اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعى سخطا وغضبا على نائب فى برلمان مصر ٢٠١٦ واشبعه روادها فى تعليقاتهم نقدا وتقريعا، تارة بالهزل و تارة بالجد، إثر مداخلة تليفونية له على برنامج "هنا العاصمة" مع الإعلامية لميس الحديدى، انتقد فيها نائبات البرلمان المحترمات بدعوى إنه كانت احداهن ترتدى جاكيت من "الجلد" والعياذ بالله !! و اخرى ترتدى الحذاء "البوت" ولا حول ولا قوة إلا بالله !! و ثالثة ترتدى استغفر الله "البنطال". !
و قد نسى "سيادته" انه وإن أمر بغض البصر فى الطريق العام وعن العوام من فوق سبع سماوات فهو من باب أولى مأمورٌ بالدين أيضا وبالعرف وبمكارم الأخلاق التى تعرف فى العصر بالبروتوكول والإيتيكيت بغض البصر عمن حصنتهم من نظراته ظروف الزمالة فى العمل العام، فكيف بعد كل هذه الموانع ممكن لأحد أن يتفحص جسد امرأة كى يتحقق مما ارتدت! و خصوصا إن كانت زميله له فاضلة .
وهؤلاء لا هن خرجن فى زيهن؛ كما بدا لنا جميعاً على شاشات التلفاز؛ عن المألوف أو عن الحشمة، و لا هو يحق له النظر إليهن، ولا هو يحق له توجيه النقد لهن لا سراً و لا علناً، ونحب أن نفيد سيادة النائب بأن الزى مسألة ثقافة، تختلف من بيئة لأخرى، فزى الحضر " سيادته" يختلف عن زى البادية و يختلف عن زى الريف وهو كذلك مسأله شخصية بحتة ولكلٍ حريته فى تخير ما يروق له وما يتذوقه وما يريحه نفساً مادام لا يخدش حياء الغير، فما لا يخرق عرفا أو تقليداً مجتمعياً كان فى حدود اللياقة .
والأغرب من ذلك تصريح سيادته أنه لفت نظر إحدى زميلاته الفضليات هؤلاء لذلك، وأخبرها أن زيها غير مناسب، ومن له سابق معرفة بقوانين المجتمعات الغربية يعلم أنه لا يجوز فى هذه المجتمعات ؛ التى طالما اتهمناها بالتسيب وعدم الالتزام ؛ لزملاء العمل أن يعلقوا على زى زميلاتهم لا بالسلب ولا بالإيجاب، فهذا يعرضهم للمساءلة القانونية بتهمة التحرش، ولا أعرف لماذا ؛ ونحن المفروض فينا اننا الاكثر تحفظاً و التزاماً و حرصاً على نسائنا وكرامتهن و سمعتهن ؛ نسمح بتوجيه مثل هذا الكلام فى حقهن و لا يخلو من ايماءات و تلميحات ومعانى غير مستساغة ونمر به مر الكرام ونجعله يمر دون أى مساءلة قانونية؟ وهل منا من لا يعتبر تعليق كهذا فى غير محله ؟ وتجاوزاً عن اختصاصات نواب البرلمان المنوط بهم أن يراقبوا الحكومة لا أن يراقبوا الزميلات وما ارتدين؟ إن هذا لا يليق فهناك قواعد للإيتيكيت وبروتوكول للتعامل الرسمى يتوافق والذوق وعلى ممثلى الشعب الإلمام بها جيدا ولا يصح تجاوزها، والتعليق على ملابس السيدات خرق لقواعد الذوق العام و لكل ما يليق من أعراف، بل فى رأيى تخطى كل هذا الى نوع جديد من الإرهاب المعنوى الموجه للمرأة بتهمة " تصنيفها الجنسى كأنثى " انتشر فى الآونة الأخيرة يحمل فى طياته اتهاما لها فى عفتها وحسن سلوكها كى يشعرها انها مراقبة والكل متربص بها وأن الكل عليها رقيب عتيد قيم وأنها بأنوثتها ؛ دون الرجال من زملائها ؛ حالة تستوجب الوصاية وهى فى حصارٍ مفروض عليها من مجتمع الذكور الذى تجرأت و اقتحمتهـ ولتظل أسيرة القيل والقال هكذا على ابسط الأمور و لا تفيق منها، هى أمة لسيدها الرجل ترضيه ولا يرضى حتى تعتزل عالمه ليرتع فيه سيدٌ دون منافس لم يسأله احدٌ ماذا لبس و ماذا خلع !!!
هى قضية مجتمع تجاوز حدوده مع المرأة وكى نضع النقاط فوق الحروف المرأة مخلوق حر مكلف كامل الأهلية له كافة حقوقه كإنسان وكافة حقوقه كمواطن، ولا يحق لاحد الانتقاص من قدرها ولا حقها ولا حريتها أو ان يتدخل فى شأنها أو فى قرارها أو يكيل لها الاتهامات المفتعلة من رأسه جزافاً، ولنؤكد ما قد يغفل عنه مجتمعنا " الحديث " إنها هى والرجل متساويان تماما أمام الدستور والقانون.
* أستاذ بطب قصر العينى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Eva francis
من تدخل فيما لا يعنيه