وأشارت صحيفة ييلاندز بوستن فى مقال نشرته عام 2005 إلى أن كورت فيسترجارد البالغ 80 عامًا يقيم تحت حماية الشرطة بعد ما تعرض لهجوم فى منزله من قبل رجل يحمل سكينًا وكاد أن يقتله.
الرسام الدنماركى يعرب عن غصبه وليس أسفه
وفى اتصال هاتفى مع وكالة "فرانس برس" قال رسام الكاريكاتير: "شعورى العميق لطالما كان الغضب، وما زال، وأن عندما نتعرض للتهديد أعتقد أن الغضب رد فعل جيد، لأنه بمثابة هجوم مضاد معنوى".
كما صرح الرسام الملحد الذى شب فى عائلة مسيحية محافظة موضحًا وجهة نظره فى رسمته وردود الفعل الشديدة التى سببتها "ليست لدى مشكلة مع المسلمين بمجملهم، وسأكافح دومًا من أجل حق الناس فى ممارسة ديانتهم ومعتقداتهم، هذه مسألة خاصة".
وأكد أنه يعتبر رسوماته ليس تهجمًا على الإسلام بل انتقاد لـ"الإرهابيين" الذين يستغلون الدين.
وعادت رسوم ييلاندز بوستن إلى الذاكرة الجماعية بعد الهجوم الذى جرى فى باريس شهر يناير من العام الجارى بهيئة تحرير صحيفة تشارلى إيبدو التى أعادت نشرها.
ويشار إلى أن فى شهر فبراير الماضى قُتل مخرج سينمائي دنماركى من أصل فلسطينى على هامش ندوة حول حرية التعبير فى كوبنهاجن، شارك فيها السفير الفرنسى والفنان السويدى لارس فيلكس الذى رسم النبى فى 2007 على صورة كلب.
فيسترجارد: رسوم الكاريكاتور هى التى ولدت هذه المواجهة أو الصدام
وقالت الوكالة الفرنسية إن الرسام الملحد قال متذكرًا "على مر السنوات رسمت الكثير من الأعمال التى تنتقد الطبقة السياسية، بالتالى كان هذا عملاً روتينيًا، ولم يكن أكثر من يوم كغيره فى العمل".
وأثارت حوالى 12 رسمة، بعد أشهر من نشرها، تظاهرات عنيفة فى عدد من الدول المسلمة، وكانت الرسوم ترمى إلى المشاركة فى جدال حول الرقابة الذاتية وحرية التعبير، بعد أن عجز ناشر عن العثور على رسام لكتاب حول النبى محمد خشية ردود الفعل على ما تحرمه المرجعيات الإسلامية أى "تصوير النبى والصحابة".
بعد عقد على تلك الأحداث اعتبر الرسام أن التبعات كانت محتمة، وقال: "رسوم الكاريكاتور هى التى ولدت هذه المواجهة أو الصدام، و كان يمكن أن يكون المحفز للاحتقان عملاً آخر، مثل كتاب أو أى شىء".
تراجع نشر الرسوم يثبت تقدم الخوف على حرية التعبير
جدير بالذكر أن فيسترجارد تقاعد فى عن العمل فى عام 2010 على أمل تراجع التهديدات الإرهابية ضد هيئة تحرير الصحيفة التى يعمل بها، وعلق رئيس التحرير يورن ميكلسن على ردود أفعال الرسومات، "الحقيقة، سيكون أمرًا عديم المسئولية بالنسبة إلينا اليوم أن ننشر رسومًا للنبى، قديمة كانت أم جديدة".
ومن وجهة نظر فيسترجارد أن هذه التداعيات والتراجعات عن نشر الرسوم يثبت تقدم الخوف على حرية التعبير. وقال: "أعتقد أن الدنماركيين اليوم خائفون جدًا من الإرهاب، ومن تلك الهجمات المفاجئة، ومن الصعب جدًا الاعتراف بالخوف".
كما أدان بشكل خاص رفض رؤساء نقابة مديرى المؤسسات المدرسية اطلاع التلاميذ على الرسوم، وأوضح أنهم قالوا إنه ينبغى اليوم إبداء المزيد من التسامح والحرص على عدم إهانة مواطنينا المسلمين، لكن الواقع هو أن هذا ما يعنيه الخوف، وهذا أمر مؤسف جدًا"، وتابع "بالطبع أتفهم خوف الناس، أنا أيضًا خائف، لكننى غاضب أكثر ما أنا خائف".
ومع وشوك مرور عشر سنوات على انطلاق شهرته العالمية، اعرب أنه "لا يسعه الانتظار" ليرى كيف ستتذكر وسائل الإعلام الدنماركية الحدث، لكنه لا يتوقع نشر رسوم جديدة، معتبرًا أن الأمر خطير جدًا، وأكد أن الجهل لن ينتصر، وقال "لا يمكن ردع أو منع الصحفيين والمثقفين والمبدعين من ممارسة حريتهم فى التعبير".