صدرت فى الآونة الأخيرة العديد من الكتب التى تحارب ما يسمى بـ«تنظيم الدولة الإسلامية» أو ما يعرف إعلاميا بـ«داعش»، من بينها كتاب جديد مميز ومختلف فى تناوله للأفعال الإجرامية والسلوكية التى ينتهجها هذا التنظيم الإرهابى، حمل عنوان «جديد الردود الشرعية على مخالفات تنظيم داعش وأمثاله للشريعة الإسلامية» للكاتب محمد محمود حبيب.
يتضمن هذا الكتاب البديع ردودًا شرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية على 40 مخالفة دينية يرتكبها أعضاء تنظيم داعش الإرهابى، أبرزها رفع الرايات السود، وتحريم الاشتغال ببعض الوظائف السيادية، والسعى لإنشاء الخلافة الإسلامية، وفرض الجزية، واستخدام الشعارات الدينية فى العمل السياسى، ورفض الحساب الفلكى، والتحريم المطلق لفن التمثيل والغناء والموسيقى.
وقال الكاتب محمد محمود حبيب، مؤلف الكتاب، والباحث الشرعى فى علوم السنة، فى تصريحات لـ«اليوم السابع»، إن الكتاب يلخص ما جاء فى (8) كتب قام بتأليفها خلال السنوات الماضية، وهى مصرحة من الأزهر الشريف، وهدفها التصدى للفكر الدينى المتشدد، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى أن الكتاب لن يباع ولكنه سيوزع بالمجان حتى يصل إلى أكبر شريحة ممكنة فى الوطن والعالم العربى.
وأوضح الكتاب أن داعش نبتة سيئة تناقض نفسها، حيث يتحدث هذا التنظيم الإرهابى عن خطورة الفرقة والاختلاف وهو أصله، كما أنه يتحدث عن ذم الحزبية وهو أهله، بجانب أنه يدعى رفض الظلم وهو يحمل رايته، ويدعو إلى تطبيق الشرعية، وفى نفس الوقت يفتح باب الاستبداد ويُقزم دور الأمة.
ومن هذا المنطلق يتناول الكتاب أفكار تنظيم داعش الشاذة والمنكرة ابتداء بجذورها العفنة ومرورا بفروعها الذابلة وانتهاء بقطوفها المسمومة، وذلك بأسلوب بسيط وموجز وسهل الفهم حتى تصل رسالته إلى كافة المراحل العمرية لاسيما الشباب.
ويرد مؤلف الكتاب على أشهر مخالفات تنظيم داعش وأصحاب الفكر المتشدد من القرآن والسنة، مستعينا بفتاوى وكتب وآراء مفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علّام، وبعض علماء الأزهر الشريف.
وبدأ حبيب كتابه بمخالفة رفع داعش الرايات السوداء بحجة وجود أحاديث تشيرا إلى ظهور هذه الرايات، قائلا: «هذه الأحاديث تعددت طرقها وألفاظها فى كتب الملاحم وأشراط الساعة، وقد فرح بها فرق وطوائف، فزادوا فيها وما زالوا.. ومن طالع تلك الأحاديث تذكّر قول الإمام أحمد:"ثلاثة كتب ليس لها أصول: " المغازى، والملاحم، والتفسير" وهو يعنى بذلك: كثرة الروايات المردودة فى هذه الأبواب الثلاثة، وقلة ما يصح فيها من الأحاديث، والچديد فى الرد على هذه المخالفة أنه لم يصح أى حديث عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ولا عن أحد من الصحابة فى هذا الشأن».
أما عن المخالفة الثانية، فهى تحريم الاشتغال ببعض الوظائف السيادية أو دخول الجيش فى الأنظمة التى لا تنتهج فكرهم، مشيرا إلى أن داعش تستند على حديث ضعيف يحذّر من القيام بالمهمات التى تعاون وتساعد الحاكم-الذى لا ينتهج فكرهم- على أداء مهمته وهو (ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن لهم عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا).
وفيما يتعلق بسعى داعش لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، أوضح الكتاب أن الداعشيين وأمثالهم يظنون أن دولتهم هى دولة الخلافة الراشدة المزعومة فى عقولهم، حيث يستند التنظيم الإرهابى إلى حديث مكذوب ومختلق فى مرحلة الخليفة عمر بن عبد العزيز وهو ما جاء عن النعمان بن بشير أنه قال: كنا قعودا فى المسچد، وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشنى فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حـــديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فچلس أبو ثعلبة، فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون مُلكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة". ثم سكت. قال حبيب ( أحد رواة الحديث ): فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير فى صحابته كتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إنى أرجو أن يكون أمير المؤمنين. يعنى عمر بن عبد العزيز ـ
وعن دعوات داعش بضرورة فرض الجزية، أكد حبيب أن الجزية ليست حكما دينيا، إنما تُعد نظاما سياسيا يجوز للحاكم عدم العمل به، مشيرا إلى أن الجزية عرفها الرومان وطبقوها قبل الإسلام، لذلك فهى ليست اختراعا إسلاميا، ووجدت فى زمن عيسى ابن مريم عليه السلام الذىكان يدفعها ويأمر بدفعها للإمبراطورية الرومانية التى لم تكن موحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة