مارينا فارس تكتب: وحيد كما كان

الإثنين، 24 أغسطس 2015 04:00 م
مارينا فارس تكتب: وحيد كما كان صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى محاولة جديدة للبحث عن مواهبى المجهولة المشكوك فى وجودها أصلاً. قررت أن أتعلم "الكروشيه" بمساعدة "يوتيوب" تابعت العديد من الفيديوهات وأخذت أقلد كل الحركات بالتفصيل..

أمسكت الخيط السميك ولففته على إصبعى وفى اليد الأخرى أمسكت الإبرة معقوفة النهاية.. انهمكت فى العمل لساعات، أمرر الإبرة التى تمسك بالخيط بين النسيج حتى أخرج طرف الخيط وأكرر الخطوات مئات المرات إلى أن يأكلنى الملل.

أعدت الحلقات وأحسب المسافات وأشد الخيط مرة وأتركه ينساب مرة. مهم جداً أن أنتبه لطرف الخيط لأن جذبة بسيطة كفيلة بأن تفسد كل ما فعلت ويعود ما نسجته خيطا وحيدا كما كان، ويتلاشى مستقبله فى أن يصبح شيئا. والأهم ألا تحدث عقدة فى الخيط فتقف فى طريق الإبرة النشيطة.. أظل أعمل وأعمل ويأخذ النسيج من عمر لفافة الخيط فينقص حجمها..

وقاية من الملل، أضع فى أذنى سماعاتى الصغيرة وأتركها تغنى ما يحلو لها، تسكب فى عقلى لحن فرح أحياناً خائف دائماً. لكنى أجد كل الألحان قصيرة لا تكفى كلها مبتورة النهايات. والقصائد التى أبهرتنى شفرة معانيها اجدها صارت صدئة لا معنى لها.. أخبط قدمى فى الأرض كطفل غاضب فألوان خيوطى لا تعجبنى.. ألقى بالإبرة..

ألوم ما أسميه حظى العاثر مئات المرات لأعود أجدنى لا ألوم إلا ذاتى !! بعدها تأتى ألحان أحلامى لتلومنى.. وتتراقص الأغنيات حين تشتعل بكل ألوان المستقبل.. فـأبنى برجا عاجيا من الأشياء الباهتة أسكنه وحدى وأعود لأمسك بالإبرة كى أنسج أحلاما جديدة..

الآن يجب أن أطوع حلقات النسيج لتصنع منعطفا صغيرا لتكتمل الدائرة وتظل الإبرة تدور وتدور حولها..

أنا أعلق كبندول ساعة حائط.. أتأرجح بين شك رمادى ويقين زاهى الألوان.. إنها فراشة الأمل المراوغة، التى لا تحط على أزهارى ولا ترحل بعيداً فأنساها.. تظل تدور وتدور حولى.. اه من ذلك الأمل الذى يعيدنى إلى بداية الطريق..لأبقى ألهث وراء عقارب ساعتى...

أنا لدى لفافة خيط لا أعلم أى شكل أعطيها ولا كم إبرة لدى كى أتمكن من صنع شىء ما جميل.. أتمنى ألا تنتهى كل خيوطى قبل أن أنتهى أنا من صنع ما أريد.. أعالج عقد الخيط كى أكمل النسيج الذى بدأ يتشكل..

كم يحلو لى أن أجلس لأحدق فى اللاشىء.. أبحث عن شىء غير مرئى.. شيئاً ما براق خلف الغيوم يلوح لى.. ينادينى وما من أحد يسمعه سواى.. يدعونى للطيران فأنظر فى أسف لأذرعى.. إنها لا تعرف الطيران!

سأظل أعمل إلى أن تنتهى كل خيوطى. سأنسج ما تعطينى الأيام من ألوان...











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة