
أيام "البريز"
ففى قرية كلح الجبل بمحافظة أسوان، تبدأ مراسم الاحتفال مبكراً، فمنذ الإعلان عن اختيار اسم الحاج لأداء الفريضة خلال هذا العام، يبدأ بما يسمى بـ"البريز"، وهى كما تحكى عنها الحاجة "هناء محمدين" من أهالى القرية، "عادة متوارثة قديماً، وفيها تعلن أسرة الحاج فتح باب المنزل أمام أهل القرية جميعاً وأمام الأقارب وذوى الأرحام من القرى المجاورة أيضاً، كما يتم ذبح الذبائح وتجهيز الولائم للمباركين والمهنئين، والذين يصطحبون الهدايا لأسرة الحاج".

"عيد السلواوى" أشهر رسامى جداريات الحج
ويبدأ الحاج كأولى خطوات الاستعداد لفريضة الحج، قبل السفر إلى المملكة العربية السعودية، باستدعاء "الحاج عيد السلواوى" من أشهر راسمى جداريات الحج على حوائط المنزل.

وعن هذه الخطوة، التقى "اليوم السابع" مع الحاج عيد السلواوى من مواليد 1949 بقرية سلوا بحرى بمحافظة أسوان، ليحكى لنا قصته عن هذه الحرفة.
ويبدأ "السلواوى" حديثه قائلاً "توارثت هذه المهنة عن والدى وكانت هوايتى المفضلة منذ عام 1964، وزاد اهتمامى بها بعد أن تركت المدرسة فى الصف السادس الابتدائى ولم أكمل تعليمى بعدها نظراً لظروف المعيشة الضيقة، وبعد أن تزوجت بدأ أولادى فى مساعدتى وأكبرهم "مصطفى" الحاصل على دبلوم قسم الزخرفة، ويليه "طه" بالصف الثالث الثانوى.
وتابع رسام الجداريات حديثة قائلاً :"بمجرد أن يأتى النداء من صاحب النصيب لأداء الفريضة، يبدأ العمل من خلال دهان جدار منزله بالكامل ببياض يدوى، وأحياناً تحتاج الجدران أكثر من مرة دهان، ثم يبدأ العمل بالرسومات، وتكون جدران هذه المنازل فى القرى أو المدن إمام بالطوب اللبن أو بالطوب الأحمر، وكلهما له طريقته والمواد الخاصة المستخدمة فى العمل ".

وأشار الحاج عيد السلواى، إلى أن محافظة أسوان، من أكثر المحافظات التى تهتم الفنون الجدارية، وتضم مجموعة من الفنانين الذين يجيدون هذه الحرفة، مؤكداً بأن المهنة ليست مجدية من الناحية المادية وأحياناً نقوم بها مجاناً لبعض الحالات كالسيدات الأرامل وغيرهم، ولكن ما يهمنا هو الناحية الفنية وإزدهار هذه العادة الفنية المرتبطة بموسم الحج وحمايتها من الاندثار.
حصان المصالحات
"ليلة الحصان" وتعد هذه الليلة ضمن مراسم الاحتفال، وهى تقام ليلة سفر الحاج إلى بيت الله الحرام، وعنها يروى "محمد الهلاوى" أحد القيادات الطبيعية بمركز إدفو محافظة أسوان، تفاصيل هذه الليلة قائلاً "يجهز للحاج حصان مزين، ويستقله الحاج، وسط مترجلين من أقاربه وأصدقائه وأحبائه مرددين بعض الأغانى والتلبيات".

ويضيف "الهلاوى"، يمر الحصان على كل باب منزل بالقرية، ليستقبله الأهل والجيران أمام منازلهم، ويتبادلوا المصافحات والتبريكات والدعوات، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتى من ضمن عادات وتقاليد الأجداد بهدف إزالة الخصومات والضغائن وتصفية النفوس، قبل سفر الحاج للقاء ربه ببيته الحرام.
الدفافات
لا يخلو منزل الحاج فى صعيد مصر، من ترديد الأغانى المتعلقة بالحج، وفى هذا الشأن يقول "شاذلى عبد الفتاح" موظف من أبناء مركز دشنا بمحافظة قنا، "تقوم زوجة الحاج ونساء البيت باستدعاء "الدفافات"، وهن نساء من أهل القرية مشتهرن بالغناء بواسطة الدف، كما يقوم أهل المنزل بتشغيل الأغانى المتعلقة بالحج وفى مقدمتها أغنية "رايحة فين يا حاجة" للفنانة فاطمة عيد، وأغنية "يا رايحين للنبى الغالى هنيالكم وعقبالى" للفنانة ليلى مراد، وأغنية "افتحى البوابة" للفنانة نعمة القنائية، وأغنية "خدونى معاكو يا زوار النبى" و"سالمه يا سلامة" للفنان جابر العزب.

سيارات التوديع بالأعلام الخضراء
وفى صبيحة سفر الحجاج، يرتدى الحاج ملابس الإحرام، ويركب السيارة التى تقله إلى المطار، ويصاحبه إلى المطار مجموعة من السيارات يستقلها الأقارب والأصدقاء والأحبة، ويعلق فى مقدمة كل سيارة علم أخضر، ومكبرات صوت يشغل بواسطتها أغانى الحجيج، طوال الطريق، وصولاً إلى المطار.
وتستقبل هذه السيارات يعلوها الأعلام الخضراء، الحاج أثناء عودته من الأراضى المقدسة وقضاء فريضة حج بيت الله الحرام، وتطوف شوارع القرى أو المدينة التى يقيم فيها الحاج.
عودة الحاج وتوزيع "الجيلى والحلويات"
وعند عودة الحاج، تفتح الدواوين ومضيفات العائلات أبوابها للترحيب بالحاج يوم عودته من السفر، لتقديم التهنئة والمباركات، ويقوم بعض المناطق، بعمل "الجيلى" أو "الحلويات" وتوزيعها فى أطباق على الحضور من الرجال والسيدات.


