أكرم القصاص - علا الشافعي

حـسـن زايــد يكتب: دعـوة للــفـــزع

الجمعة، 28 أغسطس 2015 08:00 م
حـسـن زايــد يكتب: دعـوة للــفـــزع شخص خائف أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا ريب أن الاستثمار فى الموت والخراب أمر يدعو للفزع والرعب، والفزع الأكبر يتأتى من عدم الإدراك أو الوعى لدواعى هذا الفزع ومسبباته، والفزع المطلق من اعتياد هذا الأمر، وعدم الارتعاب منه. ويبدو أننا نسلك هذا المسلك، وكأننا منومون.

ولعل تجارة الأعضاء البشرية، فى فترة من الفترات، كانت مصدرًا للفزع والرعب، ثم سرعان ما اعتدنا على ذلك، بل وبحثنا له عن مبررات إنسانية دافعة، وقنناه، وشرعناه باستصدار الفتاوى التى تبيحه، وهو فى النهاية بيع قطع غيار بشرية فى مقابل المال، والمال صاحب سلطة وسطوة.

ثم تطور الأمر- الذى خضع لقوانين التجارة وتحدد سعره طبقًا للعرض والطلب- إلى اعتبار قطع الغيار البشرية سلعة، والسلعة كما هى قابلة للبيع والشراء، إذن فهى قابلة للسرقة. ووفقًا لهذا المنطق انتشرت ظاهرة سرقة قطع الغيار البشرية، وما قد ترتب عليها من خطف وقتل، كالسيارات التى يجرى سرقتها، وتقطيعها، وبيعها قطع غيار لمن يملك ويدفع الثمن؟. وهكذا اعتدنا بيع قطع الغيار البشرية وسرقتها، ومارسنا معها تجارة الموت.

ولا ريب أن الحروب التى تخوضها الجيوش هى نوع من تجارة الموت، ولكن يقف وراءها العديد والعديد من المبررات الأخلاقية، مثل : الدفاع عن الأرض، والدفاع عن العرض، والدفاع عن المال، والدفاع عن النفس. أى أن الحروب عادة ما تشن من أجل قضايا أجمعت البشرية على أنها عادلة.

والحرب التى لاتجد سنداً أخلاقياً تسمى عدواناً، والعدوان هو مسلك لا أخلاقى يستوجب الرد والمواجهة والإدانة والشجب والاستنكار. والمفترض أن سباق التسلح يستهدف خلق ما يطلق عليه توازن الرعب، فيحفظ السلام بين البشر.

وكذا الحد من سباق التسلح بموجب اتفاقيات يجرى احترامها. وقد اعتادت البشرية على مثل تلك الحروب، وسباقات التسلح.

ودعوتى للفزع ليس من كل هذا ، فهو قد حدث ، واعتاد عليه البشر، ولكن منطلق هذه الدعوة ومصدرها جاء مع قراءتى عن مشروع القرن الأمريكى الجديد، الذى أخذ مبادرته ناشط المحافظين الجدد ويليام كريستول، وقد كان دونالد رامسفيلد، وديك تشينى عضوين رئيسيين فى المشروع. والمحافظون الجدد- لمن لا يعلم- ينتمون للتيار المسيحى اليمينى الراديكالى، وهناك تحالفات بينهم وبين اليمين المسيحى الصهيونى. والفكرة الرئيسية فى مشروع القرن الأمريكى الجديد تقوم على خصخصة الجيوش، يقول دونالد رامسفيلد: "علينا أن نعزز نهجاً مقاولاتياً مغامراً، نهجاً يشجع الناس على أن يبادروا بالفعل الميدانى، لا أن يكونوا ارتكاسيين، وأن يسلكوا مسلك الرأسماليين المغامرين، لا البيروقراطيين".

وقد بدأت فكرة الخصخصة مع ديك تشينى، حيث كان وزيراً للدفاع، إبان حرب الخليج 1991 م، حيث اشتركت شركات المقاولات الخاصة فى هذه الحرب، وغيرها، وقد احتضن بيل كلينتون أجندة الخصخصة، طوال فترتى ولايته.

إلا أن التحول كان بطيئاً إلى حد ذهاب تقرير إعادة بناء دفاعات أمريكا الإستراتيجية إلى القول إن: "عملية التحول، حتى إذا أتت بتغيير ثورى، من المحتمل أن تكون طويلة، فى عدم وجود حادث كارثى محفز ـ مثل بيرل هاربر جديدة" وقد كان هذا التقرير فى سبتمبر 2000 م، وبعد عام وقعت أحداث سبتمبر 2001 م، فهل هى مصادفة؟ وقد قدمت هجمات الحادى عشر من سبتمبر ذلك الحافز غير المسبوق للأجندة الراديكالية المتطرفة.

وقد جاءت إدارة بوش الابن بقيادة للبنتاجون أمامها هدفان الأول: تفعيل عملية الخصخصة على أوسع نطاق. الثانى: تغيير أنظمة بعض البلاد الإستراتيجية، والتى بدأت بحكومة طالبان فى أفغانستان، ثم حكومة صدام فى العراق.

وقد دخل الجيش الأمريكى العراق ومعه أكبر عدد من المقاولين الخاصين عرفه تاريخ الحروب. وقبل أن يخرج بول بريمر من العراق أصدر مرسوماً بتحصين المقاولين من المثول أمام المحاكم أو الملاحقة القضائية. فرغم أن الجنود الأمريكيين خضعوا للمحاكمات بتهم القتل والتعذيب باعتبارها انتهاكات، لم يخضع المقاولون لمثل هذه الأحكام، لأن قواتهم فوق القانون، فهم يعملون فى منطقة قانونية رمادية، تترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الانتهاكات. وأخطر ما فى أمر هذه الشركات أنها خرجت عن نطاق سيطرة البنتاجون.

وأصبح لها فروع خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ولديها القدرة على الانتشار الكوكبى، وكوادرها عناصر من المرتزقة من جنسيات مختلفة، يشرف على تدريبها عناصر من القوات الخاصة، من جميع أنحاء الكوكب.

ويملكون الأسلحة اللازمة لعملياتهم بما فى ذلك الأساطيل الخاصة، ومروحيات المدفعية وطائرات التجسس. ويمكن استئجار هذه الشركات لمواجهة أى متطلبات وفقاً لاحتياجات العملاء. إنها شركات تصدير الموت، على نحو عبثى عدمى غير مبرر إلا من زاوية واحدة هى التربح السريع من الحرب والقتل والتدمير والخراب.

وما يعنينا فى ذلك هو تحالف بعض هذه الشركات مع أخوية فرسان مالطا العسكرية ذات السيادة، وهى ميلشيا مسيحية صليبية لها علاقات دبلوماسية مع 94 بلدًا، ولها جوازات سفر، وأختام، ومؤسسات عامة، ودستور خاص.

وهناك تعاقدات للبنتاجون مع هؤلاء للقيام بعمليات عسكرية نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية فى بعض البلدان العربية والإسلامية، وبعض المجتمعات العلمانية.. ألا يعد ذلك مدعاة للفزع؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة