
وعلى الرغم من تقارب المسافات بين تلك المحال، وترويج أصحابها للأقمشة والجلود والأخشاب وغيرها من المواد القابلة للاشتعال، إلا أن أكثر من 90 % منها لا يوجد بها طفاية للحريق ولا يقع بالقرب منها حنفية الحريق العادية التى يوفرها الحى بالتنسيق مع إدارة الحماية المدنية بوزارة الداخلية.
بوابة المتولى والغورية
وبعد خطوات من دخولك بوابة المتولى، وعلى مقربة من محلات بيع الشموع، تبدأ سلسلة محلات الأقمشة والأقطان والجلود، وعلى أبواب "حارة الروم" تبدأ مسيرتك فى "زنقة الستات" القاهرية وهى منطقة الغورية التى لا يخلو منها البشر للبيع والشراء حتى ساعات متأخرة من الليل وخاصة فى الصيف، وكل من هذه المحلات والورش يعمل بها ما لا يقل عن 4 أفراد، وكل هؤلاء لا يمكن أن ينجدهم سوى الله إذا أصاب الحريق أحد المحلات بالشارع.
تحدثنا إلى عدد من الباعة وأصحاب المحلات بالشارع ومنطقة الغورية، فيما يخص عوامل الأمان من الحرائق والماس الكهربائى، فيقول الحاج مصطفى أحد أقدم بائعى الملابس الحريمى والعباءات لـ"اليوم السابع": "أعمل فى هذا المحل منذ أن كنت صبياً مع والدى الذى توفاه الله منذ أكثر من 25 عاما، فأنا من أصحاب المحلات بالشارع، وعاصرت كافة الأزمات والحرائق، التى أصابت تلك المنطقة بداية من حريق سوق غزة وحتى حريق الورش بالفحامين".
ويُكمل الحاج مصطفى حديثه: "لا يملك أكثرنا هنا طفايات حريق على الرغم من كونها أحد أهم العناصر للموافقة على تجديد رخصة المحلات وفقاً لما حددته محافظة القاهرة والحى، وعلى الرغم من قلة الطفايات بمحلات المنطقة، إلا أننى وعددا قليلا من أصحاب المحلات انطلقنا وقت أن سمعنا عن وجود حريق بأحد الورش بالفحامين، حتى تمكنا من تقليل حدته حتى وصلت قوات المطافئ، فلتلك الطفايات أهمية كبيرة خاصة فى ذلك المكان الضيق الذى يزدحم بعشرات المحلات".

منطقة التربيعة مدخلها ضيق ولا يسع شخصين
وفى منطقة التربيعة لبيع الأقمشة، والتى تقع فى نهاية شارع الغورية، ومدخلها ضيق لا يسع شخصين للمرور بجوار بعضهما، فيقول عادل المحمدى، أحد أبناء الصعيد الذين قدموا للعمل بالمنطقة منذ سنوات وتمكن من شراء محل مساحته لا تتعدى المترين: "الأمر لا يحتاج إلى طفاية حريق، فنحن نترك الأمر على الله، هو من يحمينا، ثم أننى أعمل فى التربيعة منذ 15 عاما ولم أعاصر حتى الآن أى حرائق، وحتى لا قدر الله إن أصاب أحد المحلات حريق فنحن سنتعامل معه وما حدش بيموت ناقص عمر".

وأبدى إبراهيم الصمدى صاحب محل الخيوط المجاور لعادل المحمدى قلقه من ضيق المكان، الذى تنحصر فيه تجارتهم البسيطة التى يأتى لها الناس من مختلف محافظات مصر لجودتها، وعبر عن مدى قلقه قائلا: "مفيش حاجة هنا تحمينا من الحرائق، وإن حدث ذلك فى أى وقت سأجمع أغراضى وأهرب بها حتى ينتهى الحريق خوفاً على حياتى وحياة أبنائى وعلى أكل عيشى".
ويؤكد إبراهيم لـ"اليوم السابع": "من رابع المستحيلات أن تصل سيارة الإطفاء إلى نصف الشارع من الخارج فمنطقة الغورية ضيقة للغاية، فما بالك بمنطقة التربيعة التى لا تكفى شخص ممتلئ للمرور بداخلها؟، فحتى إن تمكنت خراطيم الإطفاء من أن تتمدد لتصل داخل التربيعة فذلك يحتاج إلى وقت طويل بعد أن تأكل النيران كافة معالم ذلك المكان الأثرى الذى نفتح بيوتنا منه وذلك ما حدث فى آخر حريق شهدته الغورية وبالتحديد فى الفحامين أنه اندلعت النار فى أحد الورش ثم أكلت الورش المجاورة لها على الرغم من اتساع المساحة بعض الشئ عن التربيعة".

درب السعادة معقل تجارة الأخشاب وتصنيعها
يختلف الأمر إلى حد ما بمنطقة درب سعادة، أحد أهم الأماكن بالقاهرة لبيع الأخشاب وصناعتها، وأكثر الأماكن تعرضاً للحريق، حيث تضم معظم المحلات والورش هناك إن لم تكن كلها طفايات حريق تفادياً لوقوع أى حرائق، ويقول الحاج سيد الحلوانى وأقدم أصحاب الورش ومخازن الأخشاب بمنطقة درب سعادة ويبلغ من العمر 83 عاماً: "بدأت عملى هنا فى درب سعادة منذ 55 عاما، فقد قضيت أكثر من أغلب عمرى هنا، لم أتذكر أن هناك حرائق اندلعت بالمنطقة حتى وإن حدث فكل ورشة بها طفايات حريق استعدادا لذلك".
ويضيف عم سيد: "شددت على جميع العاملين داخل مخازنى وورشى على منع التدخين نهائياً داخلها أو فى المساحة القريبة منها من الخارج، والجميع هنا يتفهم مدى خطورة اشعال سجائر هنا فكل شىء هنا قابل للاشتعال بسرعة، وسار الجميع على نفس الدرب"، وكان عم سيد مؤمناً بشدة أن الله سيحميه ومن معه من السوء دون إبداء أسباب واضحة فقال: "احنا في رعاية الله.. وبنخليها دايماً عليه مش على عبده".

رئيس غرفة العمليات المركزية بمحافظة القاهرة
ومن جانبه أكد الدكتور مجدى شريف، رئيس غرفة العمليات المركزية بمحافظة القاهرة، أنه لم يتلق أى بلاغ عن حريق بمنطقى الغورية أو المناطق القريبة منها فى محيط شارع المعز لدين الله الفاطمى ومناطق الورش وتكدس المحلات منذ أن تم تعيينه رئيساً لغرفة العمليات بالمحافظة منذ عامين تقريباً، مشيراً إلى انه تلق بلاغاً واحداً فقط عن حريق بحمام الثلاثاء، وتم السيطرة عليه بشكل سريع بعد أن استجابت قوات الحماية المدنية.

وأضاف رئيس غرفة العمليات المركزية بمحافظة القاهرة فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الدكتور جلال مصطفى السعيد محافظ القاهرة أوصى بشن حملات تفتيشية للتأكد من وجود عناصر الأمن والسلامة بالمحلات والمتمثلة فى تواجد طفاية حريق بكل محل، واعتبارها شرطاً أساسياً للحصول على ترخيص للمحل، مؤكداً على أن قوات الحماية المدنية الآن أصبحت تتعامل مع الحرائق فى تلك الأماكن بشكل سريع من خلال توفير وصلات للدخول الى الأماكن الضيقة بسرعة.

