مخاطبات "سرية" بين جهات أمنية ووزارة المالية تكشف أسباب سرقة "سك العملة".. قصور إجراءات الأمن ونظام الكهرباء وتعطل شبكة كاميرات المراقبة وراء حادث السرقة.. والمصلحة تتجاهل اتخاذ إجراءات حمائية

الخميس، 24 سبتمبر 2015 04:26 م
مخاطبات "سرية" بين جهات أمنية ووزارة المالية تكشف أسباب سرقة "سك العملة"..  قصور إجراءات الأمن ونظام الكهرباء وتعطل شبكة كاميرات المراقبة وراء حادث السرقة.. والمصلحة تتجاهل اتخاذ إجراءات حمائية هانى قدرى دميان وزير المالية
كتبت منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فجرت جهة أمنية مفاجأة من العيار الثقيل تفتح النار على مواطن الإهمال بمصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية، والتى تعرضت لسرقة كمية من الذهب الخام قبل أيام، حيث حصل "اليوم السابع" على عدد من المخاطبات "السرية جدا" موجهة من جهتين أمنيتين إلى وزارة المالية تكشف قصور النظام الأمنى بـ"سك العملة"، كان السبب فى سرقتها بسهولة أثارت دهشة جموع المواطنين.

وكان آخر خطاب تلقته مصلحة سك العملة بتاريخ 13 سبتمبر الماضى، أى بعد حادث السرقة بيومين، يؤكد تلقى المصلحة لخطابات سابقة من الجهة الأمنية يرجع تاريخها لعام 2014، وتقارير فنية تؤكد قصور نظام الكهرباء وتعطل شبكة كاميرات المراقبة، ونظام إطفاء الحريق، دون أن تتخذ المصلحة إجراءات جادة فى علاج القصور الأمنى لديها.

لجنة من الحماية المدنية لمعاينة مصلحة سك العملة


وتعود القصة إلى ما يقرب من عامين، حيث تم تشكيل لجنة متخصصة من الإدارة العامة للحماية المدنية بوزارة الداخلية لمعاينة شبكة إطفاء الحريق بمصلحة سك العملة بناء على طلب من المصلحة.

وفى شهر نوفمبر 2013 تشكلت لجنة أمنية من قطاع إطفاء غرب القاهرة مكونة من العميد عصام فهمى رئيس قسم الإطفاء بقطاع غرب القاهرة، والعقيد خالد اللبان رئيس منطقة إطفاء الدمرداش، والمقدم خالد المنسى رئيس منطقة إطفاء الدراسة، والرائد شريف الهوارى الضابط بقطاع إطفاء الغرب، وبصحبة المهندس محمد سند المختص بأعمال الحماية المدنية بالموقع لعمل المعاينة اللازمة للموقع وتجربة شبكة إطفاء الحريق.

وخلص تقرير اللجنة الصادر بتاريخ 9 نوفمبر 2013، على أنه بالتجربة ثبت أن شبكة إطفاء الحريق "لا تعمل" و"لا يوجد بها مياه لقطع المياه عنها لسبب غير معلوم" – على حد تعبير التقرير.

وأضاف التقرير: "تبين اتصال مدادات شبكة الإطفاء بخزان مياه أرضى سعة 500 متر مكعب مخصص للإطفاء فقط وتلاحظ وجود ترشيح مياه بأرضيته من الخارج وببعض المواسير، وعليه يجب إجراء عمليات العزل لعدم حدوث رشح".

توصيات بصيانة شبكة إطفاء مصلحة سك العملة


وأكد التقرير ضرورة تنسيق مصلحة سك العملة مع الشركة المنفذة لشبكة الإطفاء لعمل اللازم نحو صيانة وضغط وتشغيل شبكة الإطفاء وعمل صيانة لطلمبات الحريق بالموقع، حيث أفادت اللجنة المرافقة من المصلحة أنه تم البدء فى تركيب الشبكة عام 2007.

وكشف التقرير عن الكارثة وهى عدم وجود مياه لإطفاء الحريق حال وقوعه، قائلا: "على الشركة المنفذة صيانة حنفيات الحريق وإجراء التجارب اللازمة لها والتأكد من صلاحيتها وكفاءتها، حيث قامت اللجنة الأمنية بالتجربة بأكثر من موضع وتبين عدم وجود مياه للإطفاء بشبكة الإطفاء".

وحتى فى حالات استخدام سيارات الإطفاء، فقال التقرير أنه يستلزم تركيب وصلة بمواصفات فنية محددة حتى يتمكن رجال الإطفاء من دفع المياه من سيارات الإطفاء إلى الموقع.

هذه وغيرها من الملاحظات الفنية التى ذكرها التقرير تتعلق بضرورة وجود خطة إخلاء للموقع فى حالات الطوارئ، وتدريب كوارد بشرية من أمن المصلحة على عمليات الإطفاء.

وتم رفع التقرير بعد الانتهاء منه إلى مدير إدارة الحماية المدنية، وإرسال نسخة منه إلى مصلحة سك العملة.

وبناء على التقارير الفنية التى تفيد ضعف الحالة الأمنية لمصلحة سك العملة، خاطب رئيس المصلحة السابق عبد الحميد لطفى "جهة أمنية سيادية" بتاريخ 17 سبتمبر 2014، يؤكد رغبة المصلحة فى الاستعانة بهذه الجهة عن طريق التعاقد بالأمر المباشر لإعادة وصيانة الأنظمة الحديثة والممثلة فى أنظمة الحريق اليدوى والآلى، وأنظمة كاميرات المراقبة، وأنظمة السويتش، وأنظمة الحضور والانصراف، وإعداد وتطوير وتصميم متحف المصلحة للمقتنيات التاريخية.

وردت الجهة السيادية على مخاطبات مصلحة سك العملة بالموافقة "من حيث المبدأ" على تنفيذ الأعمال المطلوبة وتم تفويض المهندس محمود السرجانى من شركة وادى النيل للمقاولات والاستثمارات العقارية لعمل دراسة للمشروعات المطلوبة تمهيدا للتعاقد بنظام الأمر المباشر بين مصلحة سك العملة والجهة الأمنية.

ورغم إعلان موافقة الجهة الأمنية وإعدادها لتقارير فنية تفيد "تعطل نظام كاميرات المراقبة وشبكة الحريق"، كان آخرها فى يوليو الماضى – أى قبل حادث السرقة بأقل من شهرين – لم تتخذ مصلحة سك العملة أى إجراءات جادة لبدء التعاقد مع الجهة الأمنية وتنفيذ الإجراءات المطلوبة لسد الثغرات الأمنية حتى الآن.

وحتى بعد حادث السرقة التى تمت قبل أكثر من أسبوع، لم تقم المصلحة بأى إجراء لتأمين مقرها حتى الآن، على الرغم من تلقيها مخاطبتين من الجهة قبل حادث السرقة بتاريخ 21 يوليو و29 يوليو، تطالبها بسرعة اتخاذ الإجراءات، مرفق بها تقريرا فنيا يوضح تدهور الحالة التأمينية للمصلحة.

وجاء بنص التقرير الفنى الصادر يوليو الماضى والذى انفردت "اليوم السابع" بنشر تفاصيله فى اليوم التالى لحادث السرقة، أن "نظام الكاميرات بالمشروع غير شامل جميع المناطق بالمشروع، حيث يوجد بالأماكن الآتية كالموقع العام ومخازن العملة ولكن تحليل الصورة سيئ وبعض الأجزاء من شبكة الكاميرات خارج الخدمة حاليا ولا تغطى جميع المناطق بالمشروع" – بحسب ما ورد بنص التقرير.

وأوصى التقرير بإعادة تصميم شبكة المراقبة التليفزيونية بالكامل، كما كشف وجود نظام إنذار حريق يتكون من لوحة تحكم "غير معلوم مصدرها" ولم يتم إجراء أعمال صيانة دورية للنظام، وأوصى التقرير بإعادة تصميم نظام وشبكة إنذار حريق حديثة وتكون معتمدة من معامل الاختبارات العالمية المستقلة "نظر للأهمية الحيوية للمكان" – طبقا لنص التقرير.

وشدد التقرير الذى قام به فنيو الجهات الأمنية على ضرورة عمل تصميم متكامل لنظام الكاميرات ويعرض على الشركة الموردة لتحديد إمكانية الاستفادة ببعض مكونات النظام القائم، أو تغيير كامل للنظام طبقا لما يتم تصميمه، وطالب أيضا بتغيير إنذار الحريق حيث أنه "مجهول المصدر" وعمل شبكة إنذار حريق لتغطية جميع المناطق.

وبعد حادث السرقة بيومين أرسلت الجهة الأمنية خطابا لمصلحة سك العملة بتاريخ 13 سبتمبر الجارى، قال نصه: "حتى تاريخه لم يتم الرد بالاعتماد الفنى للمستندات التى تم تقديمها والخاصة بأعمال الكهرباء وشبكات التيار الخفيف، وكذلك لم يتم الرد على طلب عمل اختبار بالموقع لشبكة مكافحة الحريق لإمكان إنهاء المستندات وتحديد القيمة الإجمالية للأعمال تمهيدا للتعاقد" وحتى الآن لم ترد المصلحة.

مسلسل الإهمال مازال عرضا مستمرا، رغم أن مصلحة بحجم سك العملة يعد تأمينها بمثابة أمن قومى لمصر، خاصة وأنها تحوى كميات كبيرة من سبائك الذهب الخام عيار 21 تصل أوزانها إلى 900 كيلو جرام، بالإضافة لكمية من المشغولات الذهبية والفضية الثمينة، والهدايا التى يتلقاها الوزارة ويتم التنازل عنها لصالح الخزانة العامة وبيعها فى مزادات دورية للجمهور – التى تزيد قيمتها عن 100 دولار – وقدر مصدر بوزارة المالية قيمة الذهب الخام الذى تحويه الخزنة التى تعرضت للسرقة بحوالى 270 مليون جنيها تقريبا، جزء منه مملوك لمصلحة سك العملة والآخر ملك لمصلحة الخزانة العامة التابعة لوزارة المالية أيضا.

المثير للتساؤل هو أن آخر ثلاث رؤساء لمصلحة سك العملة جاءوا قائما بالأعمال وليس رئيس مصلحة متفرغ للعمل بإدارتها، آخرهم الرئيس الحالى محمد السبكى هو محاسب بقطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، ويدير مصلحة سك العملة منذ شهرين، وكان سابقه أيضا عبد الحميد لطفى رئيسا للإدارة الهندسية بوزارة المالية وعين قائما بالأعمال لمصلحة سك العملة، وسبقته عائشة على إبراهيم التى عينت قائما للأعمال وبعد خروجها للمعاش تم تعيينها مستشار لرئيس مصلحة سك العملة حتى الآن.

الجدير بالذكر أن حادث السرقة الذى تعرضت له خزنة سك العملة لم يكن الأول، فقد كشفت إحدى زيارات الوزير الميدانية للمصلحة قبل الحادث لمتابعة إجراءات سك التذكارات الذهبية لقناة السويس الجديدة، واقعة مشابهة ولكن سرقة كمية من الفضة، حسب رواية إحدى شهود الواقعة.

حيث شكا إحدى موظفى قسم القطع بالمصلحة لوزير المالية من نقله من القسم، وسأل وزير المالية مستشارة رئيس المصلحة عائشة إبراهيم عن السبب، فردت أنه عند الجرد تم اكتشاف عجز بخام الفضة بكمية بلغت كيلو جرام.

وباغتها وزير المالية بسؤال لم تتوقعه: "كيف غطيت هذا العجز؟"، وهو ما ارتبكت معه عائشة وردت قائلة أنه تم تشكيل لجنة، وهو ما قابله وزير المالية بقوله أن نسبة الهادر لا يجب أن تتعدى 0.2% وبالتالى استحالة أن تصل إلى وزن كيلوجرام.

وأثارت هذه الواقعة غضب وزير المالية آنذاك – بحسب المصدر – قائلا أن أحد المتهمين فى حادثة سرقة كميات الذهب الخام ويدعى "عبد الرحمن" اعتاد تسليم أوزان الفضة أقل من الحقيقى وسرقة باقى الكمية.

وكانت مصلحة سك العملة تعرضت لحادث سرقة كمية من الذهب الخام قبل أكثر من أسبوع على يد ثلاثة من موظفى المصلحة هو الأول من نوعه، وتم كشف ملابسات الحادث من خلال كاميرات محلات الصاغة التى حاول أحد المتهمين بيع الذهب من خلالها فى نفس يوم اكتشاف السرقة، ولم تتمكن كاميرات المصلحة من تصوير الجناة نظرا لتعطل شبكة الكاميرات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة