عرف بلقب "سيد الجزائر"، وكان أطول رئيس جهاز استخبارات فى العالم احتفاظاً بمنصبه، وصاحب شخصية أشبه ما تكون بإدغار هوفر، أول رئيس لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكى والذى شغل المنصب حتى وفاته، هيمن على السياسة الجزائر ويملك وثائق ضد الجميع.
لكن أسطورة محمد مدين، انتهت عندما أعفاه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من منصبه لينهى هيمنته التى استمرت 25 عاماً على جهاز المخابرات الجزائرى المخيف.
سقوط مدين، سيبعث الحياة فى السياسة الجزائرية التى دخلت نفقاً مظلماً حول خلافة بوتفليقة، برغم التهديد الذى يشكله هبوط أسعار النفط على استقرار البلاد.
أنباء إقالة مدين، كانت مفاجأة مدوية للصحف ومحطات التليفزيون فى كل أنحاء الجزائر، معلنة نهاية حقبة، وتساءل الكثيرون، عما إذا كان ذلك يعنى نهاية الحياة السياسية التى اتسمت بالشائعات، والصفقات السرية الغامضة وقدراً كبيراً من جنون العظمة.
ودخل الرئيس الجزائرى، فى منافسة مباشرة مع مدين لنحو 15 عاماً، كانت معركة متأرجحة شهدت توجيه اتهامات للعديد من المقربين للرئيس بالفساد.
فى الجزائر، كانت المعركة توصف بأنها "معركة العشائر"، وصراع على السلطة خلف الكواليس بين الجيش والرئاسة ورجال الأعمال الأثرياء وجهاز المخابرات.
وبرغم إصابة الرئيس بالسكتة الدماغية، التى عانى منها خلال العامين الماضيين، سعى بوتفليقة بقوة لإعادة تنظيم أجهزة الاستخبارات ونقل العديد من الإدارات خارج نطاق سيطرة مدين للجيش، ليديرها حليفه المقرب الجنرال قايد صالح.
يرى المحلل السياسى كال بن خالد، أن إعادة هيكلة جهاز الاستخبارات سيسمح لبوتفليقة، 78 عاما، بتسليم السلطة إلى مرشح يختاره هو.
وقال خالد الذى يكتب لمدونة "ذا موور نكست دوور": "نحن نشهد انقلاباً يحدث فى الجزائر، هذا ما يبدو بالنسبة لى، إنهم يحاولون تمهيد الطريق لخلافة بوتفليقة، وما عليك فعله فى هذه الحالة هو أن تتمكن من تهيئة البيئة ولذا فإن الأمر منوط بالقرار الذى ستتخذه."
رحيل مدين، ينظر إليه أيضا محاولة لضم جيل جديد فى سلم القيادة الجزائرية غير تلك الثلة التى ناضلت من أجل الاستقلال عن فرنسا.
رئيس الاستخبارات الجزائرى الجديد، عثمان طرطاق، فى العقد السابع وأصغر من الرئيس ورئيسه السابق بعشر سنوات، والأمل معقود فى أن يتمكن هذا النوع من التحول من ضخ الحياة فى الحياة السياسية فى الجزائر التى كانت تعيش حالة من الاحتضار.
وقال جيب بورتر، وهو محلل مخضرم فى شؤون الجزائر بشركة استشارات مخاطر شمال إفريقيا، إنه بالرغم من أنه لا يزال من المبكر جداً معرفة تداعيات إقالة مدين على سياسة البلاد، فإنها على الأقل تعنى انتهاء الجدل بشأن خلافته، وهو سؤال أساسى فى البلاد.
وأضاف بورتر: "بصرف النظر عما يمكن أن يتصوره المرء بشأن الرئيس بوتفليقة ومحمد مدين، فإن عدم اليقين بالنسبة لرئاسة البلاد أصاب الجزائر بالشلل طوال العامين الماضيين إن لم يكن أكثر، كلما كان هناك مزيد من الوضوح بشأن خلافة الرئيس الجزائرى وتم الإسراع بذلك، كلما كان ذلك أفضل".
ومع ذلك، ستتواصل المنافسة على السلطة فى الجزائر بدون تأثير يذكر للأحزاب السياسية المسجلة والانتخابات الدورية، حسبما رأى جليل لوناس، وهو خبير جزائرى وأستاذ فى العلاقات الدولية بجامعة الأخوين.
حتى الآن، عشيرة الرئيس وزمرته، بدعم من الجيش، فى سدة الحكم، لكن هيكل جهاز الاستخبارات لا يزال موجودا، وفقا للوناس.
وفى السياق ذاته، يقول لونانس: "من السابق لأوانه الجزم بأن المخابرات خارج الصورة، طرطاق يتمتع بسمعة جيدة كشخصية قوية، إنه رجل لا يستهان به".
هذه هى المشكلة، كما يرى محمد سيد، وهو أستاذ فى جامعة الجزائر، وبالرغم من أن انتهاء المأزق السياسى فى الوقت الراهن، فإن النظام السياسى الأساسى الذى أغرق البلاد فى الصعاب، لن يتغير.
ويقول سيد: "سيكون هذا أمراً جيداً إذا كانت نهاية توفيق تعنى رفع السيطرة السياسية عن الأحزاب والصحف، ولكن إذا كانت إقالته مجرد جزء من حرب العشائر لتسهيل خلافة بوتفليقة، فإنه لن يتغير أى شىء وستستمر نفس الممارسات مع اختلاف الأشخاص فقط".
مراقبون: إقالة مدير المخابرات الجزائرى انتصار لبو تفلقية
الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015 03:20 ص
الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة