علا الشافعى تكتب: المنوفية محافظة قريبة من القاهرة لا تعرف دور العرض

الإثنين، 24 أغسطس 2015 10:03 ص
علا الشافعى تكتب: المنوفية محافظة قريبة من القاهرة لا تعرف دور العرض علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"سينما ماجدة".. هذا العنوان قد يحيل القارئ إلى أننا نقصد سينما الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحى، لكنها واحدة من دور العرض، التى سمعت عنها، وكانت فى مدينة قويسنا أحد مراكز محافظة المنوفية، التى تقع فى وسط الدلتا.. مدينة كبيرة.. لا توجد بها سوى دار عرض واحدة! بل محافظة كاملة بعد أن أغلقت أيضا دار عرض مركز منوف وكذلك "سينما النصر" فى مركز أشمون.. كانت تمثل الكثير من الذكريات للأجيال التى سبقتنا، وتحديدا جيل الستينيات.

كثير ما كان يروى المقربون أن سينما ماجدة كانت تضىء هذا الشارع ويرتادها الكثيرون من أبناء المحافظة حتى منتصف السبعينيات، وتحديدا فى عام 1973، لكن عندما كبرنا نحن فى منتصف الثمانينيات – المرحلة التى يتشكل فيها الوعى- لم يكن هناك أثر لتلك السينما، كانت قد تحولت إلى ذكرى، بعد أن تهدم المبنى، وأقيم مكانه العديد من المحلات التجارية، وتحديدا محل أحذية وآخر يبيع أغراضا يطلقون عليها بـ "2 جنيه ونص" لأنها تباع بسعر موحد، ومحل بيع أقمشة، لذلك نشأنا كجيل، يعيش على أطراف القاهرة – وتحديدا تفصلنا ساعة ونصف الساعة عن القاهرة- ونحن لا نعرف شيئا عن ارتياد السينمات، لأن من كان يرغب فى ذلك، كان عليه الذهاب إلى محافظات أخرى، مثل القليوبية والغربية.

اقتصرت علاقات جيلى بالسينما من سكان الأقاليم على التليفزيون، ذلك الجهاز الذى كان حلقة الوصل بيننا وبين الحياة الأخرى.. أقصد السينما.. عرفنا الأفلام، والنجوم وأسماءهم من ذلك الجهاز، الذى كان يحمل لنا المتعة، والمهتم فينا كان يلجأ أكثر إلى المجلات والجرائد ليتابع أخبار الفن وصناعة الأفلام، وأعتقد أن مثلى كثيرون من أبناء القرى والمحافظات البعيدة، والتى لا يجد أبناؤها متنفسا آخر، وظلت علاقتى بالسينما منحصرة فى هذا الإطار، إلى أن دخلت قاعة العرض لأول مرة فى حياتى بعد نجاحى فى الثانوية العامة.. اصطحبنى والدى، ووقتها كان يعرض فيلم “المغتصبون” للمخرج الراحل سعيد مرزوق، وكان الفيلم – وقتها يحقق نجاحا تجاريا كبيرا.. يومها لم أنس رهبة ارتياد تلك القاعة الكبيرة.. كان كل شىء أشبه بالسحر.. الشاشة الكبيرة.. الصوت الذى يحيط بنا من كل جانب، لدرجة أننى خرجت بخوف ورهبة، من تأثير الفيلم وقضيته.

بعدها صار ارتياد السينما فى القاهرة هو المتعة الوحيدة، وأتذكر تلك التفاصيل، فى ظل معركة مصر ضد الإرهاب، وضرورة ضخ الدم وبث الحياة من جديد فى السينما – إحدى عناصر القوى الناعمة- فهل يعلم المسئولون عن الدولة والثقافة فى مصر، أن عدد الشاشات فى مصر تراجع، حتى وصل إلى 150 فقط، وفى طريقها لأن تقل أكثر وتحديدا فى صعيد مصر.. تلك المحافظات المهملة دوما، وفى بلد يتعدى سكانه الـ 90 مليون نسمة، ويسيطر عليه وفيه الجهل، ولا تلق الدولة بالا لأهمية الفن ودوره، رغم المؤتمرات التى تعقد والكلام الذى يقال على شاشات التليفزيون والفضائيات، والحديث عن ملايين الجنيهات التى سيتم استثمارها فى صناعة السينما، دون أن نرى شيئا يتحقق على أرض الواقع حتى الآن، سوى مزيدا من الكلام والوعود بتحقيق طفرة، بدعوى ضرورة توظيف القوى الناعمة فى محاربة الإرهاب، لكن يبدو أننا دولة تفضل الحل الأمنى لسهولته، بعيدا عن التنوير الحقيقى.

مصر صارت اليوم بلدا يسكنه التطرف بامتياز، وإذا كنا نحن الجيل الذى لحق آخر حاجة من كل حاجة، فهناك أجيال بعدنا، لم تر سينمات صيفية أو غيرها.. لم تعرف قصور ثقافة تقدم الأنشطة والعروض، وهى الأماكن التى تحولت إلى خرابات بالمعنى الحرفى للكلمة، وأجيال لم تسمع شيئا عن الأنشطة المدرسية من موسيقى ومسرح ورياضة، حيث تحولت حصص الأنشطة إلى باقى المواد التعليمية، بهدف سرعة إنجاز تلك المناهج العقيمة التى لا تعمق سوى الجهل وإقصاء الآخر، وكلامى لا يحمل مبالغة، فنظرة سريعة على منهج الصف السادس الابتدائى مثلا، كفيلة بتأكيد ذلك.. درس كامل عن حرب أكتوبر لم يذكر فيه اسم الراحل أنور السادات مرة واحدة، بغض النظر عن أى موقف سياسى معه أو ضده، ودرس آخر عن ثورة يوليو لم يذكر فيه اسم واحد من الضباط الأحرار سوى جمال عبد الناصر!.

لا أمانة فى سرد الوقائع، ولا إنصاف للشخصيات التاريخية مهما كان حجم دورها، ولا رغبة حقيقة فى البناء، ولا رغبة فى التنوير ولا خطوات فعلية لمحاربة التطرف.. فقط حلول قمعية، ولذلك لا نستطيع سوى أن نصرخ بأعلى صوت: انتبهوا مصر ترجع إلى الخلف.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة