أكرم القصاص - علا الشافعي

د.عبد العظيم رمضان يكتب: "ما عفريت إلا بنى آدم"

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015 02:00 م
د.عبد العظيم رمضان يكتب: "ما عفريت إلا بنى آدم" دجالين - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أول دروس التنويم الإيحائى تجربة تسمى تجربة الهيليوم والحجر، وهى باختصار عبارة عن الإيحاء لشخص بأن فى إحدى يديه حجرا والأخرى بالون من الهيليوم، المذهل أن يده التى تخيل فيها الحجر يشعر فيها بالثقل والتخاذل وتهبط إلى أسفل.

كانت هذه المقدمة هامة جدا حتى ندرك أن ما يتشبع به عقلنا الباطن من الممكن أن يؤثر كثيرا على حياتنا، وأننا قابلون للإيحاء، وأن الاعتقادات الدفينة لدينا، ودفاعات النفس وردود أفعالنا اللاواعية من الممكن أن تتسبب فى أعراض ما نعرفه باسم "إن الجن لبسه"، كثير من الأطباء النفسيين يشخصون هذا الأمر على أنه نوع من الاضطرابات الانشقاقية، وهى نوع من الأمراض النفسية، التى يمكن أن ينفصل فيها جزء من الوعى، ويقوم بأداء دور "الجن"، حيث يمكن أن يتحدث بصوت مختلف عن صوت المريض، أو يتسبب فى رعشة أو تحريك الأطراف بطريقة غريبة.

يظهر هذا النوع من الاضطرابات نتيجة الظروف المحيطة فى أغلب الأحيان حين يكون هناك خلاف بين ما يعتقده العقل الواعى وما يعتقده العقل الباطن، وهنا يبدأ جزء من الوعى فى الانفصال ليبرر هذا الخلاف على أنه نتيجة "قوى خارجية" كالجن والأرواح الشريرة مثلا، وهذا النوع من الاضطرابات أكثر شيوعا فى النساء عنه فى الرجال.

فكثيرا ما نرى الفتيات خاصة فى سن صغيرة يذهبن إلى "الدجالين" لإيجاد حل "فى العفريت" الذى شقلب حالها، وغير حياتها، وتسبب فى فركشة خطوبتها، ورسوبها فى الامتحان، وهلم جرا على ما يمكن أن نلقيه على "العفريت" من ظروف حدثت لنا، سواء بسبب تكاسلنا أو بسبب سوء إدارتنا للأمور حولنا.

الحل فى الحالات الفردية بكل بساطة فى ثلاثة كلمات، الأولى تغيير الظروف حول المريض وتعليم أهله كيفية التعامل معه وتحسين أوضاعه، والثانية هى تأهيل المريض نفسه وتعليمه بنوع من العلاج النفسى الذى يساعده، والأخيرة الأدوية مضادة القلق، وقد يضاف إليها مضادات الاكتئاب من الممكن أن تلعب دورا كبيرا فى حل المشكلة وتخفيف الضغط على المريض.

أما فى حالة اقتناع المجتمع بالكامل بأن الجن من الممكن أن يلبس الإنسان، وإن العفريت من الممكن أن يشقلب حاله، ويتسبب فى رفده من الشغل، فهذا أمر يحتاج على المدى البعيد أن نكف عن عرض مثل هذه الحالات فى الإعلام، وعدم استضافة الدجالين وجعلهم نجوما فى برامج التوك شو، بل وإظهار حقيقة الوضع وشرح الأمر للناس أنه "ما عفريت إلا بنى آدم" وأن ما يحدث هو نوع من تكيف العقل الباطن مع الظروف الخارجية، وأنه يمكن علاجه بكل سهولة دون ضرب المريض حتى الموت لمحاربة الجن كما حدث قريبا لفتاة مصرية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة