تصريحات أردوغان، سبقتها دعوات أخرى مماثلة، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إشراك الأسد فى الحوار الخاص بحل الأزمة السورية، ووزير الخاجية الأمريكى جون كيرى الذى أكد أن توقيت رحيل الأسد يجب أن يتم تحديده من خلال المفاوضات.
الموقف ذاته اتبعه وزير الخارجية البريطانى فيليب هاموند، الخميس، قبيل اجتماع مع نظرائه الفرنسى والألمانى ومفوضة السياسة الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيرينى، قائلا: إن بلاده مستعدة بوجود الأسد خلال هذه المرحلة، لكن عليه الرحيل فى النهاية.
دى ميستورا صاحب الطرح الأولى
التصريحات تؤكد أن الدول الغربية بدأت تغير موقفها من النظام السورى، لكن هذا التغير ليس وليد اللحظة، فبالعودة إلى الموقف الأممى منذ فبراير الماضى نجد أن الطرح كان موجودا منذ أشهر، وتحديدا فى 14 فبراير الماضى، فاجأ ستيفان دو ميستورا، المبعوث الأممى الخاص لسوريا، الجميع بتصريحاته، مؤكدا أن الرئيس السورى بشار الأسد جزء حاسم من الحل لإنهاء الحرب فى بلاده ودحر العنف.
تصريحات دو ميستورا، التى جاءت فى أعقاب لقائه بالرئيس الأسد فى دمشق، أثارت غضب المعارضة السورية، التى أكدت بدورها أن الأسد جزء من المشكلة وليس الحل.
وأوضحت المتحدثة باسم المبعوث الأممى وقتها، أن الرئيس السورى يمثل المؤسسات السورية التى يجب الحفاظ عليها، وإن كان قد أكد على أن "بيان جينيف"، الذى يدعو لتشكيل حكومة انتقالية للبلاد، لا يزال النقطة المرجعية للتوصل إلى حل سياسى طويل الأجل للأزمة.
خلاف بين كيرى والبيت الأبيض حول الفكرة
وبعد مرور شهر على تصريحات المبعوث الأممى دون مزيد من ردود الفعل، كانت المفاجأة الأكبر بتصريحات وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، منتصف مارس، قائلا: إن على الولايات المتحدة أن تتفاوض مع الرئيس الأسد لإنهاء الحرب فى سوريا.
وهى التصريحات التى سرعان ما تبرأت منها الإدارة الأمريكية وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، وقتها، إنه حدث "لبس" بشأن التصريحات التى أدلى بها كيرى فى إطار مقابلة تليفزيونية، مؤكدة عدم تغير موقف واشنطن الرافض لعقد محادثات مع الأسد.
وأوضحت أن الولايات المتحدة تهدف دائما إلى أن يكون هناك ممثلون من كلا الجانبين، الحكومة والمعارضة، فى التحول السياسى.
وما بين تصريحات كيرى ونفى الإدارة الأمريكية، وتسارع الدول الأوروبية الكبرى على رفض مشاركة الأسد فى أى حوار، طيلة الأشهر الماضية، بقيت الفكرة مطروحة من أكثر من جهة.
ومع تغير الموقف الغربى هذا الأسبوع، فيبدو أن كانت هناك قناعة بأنه هذا الحل أكثر واقعية من السياسة الخارجية لإدارة أوباما التى أثبتت عدم كفاءة واضحة، خاصة وأن ألمانيا، الدولة الأكثر تأثيرا فى سياسات الاتحاد الأوروبى، قد أقرت أيضا باحتمال ضرورة إجراء محادثات مع الرئيس الأسد لإيجاد مخرج للأزمة التى وشك الدخول فى عامها الخامس.
وقال وزير الخارجية الألمانى فرانك شتاينماير، فى مقابلة مع صحيفة زود دويتشه تسايتونج، فى مارس الماضى، إن السبيل لإنهاء العنف فى سوريا لم يتحقق إلا من خلال المفاوضات على حل سياسى، حتى وإن تطلب ذلك التفاوض مع حكومة الأسد".
كما أيد جهود "دو ميستورا" الذى يواصل المفاوضات المباشرة مع الرئيس الأسد وما يعرف بجماعات المعارضة السورية، أو تحديدا "تحالف المعارضة"، فى المنفى، والذى يفتقر لوجود قوى على الأرض فى سوريا أو للسيطرة على الفصائل المسلحة فى البلاد.
الأمم المتحدة بين موسكو وواشنطن
وفيما يبدو وزير الخارجية الأمريكى متبنيا فكرة أممية، بالأساس، يبقى السؤال بشأن جهود الأمم المتحدة، التى لطالما اتهمها الكثيرون بأنها اخفقت فى منع حروب ومآسى، ربما كان أبرزها جرائم الحرب التى ارتكبت فى رواندا، فضلا عن أطراف الصراع الدولى الكبرى التى كثيرا ما يشكل صراع النفوذ بينهم سببا كافيا لإحباط دور المنظمة الأممية، فغالبا ما يجد الأمين العام للأمم المتحدة نفسه محاصرا بين محاولة إرضاء واشنطن وتجنب إغضاب موسكو.
ويتجلى الصراع بين موسكو وواشنطن فى سوريا بقوة، ففيما سعت الولايات المتحدة بكل جهودها للإطاحة بالرئيس الأسد من السلطة وأمدت المعارضة بالمال والسلاح، وفرتا روسيا والصين الغطاء السياسى للنظام واستخدمتا حق الفيتو مرارا لمنع إصدار قرارات إدانة وحظر طيران جوى.
بوتين يحقق فوزا كبيرا على أوباما
وقد احتلت سوريا نصيب الأسد فى دعوات الإدانة الاممية والتنديد بالعنف، طيلة السنوات الأربع الماضية، كما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الرئيس بشار الأسد إلى التنحى، وأدانت مفوضية حقوق الإنسان العليا الأممية استخدام العنف والقوة المفرطة ضد المعارضة.
وظلت روسيا صامدة مؤكدة تمسكها بحليفها الرئيسى فى الشرق الأوسط، وسط دائرة كبيرة من النفوذ الأمريكى تشمل إسرائيل ودول الخليج، فضلا عن التواجد الأمريكى فى العراق، وربما مثلت الأزمة السورية نقاط نجاح لموسكو على واشنطن، بدأت بتخلى الأخيرة عن فكرة شن ضربة عسكرية جوية على قوات الجيش السورى النظامى مقابل التخلص من ترسانة الأسلحة الكيميائية التابعة للأسد، ذلك فى أعقاب اتفاق مع روسيا.
وتبنى الدول الغربية لفكرة التفاوض مع الأسد، بل احتمال أن يبقى لفترة جزءا من حكومة انتقالية ربما يشير إلى ترجيح كفة النفوذ الروسى داخل المنطقة والأمم المتحدة معا، فضلا عن إدخالها قوات عسكرية وأسلحة ثقيلة إلى سوريا، هذا الشهر، لكن يبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين استطاع أيضا استقطاب أردوغان لجبهته، رغم أنه أحد أشرس المناوئين للأسد.
موضوعات متعلقة..
مستشارة الرئيس بشار الأسد: تفاهم بين موسكو وواشنطن لحل النزاع فى سوريا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة