ماذا يجرى داخل شركة مصر للطيران؟.. هل الأزمة فى تأخير الإقلاع والأعطال وتدنى الخدمات واستقالة الطيارين ومظاهر الإهمال داخل المطار.. أم أزمة إدارة شاملة؟

الأحد، 06 سبتمبر 2015 10:17 ص
ماذا يجرى داخل شركة مصر للطيران؟.. هل الأزمة فى تأخير الإقلاع والأعطال وتدنى الخدمات واستقالة الطيارين ومظاهر الإهمال داخل المطار.. أم أزمة إدارة شاملة؟ الطيار حسام كمال وزير الطيران المدنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن اليومى...



مع كل أزمة للشركة الوطنية نستعيد السؤال ونطرحه من جديد لعل أن تكون هناك إجابة كافية.. والشهور والأيام الماضية تعددت الأزمات والمشاكل، من أزمة استقالة الطيارين، إلى كثرة الأعطال الفنية، إلى شكاوى من تدنى خدمات الضيافة، إلى تأخير مواعيد إقلاع الطائرات لساعات طويلة، إلى مظاهر الإهمال والفوضى داخل المطار، ثم قرارات بالتغيير والإقالة للطيار سامح الحفنى، رئيس الشركة القابضة، بقرار الطيار حسام كمال، وزير الطيران المدنى، بناء على تقرير من الرقابة الإدارية.

السؤال ليس جديدا.. وكان دائما يدور همسًا فى السنوات الماضية دون ضجيج، حرصًا على مصلحة الشركة الوطنية وعدم الإضرار بسمعتها، لكن لم يعد الأمر يحتمل وسط منافسة قوية وشرسة فى سوق الطيران فى المنطقة والعالم، وما طرأ على اقتصاديات صناعة الطيران، والدخول فى معركة التسهيلات والخدمات والأسعار، واستقطاب الكفاءات من الطيارين المصريين إلى شركات عربية وأجنبية منافسة، فى الوقت الذى لا نعرف أى خطط للإصلاح والتطوير فى الشركة الوطنية لمواجهة التحديات الضخمة فى سوق الطيران بالمنطقة على الأقل.

وما نعرفه أن هناك توصيات شركة «سيبر» الأمريكية التى تقاضت 40 مليون جنيه لإعادة هيكلة شركة مصر للطيران، وخفض الخسائر السنوية والعمل على دمج بعض الشركات، وهو ما أثار الجدل لرغبة «سيبر» فى إغلاق 8 خطوط، بينها خطوط سياسية وسياحية وأفريقية، وبيع طائرات الـ777 التى تحقق خسائر سنوية تصل إلى 800 مليون دولار سنويا، فضلا عن الخلاف على أسلوب إدارة الشركة، فهل تم تطبيق التوصيات أم تم إنفاق الأموال للشركة الأمريكية فقط دون اتخاذ خطوات عملية للتطوير والهيكلة؟
أزمة استقالة الطيارين فى مايو الماضى، كانت كفيلة- كما اعتقد الكثيرون- بوقفة جادة لبحث مشاكل الشركة ووضع جدول زمنى لوضع حلول جذرية لكل المشاكل، سواء على مستوى المطار والطائرات والشركات التابعة أو على مستوى الصيانة والخدمات والطيارين، أو بمواجهة «الفساد» الذى تحدث عنه حوالى 224 طيارا تقدموا باستقالتهم الجماعية التى عبرت عن اليأس فى الإصلاح، فقد ذكر عدد منهم أن هناك «أموال سايبة» يتقاضاها الكبار تلامس فى بعض الأحيان سقف المليون جنيه شهريا، فى الوقت الذى اعترض فيه الطيارون على تخفيض راتبهم بنسبة 30%، فى الوقت أيضا الذى تحقق فيه الشركة خسائر بالمليارات والأسباب التى أدت إلى تلك الخسائر، وما تردد عن صفقات تأجير طائرات 6 بوينج لمدة عشر سنوات، تدفع عنها الشركة 50 ألف دولار يوميًّا إيجارًا لكل طائرة أى 300 ألف دولار يوميًّا علاوة على 37 ألف دولار صيانة، والمصاريف الباهظة لكل طلعة.

الطيارون تراجعوا عن الاستقالة بعد التدخل الرئاسى ووعد حل مشاكلهم، التى يرى عدد منهم، أنها لم تكن مشاكل شخصية فقط وإنما مشاكل تتعلق بالإصلاح العام والقضاء على الفساد ووقف نزيف الخسائر، لكن يبدو أن الصرخة لم تصل إلى من يعنيه الأمر، فلم يعد أمام عدد ليس بالقليل من الطيارين سوى الحصول على إجازات أو التقدم بالاستقالة.

واحد من الطيارين المصريين التقيته أثناء زيارة أخيرة إلى دبى تقدم باستقالته بعد 25 عاما فى «مصر للطيران»، والتحق بشركة طيران الإمارات، حكى لى ما يحدث ولماذا يتقدم الطيارون المصريون باستقالتهم والخضوع للإغراءات من الشركات المنافسة.

الطيار- الذى رجونى عدم ذكر اسمه- ترحم على أيام المرحوم اللواء طيار محمد فهيم ريان، رئيس مجلس إدارة «مصر للطيران» فى الفترة من عام 81 حتى عام 2002، فالشركة- كما يقول- عاشت أيام عز وقوة واحترام لطياريها وتقديرهم على عكس ما حدث من بعده من عدم احترام للطيار.

ويتذكر واقعة استعانة الطيران القطرى به مع طاقم مصرى للطيران بأمير قطر السابق من الدوحة إلى الولايات المتحدة، وأثناء التوقف فى مطار القاهرة للتزود بالوقود، جاء أحد مساعدى الأمير إلى كابينة القيادة وألقى بمبلغ ضخم عليه وعلى مساعده، فرفض الطيار المصرى لأنه حصل على راتبه ومكافأته بعد تعيينه للطيران بالأمير، وحدثت أزمة إرجاع الأموال للشيخ حمد، واتخذ الطيار قرارا بالخروج من قمرة القيادة إلى داخل الطائرة وألقى بالأموال فى «حجر الأمير» الذى أغضبه التصرف، وأعلن طاقم الطائرة عدم الطيران إلا بعد مقابلة فهيم ريان الذى حيا الطيارين على موقفهم وتدخل لدى الأمير وأبلغه صحة موقف الطيارين.

المسألة فى «مصر للطيران» لم تكن فى المخصصات المالية فقط، لكن فى احترام الطيارين وتقدير ظروفهم الشخصية والتعامل معهم بشكل يليق بخبراتهم وكفاءتهم، والاستماع إلى اقتراحاتهم ومشاكلهم، وهذا لم يحدث على الإطلاق، على عكس ما يحدث فى الشركة الإماراتية تماما، علاوة على الرواتب الضخمة والحوافز، واهتمام القيادات الكبرى بشكاوى واقتراحات الطيارين والعمل سريعا على حلها أو دراستها.

الوعيد والتهديد كان هو الحل فى مواجهه الطيارين فى مصر للطيران، وتوجيه الاتهامات التقليدية لهم عند اعتراضهم على شىء.

هذا لا يعنى أن الطيارين بلا أخطاء- كما يضيف- وإنما قبل محاسبة الطيار هناك خطوات كثيرة قبلها فى الإدارة العامة وفى التشغيل وفى الصيانة وغيرها، والطيارون المصريون ليسوا «على رأسهم ريشة أو هم أفضل طيارين فى العالم»، إنما المسألة أن هناك شركات طيران تتوسع بشكل كبير جدا مثل الإماراتية والقطرية والاتحاد والتركية والإثيوبية فى حين «مصر للطيران» تتعثر، وبالتالى الطلب على الاستعانة بطيارين كبيرة ، ففى حين تخسر «مصر للطيران» نجد أن شركة الطيران الإثيوبية تحقق أرباحا صافية بحوالى 150 مليون دولار العام الماضى، وتعتبر أنجح شركة طيران فى أفريقيا.

ما يحدث داخل «مصر للطيران» لا يمكن السكوت عليه، فالشركة الوطنية الأقدم فى المنطقة وربما من بعض الشركات الأوروبية تعانى أزمات كثيرة وتحتاج إلى تطوير شامل للعودة إلى المنافسة فى كل شىء مع كيانات عملاقة لدول صغيرة تأسست شركاتها بعد مصر بسنوات طويلة، وعلى المسؤولين والقائمين على الشركة أن يحافظوا على هذا التاريخ.

فشركة مصر للطيران أنشئت فى يوم 7 مايو 1932 بعد صدور مرسوم ملكى بهذا الخصوص، وتم تأسيس البنية الأولية للشركة بالتعاون مع شركة «إير وورك» البريطانية تحت اسم مصر إيروورك (مصر إيرورك)، وكان طلعت حرب الاقتصادى المصرى وراء هذه التسمية.

فى البداية كان تشغيل الطائرات مقصوراً على الرحلات الخاصة والطائرات المؤجرة، وقد بدأت عملياتها بعد تاريخ الإنشاء بعام واحد وبالتحديد فى 30 يونيو 1933 عندما وصلت أول طائرتين جديدتين إلى مطار ألماظة من إنجلترا وكانتا نواة للخطوط المنتظمة، فى يوليو 1933 بدأ أول خط منتظم بين القاهرة والإسكندرية، وكان الركاب يتجمعون بمكتب مصر للسياحة أمام فندق شبرد بشارع إبراهيم باشا (الجمهورية حالياً) بمنطقة وسط القاهرة، حيث تقلهم السيارات بعد ذلك إلى مطار ألماظة.

فى 15 فبراير 1934 بدأت الشركة فى مد الشبكة الجوية إلى خارج الحدود، وكان أول خط بين القاهرة وفلسطين، بعد ثلاث سنوات من إنشاء الشركة تقرر تجديد الأسطول بشراء عدد 7 طائرات دفعة واحدة، وكانت عبارة عن خمس طائرات من طراز دى هافيلاند 89 المعروفة باسم «رابيد»، طائرتان من طراز دى هافيلاند 89 المعروفة باسم «إكسبريس».

وفى عام 1936 كانت الشركة هى أول شركة طيران فى العالم تهبط فى المدينة المنورة بالسعودية.

خلال الحرب العالمية الثانية تولت الحكومة المصرية إدارة الشركة، وفى عام 1948 كان لابد من توفير الخدمة للمسافرين، ومن هنا ظهرت المضيفات لأول مرة على طائرات مصر للطيران، فى عام 1949 تم تغيير اسم الشركة إلى «مصر للطيران»، وفى يناير سنة 1961 انضوت شركة مصر للطيران والسورية للطيران تحت لواء شركة جديدة هى الخطوط الجوية العربية، وكان ذلك نتيجة للوحدة السياسية التى قامت بين مصر وسوريا آنذاك، ظلت «مصر للطيران» تحمل اسم شركة الطيران العربية المتحدة حتى أكتوبر 1971 إلى أن تم تغيير اسمها إلى مصر للطيران (Egypt Air)، وفى العام 2002 تمت إعادة هيكلة الشركة وتحويلها من مؤسسة حكومية إلى شركة قابضة وتسة شركات تابعة لها، وذلك لتحسين الكفاءة الخدمية والربحية.


اليوم السابع -9 -2015






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة