"النقاب" فى بحث مرصد الأزهر.. تغطية الوجه أدب إسلامى لا يفرض ولا يمنع على المرأة.. ويقع فى دائرة المباح.. ومن المسائل القابلة للاجتهاد.. وعلى المراة ألا تلزم غيرها به وكشف وجهها عند اقتضاء المصلحة

الأربعاء، 13 يناير 2016 11:23 ص
"النقاب" فى بحث مرصد الأزهر.. تغطية الوجه أدب إسلامى لا يفرض ولا يمنع على المرأة.. ويقع فى دائرة المباح.. ومن المسائل القابلة للاجتهاد.. وعلى المراة ألا تلزم غيرها به وكشف وجهها عند اقتضاء المصلحة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدرت اللجنة الشرعية التابعة لمرصد الأزهر الشريف، بحثا احتوى على تأصيل فقهى لمسألة النقاب انتهى فيه إلى أن تغطية الوجه أدب إسلامى لا يفرض على المرأة، ولا تمنع منه، بل تمدح لفعله، ويكون خيرًا إذا ترجحت الفتنة وتعين درء المفسدة، وهو الذى يترجح لدينا من خلال الأدلة ومناقشة أدلة أصحاب الرأى الأول.

وذكر التقرير أنه كثر الحديث فى الآونة الأخيرة حول قضية نقاب المرأة، واتسعت شقة الخلاف بين الفرقاء حولها، فذهبت طائفة إلى أقصى اليمين قائلةً بالوجوب، وذهبت الأخرى إلى أقصى اليسار قائلة بأنه بدعة وعادة جاهلية، بل جنحت إلى القول بأنه سبب تخلف المرأة المسلمة، فكان لزامًا على المجمع، باعتباره هيئةً من هيئات الأزهر، وهو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية والمنوط به ( بيان الرأى فيما يجد من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالشريعة والدين الحنيف)، وفقًا للمادة 115 من القانون 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر وهيئاته، وقيامًا بواجبه نحو الدين والوطن والأمة، وبيانًا للناس حول ما تقتضيه نصوص الموضوع مجتمعةً دون إفراط أو تفريط.

فإنه يضع قبل عرض الرأى الفقهى المبادئ الآتية:-

المبادئ:

رسالة الأزهر الشريف عالمية من ألف سنة ويزيد، وهى قائمة على نشر الإسلام محليًا وعالميًا بمنهج الوسطية والاعتدال؛ أخذًا من قوله تعالى "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" الجاثية 18، مما جعله ينال احترام العالم، وثقة المسلمين.
منهج الفتوى فى الأزهر الشريف من خلال مجمع البحوث الإسلامية، ولجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر الشريف، إنما تقوم على إعمال قاعدة تغير الفتوى بتغير الزمان، والمكان، والحال والأعراف، من خلال الاجتهاد الفقهى المتمثل فى تعدد الرؤى، وتباين الأفهام ؛ أخذةً فى الاعتبار مصالح الناس والمجتمع.
الأزهر الشريف فى موضوع النقاب لم يصدر عنه أمر به، أو نهى عنه، لأنه من المسائل القابلة للاجتهاد فى الأخذ به، أو عدمه، فمن رأت من النساء مصلحة دينيةً لها فيه، فهى وما أرادت بشرط ألا تلزم غيرها به، وأن تكشف الوجه عند اقتضاء المصلحة، وعندئذٍ من حقها ألا تُضطهد أو يُلمز بها بسببه.
الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله.
مصادر التشريع المتفق عليها – القرآن، والسنة، والاجماع.
لا ينكر المختلف فيه بين الفقهاء، وإنما ينكر المجمع عليه، والمقلد لا مذهب له.
الخروج من الخلاف مستحب ما لم يوقع فى خلاف آخر .


عرض الآراء الفقهية فى حكم النقاب



اختلف الفقهاء فى هذه المسألة على قولين:



القول الأول: يرى أصحابه أن الوجه والكفين ليسا من العورة وبالتالى لا يجب سترهما وهو مذهب الأئمة الأربعة.

دليلهم: استدلوا بالكتاب والسنة.

أولا: الكتاب قوله تعالى "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" النور 31 .

وجه الدلالة من الآية:

إن الوجه والكفين من الزينة المستثناة المباح إبداؤها بنص الآية الكريمة، يقول ابن عباس – رضى الله عنهما – فى تفسيره للزينة المستثناة فى الآية: "الكحل والخاتم"، ومن ضرورة إبداء الزينة إبداء موضعها فالكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف.


ثانيًا : السنة .


حديث ابن عباس – رضى الله عنهما – كما فى الصحيحين، يقول ابن عباس – رضى الله عنهما – كان الفضل رديف النبى – صلى الله عليه وسلم – فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبى – صلى الله عليه وسلم – يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر.


وجه الدلالة من الحديث :



فى الحديث دلالة واضحة على جواز كشف المرأة لوجهها ؛ لأنه لو كان من العورة ؛ لأمر النبى – صلى الله عليه وسلم – هذه المرأة بستره ؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فإن قيل : أن هذا كان فى الحج يجاب عنه : بأنه لو كان الوجه عورة لكان ستره فى الحج أولى لشدة الاختلاط والزحام فيه، ولأنه لا يُتعبّد إلى الله بكشف العورات.



القول الثانى:

يرى أصحابه أن الوجه والكفين من العورة ويجب ستره وهو رواية عند الحنابلة.

دليلهم: قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الترمذى "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان".

وجه الدلالة من الحديث: هذا الحديث لم يستثن من المرأة شيئًا؛ بل قال إنها عورة فيدخل فى نطاق العورة الوجه والكفان.


المناقشة :



نوقش هذا الدليل بعد التسليم بصحته أنه عام خصصته النصوص الأخرى التى فيها تقرير النبى – صلى الله عليه وسلم – لمن كشفت وجهها فضلًا عن أنه نص فى منع خروج المرأة لغير حاجة وليس خاصًا بالنقاب .

وهناك أدلة أخرى استند إليه هذا الرأى ضربنا عنها صفحًا لأنها لم تخل من المناقشة والرد، ولم تسلم لقائليها.

رأى اللجنة: بعد التحليل الفقهى والغوص فى الأدلة وتعدد الرؤى فى النقاب ترى لجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر الشريف: أن النقاب ليس عادة، وإنما هو يقع فى دائرة المباح، وقد يرقى إلى ما فوق ذلك لمن ترى من النساء فيه مصلحةً دينيةً لها ؛ كسد لذريعة، أو درء لفتنة.

أما القول: بأنه شريعة يهودية؛ فإنه قول مردود؛ لأن القرآن الكريم أخذ بشريعة التوراة فى قصاص النفس والأطراف "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أن النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " المائدة 45 .

والقول بأنه عادة جاهلية مردود ؛ لأنه ليس كل عرفٍ جاهلى مذموم ؛ بل أن الشريعة الإسلامية من مراعاتها لمصالح المجتمع، وتسامحها فى التشريع أقرت بعض الأعراف فى الجاهلية قبل الإسلام، وجعلتها تشريعًا يعمل به فى الإسلام كتقدير الديات فى القتل، وتعظيم الأشهر الحرم، وغير ذلك .

والله أعلم .

التوضيح :

أولاً:
جاء الإسلام بتشريع الخير العام والخاص فى كل ناحية، وفى كل مجال ومن ذلك : ما جاء بحفظ المرأة من التبذل، وحفظ المجتمع من التحلل , وحفظ الإنسانية من الهلاك والدمار .
كما جاء الإسلام والحجاب فى كل مكان من الدنيا، فتصرف معه كما تصرف فى غيره من التقاليد والعادات بما يلائم مصلحة الإنسان والمثل العليا ،فلم يجعله عنوانًا لاتهام المرأة أو عنوانًا لسيطرة الرجل، بل جعله أدبًا خلقيًّا واجب الاحترام والالتزام من الرجل والمرأة، وقد أشار القرآن إلى قضية الحجاب فى عدة مواضع منها :

قوله تعالى :} قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ أن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِى الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{[النور: 30-31].

وقوله تعالى : } يا أَيُّهَا النَّبِى قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً{[الأحزاب: 59]

فهاتان الآيتان متكاملتان حيث حددتا ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث يحجب جسدها كله، فلا ينكشف منه إلا ما قضت به حاجة التعامل – وهو الوجه والكفان – عملا بقوله تعالى فى سورة النور } إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{.
وحد الوجه : من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، وما بين شحمتى الأذنين بحيث لا يظهر شيء من الشعر ولا القرط – الحلق – ولا الأذن ولا شيء من العنق , ولا يكون الثوب مظهرًا لما تحته، ولا ضيقا وصافا يفصل أجزاء الجسد، ولا لافتًا للنظر بلون أو تفصيل يسترعى أنظار الآخرين، ويدخل فى حكم التبرج المنهى عنه فى القرآن الكريم } وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى{

فالمطلوب من المرأة المسلمة أن تستر رأسها ورقبتها وصدرها (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وأن يكون ثوبها ساترًا لجميع جسدها فلا يرى الغير منها إلا الوجه والكفين (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)

وقد اختلف الفقهاء حول معنى هذه الآية على قولين

الأول : وجوب تغطية الوجه لأن بدن المرأة عورة .

الثانى : أن تغطية الوجه أدب إسلامى لا يفرض على المرأة، ولا تمنع منه ؛ بل تمدح لفعله، ويكون خيرًا إذا ترجحت الفتنة وتعين درء المفسدة، وهو الذى يترجح لدينا من خلال الأدلة ومناقشة أدلة أصحاب الرأى الأول.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

Haitham

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

سيد احمد شريف

الله أكبر

هذا هو الكلام .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة