قبل أسبوعين تقريباً، وتحديداً يوم الخميس 6 أغسطس، استضافت سلطنة عمان، وزير الخارجية السورى وليد المعلم الذى عقد جلسة مباحثات مطولة مع نظيره العمانى يوسف بن علوى، وقالت وكالة الأنباء العمانية وقتها، إنه تم الاتفاق بين الوزيرين، على أنه «الأوان قد حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حد للأزمة السورية، والتطلع إلى ما يلبى حاجة الشعب السورى فى مكافحة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار، والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضى الجمهورية العربية السورية».
المعلم زار السطلنة بعدما زار إيران، وبعد أيام من الكشف عن زيارة وفد سورى رفيع المستوى برئاسة اللواء على مملوك، رئيس مكتب الأمن القومى السورى إلى السعودية ولقائهم بمسؤولين سعوديين رفيعى المستوى، وهو ما أدى إلى خروج تكهنات بحلول إقليمية للأزمة السورية، ربما يكون البيان الذى صدر عن مجلس الأمن الأسبوع الماضى بشأن دعمه لخطة التسوية السياسية التى طرحها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دى ميستورا هى جزء منها، خاصة أن هناك أحاديث عن تحركات سعودية مصرية روسية فى اتجاه فتح الملفات المغلقة فى الأزمة السورية، ومن بينها طرح لقاءات مكثفة بين مسؤوليين سعوديين وقيادات من نظام بشار الأسد، للوصول إلى صيغ توافقية لحل الأزمة.
كما استوقفنى فى كل هذه التحركات هو الدور الـذى تقوم به سلطنة عمان، فقبل عام تقريباً كنت فى زيارة لمسقط، والتقيت مسؤولا عمانيا تحدثت معه عن الدور الذى قامت السلطنة فى أزمة الملف النووى الإيرانى، من خلال استضافتها للقاءات سرية بين الولايات المتحدة وإيران التى فتحت الأبواب المغلقة بين البلدين، وانتهت مؤخراً إلى الاتفاق الذى تم التوقيع عليه منذ شهر فى جنيف، يومها قال لى هذا المسؤول، إن السلطنة تجهز لمبادرة لحل الوضع فى سوريا، لكنها تنتظر الانتهاء من الملف النووى الإيرانى، حتى لا تتشتت الأفكار والجهود بين إيران وسوريا.
من يومها وأنا أراقب التحركات العمانية فى هذا الملف، إلى أن جاء لقاء المعلم ويوسف بن علوى، وهو ما يشير بالفعل إلى أن هناك أساسا لمبادرة عمانية، تم التشاور بشأنها مع إيران ودول أخرى فى المنطقة، ومن بينها بالطبع مصر، لأن السلطنة تدرك كما قال لى المسؤول الذى التقيته، أن أى حل للأزمة السورية لن يمر بدون المباركة المصرية. ربما يساعد السلطنة فى تحركاتها هذه أن سياستها الخارجية تتميز بالحيادية على المستوى الدولى، كما أنها تحتفظ بعلاقات صداقة مع كثير من دول العالم، ما مكنها من القيام بأدوار وساطة فى العديد من القضايا الشائكة فى المنطقة، لا سيما قضية إيران النووية، لكن ربما يكون الوضع فى سوريا صعب إلى حد ما، لأنه يخضع لتشابكات إقليمية متعددة.