التصرف الطبيعى هو أن تبحث عن حل آخر لمشكلتك، وأن تغادر هذا الطبيب الذى نصحك بأن تستعمل دواء غير نافع، وليس ببعيد أن تقاضى هذا الطبيب متهما إياه بالإهمال الطبي، لكن هذا للأسف ما لم يحدث فى الواقع، فقد أمر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فى غفلة من الزمان أن ينفصل المجلس الأعلى للآثار عن وزارة الثقافة ليصبح "المجلس" وزارة مستقلة بذاتها، وربما كان السبب وراء هذا القرار هو رغبة نظام مبارك فى ضم وجوه ذات شهرة عالمية ليجمل وجهه المشوه، وبناء على هذا أتى مبارك بزاهى حواس وزيرا، لما يتمتع به حواس من نفوذ وشهرة فى الدول الغربية خاصة وأمريكا، لكن مبارك رحل، ورحلت حكومة شفيق الأولى والثانية، وبعده حكومة عصام شرف ثم حكومة الجنزورى ثم حكومة هشام قنديل ثم حكومة حازم الببلاوى ثم حكومة محلب، وبقيت وزارة الآثار كما هى دون أن نعرف لماذا انفصلت؟ أو حتى نعرف ما هى الفائدة التى عادت على مصر بانفصالها؟
سنة بعد سنة، ونحن ننظر إلى هذه الوزارة وكأنها "تركة ثقيلة" نضرب أخماسا فى أسداس حينما نبحث عن وزير يتولى أمرها، وزراء يفتقدون إلى الحد الأدنى من الوجاهة أو التبصر أو الهمة، كنا قديما نهاجم آخر وزير لثقافة مصر "فاروق حسني" على الصغيرة قبل الكبيرة، ونجلده يوميا إذا ما انفجرت ماسورة مياه بجوار أثر، أو طفحت المجارى فى الشارع المجاور للأثر، أما الآن فقد هدمت أثار وشوهت أخرى، ونهبت ثالثة، ولا نتذكر حتى متى وأين ارتكبت هذه الكوارث.
ضاعت هيبة الآثار وبهائها، وغابت عنها الرؤية الإستراتيجية فلا بدأنا فى مشاريع جديدة، ولا حتى أتممنا المشاريع القديمة التى شرع فى إنشائها "فاروق حسني" ويكفى أن نضرب مثلا بمتحف الحضارة الذى كان من المفترض أن يفتتح بعد أشهر من يناير 2011، ولم يفتتح إلا هذا العام افتتاحا جزئيا لا يلقى بمكانة مصر ولا بميزانية المتحف ومقتنياته، ومثال آخر على هذا ما يحدث فى المتحف المصرى الكبير الذى أصبح أضحوكة العالم بعدما كان على وشك أن يكون أشهر متاحف العالم، كل هذا فى كوم والآثار التى تهدمت ونهبت واندثرت فى كوم آخر، ناهيك عن التأثر البالغ الذى حدث لـ "الثقافة" التى فقد أحد أهم وأكبر مواردها المالية والأدبية وهو الأمر الذى كان له أكبر الأثر فى شل الحركة الثقافية التى ترسخ قيم الجمال والانتماء والمعرفة فى عقول أبناء مصر وقلوبهم.
كل ما سبق ليس أكثر من لمحة عن مدى الانهيار "المادي" الذى سببه قرار انفصال "الآثار" عن "الثقافة" أما عن مظاهر الانهيار الأدبى والمعنوى فحدث ولا حرج، ويكفى فقط أن نشير هنا إلى أنه فى الوقت الذى يتبنى العالم سياسة دمج الآثار والمتاحف فى الحياة اليومية وجعلها بيوت معرفة أو أكاديميات علمية متخصصة تفننا نحن فى عزل آثار البلد عن ثقافة البلد، وعمقنا من غربة فنون وعمارة مصر عن المصريين، فبات الفتى المصرى "غريب الوجه واليد واللسان".
أربعة سنوات عجاف مرت على آثار مصر وثقافتها، نتيجة لقرار خاطئ غير مدروس اتخذه مبارك فى أجواء الثورة ليحقق به مكسبا شخصيا، وللأسف فقد استمرت آثار هذا القرار الكارثى حتى الآن، فهل تفعلها حكومة "شريف اسماعيل" وتصحح هذا الخطأ، أم نتحول إلى شعب الجاهلية الذى قال الله تعالى فيه "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا".
موضوعات متعلقة..
-بعد استقالة حكومة محلب..غموض بـ"المالية" وترقب لموقف هانى قدرى من التغيير الوزارى..ومصادر تؤكد استمرار "فخرى عبد النور" بالصناعة..ومحللون: استقالتها ستؤثر إيجابا على البورصة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور عادل شعبان
موضوع غير مهم بالمرة الأن لحكومة غارقة فى المشاكل و عمرها الأفتراضى 90 يوم..
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مغربى قاسم القبانى قنا
حقيقة لاينكرها اعمىاو فاقد لحاسة اللمسان 7 وزارات ممكن ان يديرها وزير واحدوالاعتماد على الوكلاء
عدد الردود 0
بواسطة:
Ashraf
واين وضع العاملين بالاثار