هواية "صيد الصقور"، والتى أصبحت حرفة لكثير من الشباب من أبناء القبائل البدوية، وعلى وجه الخصوص العاطلين عن العمل من بينهم، يمارسونها فى هذا الموسم من كل عام وفقًا لطقوس توارثوها جيلاً بعد جيل، الغرض منها اقتناص صقر مهاجر وصاحب الحظ هو من يقع فى شباكه طائر من أنواع غالية الثمن، فيغير مسار حياته بعد بيعه.
قنص الصقور
وتنشط عمليات قنص الصقور فى سيناء فى المناطق الممتدة من غرب العريش حتى بورسعيد على ساحل البحر المتوسط، ويختار الصياد المواقع البعيدة عن السكان، ويتمركز موضع موقع عملياته فى الأماكن الرميلة الخالية من أى إشغال من حجر وشجر وذات الارتفاع، ليضع بها شركه الذى يوقع الطائر القادم من مسافات بعيدة ليقع به وهو متلهف بحثًا عن طعام مع أول وصول له لبلاد غريبة لم يألفها.
تدريب قبل بداية الصيد
التجهيز للموسم
ويقول الباحث فى التراث السيناوى "حسن سلامة"، والذى أعد أبحاثًا عن عمليات الصيد ويوميات الصيادين: "إنهم يبدأون باختيار موقع نصب مصايدهم، والتى يطلقون عليها "كفاية"، ويسمونها أيضًا "عزبة"، أى موقع تواجد الصيادين، وهم يهاجرون إليها من قراهم وكل عزبة مكونة من أكثر من صياد يتناوبون عليها بالتتابع، ويقسمون العمل بينهم فمنهم من هو مختص بمراقبة "الشرك" الذى يوضع به "الطائر"، الذى يحمل عليه الشرك، وفى العادة تكون حمامة أو أحد الطيور المهاجرة.
وأضاف: "ويكلف أيضًا من يقوم بهذا العمل إلى جانب مراقبته بتحريكه ليطير فى الهواء، عسى أن يجذب إليه الصقر المسافر القادم من بعيد، وفريق يتحمل مصاريف الصيادين من توفير الطعام ونقل الماء إليهم، وإذا ما كان حظهم وافر وتمكنوا من ضبط صقر وبيعه يتقاسمون ثمنه بينهم، إلى جانب تخصيص جزء لصاحب الأرض، التى أقاموا عليها نقطة صيدهم، بحسب اتفاق مسبق معه".
وتابع حسن سلامة، أن أدوات كل عزبة تتنوع بحسب طريقة الصيد، فهناك أكثر من طريقة لصيد الصقور، ولكن جميع الأدوات والاحتياجات موحدة وهى، طائر الحمام، شباك الصيد، الخيوط، الشرك.
رحلة الصيد
سالم محمد على أحد الشباب المهتمين بصيد الصقور منذ 5 سنوات مضت، أوضح أنه لم يسبق له وأمسك بصقر، ومع ذلك يحرص سنويًا و3 من أصدقائه على رحلة القنص التى تستمر 60 يومًا، وهى بالنسبة لهم انتظار لرزق إذا كان مقدرًا لهم وتغيير للجو إذا لم يكن ذلك، ويحرصون على اقتطاع الوقت خلال هذه الفترة فمنهم موظفون ويحصلون على إجازات.
صقر وعزبة صيادين
وقال "حمدى"، أحد الشباب الممارسين لقنص الصقور، أنه يعتمد فى الصيد إلى جانب طيور الحمام أيضًا على ما يسمى "النقل"، وهو من فصيلة الصقور رخيصة الثمن، حيث يضع فى قدمه فريسة مكونة من حزمة ريش محملة بشرك، ويقوم بتطييره فى الهواء إذا ما لاح فى الأفق أحد الصقور غالية الثمن، فينقض الآخر عليها ظنًا أن هذا الصقر يحمل طائر قد قنصه فيقع فى الشرك.
طريقة الصيد
وأضاف أنهم أيضًا يعتمدون على ما تسمى "الكفاية"، وهى عبارة عن فخ من الشباك تحرك عليها طائر من فصيلة الصقور قليلة الثمن واذا ما حاول الطائر المقصود غالى الثمن الانقضاض عليها يقوم الصياد بشد الفخ، بواسطة خيط يصل إليه فيطبق على فريسته ويمسك به، بعد أن يوقعه فى أسرها والصياد لا يراه الصقر، حيث يختبئ فى عشه او كوم اشجار على بعد امتار عن هذا الشرك.
صياد صقور
الإمساك بالصقر
وفى حالة الإمساك بالصقر غالى الثمن، يقوم الصياد على الفور بتقطيب عينيه بواسطة قناع مخصص لذلك، ويقول الصيادين إن الصقر الحر لا يقوى على ألم الإمساك به فيصاب بسكتة على الفور لذلك أول ما يحرصون عليه هو وضع القناع عليه حتى لا يرى ما يدور حوله ثم يتم الاتصال بالتجار المتخصصين فى شراء الصقور أو من ينوب عنهم من سماسرة ينتشرون فى المنطقة، ولابد أن تتم عملية البيع فى غضون ساعات قليلة، بعد يقوم التاجر بمعرفته ببيعه.
صياد ينتظر
ضحية التجار
ويجمع الصيادون على أن غالبيتهم يقعون ضحية التجار الذين ينتشرون فى مناطق بلبيس بمحافظة الشرقية، وبمحافظات الفيوم والبحيرة والإسكندرية ومطروح، والذين يعطونهم القليل من ثمن الصقر وخصوصًا نوع الشاهين والحر وهى أنواع غالية يقومون بشرائها منهم بمبالغ من 20 إلى 100 ألف جنيه، ويبيعونها للصيادين العرب بأسعار مضاعفة.
طائر
"محمود حسان" أحد من يتوسطون فى البيع بين التاجر والصياد، قال إن السعر يختلف بحسب مقاس ريش الصقر، وهناك مواصفات قياسية تحسب بالمسافة والوزن وبدقة متناهية، والصقر الذى يحصل على المواصفات القياسية يصل سعره إلى 100 ألف جنيه، فى حين يباع خارج مصر بنحو 300 ألف جنيه.
فى انتظار الرزق
بدوره لا يكف "حامد"، هو شاب يبلغ من العمر 22 عامًا عن الدعاء كل فجر يوم أن يكون له نصيب من صيد ثمين هذا الموسم، لافتًا إلى أنه يتمنى إنهاء تكاليف زواجه فهو من أسرة فقيرة وعاطل عن العمل، مشيرًا إلى أن أحد أصدقائه تمكن العام الماضى من الإمساك بصقر شاهين، وباعه بمبلغ 70 ألف جنيها، وقام بشراء سيارة نصف نقل يعمل عليها، وكانت مشروعًا جيدًا يحقق دخلاً له.
أما "سليمان عادل" وهو صياد شاب ارتحل من منطقة الشيخ زويد إلى سواحل بحيرة البردويل، أشار إلى أن مصاريفهم الشخصية تصل خلال الموسم إلى 8 آلاف جنيه، إلى جانب نفقات نقل المياه التى ينقلونها على "جمل"، أو بواسطة دراجة بخارية إلى المنطقة الرملية التى يقيمون فيها عزبتهم حيث لا تصل إليها السيارات.
طائر وفريسة
وقال، إنهم يعتمدون خلال الموسم على أكلات بسيطة وحياتهم بدائية، ومع ذلك هم سعداء وطوال اليوم لا يكفون عن العمل وينتظرون من ساعات الفجر الأولى وصول الطيور المهاجرة ويقومون، إلى جانب مهمتهم الأساسية وهى قنص الصقور باصطياد طيور موسمية مهاجرة، ومنها السمان والمراعى والعصافير والتى يعتمدون عليها فى غذائهم، إلى جانب توجيه الدعوات لأصدقائهم ممن يصلون إليهم لقضاء ساعات بصحبتهم، ولكن الزيارات بحسب قولة لا تتم نهارًا، حيث الصياد مشغول بعمله وإنما ليلاً فى أجواء خلاء الصحراء، وتحت ضوء القمر يشعلون نيران الحطب ويتسامرون حولها.
فريسة فى انتظار الصقر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمودعلي
محمود علي
عايزاشترى صقر شاهين يكون سعره رخيص شويه