أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم عبد المجيد

العيد والمستشفيات

الجمعة، 25 سبتمبر 2015 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعرف ما يعانيه الأطباء الشباب بالذات من معاملة غير كريمة تتمثل فى الأجور والبدلات التافهة، وما عليهم رغم ذلك من ضغوط تجعلهم لا يستطيعون استخدام الوسائل الشرعية للحصول على مستحقاتهم مثل الاضراب أو الاعتصام، فما بالك بالتظاهر، فالتهمة المنتظرة لهم هى قتل المرضى. ورغم ذلك الذى أعرفه ونعرفه جميعا سأتحدث عن موضوع يخص المستشفيات والأطباء وأرجو ألا يلومنى أحد.

زمان فى الخمسينيات والستينيات كانت إجازة الأعياد كالآتى. العيد الصغير إجازته يوم الوقفة وأول يوم من العيد. العيد الكبير إجازته الوقفة وأول وثانى يوم. كانت هذه الإجازة فى الحكومة والقطاع الخاص العام فيما بعد. لا أعرف متى صارت الإجازات تشمل كل أيام العيد. ليس العيدين فقط لكن هناك أعيادا أخرى يتصادف أن تتجاور - قبطية وإسلامية - لتصبح الإجازة أحيانا عشرة أيام. لقد مررت بتجربة بائسة عام 1999 حين كانت زوجتى الأولى، رحمها الله، تعانى من السرطان وفشل علاجها لأنه تم اكتشافه متأخرا جدا بعد أن تشعب فى المخ واستفحل. وقبل العيد الصغير كان على أن أعيدها إلى معهد السرطان لدخولها فى غيبوبة وقيل لى لن تجد أحدا يهتم بها. اليوم العيد والجميع فى إجازة. مضت خمسة عشر عاما وفى كل إجازة عيد أفكر كم مريضا لن يجد أحدا فى استقباله. طبعا الأطباء الكبار لديهم منتجعاتهم يقضون فيها أيام العيد والأطباء الشباب لديهم أهلهم وأصحابهم. وهكذا تكاد المستشفيات تخلو إلا من طبيب عام لا يتسع وقته ولا صدره لما يرد إليه من حالات حرجة. ليل الأحد الماضى تعرضت لآلام مفاجئة مبرحة فى البروستاتا. عادى. العمر والسن. كانت المشكلة هى كيف انتهى من الفحص قبل يوم الأربعاء. لم أكن قادرا على الحركة فلقد صاحبها إمساك فظيع ونوبة برد لا تنتهى.

أحضر لى أبنائى الطبيب إلى البيت فجر الاثنين. قلت له ما أريده هو أن أتحرك غدا لعمل الإشاعات. أستطيع بالتليفون مع بعض أصدقائى الأطباء أن أصل إلى حل مؤقت حتى ينتهى العيد. واستطعت بأدوية كتبها لى أن أتحرك يوم الثلاثاء. أجريت الأشعة المطلوبة لكن يوم الأربعاء لم أجد بالمستشفى الخاص الذى منه الطبيب مفتوحة وهو فى إجازة واتصلت بأكثر من مستشفى ولا تليفون يجيب وإذا كان هناك رد فبالاعتذار عن عدم وجود المتخصصين الآن. ووجدت أن الرعاية الوحيدة هى أن أظل فى البيت أنظر إلى الأشعة المختلفة وأقرأها على من أعرف من أطباء، وأقرأ تحاليل البول ويصفون لى دواء مؤقتا حتى ينتهى العيد وأجد مستشفى إذا لم تتحسن حالتى.

عدت أتذكر مسألة العيد، وأتذكر معه يوم كانت الإجازة يوم الوقفة ويوم واحد للعيد الصغير والوقفة ويومين للعيد الكبير. والآن من جعل الإجازة كل أيام العيد، وفى نفس الوقت أقارن بين الطبيب زمان والطبيب الآن. زمان كان أكثر راحة، والآن شباب الأطباء يعانون من المذلة والفقر، وكبار الأطباء لهم منتجعاتهم وأسفارهم، وبين الاثنين المرضى يطلبون من الله أن يطيل فى عمرهم حتى يمر العيد. بل حتى تمر الأعياد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة