*هبوط الذوق العام دمر السينما
*من صعب أن أتعاون مع ابنى كريم فى عمل واحد لأنه من جيل يحمل أفكارا مختلفة عن جيلى
*ضد احتكار شخص أو اثنين لسوق الإنتاج
*البرلمان المقبل الأخطر فى تاريخ مصر
يقف المخرج محمد عبدالعزيز، فى منطقة خاصة بين أبناء جيله من مخرجى السينما الجديدة، الذين أسسوا لسينما السبعينيات والثمانينيات شكلا مختلفا بما تحمله من تميز وبهجة، وهو ما جعل «عبدالعزيز» يختار الانحياز للكوميديا فى أفلامه والتى تعد علامة مميزة فى التاريخ الحديث للسينما، والتى تحمل بين طياتها العديد من الرسائل المجتمعية المعبرة عن لسان حال المصرى البسيط، لتصبح أفلامه نماذج تقتدى بها الأجيال الجديدة من صانعى البهجة.
المخرج السينمائى الكبير تم تكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط فى دورته الـ31، عن هذا التكريم ومجمل أعماله ورأيه فيما يقدم الآن، التقته «اليوم السابع» وأجرت معه هذا الحوار.

كيف استقبلت تكريمك فى مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى.. وماذا يمثل لك هذا التكريم؟
- بالطبع استقبلته بسعادة بالغة، وشعرت أن مجهود سنوات عديدة مع سلسلة طويلة من الأفلام لم يضع هباء، والتكريم بالفعل نوع من التقدير على مشوار بذله الفنان أو المبدع، يجعله يشعر بالارتياح والطمأنينة، وأن أعماله «اتشافت» وأثرت فى فئة كبيرة من الجمهور، وأنا أوجه الشكر لجمعية كتاب ونقاد السينما التى اختارتنى وحرصت على تكريمى.
بعد مشوار طويل مع السينما وعدد كبير من الأفلام قدمتها.. إلى أى نوع من السينما تميل.. وما الفيلم المقرب لقلبك وترغب فى مشاهدته دائما؟
- أميل إلى تقديم الكوميديا، ومعظم أفلامى قدمتها بهدف رسم الابتسامة وإسعاد الناس وتقديم رسائل بسيطة من خلالها، منها «عصابة حمادة وتوتو» و«خلى بالك من جيرانك» و«غاوى مشاكل» و«على باب الوزير»، و«بكيزة وزغلول» و«عالم عيال عيال» و«منزل العائلة المسمومة»، وغيرها، أيضا قدمت التراجيديا فى عدة أفلام مثل «الحكم بعد الجلسة» و«الجلسة سرية»، فقد قدمت أكثر من 67 فيلما، وفيما يتعلق بالأفلام التى أميل لمشاهدتها وقريبة من قلبى «انتبهوا أيها السادة» و«المحفظة معايا» و«دقة قلب».
ولمن تقول الآن «انتبهوا أيها السادة»؟
- أوجه عنوان فيلمى هذا إلى كل مواطن مصرى له حق التصويت فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، بأن يذهب لإعطاء صوته للمرشح الذى يستحق ويتم التركيز جيدا فى اختياره، خاصة أن البرلمان المقبل، ليس مجرد برلمان عادى، بعدما أعطى الدستور له صلاحيات كبرى، وهذا البرلمان يحتاج كوادر قادرة على تشكيل كتلة برلمانية تشريعية حقيقية، وتحاسب الحكومة، وتراقبها بشكل جيد ويكون لها سلطة عزل رئيس الجمهورية نفسه إذا تطلب الأمر، وأرجو كل من معه بطاقة انتخابية أن يتحرى الدقة مرة واثنين و10 قبل أن يستقر على مرشح، بحيث يكون جديرا بتحمل مسؤولية البرلمان المقبل، لأنه سيكون أخطر برلمان فى تاريخ مصر.
بعد كل هذه الأفلام التى قدمتها.. هل هناك عمل ما فى ذاكرتك ترغب فى تقديمه خلال الفترة المقبلة؟
- والله أنا عاشق للسينما وأتمنى التواجد فيها فى كل وقت، واتجهت خلال السنوات الأخيرة للدراما التليفزيونية، لأننى لم أجد ما يستهوينى فى الشاشة الفضية، وأنا ما زلت أبحث عن عمل جيد أقدم من خلاله أفكارى الجديدة، لكن مجهودى فى معهد السينما لم يتوقف حتى الآن، لأنه بيتى وكيانى، وأرى أن مهمة تقديم أجيال جديدة توازى صناعة الأفلام.

وهل من الممكن أن نجد فيلماً لمحمد عبدالعزيز من بطولة نجله كريم؟
- أشك بالطبع فى هذا الأمر، ده جيل جديد جميل جدا جدا، ومتفاهم مع بعضه، وبينهم انسجام كامل ولغة حوار واحدة وكيمياء وهذا مهم جدا لخروج أى عمل ناجح يعيش فيما بعد، وهم يستطيعون العمل سويا بفكر يتناسب مع هذه المرحلة، وأنا سعيد بهم للغاية وفخور بهم بشدة.
منذ بداية دخول كريم عبدالعزيز الوسط الفنى.. هل تنبأت بالنجومية التى وصل إليها الآن؟
- كنت مدركا أن كريم سيكون حاجة مهمة فى السينما، لأنه دارس للدراما وأيضا الإخراج بشكل احترافى جيد، فكان أول دفعته بمعهد السينما، ويعى جيدا تفاصيل عملية الإخراج، وتفاصيل البناء الدرامى للشخصية، وتفاصيل السيناريو الذى يعرض عليه وتطور الشخصية، ويستطيع التفرقة بين العمل الذى يضيف إليه، والآخر الذى يضره، وأنا حرصت منذ دخوله الوسط الفنى على أن يكون منضبطا فى العمل ويكون سلوكه قويما، وأن يركز بشدة فى كل خطوة يقبل عليها.
وكيف ترى شكل الإنتاج السينمائى الحالى ونوعية الكوميديا التى أصبحت تقدم الآن؟
- للأسف، أنا ضد أن يكون الإنتاج السينمائى مقتصرا على شخص أو شخصين، فمعادلة الإنتاج لا بد أن تختلف تماما، ولا يجوز أن يحتكر العملية الإنتاجية شركة أو اثنتان أو ثلاث، لأن بذلك يفرضون عليك نوعية معينة من السينما، وأنت مضطر تراها أمامك حتى لو من خلال البروموهات التى تعرض لها، وهذا يظلم فنانين كثيرين ووجوها جديدة كثيرة متميزة، لأنه- للأسف- مثل هذه النوعية لا تتناسب معهم، ولا يستطيعون إيجادها، وإذا استمرت هذه الصناعة على هذا الوضع، فلن نستطيع إخراج مواهب حقيقية، لأن المواهب لن تخرج وحدها، فالسينما عبارة عن ترس متكامل، وأيضا لن يخرجوا من خلال نوعية واحدة من الأفلام، فدائرة الإنتاج لا بد أن تتسع حتى لا يتحكم شخص أو اثنان فى مجموعة كبيرة تعمل بالوسط الفنى، واستمرار هذا يشكل خطرا كبيرا على صناعة السينما فى مصر الآن ومستقبلا.
وما الحل من وجهة نظرك حتى نقضى على هذه الظاهرة؟ وأى نوعية من الأفلام التى تقدم الآن تعجبك؟
- أن تدعم الدولة صناعة السينما، وأن تمتلك دور عرض سينمائية حتى تتاح للآخرين، ولا تكون السينمات مقتصرة ومهيئة فقط لأفلام بعينها، وفيما يتعلق بنوعية الأفلام التى تقدم الآن، للأسف الغالبية العظمى من الأفلام التى تقدم الآن لا تعجبنى، فهناك فنانون على درجة عالية من الموهبة، لكن المشكلة فى الإنتاج والموضوعات والاستسهال والهبوط فى الذوق العام، وحصر الفيلم المصرى فى دائرة البلطجة والدماء والعنف والرقص المبالغ فيه للغاية، ولا بد أن ينتبه صناع السينما الحاليون إلى أن المهنة دى تخصنا جميعا كسينمائيين تعبنا فيها كثيرا، وأن عمرها أكثر من 100 سنة، ولا بد أن نتقدم بالفيلم المصرى، وألا نعود به للخلف، العالم بأكمله يتقدم سينمائيا من حولنا وهناك دول كثيرة فى أفريقيا أصبحت تقدم نوعيات جيدة من السينما وتجارب مهمة للغاية، ولا بد أن نتفوق عليهم لأننا أقدم منهم.
وما الذى ينقص نوعية الأفلام التى تقدم الآن حتى تكون جيدة؟
- كى تكون هذه الأفلام جيدة، لا بد أن يهتم صناعها بالشكل والمضمون، فمثلا يهتمون بالصورة والشكل وأماكن التصوير، فلا بد أن يهتموا بما داخل هذه الأشياء، مثل الاهتمام بالسيناريو والهدف من ورائه، والسبب الذى يقدم الفيلم من أجله.