كالعادة كلما رأت أمى أحمد ابن جارنا الأستاذ محمود، تنظر إلى نظرة مليئة بالحسرة وتقول: "نفسى تبقى زى أحمد كده.. شايف عنده أصحاب كتير إزاى وكلهم زيه ماشاء الله وبيروح النادى وبيلعب رياضة وكمان متفوق فى دراسته.. مش أنت منطوى على نفسك كده ومعندكش أصحاب خالص وعلى طول قاعد لوحدك فى أوضتك ومش بتخرج، وياريت فالح فى دراستك؛ ده أنت بتقرأ فى الكتب اللى بتجيبها أكتر من كتب المدرسة، ومفيش حاجة أبدا عاجباك وعايز تغير الكون، والأفكار اللى فى دماغك دى مخلياك بتطلع الأخير كل سنة. يا خسارة خلفتى وتربيتى " .
اعتدت أن استمع إلى أمى دون أن أقاطعها أو أتناقش معها نقاشاً لن يجدى ولن يغير من رأيها فىّ. ربما تكون محقة؛ فأنا لست بالولد المثالى الذى يحصل على درجات مرتفعة فى المدرسة و يأتى ترتيبه ضمن الأوائل أو حتى بعدهم بقليل، فأنا _كما تقول أمى_ يأتى ترتيبى دائماً فى الأواخر، أن لم أكن الأخير. كما أن ليس لدى أى صديق من بنى البشر؛ فأنا أعتبر الكتب التى أقضى معها معظم وقتى هى أصدقائى بالفعل.
أحمد حقاً ولد جيد ومتفوق، ويتمتع بالصفات التى تتمنى كل أم أن تكون موجودة فى ابنها، وعلى رأسهن أمى. ولكن أمى لا تفهم أنى مختلف عنه ولى شخصيتى وطبيعتى الخاصة بى والتى لا أستطيع أن أغيرها .
كم كنت أتمنى لو أن جارنا الأستاذ محمود ليس لديه أى أولاد، أو أنه ليس جارنا. كم أشعر بالغضب والغيرة عندما أحس بأننى لست هذا الابن الذى تسعد أمى بكونه ابنها، وأن أحمد هو ذلك الابن.
كم كنت أتمنى أن أحمد لم يكن موجوداً بالدنيا. ولكن ليست المشكلة فى أحمد فقط؛ فمن الممكن أن يوجد الكثير من أمثال أحمد هذا. كم أتمنى أن نعيش فى مكان منعزل، مكان ليس به أى جيران أو أبناء جيران، لقد أصبح هؤلاء الأبناء بمثابة الأعداء المغيرين الذين يحتلون قلب أمى ويأخذون مكانى به.
نعم.. لقد احتلوا مكانى فى قلبها.
إسراء عبد المنعم عبد الرحيم تكتب: عدوك ابن جارك
الأحد، 06 سبتمبر 2015 10:00 م
ورقة وقلم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة