اعجبنى حديث تلفزيونى رائع للمهندس إبراهيم محلب رئيس وزراء مصر وشد انتباهى إصراره على تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية وخاصة فى مجال الخدمات الصحية وهى حق أصيل من حقوق الإنسان المصرى حيث أوجز فى مجال توفير منظومة علاج لمرضى فيروس سى ومنظومة تأمين صحى للفلاح المصرى يساهم فيها بـ120 جنيها سنويا وتساهم الدولة بمائتى جنيه ومنظومة التأمين الصحى لغير القادرين من مستحقى معاشات الضمان الاجتماعى وتتحملها الدولة كاملة ولمست تمتع الرجل بالإخلاص الشديد والشفافية الكاملة.
ذكرنى هذا الحديث بقاعدة ذهبية فى مجال الخدمات الصحية وهى "الوقاية خير من العلاج" وشجعنى لأعود وأكتب مرة أخرى بصفتى طبيب على وشك الخروج لسن التقاعد وبصفتى فلاح مصرى وابن أحد الفلاحين المصريين الذى عانوا من أمراض الكبد سواء من البلهارسيا أو فيروس سى اللعين وتعرفت جيدا على حجم المشكلة فى مصر.
بإحصائيات ودراسات منظمة الصحة العالمية مصر تمثل أعلى نسبة إصابة بهذا الفيروس وتعتبر أكبر خزان فى العالم لهذا الفيروس بسبب ممارسات الحقن غير الآمن لدواء الطرطير الذى يعطى بالوريد لعلاج البلهارسيا فى عصور السرنجات الزجاجية التى يعاد استخدامها لأكثر من مريض بدون تعقيم.
الفئات الأكثر إصابة فى المجتمع هم أعضاء الفريق الطبى بكل أسف وأيضا مرضى الغسيل الكلوى ولقد فطنا متأخرين فى عام 2004م لأهمية برنامج مكافحة العدوى حتى لا تكون المنشآت الصحية مصدرا من مصادر العدوى وزيادة انتشارها فى المجتمع علما بأن هذا البرنامج مطبق فى الدول المتقدمة منذ عام 1984م مع اكتشاف فيروس سى وازداد صرامة فى التسعينيات مع اكتشاف مرض الإيدز وازداد تطورا مع اكتشاف سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وخاصة مع انتشار مراكز العناية المركزة والحضانات.
الحمد لله قطعنا شوطا كبيرا فى مجال مكافحة العدوى بفضل فرسان مكافحة العدوى الذين تم تدريبهم على مستوى قومى والمتواجدين بأغلب المستشفيات ووحدات طب الأسرة تطورت منظومة التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة وتطورت منظومة نقل الدم ومشتقاته ومنظومة التعقيم عالى الكفاءة.
عملت فى هذا المجال وكتبت مقالات بخصوص مكافحة العدوى وقلت إن الطريق مازال طويلا منذ ست سنوات ومازلت أقول إن الطريق مازال طويلا مازالت معدلات انتشار الفيروس اللعين تفوق قدرات الدولة على علاج المصابين مع كل طلعة شمس تضاف إصابات جديدة أكثر من عدد الحالات التى تقوم الدولة بعلاجها.
بكل أسف مازالت هناك منشآت طبية بلا ماء أغلب الوقت وإذا وجد الماء لاتجد أحواض وإذا وجد الحوض تجد عطل بالحنفية أو صرف الحوض وإذا توفر كل ذلك لا تجد منظفات أو مطهرات أو مواد تجفيف للأيدى بكل أسف الكثير من المسئولين لايهتمون بالبنية التحتية لنظافة أيدى الفريق الطبى مع أنها تمنع 80% من عدوى المستشفيات.
بكل آسف بعض المنشآت الصحية تعانى من نقص شديد من مستلزمات مكافحة العدوى وعدم كفاءة أجهزة التعقيم بسبب القصور الشديد فى الصيانة أيضا كلنا لاحظنا قصورا شديدا فى نظافة بيئة المنشآت الصحية الداخلية والخارجية أيضا تلاحظ سلوكيات سلبية لأعضاء الفريق الطبى وعدم مبالاة بأهمية الالتزام بتوصيات وإجراءات مكافحة العدوى.
لكل ذلك أعتقد أن برنامج مكافحة العدوى مازال هشا ومازالت ماكينة الغصابات الجديدة بفيروس سى لم تتوقف ومنظومة الوقاية تحتاج إلى تطوير من خلال رجال الطب الوقائى وفرسان مكافحة العدوى من خلال عدة آليات متعارف عليها دوليا:
1- الاستمرار فى التدريب واعادة التدريب لكل العاملين فى مجال تقديم الخدمات الصحية فى جميع المنشات الخاصة والتابعة للوزارة والمستشفيات الجامعية والعسكرية والمنازل ومحلات الحلاقة وخلافة والاستمرار فى المتابعة والتقييم .
2- عمل برنامج منيع لترصد عدوى المستشفيات مستغلين سرعة التواصل المتوفرة عن طريق شبكة المعلومات الدولية
3- الاستمرار فى تطوير البنية التحتية للمنشات الصحية والبنية التحتية لمكافحة العدوى واعتماد المنشات لمدة عامين ويتم تجديد الاعتماد
4- توفير بنية تحتية للتعقيم من اجهزة ومواد تغليف وماكينات لحام وكواشف لكفاءة الاجهزة والدورات والصيانة المستمرة لهذه الاجهزة علما بان بعض المستشفيات بها اجهزة تعقيم حديثة فى المخازن منذ عام او اكثر ولم يتم تشغيلها حتى الان مما يعد اهدار مال عام .
5- توزيع عادل وفعال لميزانية تمويل المستلزمات حيث هناك مستشفيات تعانى من نقص شديد لهذه المستلزمات لدرجة تؤدى الى اعادة استعمال المستلزمات احادية الاستخدام مثل السرنجات والمشارط واجهزة المحاليل والقساطر بكل اسف
6- الاسراع فى الانتهاء من قانون التامين الصحى الشامل وعرضه على مجلس النواب القادم فى اقرب فرصة
7- فتح حساب خاص لتلقى تبرعات من عامة افراد الشعب وليكن عشرة جنيه شهريا علما بان رجال الاعمال والمجتمع المدنى لهم مساهمات جبارة فى هذا المجال ويقومون بشراء الاجهزة مهما كان ثمنها
8- خلق حالة تنافسية وعمل مسابقات وتقديم مكافات للتحفيز الايجابى واللجوء للتحفيز السلبى مع المقصرين والمتقاعسين وخاصة من القيادات الفاشلة التى لاتؤمن باخمية مكافحة العدوى
من حق اى انسان ان يحصل على خدمة طبية امنة وعالية الجودة والخدمة الطبية الامنة لالزوم لها لانها جريمة فى حق المجتمع.
من حق أى طبيب أو ممرضة أو أى شخص يعمل فى مجال الصحة أن يتم توفير بيئة آمنة للعمل والبيئة الآمنة مسئولية القيادات وبصراحة مازال هناك قيادات فاشلة لاتؤمن باهمية بيئة العمل الامنة واهمية مكافحة العدوى وجودة الخدمة الطبية اما انهم قيادات غير مؤهلة علميا او قيادات غير مدربة او قيادات طبيعتها الفشل. لابد من المساءلة والمحاسبة وحصر الاف الاجهزة لماذا تعطلت ولماذا لم يتم تشعيل الجديد منها هناك الكثير من المستشفيات بها اجهزة كثيرة ومهدرة ولايتم الانتفاع بها بسبب سوء التوزيع وقصور فى التخطيط السليم. اخيرا ومن على هذا المنبر اتقدم بالشكر لكافة المخلصين العاملين فى مجال الخدمة الطبية وعلى راسهم الاطباء الشرفاء وملائكة الرحمة من هيئات التمريض وكل الفنيين وباقى الفئات قوى بشرية هائلة ولكن تحتاج الى سياسات تخرج طاقاتهم المعطلة.
حفظ الله مصر....حفظ الله شعب مصر...وفق الله حكومة مصر...حفظ الله الجيش
الرعاية الصحية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة