كمال زاخر يقرع أجراس الكنيسة بكتابه "قراءة فى واقعنا الكنسى".. ويروى تاريخ الصراع بين البابا شنودة والأنبا غريغوريوس حول ملف التعليم بالكاتدرائية.. وينصح الكنيسة بإعادة دور العلمانيين داخل مدارسها

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015 03:07 ص
كمال زاخر يقرع أجراس الكنيسة بكتابه "قراءة فى واقعنا الكنسى".. ويروى تاريخ الصراع بين البابا شنودة والأنبا غريغوريوس حول ملف التعليم بالكاتدرائية.. وينصح الكنيسة بإعادة دور العلمانيين داخل مدارسها المفكر القبطى كمال زاخر
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرع المفكر القبطى كمال زاخر، بكتابه "قراءة فى واقعنا الكنسى" أجراس الكنيسة لا ليؤذن للصلاة فيها إنما ليشرح ويحلل ما أصاب تلك المؤسسة من جمود كغيرها من المؤسسات الدينية المصرية، التى لا تسعى إلى تطوير نفسها.

زاخر إذ يؤسس فرضياته على التاريخ ويربط بين الكنيسة المصرية وغيرها من الكنائس التى قررت أن تطور نفسها ذاتيًا، يحمل البابا شنودة الثالث فى الوقت نفسه، الكثير من الخطايا التى رأى إنها حدثت فى عهده.

الكتاب الذى يقع فى 228 صفحة من القطع المتوسط، والصادر مؤخرًا بالقاهرة، ينقسم إلى ثلاثة فصول "التعليم" والرهبنة، والإدارة، ويتعرض فى الفصل الأول للصراع الذى دار بين الأنبا شنودة (البابا شنودة فيما بعد) حين كان أسقفًا للتعليم، وبين الأنبا غريغوريوس الذى جاء أسقفًا للبحث العلمى واقتسم معه مهمته فى الإشراف على الكليات الإكليريكية والتعليم الكنسى.

يشير زاخر إلى أن سطور كتابه تحمل تساؤلات يحاول أن يضعها أمام قادة الرأى بالكنيسة ويسألهم عنها إجابة لكى ترأب الصدع الذى شهدته الكنيسة ويتنامى بامتداد نصف قرن، وكاد أن يطال القواعد والقضايا الإيمانية الأساسية، فيسأل هل نملك إمكانية إعادة طرح ودراسة وحسم قضية تأليه الإنسان ولاهوت الأسرار، والسلطان الروحى، والافخارستيا، ومفاعيل النعمة والعلاقة بين الثالوث، والعلاقة بين الاكليروس والعلمانيين، وجدلية الرهبنة والخدمة، وتنقية التراث الحياتى والطقسى من اختراقات مفاهيم الطهارة بحسب الناموس، وغيرها من القضايا التى فجرتها المواجهات مع ثلاثة أقطاب كنسية الأنبا الأنبا غريغوريوس والأب متى المسكين، والدكتور جورج حبيب بباوى.

يؤكد زاخر، أن البابا تواضروس الثانى، يسعى إلى وصل ما انقطع من إصلاح فى الكنيسة، فيشرع فى معالجة منظومة الكليات الاكليريكية بهدوء وإصرار، ويدعم الكلية الإكليريكية بالقاهرة بكوادر جامعية من الجامعات المصرية، ومن الدارسين الذين حصلوا على درجات علمية فى علوم الكنيسة المختلفة من جامعات اليونان،كبادرة توفر للإكليريكية اعترافًا رسميًا من المجلس الأعلى للجامعات، وتوفير البعثات الجامعية لخريجيها، على أن يخضع الاكليريكيات لمظلة مجلس أعلى للتعليم الكنسى، ليوحد المناهج ويدعم الارتفاع بمستوى الأداء ومن ثم الخريجين.

تحت عنوان "الرهبنة كلمة السر" يدخل زاخر تاريخ الرهبنة التى كانت حركة مصرية فى الأساس انطلقت من جبال مصر إلى العالم كله، ويلفت إلى أن الرهبنة شهدت تحولًا جذريًا فى منتصف القرن العشرين، بعدما قصدها خريجى الجامعات كمتى المسكين وانطونيوس السريانى الذى صار البابا شنودة فيما بعد، ولكنه فى الوقت نفسه يعتبر أن قصر قبول الجامعيين فى الأديرة خللًا بالرهبنة يؤدى إلى اختفاء شيوخ البرية، كما إنه يؤسس إلى الطبقية فى هذه المنظومة، مشيرًا إلى أن دير وادى الريان يقبل كل من يقصده دون اشتراط مستو تعليم معين، وانقسم الدير إلى تجمعات طبقية كانت وراء المصادمات التى تحولت إلى بلاغات ومحاضر شرطة.

يعتبر "زاخر" فى كتابه، أن اختلالات العلاقة بين الاكليروس (الآباء الكهنة والرهبان) والعلمانيين هو الذى تسبب فى كل ما جرى، فيشير إلى اختفاء أراخنة الكنيسة كحبيب باشا جرجس الذى أسهم فى تأسيس الكلية الإكليريكية والنهوض بها، حيث شهدت منظومة الأكليروس تقلص لدور راعى الكنيسة المحلى، لحساب الأسقف العام، الذى توسعت الكنيسة فى مد غطائه للإشراف على نطاقات جغرافية متقاربة داخل إيبراشية البابا البطريرك، ويستبعد العلمانيون من مجالس الكنيسة ليحل محلهم شباب مدارس الأحد، وبين هذا وذاك تعانى الكنيسة من متاعب تعوق رسالتها، وينعكس هذا كله على منظومة الإدارة الكنسية بجملتها، والتى تحتاج إلى إعادة هيكلة على أسس علمية وإدارية وخبرات لا تتوفر للإكليروس.

استعان المفكر القبطى فى كتابه بخبرة المجمع الفاتيكانى الثانى، حين امتلك شجاعة المواجهة والتصحيح وتصدى لثلاثية الإلحاد والوجودية والشيوعية، التى وجدت لها مكانًا عند الشباب فى الحرب العالمية الثانية، وتفجرت فى نهاية الخمسينات، حيث كانت المواجهة عبر رؤية واقعية تقر بوجود أزمة مصيرية تهدد الكنيسة فانطلق الفاتيكان فى التفاعل مع أجيال من الشباب الواعد، وأعلن رسالته بلغة معاصرة، وأعلن البابا يوحنا بولس الثالث والعشرين، لعقد مؤتمر دولى يبحث فى واقع كنيسته ومستقبلها، مؤكدًا أن الكنيسة تستخدم حاليًا منهج العصور الوسطى فى إدارة شئونها رغم إنها تدخل التكنولوجيا إليها، ولكنها كمن يرقع ثوب ممزق.

يشدد زاخر، على مغزى كتابه فى الفصل الأخير، وهو محاولة التقريب بين العلمانيين والكنيسة، فيشرح بلغة مبسطة وسهلة كافة المصطلحات الكنسية التى لا يعرفها سوى الإكليروس أنفسهم، ليفتح بوابة التعليم الذى رآه حلًا للخروج من أزمات الكنيسة المعاصرة.

فى هذا الكتاب، تتعرف على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وخباياها ربما للمرة الأولى، وتدرك أن "زاخر" لم يعمد إلى الاستسهال فى تقديم آراء سطحية لا تليق بكنيسة كبيرة، إنما بحث فى التاريخ وربط بينه وبين الواقع ووصل إلى نتائج واقترح حلولًا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة