فتاوى الحج.. كل ما تريد معرفته عن المناسك.. ملف معلوماتى

الأحد، 13 سبتمبر 2015 08:00 م
فتاوى الحج.. كل ما تريد معرفته عن المناسك.. ملف معلوماتى الكعبه المشرفه
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقدم "اليوم السابع" مع انطلاق موسم الحج، حصرًا بجميع الفتاوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية بخصوص المناسك والأحكام الشرعية والطرق الصحيحة لأداء الفريضة، وكل ما يمكن أن يشغل بال الحجاج.. وفيما يلى أبرز تلك الفتاوى التى جاءت فى ردود دار الإفتاء على أسئلة عموم المسلمين:

أخذتُ ابنى الصبى معى فى الحج، فهل يصح حجُّه؟ وهل يُغنِى عن حج الفريضة؟


عن ابن عباس -رضى الله تعالى عنهما- عن النبي: «أنه لقى رَكبًا بالرَّوحاء فقال: مَنِ القَومُ؟ قالوا: المسلمون. فقالوا: مَن أنت؟ قال: رسولُ اللهِ. فرَفَعَت إليه امرأةٌ صَبِيًّا فقالت: ألهذا حجٌّ؟ قال: نعم، ولكِ أَجرٌ».

وعلى ذلك يصح حجُّ ابنِك الصبى ما دمتَ ستستكمل له أركانَ حجِّه وواجباتِه، ويُحسَب له حسناته كحج نافلة؛ ولذا لا يُغنِى عن حج الفريضة؛ لأن شرط العبادة المفروضة: التكليف، والصبى غير مكلَّف.


ما حكم الشرع بالنسبة لفريضة الحج لذوى الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية والجسدية؟


المسلمون من ذوى الإعاقات الجسدية فقط لهم حكم الأصحاء شرعا: مِن وجوب الحج على المستطيع منهم: إما بنفسه أو بغيره؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ إستَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلا} [آل عمران:97]، وكذلك الحال مع ذوى الإعاقات الذهنية التى لم تُخرجهم إعاقتُهم عن حَدِّ التكليف الشرعي؛ بأن كان سنه العقلى -لا العمرى- هو سن البالغين المدركين لما حولهم؛ بأن يكون خمسة عشر عامًا فما فوق، أو أقل من خمسة عشر عامًا ولكنه يكون -برأى المختصين- مدركًا للأمور الحسِّيَّة المتعلقة بالجنس الآخر، -كما يشعر بها مَن احتلم من الذكور أو احتلمت أو حاضت من الإناث- سواء أَجَمَعُوا بين الإعاقة الجسدية وهذا النوع من الإعاقة الذهنية، أم اقتصر الأمر على إعاقتهم الذهنية فقط. والحج يقع صحيحًا منهم مُسقِطًا للفريضة سواء أحجوا بمالهم أو بمال غيرهم.

وأما مَن كان من المسلمين إعاقتُه الذهنية تُخرجه عن حدِّ التكليف السابقِ تحديدُه، فإن الحج -ومثله العمرة- تصح منهم إذا تم نقلهم إلى الأماكن المقدسة وقاموا بأداء الحج أو العمرة بأركانهما وشروطهما عن طريق مساعدة الغير لهم. ومعنى ذلك: أنه يوضع ذلك فى ميزان حسناتهم، وإن كان ذلك لا يُغنِى عن حج الفريضة أو عمرة الفريضة -عند مَن يقول بوجوب العمرة، كالشافعية-، بمعنى أن المعاق ذهنيًّا إعاقةً تُخرِجه عن التكليف إذا عُوفِى من مرضه وإعاقته وصار مكلفا وجبت عليه حجةُ الفريضة وعمرة الفريضة، عند مَن يقول بفرضيتها.



زوجتى تعمل ولها دخل مستقل ووالدها رجل طاعن فى السن وغير قادر ماديًّا على أداء مناسك الحج والعمرة، وولداه الذكَران لا يقدران على مساعدته فى ذلك، وتريد زوجتى -وأنا أتفق معها- تخصيص المال الكافى من ذمتها المالية لأبيها؛ حتى يتمكن من أداء مناسك الحج والعمرة. وأنا وزوجتى أدينا فريضة الحج والحمد لله، هل يجوز شرعًا أن يحج أو يعتمر والد زوجتى على نفقتها؟


لا مانع شرعًا من أن يحج أو يعتمر والد الزوجة على نفقتها الخاصة، فهذا من البر والإحسان وصلة الرحم، وإنه بمجرد تبرع المال للحج من المتبرع -أيًّا كان- يصبح المال ملكًا للمتبرع إليه، وبه تتحقق الاستطاعة المطلوبة فى الحج تحقيقًا لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ إستَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97].



أمتلك مالًا يكفى للحج، ولكن صحتى لا تمكننى من أدائه بنفسى، فهل لى أن أوكل مَن يحج عنى؟


عن عبد الله بن عباس -رضى الله عنهما- قال: «كان الفَضلُ بنُ عباس رَدِيفَ رسولِ الله، فجاءت امرأةٌ مِن خَثعَمَ فقالت: يا رسول الله، إن فريضةَ اللهِ على عباده فى الحج أَدرَكَت أبى شيخًا كبيرًا لا يَثبُتُ على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: نعم».

وهذا الذى لا يستطيع أن يثبت على الراحلة يُعرَف فى الفقه بـ"المعضوب"، وعليه فلكِ أن توكلى مَن يحج عنكِ.

ويشترط لجواز التوكيل بالحج أن تكون نفقة المأمور بالحج من مال الآمر العاجز عن الحج، أو فى مال الميت إذا كان قد أوصى بالحج، وفى مال المتبرع إذا لم يكن قد أوصى، وأن ينوى النائبُ الحجَّ عن العاجز أو الميت، وأن يكون النائب قد أدى أولا حجة الإسلام عن نفسه.



السؤال: حججت مرة واحدة عن نفسى، ثم حججت مرة واحدة عن جدتى المتوفاة، فهل يجوز أن أحج عنها مرة أخرى؟


لا مانع شرعًا من تكرار الحج عن جدتك المتوفاة.


هل يصح الحج لمن يعمل بعقد عمل فى السعودية فى موسم الحج؟


فرق بين صحة الحج وجوازه، فإذا اكتملت أركان الحج وواجباته فالحج صحيح يسقط الفرض إن كان حجة الإسلام، ويُحسَب نفلا إن لم يكن حجة الإسلام، وأما جوازه فشىء آخر؛ فإذا كان -مثلا- عقد العمل لا يَسمَح لك بالحج، فخالفتَ وحججتَ فهذا إثم؛ لمخالفة شرط العقد، وما يترتب على ذلك من الضرر الذى يلحق بِكَ وبالآخرين، مع كون الحج صحيحًا إذا استوفى أركانه وشروطه.


ما معنى الإفراد والقِران والتمتع فى الحج؟ وما أفضلها؟


للحج أنساك ثلاثة، أي: ثلاثة طرق لتأدية منسكه: الإفراد والقِران والتمتع.

فالإفراد عند بعض العلماء -كالشافعية- هو تقديم الحج على العمرة؛ بأن يُحرِم أولا بالحج من ميقاته، ويَفرَغ منه، ثم يخرج من مكة إلى أدنى الحِلِّ فيحرم بالعمرة، ويأتى بعملها، ومن العلماء مَن لا يشترط العمرة بعد الحج، ويجعل القيام بأعمال الحج وحده دون العمرة هو الإفراد.

وأما القِران فهو أن يُحرِم بهما معًا، أو يحرم بالعمرة ثم يُدخِل عليها الحج قبل شروعه فى أعمالها، ثم يعمل عمل الحج فى الصورتين، فيحصلان.

وأما التمتع فهو أن يقدم العمرة على الحج ويتحلل بينهما، ويسمى الآتى بهذا النسك متمتعًا؛ نظرًا لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النُّسكَين.

وليس على المفرِد دم واجب، بل إن شاء ذبح تطوعًا منه، وإن شاء لم يذبح، ولكن المتمتع والقارن عليهما دم واجب؛ وسبب الوجوب هو ترك الإحرام من ميقات بلده.

وأما عن أفضلها فهو محل خلاف بين العلماء: فأفضلها عند المالكية والشافعية: الإفراد، ولكن المالكية قالوا بأنه يليه فى الأفضلية القِران فالتمتع، بينما يرى الشافعية أن الذى يليه فى الأفضلية هو التمتع فالقِران، وعند الحنفية الأفضل من الأنساك الثلاثة هو القِران فالتمتع فالإفراد، ويرى الحنابلة أن التمتع أفضل، فالإفراد، فالقِران.

والنصيحة فى مثل هذا الموقف أن تأخذ الأيسرَ عليك.


لبس العباءة فى الحج ناسيًا قبل الحلق وبعد أن قام برمى جمرة العقبة الكبرى ثم حلق بعد ذلك شعره وطاف للإفاضة وسعى وتحلل التحلل الأكبر، فماذا يجب عليه إزاء هذا الفعل؟


من المقرر عند الشافعية أن ما كان من محظورات الإحرام على سبيل الترفه -كالطيب، والجماع، ولبس المخيط، وستر الوجه والرأس- فإنه لا تجب الفدية فيها على الناسى ولا الجاهل، وإنما تجب على من تلبس بشىء منها عامدًا عالمًا.

وبناء على ذلك: فإن لبس العباءة حال الإحرام بعد رمى جمرة العقبة إذا كان على سبيل النسيان أو الجهل فلا حرج على فاعله، ولا يفسد بذلك حجه، وليس عليه شىء.


هل السترة التى يلبسها المُحرِم فى حجه وعمرته -والتى تكون قطعة من قماش يتم عمل كِنار لها ويتم إدخال مطاط لها -أستك- فى هذا الكنار وتلبس أسفل الإزار - مشروعة؛ حيث إننا نقوم بتصنيعها وتوريدها للمحلات التجارية، ورأيكم سيكون فيصلا فى الاستمرار فى هذا النشاط من عدمه؟


الممنوع على المُحرِم هو لبس المخِيط المُحيط؛ لما روى ابنُ عُمَرَ -رضى الله عنهما- أنَّ رَجُلا قال: يا رسول اللهِ، ما يَلبَسُ المُحرِمُ مِن الثِّيابِ؟ فقال النبى: «لا يَلبَسُ المُحرِمُ القَمِيصَ ولا السَّراوِيلَ ولا البُرنُسَ ولا الخُفَّينِ، إلَّا أن لا يَجِدَ النَّعلَينِ فَليَلبَس ما هو أَسفَلُ مِن الكَعبَينِ». فأخذ العلماء من ذلك وغيره من الأحاديث أن الرجل إذا أحرم يمتنع عليه لُبسُ المخِيط المحيط، والمقصود بذلك: أن يكون الملبوس مُحِيطًا مُفَصَّلا على العُضو، كالمذكور فى الحديث: من السراويل والقميص والخفين والبرنس، وما لم يكن كذلك فلا بأس بلُبس المحرِم له، كالساعة والنظارة والرداء والإزار مما يُلَفُّ على الجسم ولا يُفَصِّل العُضو.

وعليه فنفيد بأن "السترة" المسؤول عنها بهذا الوصف الوارد فى السؤال جائز لُبسُها مِن قِبَل المُحرِم: حاجًّا كان أو معتمرًا، ويجوز التعامل فيها صناعيا وتجاريا.



هل يجوز للمحرم أو المحرمة أن يغطى نفسه بشىء يتدفأ به؟


المحرم بعمرة أو بحج ممنوع من لبس المخيط والمحيط، وهو المفصل على قدر العضو من أعضاء الجسم، كالقميص والسراويل والتُّبَّان والخُفين غير المقطوعين أسفل الكعبين ونحو ذلك، أما ما يُلَفُّ على عضو من الأعضاء من غير أن يكون مفصلا عليه فلا يضرُّ، فلو أخذ قميصًا أو ملاءة أو لحافا فلفَّها على جسمه؛ لدفع البرد أو لستر العورة أو غير ذلك فلا يضره ذلك، فالمعوَّل عليه فى وجوب الفدية فى المخيط هو حصول اللبس به على المعتاد فى كل ملبوس، لا مجرد وضعه على الجسم.

وهو أيضًا ممنوع من تغطية رأسه أو بعضه -ولو كان البياض الذى خلف الأُذن- بشيء يلتصق به، سواء أكان مَخِيطًا مُحِيطًا كالقلنسوة أو الطاقية، أم لا، كالعمامة أو الإزار، وكل ما يُعَدُّ ساترًا، ولا بأس أن يتوسَّد وِسادة، أو يضع يده على رأسه، أو يستظل بمظلة ولو مست رأسه، وأما حمل شيء على رأسه ففيه خلاف، فالأفضل ترك ذلك حتى لا تكون عليه فدية على رأى المانعين.

والمُحرِمة بحج أو بعمرة إحرامها فى وجهها وكفيها؛ فيجب عليها ألا تغطى ذلك منها، ولها بعد ذلك لبس ما تشاء، وتغطية رأسها بما تشاء.

وعلى ذلك فلا بأس للمُحرِم بحج أو عمرة أن يغطى نفسه بشيء يتدفأ به، بشرط ألا يلبسه على جسمه بحيث يُفَصِّل أعضاءه، وبشرط ألا يغطى بذلك رأسه.



معاق وساقه اليسرى أقصر من اليمنى، ويقوم بتعويض ذلك بحذاء طبى، فهل يجوز له لبس الحذاء الطبى وهو يؤدى المناسك داخل المسجد الحرام: من طواف وسعي؟ وهل عليه فدية فى ذلك أم لا؟ وهل رباط الحذاء يعتبر مخيطا أم لا؟


يجوز لبس الحذاء الطبى، وربطه برباطه المعد له فى مثل حالة السائل؛ لأن هذه ضرورة، و"الضرورات تبيح المحظورات".

وعلى صاحب السؤال أن يخرج فدية: من صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، وله إخراج القيمة لكل مسكين، أو بذبح شاة، وذلك قياسًا على من غطى رأسه لمرض بها، أو أى أذى يلحقه؛ لقوله سبحانه وتعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو بِهِ أَذى مِّن رَّأسِهِ فَفديَة مِّن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُك} [البقرة: 196].



هل استخدام الصابون المعطر أثناء الإحرام ممنوع؟


يحرم استخدام العطر فى البدن أو الثياب أو الطعام لمن تلبَّس بالإحرام، فهو من محظوراته.
وأما الصابون المعطر فالمختار فى الفتوى: أنه يجوز للمحرم استعماله؛ لأنه ليس من العطر الذى يقصد للتطيب، وإن كان الأحوط عدم استعماله؛ خروجا من الخلاف.



هل يجوز الإحرام وأداء العمرة مع وجود جرح فى باطن القدم يدمى عند المشى ولا يجف بسبب الإصابة بالسكر والسيولة فى الدم؟


خروج الدم من غير السبيلين: القبل والدبر، لا ينقض الوضوء، وهذا مذهب الإمام مالك والشافعى وفقهاء أهل المدينة السبعة وغيرهم، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله -رضى الله عنهما- «أن رجلين من أصحاب النبى، حرسا المسلمين فى غزوة ذات الرقاع، فقام أحدهما يصلي، فرماه رجل من الكفار بسهم فنزعه، وصلى ودمه يجري، وعلم به النبى، فلم ينكره».

وبناء على ذلك وفى واقعة السؤال: فعلى المصاب بذلك أن يتوضأ ويعصب جرحه، ولا حرج عليه فى إحرامه، ولا فى طوافه، ولا يتوضأ بسبب ذلك إلا إذا أحدث.



هل يجوز للحاج أن يتوجه إلى عرفات يوم الثامن من ذى الحجة بدلا من التوجه لمنى؟


يجوز، وغايته أنه ترك مستحبًّا وهو: المبيت بمنى.


هل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات على مراحل؛ لتتم النفرة فى سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟


أجمع العلماء على أن ما بعد الزوال وقتٌ صحيحٌ للوقوف بعرفة، وأن وقت الوقوف ينتهى بطلوع فجر يوم النحر، وأن مَن جمع فى وقوفه بعرفة بين الليل والنهار من بعد الزوال -فوقوفه تام ولا شيء عليه.
واختلفوا فى مسألتين:

الأولى: حكم الوقوف بعرفة والدفع منها قبل الزوال، هل يجزئ عن الوقوف بعد الزوال؟ فالجمهور على أن ذلك لا يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فعليه أن يرجع فيقف بعرفة بعد الزوال، أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر، وإلا فقد فاته الحج.

والحنابلة فى المذهب عندهم يرون أن ذلك يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فحجه صحيح.

والمسألة الثانية: هل يجزئ الوقوف بعرفة مع الدفع منها قبل غروب الشمس؟ فالحنفية ومَن وافقهم يوجبون الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس، والأصح عند الشافعية ومَن وافقهم أن ذلك مستحب وليس واجبًا، فيجوز عندهم للحاج الذى وقف قبل الزوال أن يُفيض مِن عرفة قبل المغرب.

وأصحاب القول الثانى فى كلا المسألتين يستدلون بحديث عروة بن المضَرِّس -رضى الله عنه- قال: «أَتَيتُ رسولَ اللهِ، بالمُزدَلِفةِ حينَ خَرَجَ إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّى جِئتُ مِن جَبَلَى طَيِّئٍ؛ أَكلَلتُ راحِلَتِى وأَتعَبتُ نَفسِي، واللهِ ما تَرَكتُ مِن جبلٍ إلا وَقَفتُ عليه، فهل لى مِن حَجٍّ فقالَ رسولُ الله: مَن شَهِدَ صَلاتَنا هذه ووَقَفَ معنا حتى نَدفَعَ -وقد وَقَفَ بعَرَفةَ قبلَ ذلكَ لَيلا أو نَهارًا- فقد أَتَمَّ حَجَّه وقَضى تَفَثَه». قال أبو البركات ابن تيمية الحنبلى فى "منتقى الأخبار" بعد ذكره لهذا الحديث: "وهو حجة فى أن نهار عرفة كله وقت للوقوف".

وعلى ذلك فيمكن للجهات المسؤولة أن تنظم النَّفرة والإفاضة من عرفات بما يتلاءم مع أعداد الحجيج ويمنع تكدُّسهم.

ويجوز لهم أن يجعلوا النفرة من عرفات على مرتين أو أكثر، حسبما تقتضيه المصلحة العامة للحجيج.
هل يجوز المكوث بمزدلفة قدر حطِّ الرحال، وصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير، والاكتفاء بالمرور بها، طبقًا لفقه الإمام مالك؟


المعتمد فى الفتوى- فى هذه الأزمان التى كثرت فيها أعداد الحجيج كثرةً هائلةً- هو الأخذ بسنية المبيت فى مزدلفة، وهو قول الإمام الشافعى فى "الأم" و"الإملاء"، وقول للإمام أحمد، بينما يكتفى المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ رحله ويجمع المغرب والعشاء، وحتى على رأى الجمهور- القائلين بوجوب المبيت- فإنهم يسقطونه عند وجود العذر، ومن الأعذار: حفظ النفس من الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذى عليه الحجُّ فى زماننا مرخصًا شرعيًّا فى ترك المبيت عند الموجبين له.



ما حكم ترك المبيت بمِنى للضَعَفة والمرضى والنساء من الحجاج؟


المبيت بمنى ليالى التشريق مختلف فيه بين العلماء: فالجمهور على أنه واجب، والحنفية على أنه سنة.

ويدل على القول بالسُّنِّيَّة ما رواه الشيخان عن ابن عمر -رضى الله عنهما- «أن العباس -رضى الله عنه- استأذن النبى ليبيت بمكة ليالى منى؛ من أجل سقايته، فأذن له». ولو كان المبيت واجبًا لما رُخِّص فى تركه لأجل السقاية، فعلم أنه سُنَّة.

وإذا أضفنا إلى ما سبق اعتبار ما يَعتَرِى الحجيجَ مِن تعب شديد وضيق مكان وخَوف مرض، كان القول بسنية المبيت بمنى هو المختار للفتوى.

وإذا قلنا بالسنية: فمَن ترك مبيت الأيام الثلاثة جميعًا فمِن العلماء مَن قال: إنه يسن له أن يجبره بدم ولا يجب، ومن ترك مبيت ليلة واحدة جبرها بالتصدق بمُدٍّ من طعام.

وقال الحنفية والإمام أحمد فى رواية: إنه لا يلزم من ترك المبيت بمنى شيء.

وحتى على قول الجمهور إن المبيت بمنى واجب، فإنهم يرخصون لِمَن كان ذا عذر شرعى بترك المبيت، ولا إثم عليه حينئذ ولا كراهة، ولا يلزمه شيء أيضًا، ولا شك أن الخوف من المرض من جملة الأعذار الشرعية المرعية.

وقد وردت الرخصة من الشارع لأهل الرعاء والسقاية فى ترك المبيت فى منى، فروى الإمام مالك فى موطئه عن عاصِمِ بنِ عَدِى -رضى الله عنه- «أنَّ رسولَ اللهِ أَرخَصَ لرِعاءِ الإبِلِ فى البَيتُوتةِ خارِجِينَ عن مِنًى يَرمُون يومَ النَّحرِ ثُم يَرمُون الغَدَ ومِن بعدِ الغَدِ ليَومَين ثُم يَرمُون يومَ النَّفرِ».

ولا ينبغى الوقوف على النص الوارد، بل ينبغى اعتبار مراد الشارع منه، وإلا كان جمودًا محضًا.
ومعلوم أن الالتزام بالمبيت وإلزام الحاج به مع أعمال الحج الأخرى يزيد من إجهاده وضعفه، فإذا انضم إلى ذلك ما نزل بالناس فى هذه الأيام من انتشار للأوبئة التى يسهل انتقالها، فإن جسم الإنسان يكون أكثر عرضة لالتقاط الأمراض، ولا شك أن أشد الناس تضررًا بذلك هم النساء والأطفال والمرضى والضعفاء، فناسب أن يأخذ هؤلاء حكم مَن رُخِّص لهم.



هل يجب أن يذبح الحاج دمه فى أرض الحرم، أم يجوز أن يذبحه خارج الحرم؟
وهل يجوز ذبح الدم فى ماليزيا، وتوزيع لحومها للفقراء والمساكين من أبناء ماليزيا أو خارج ماليزيا؟



أولًا: لا يجوز للمتمتع الذى نوى حج التمتع أن يدفع دمه فى بلده قبل سفره إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج؛ لأن المحل المكانى لسوق الهدى ودماء الحج هو البيت العتيق.

قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ 32 لَكُم فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَل مُّسَمّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إلى البَيتِ العَتِيقِ} [الحج: 32- 33].

وبناءً على ما سبق: فلا بد أن يكون ذبح دماء الحج بمكة، أما توزيع لحوم تلك الذبائح فالأصل أن يكون على مساكين الحرم وفقرائه، ولا بأس بأن يدخر ذلك لهم على مدار العام، فإذا فاض عن حاجتهم طوال العام وحتى الحج فى العام التالي- فيجوز أن يوزع على فقراء غير الحرم.



هل يجب ذبح الدم فى أيام التشريق، أم يجوز ذبح الدم بعد أيام التشريق؟


مذهب السادة الحنفية والمالكية والحنابلة أنه لا يجوز ذبح هدى التمتع والقران إلا فى أيام النحر الثلاثة: (يوم العيد ويومين بعده).
أما عند الشافعية فالدماء الواجبة فى الإحرام لارتكاب محظور أو ترك مأمور - لا تختص بزمان، وتجوز فى يوم النحر وغيره.

وعليه فلا بد أن يكون ذبح دماء الحج فى أيام الحج.



سوف أقوم بأداء فريضة الحج هذا العام -إن شاء الله تعالى- فهل أكتفى بالذبح هناك، أم على أهل بيتى الموجودين هنا أن يذبحوا أيضًا؟


إن كنت ستحج متمتعًا أو قارنًا فعليك دم واجب تذبحه هناك فى الحرم الشريف (مكة، أو منى، أو مزدلفة، أو كل ما يسمى حرمًا) وهذا من ناحية ما يجب عليك، أما ما يُسَنُّ ولا يجب، فهو أن تُهدِى لفقراء الحرم الشريف ومجاوريه؛ بأن تذبح ما تشاء من النَّعَم هديةً لفقراء الحرم.

كما أنه يُسَنُّ التضحية فى حق الحاج وغيره، وهذا عند جمهور الفقهاء، ولكنها غير مرتبطة بالحرم، فيمكنك أن تذبح فى الحرم، أو فى مصر، أو فى أى مكان فيه مجاعات للمسلمين.



هل يجوز للمعتمر والحاج بعد انتهاء المناسك أن يحلقا لأنفسهما أو لغيرهما من المعتمرين والحجيج؟


لا يوجد ما يمنع من قيام المعتمر بعد انتهاء سعيه والحاج بعد دفعه من مزدلفة إلى منى -أن يقوم كل منهما بالحلق أو التقصير لأنفسهما أو لغيرهما ممن هو مثلهما؛ لعدم وجود نص يمنع من ذلك.



ما الحكم فيما لو أحرمتُ من المدينة متمتعًا ثم جاءنى المرض فخلعتُ ملابس الإحرام قبل أداء العمرة؟


إن كنت تخشى أن يفجأكَ المرض بعد تلبسك بالإحرام (بحيث يصعب عليك إكمالُ مناسك الحج) فننصحك بأن تنوى الاستثناء عند نية الإحرام؛ بأن تعقد قلبك وتقول بلسانك أيضًا: نويت العمرة أو الحج -بحسب حالك- فإن حبسنى حابس فمحِلِّى حيث حبسني، فإنك إن فعلتَ هذا ثم فجأك العذرُ يمكنك التحللُ حيث أنت، بدون الحاجة أن تذهب للحرم لإكمال النسك، ولا للتحلل فيه، بل يكفى تحللك فى مكانك، وذلك بأن تذبح هَديًا من النَّعَم تفرقه على الفقراء فى مكان الإحصار، ويجوز إرساله إلى الحرم إن أمكن، ثم تحلق رأسك أو تقصر. فقد جاء فى الصحيحين عن عائشةَ -رضى الله تعالى عنها- قَالت: «دخل رسولُ اللهِ على ضُباعةَ بنتِ الزُّبَيرِ، فقال لها: أَرَدتِ الحَجَّ؟ قالت: واللهِ ما أَجِدُنِى إلا وَجِعةً. فقال لها: حُجِّى واشتَرِطِى وقُولي: اللهم مَحِلِّى حيثُ حَبَستَنِي».

ولا بد من نية التحلل عند الذبح، ولا بد من كون الحلق أو التقصير بعد الذبح؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَحلِقُواْ رُءُوسَكُم حَتَّى يَبلُغَ الهَدى مَحِلَّهُ}[البقرة: 196].

أما إن كنت تقصد أنك إذا مرضتَ خلعت لباس الإحرام مع بقائك مُحرِمًا وإكمالك للمناسك فذلك جائز، ولكن عليك هدى جُبران مما يُجزِئ فى الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصُع من طعام يُجزِئ فى زكاة الفطر، وذلك على ستة مساكين أو فقراء، فيكون لكل واحد منهم نصف صاع. فقد روى الشيخان عن كَعبِ بنِ عُجرةَ -رضى الله عنه- أن النبى قال له فى الحج: «لعلكَ آذاكَ هَوامُّكَ! احلِق رَأسَكَ وصُم ثلاثةَ أيامٍ أو أَطعِم ستةَ مساكينَ أو انسُك شاةً». وذلك أَخذًا من قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو بِهِ أَذى مِّن رَّأسِهِ فَفِديَة مِّن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُك} [البقرة: 196] .



هل يجوز رمى الجمرات بعد منتصف الليل، وما كيفية احتساب منتصف الليل؟


أما رمى جمرة العقبة الكبرى يوم النحر فإن كثيرًا من العلماء -كالشافعية والحنابلة وغيرهم- أجازوا رميها بعد نصف ليلة النحر للقادر والعاجز على السواء؛ استدلالا بحديث أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- قالت: «أرسل النبى بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت» رواه أبو داود. "وإسناده على شرط مسلم".

وأما رمى الجمرات فى أيام التشريق:
فالمعتمد فى الفتوى: أنه يجوز للحاج أن يرمى قبل الزوال فى سائر أيام التشريق، وهو مذهب جماعات من العلماء سلفًا وخلفًا.

وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما -واللفظ للبخاري- من حديث ابن عباس قال: «كان النبى يُسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، فقال: اذْبَحْ ولا حَرَجَ، وقال آخر: رميت بعدما أمسيت، فقال: لا حَرَجَ، وأنه ما سُئِل فى ذلك اليوم عن شيء قُدِّم أو أُخر إلا قال: افْعَلْ وَلا حَرَجَ». وهذا يقتضى رفع الحرج فى وقت الرمي.

وبناء على ذلك: فإنه يجوز رمى الجمرات أيام التشريق بدءًا من نصف الليل، والنفر بعده لِمَن أراد النفر فى الليلة الثانية أو الثالثة منها، ولَمَّا كان الليل يبدأ من غروب الشمس وينتهى بطلوع الفجر الصادق، فإن نصفه يُحسَب بقسمة ما بين هذين الوقتين على اثنين وإضافة الناتج لبداية المغرب.



ما حكم توكيل الضعَفة والمرضى والنساء غَيْرَهم فى الرمى عنهم؟


النيابة فى رمى الجمار للضعفة والمرضى والنساء جائزة، ودليل ذلك أنه تجوز الاستنابة فى الحج، فالاستنابة فى الرمى جائزة من باب أولى؛ لأن الحج رمى وزيادة، وهى رخصة لأهل الأعذار، ولذا فقد ذكر كثير من الفقهاء أمورًا غير التى ورد بها النص إلحاقًا بهذه الفروع على الأصل، كمن خاف على نفسه أو ماله، أو كان يتعاهد مريضًا.

ولذلك كله فإنه يجوز للضعفاء والمرضى والنساء التوكيلُ فى رمى الجمرات، ولا حرج عليهم، ولا يلزمهم بذلك جبران.




تعتزم بعثة الحج هذا العام أن يكون خط سيرها فى الحج: من القاهرة، إلى مطار جدة، ثم إلى مكة، ثم إلى عرفات، ثم إلى المزدلفة، ثم إلى مكة، ثم إلى منى، ثم إلى مكة؛ بحيث يتم التوجه من المزدلفة إلى مكة مباشرة وأداء طواف الإفاضة وسعى الحج ثم التحلل الأكبر، ثم التوجه بعد ذلك إلى منى ورمى جمرة العقبة الكبرى، فهل هذا جائز فى حج التمتع، أم يتعين التوجه من مزدلفة إلى منى لرمى جمرة العقبة الكبرى قبل التحلل الأكبر؟


تقديم طواف الإفاضة على رمى جمرة العقبة جائز شرعًا عند الجمهور، وصححه المالكية مع إلزامه بدم.
واستدل الجمهور بما روى مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن عمرو -رضى الله عنهما- قال: سمِعْتُ رسولَ الله وأتاه رُجلٌ يومَ النَّحرِ وهو واقف عند الجمرة فقال: يا رسول الله، حلقتُ قبل أنْ أرميَ؟ قال: «ارمِ، ولا حَرَجَ»، وأَتاه آخر، فقال: إنى ذبَحتُ قبلَ أن أرْميَ؟ قال: «ارمِ ولا حرج»، وأتاه آخر، فقال: إنى أفضْتُ إلى البيتِ قبل أَنْ أرميَ؟ قال: «ارْمِ ولا حَرَجَ»، قال: فما رأيتُه سُئِلَ يومئذ عن شيء إلا قال: «افعلُوا ولا حَرَجَ».

أما التحلل فهو قسمان:
التحلل الأول، أو الأصغر: وتحل به محظورات الإحرام ما عدا النساء، ويحصل بالحلق عند الحنفية، وبالرمى عند المالكية والحنابلة، وبفعل شيئين من ثلاثةٍ مِن أعمال يوم النحر عند الشافعية (واستُثْنِى منها الذبحُ حيث لا دخل له فى التحلل).

والتحلل الثاني، وتحل به كل المحظورات، ويحصل بطواف الإفاضة فقط بشرط الحلق عند الحنفية، وبطواف الإفاضة مع السعى عند المالكية والحنابلة، وباستكمال الأعمال الثلاثة عند الشافعية.
وبناءً على ذلك: فلا مانع شرعًا من التوجه من مزدلفة إلى مكة لطواف الإفاضة، قبل رمى جمرة العقبة، ولا يلزم فاعلَ ذلك جبرانٌ.

هل يجوز الجمع بين طوافى الإفاضة والوداع فى طواف واحد بنيتين؟


الجمهور على أن طواف الوداع واجبٌ، وقال المالكية وداود وابن المنذر، وهو قولٌ للشافعى وقول للإمام أحمد -رضى الله عنهما-: إنه سنة؛ لأنه خُفِّفَ عن الحائض.
وقد أجاز المالكية والحنابلة الجمعَ بين طوافى الإفاضة والوداع فى طواف واحد؛ بناءً على أن المقصود هو أن يكون آخر عهدِ الحاج هو الطواف بالبيت الحرام، وهذا حاصل بطواف الإفاضة.

وبناء على ذلك: فإن تأخير طواف الإفاضة إلى آخر مكث الحاج بمكة لِيُغنِى عن طواف الوداع جائز شرعًا، ولا يضر ذلك أداءُ السعى بعده.

ما حكم السَّعى فى المَسعى الجديد الذى أنشأته الحكومة السعودية بغرض توسعة مكان السعى بين الصفا والمروة؟ وما حكم الإقدام على هذه التوسعة ابتداء؟ حيث يذكر بعض الناس أن عَرض المسعى مُحَدَّدٌ معروف لا تجوز الزيادة عليه، وأن الزيادة عليه افتئات على الدين واستدراك على الشرع.



الجـــواب


السعى فى المسعى الجديد سعى صحيحٌ تَبرأ به الذمة، فقد قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيتَ أو اعتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيرا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]. ففى هذه الآية الكريمة أَمَر الله تعالى بالسعى بين الصفا والمروة، فدَلَّ هذا على أن كل ما كان بين الجبلين فهو مكان للسعي؛ لأن الآية أطلقت ولم تخصَّ محلا دون محل مما هو بين الجبلين، والمسعى الجديد واقع بين الجبلين.



تريد ابنتى البكر التى تبلغ من العمر ثلاثين عامًا أن تسافر مع والدتها لأداء فريضة الحج، علمًا بأن السفر آمن والصحبة آمنة؟


يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان فى سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقات فى شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عنه فيما رواه البخارى وغيره- عن عَدِى بن حاتم -رضى الله عنه- أنه قال له: «فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أى المسافرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ».

فمِن هذا الحديث برواياته أخذ جماعة من المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحدها إذا كانت آمنة، وخصصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التى تُحَرِّم سفر المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهى محمولة على حالة انعدام الأمن التى كانت من لوازم سفر المرأة وحدها فى العصور المتقدمة.

وقد أجاز جمهور الفقهاء للمرأة فى حج الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين للحج فى عهد عمر رضى الله عنه، وقد أرسل معهن عثمان بن عفان؛ ليحافظ عليهن.

وبناءً على ذلك: فيجوز لابنتك السفر لأداء الحج مع والدتها، ولا حرج فى ذلك شرعًا.



ما حكم السفر إلى زيارة قبر سيدنا محمد ؟


السفر لزيارة النبى من أفضل الأعمال، وأجل القربات الموصلة إلى ذى الجلال، ومشروعيتها محل إجماع بين علماء الأمة، وقد حكى الإجماع على ذلك القاضى عياض والحافظ ابن حجر العسقلانى وغيرهم.

ومما يدل على مشروعية الزيارة النبوية -بما فى ذلك السفر إليها- قولُه تعالى: { وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُم جَاءُوكَ فَستَغ فَرُواْ اللَّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابا رَّحِيما} [النساء: 64].

فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصها بحالة دون غيرها تخصيص بلا مخصص، فلا يُقبل.

وقد ورد فى الزيارة النبوية وإفرادها بالقصد أحاديث كثيرة: منها حديث ابن عمر-رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله: «من زار قبرى وجبت له شفاعتي» رواه ابن خزيمة فى صحيحه، والبزار والدارقطني، وفى رواية: «من جاءنى زائرًا لا تحمله حاجةٌ إلا زيارتي- كان حقًّا على أن أكون شفيعًا له يوم القيامة» رواه الطبرانى والدارقطني، وفى رواية: «من زار قبرى بعد موتى كان كمن زارنى فى حياتي»، رواه الطبراني، وهى أحاديث لها طرق كثيرة يقوى بعضها بعضًا، وصححها كثير من الحفاظ، كابن خزيمة، وابن السكن، والقاضى عياض، والتقى السبكي، والعراقي، وغيرهم.

وأما قوله فى حديث الصحيحين عن أبى سعيد الخدري: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِى هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأقْصَى» فإنما معناه: لا تشد الرحال إلى مسجد -لأجل تعظيمه والتقرب بالصلاة فيه- إلا إلى المساجد الثلاثة؛ لتعظيمها بالصلاة فيها.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي: "وهذا التقدير لا بد منه عند كل أحد؛ ليكون الاستثناء متصلا، ولأن شد الرحال إلى عرفة لقضاء النسك واجب إجماعًا، وكذا الجهاد والهجرة من دار الكفر بشرطها، وهو لطلب العلم سنة أو واجب، وقد أجمعوا على جواز شدها للتجارة وحوائج الدنيا، فحوائج الآخرة -لا سيما ما هو آكدها، وهو الزيارة للقبر الشريف- أَوْلى"

وقد صُرِّح بهذا المعنى عند أحمد فى المسند حيث رواه عن أبى سعيد الخدرى مرفوعًا بلفظ: «لا ينبغى للمطى أن تُشَدَّ رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا» وإسناده حسن، وفى حديث أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- فى مسند البزار مرفوعًا بلفظ: «أنا خاتم الأنبياء ومسجدى خاتم مساجد الأنبياء، أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل: المسجد الحرام، ومسجدي، صلاة فى مسجدى أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام».

وبناء على ذلك: فإن السفر للزيارة النبوية أمر مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والقول بمنع ذلك قول باطل، لا يُعَوَّلُ عليه، ولا يُلْتَفَتُ إليه.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سامي نبيل

موعد هذا النشر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة