قانون شامل، ظلت تعمل فترة ثم وجد مشروع القانون نفسه حبيس إدراج أكثر من 5 وزراء للصحة "الدكتور عمرو حلمى، الدكتور فؤاد النواوى، والدكتور محمد مصطفى حامد، والدكتورة مها الرباط وصولا إلى وزارة الدكتور عادل عدوى"، ظل القانون فى تلك الفترة بين مناقشات لم تتعد كونها صورية وتشكيل لجان لإجراء تعديلات طفيفة، دون تحديد سبل توفير الموارد المالية اللازمة رغم مديونية هيئة التأمين الصحى التى بلغت فى 2012 حوالى 1,33 مليار جنيه.

أما الدكتور أحمد عماد وزير الصحة الحالى، فحاول أن يكون مختلفا عمن سبقوه، فظلت اللجان تعمل فى الخفاء على إعداد القانون، لتفاجئ النقابات أن الوزارة قد انتهت من إعداده، وتدعوها لمناقشته دون الإطلاع على مواده، وتبرير ذلك بأن الزعيم جمال عبد الناصر عندما أقر قانون التأمين الصحى فى الستينيات لم يجر حوار مجتمعى له من الأساس، وإنما بدء فى تطبيقه بشكل إجبارى، مؤكدا أن الوزارة ستبدأ تطبيقه تدريجيا حتى يعمم بالمحافظات بنهاية 2017، رغم إن ما اعتمدته وزارة المالية للقانون حتى الآن فقط 40 مليار جنيه من إجمالى 90 مليار جنيه يحتاجهم المشروع.

عدة أمور أخرى قد تعزز من موقف النقابات فى رفض مشروع القانون، من أبرزها ضعف ميزانية وزارة الصحة التى لم تتجاوز الــ58 مليار جنيه فى موازنة 2015\2016، خاصة أن 65% من الميزانية عبارة عن أجور وحوافز لمقدمى الخدمة الصحية بالوزارة، بجانب ضعف حجم استفادة كل مواطن من الخدمة و التى لا يتجاوز 700 جنيه سنويًا، وهو رقم لا يمكن أن يؤدى إلى توفير خدمة جيدة، مقارنة ببعض الدول الإفريقية فالجابون تصرف 450 دولارا على الفرد فى العام، وناميبيا، فيما يبلغ المتوسط العالمى 1000 دولار فى العام أى 8 آلاف جنيه فى العام الواحد، إلا أن الحكومة تدفع أقل من الثلث والمواطنون يتحملون الباقى من نفقتهم الخاصة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة