مصر فرحت

الفرحة التى كانت على وجوه المصريين أمس كانوا فى حاجة لها، فالمصريون منذ فترة طويلة لم يفرحوا بهذا الشكل، وكاد الحزن أن يتحول إلى حالة ملازمة لهم، إلى أن جاء حفل افتتاح قناة السويس الجديدة ليبث الأمل من جديد فى قلوب المصريين، فبعد أن كانوا يبدءون يومهم بالحديث عن تفجيرات هنا وانتكاسات هناك، جاء يوم 6 أغسطس ليغير مود أو حالة المصريين.

افتتاح القناة الجديدة بالطبع فرحة كبيرة ليس لنا كمصريين فقط وإنما لأشقائنا العرب الذين عاشوا معنا لحظات الفرحة الأولى، حينما استطعنا عزل نظام الإخوان النازى من الحكم، وحزنوا معنا لفراق خيرة شباب مصر ممن كانوا ضحية الإرهاب الأعمى الذى مارسته جماعة الإخوان الرهابية ضدنا جميعا.

ما من أحد إلا والفرحة كانت تملأ قلبه ووجهه أمس، حتى من أرادوا التشكيك فى المشروع لارتباطهم بأيدلوجيات لا تعترف بالوطن، تواروا خلف الأضواء تماما، لأنهم وجودوا أنه ليس لهم مكان وسط فرحة المصريين الذين قهروا كل الصعاب، مستعدين أن يقهروا الجميع ليثبتوا للعالم أنهم موجودون، وأن الفترة التى خضعوا خلالها لحكم جماعة الجهل لا يجب أن تحسب من تاريخهم، فهذا جزء من التاريخ لابد أن يمحى من الذاكرة المصرية تماما.

لكن السؤال الآن.. وماذا بعد الفرحة؟.. فكلنا فرحنا لكن هل هذه الفرحة ستتوقف عند مشروع قناة السويس الجديدة؟ أم أنها يجب أن تكتمل بأن يكون هذا المشروع دافعا لنا جميعا لكى نعمل بجد واجتهاد لكى تتكرر الفرحة كل يوم، بل كل لحظة؟ فمن تولوا حكمنا أوفوا بما تعهدوا به، ولم يبق إلا أن يوفى المصريون بعهدهم لرئيسنا عبدالفتاح السيسى بأن نتخلى عن الكسل والمبررات المعلبة والجاهزة، وأن ننزل إلى ميادين العمل، لكى نحول مصر إلى الدولة التى نتمناها جميعا.. مصر لن تنطلق إلا إذا انطلق المصريون، لأن الرغبة وحدها لن تصنع المعجزات، لكنها تحتاج إلى يد تعمل وعقل يفكر وقلوب تخاف على البلد.

المطلوب الآن من كل المصريين أن يعمل كل فى مجاله بضمير، طالما أنهم قادرون على فعل ذلك، فالتسعين مليون مصرى ليسوا بأقل من الآلاف الذين شاركوا فى حفر القناة الجديدة فى عام واحد فقط، وقهروا كل النظريات الحسابية.. كل ما نحتاجه هو الضمير لكى نرفع من مكانة بلدنا ومستوى دخلنا وقدرتنا على الحياة بالشكل الذى نتمناه.