إغلاق صحيفة التحرير جرس إنذار حتى لا يكون أول الغيث، وتتساقط واحدة تلو الأخرى مثل أوراق الخريف، ويكون الصحفيون هم الضحايا ويدفعون الثمن، والخطر لن يقتصر على الصحف الخاصة فقط، ويطارد الصحف القومية إذا توقف الدعم الحكومى، لأن النفقات أكبر بكثير من الإيرادات، وأرقام الدين تتزايد يوما بعد يوم، والصحفيون الشبان الذين رماهم القدر على مهنة صاحبة الجلالة، سيجدون أنفسهم دون مظلة أو غطاء، بعد سنوات من العذاب والشقاء، ولن تقدر نقابة الصحفيين على رعايتهم، لأن الأمر يفوق قدرتها مهما كانت قوتها، والأزمة لا تتعلق بسقف الحريات أو الخطوط الحمراء، ولن تنفرج بإقرار قانون حرية تداول المعلومات.. المعضلة اقتصادية وتتجسد فى الخسائر وانهيار الموارد وتراجع الإعلانات والتوزيع، وانصراف القراء عن الصحافة المكتوبة.
والحل؟.. وقف النزيف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحماية جموع الصحفيين، وإعادة إحياء المهنة التى أصابها الجفاف.. وأطرح بعض الأفكار قد تكون تكون مفيدة.. أولا: إعادة الهيكلة بكبح الإنفاق وزيادة الموارد، وتقليل الخسائر لأقصى درجة ممكنة، وضبط المطبوع بحيث لا يزيد المرتجع عن %15.. ثانيا: تغيير السياسات التحريرية القائمة، التى حولت كثيرا من الصحف المطبوعة إلى «أكل بايت» للمواقع الإلكترونية، وابتكار صحافة مكتوبة جذابة تهتم بالخدمات، وتعيد البحث عن القارئ الذى انصرف عنها حتى لو حصل عليها مجانا، وهذا موضوع يطول شرحه.. ثالثا: التعامل مع الصحيفة بمنطق المنشأة الاقتصادية وليس الجمعية الخيرية، لأن كثرة الإصدارات أفقدتها القوة والنفوذ، الذى كان يغرى رجال الأعمال باقتنائها والإنفاق عليها، فلم تعد الصحافة صاحبة جلالة، وتشابهت موضوعاتها إلى حد كبير، واحتلت الفضائيات عرشها.
ليل الصحافة المظلم يمكن أن تشرق عليه الشمس، إذا ربطت نفسها بالنهضة الاقتصادية التى تلوح فى الأفق، وحصلت على نصيبها العادل من النمو، بشرط أن تنوع مصادرها، وتلتحم بالقضايا الجماهيرية التى تمس حياة الناس، وتضع نصب عينيها هدفا واحدا، هو البحث عن قارئ جديد، يجد فيها ما يميزها عن الفضائيات والمواقع الإلكترونية، لأن الزبون لن يدفع مليما فى صحيفة، تلهث كالسلحفاة وراء أخبار الأمس، والمثل يقول «ما حك جلدك مثل ظفرك».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة