نقلا عن العدد اليومى
«قبل موعد ولادتى بأربعة أيام فقط، وخلال تواجدى عند الطبيب فاجأنى بضرورة ولادتى حالا، وحاولت الاستفسار عن أسباب التسرع، فلم يقدم لى مبررا مقنعا، وأوضح أنه سيعطينى «قرص دواء»، وفى حال عدم إحساسى بطلق فلابد من ولادتى فورا، وبالفعل لم أشعر بشىء فطالبنى بالتوجه إلى المستشفى الذى حدده لى للولادة، والذى طالبنى بدفع 3 آلاف جنيه مبدئيا والتوقيع على قائمة طلبات بمبلغ يقارب 10 آلاف جنيه»، بتلك الكلمات بدأت إيمان م. قصتها حول معاناتها فى الولادة واستغلال الطبيب لها.
وأضافت إيمان فى حديثها لـ«اليوم السابع»،: توجهت فورا للمستشفى، ووصلت إلى بوابات غرفة العمليات فى التاسعة من صباح اليوم نفسه، وخرجت منها فى الواحدة ظهرا، وهو وقت مبالغ فيه لأى عملية قيصرية، لكن كان ذلك نتيجة لحدوث نزيف وارتفاع بالضغط بعد الولادة فورا، وبعدما تمت إفاقتى، قال الطبيب: «على فكرة البيبى كان الحبل السرى ملفوف حول رقبته»، لكنى لم أصدقه لأن السونار أجريناه مساء أمس ولم يخبرنى بشىء حول حالة طفلتى».
وأشارت السيدة إلى أنها ظلت تعانى من نزيف لمدة 55 يوما من الولادة، رغم أنها كانت بأحد المستشفيات الخاصة الشهيرة، لافتة إلى أنهم حصلوا على 3 آلاف جنيه لإجراء العملية فقط، و700 جنيه للعناية بالطفل فور ولادته، ومتابعة حالته وحالتى بـ400 جنيه، وظللت فى المستشفى لمدة 3 أيام بـ700 جنيه لكل ليلة، بالإضافة إلى 200 جنيه فى اليوم لطفلتى لحجز حضانة لها».
أما منى فروت تجربتها قائلة: «ذهبت لطبيب للولادة للمرة الثانية مع طبيب آخر غير الذى تابعت معه فترة حملى، والذى سبق تأكيده أننى سألد طبيعى، إلا أن الطبيب الجديد طالبنى بتناول قرص دواء، وحينما أخبرته أننى اعتدت الولادة الطبيعية، فقال لى: «الدكاترة مدارس، القرص لن يضر الجنين، لكنك فور تناوله فى حال عدم حدوث طلق، لابد من التدخل بالعملية القيصرية، لأن القرص يحدث انفصال فى المشيمة عن الرحم ويخليه من الماء والدماء المحيطة به، مما يعرض الجنين للموت فى حال بقائه، موضحا أن العملية تتكلف 8 آلاف جنيه»، فتركته وذهبت لطبيب آخر وبالفعل ولدت طبيعى بأحد المستشفيات الخاصة بـ3 آلاف جنيه فقط.
بينما تؤكد إيناس، أنها فى بداية فترة حملها، فضلت المتابعة مع إحدى الطبيبات الشهيرات، إلا أنها فى أول لقاء أكدت لها الطبيبة أنها ستلد طبيعى، وقالت لها: «إنتى بكرية، ووارد تولدى طبيعى، وأنا من الآخر مش بولد طبيعى، عاوزة تتابعى معايا تنسى الطبيعى»، وتركتها لكننى عندما توجهت لطبيب آخر ولدت قيصرى فى مستشفى خاصة، بـ5000 جنيه للعملية فقط، والطبيب حصل على 4 آلاف جنيه كأجر له».
الدكتور عمرو حسن مدرس واستشارى نساء وتوليد بكلية طب القصر العينى، أكد لـ«اليوم السابع»، أن هناك عدة عوامل ساهمت فى زيادة معدلات الولادة القيصرية، مثل عدم ممارسة الرياضة، والتى تساعد فى توسيع الحوض وتقوية عضلات البطن مما يسهل عملية الولادة، لتجد نفسها فى نهاية التسعة أشهر تشعر بآلام بالظهر ناتجة عن ضعف بفقراته، بالإضافة إلى وجود موروثات قديمة كفيلم الحفيد التى أوضحت معاناة آلام الأم خلال ولادتها، مما يؤدى إلى طلب بعض السيدات التخلص من تلك العملية كاملة وإجراء القيصرية تجنبا لذلك المشهد.
فيما أوضح الدكتور عمرو الشلقانى، أستاذ التوليد وأمراض النساء بجامعة عين شمس، أن زيادة معدلات العمليات القيصرية فى مصر، نتيجة لعدم توافر العديد من الجوانب الخاصة بالخدمة الطبية اللازم توصيلها للمرضى أثناء الولادة الطبيعية فى مصر حتى فى المستشفيات الخاصة، مشيرا إلى أن ذلك دفع العديد من أصحاب الطبقة الوسطى بالمجتمع لديهم الخوف والرهبة من الدخول فى الولادة الطبيعية وطلب القيصرية مسبقا.
من جانبه، أكد الدكتور سمير بانوب أستاذ وخبير التخطيط فى السياسة الصحية، أن إجراء العمليات القيصرية فى مصر طبقا للإحصائيات والمقارنات الدولية تؤكد أنها ضعف ما هو مطلوب، وأن ما يحدث فى كل دول العالم هو أن يتم تحليل الأسباب التى دفعت الأطباء لإجراء القيصرية، لبيان إن كانت طبقا لاحتياج أم لا، ولوضع ضوابط وإرشادات للحالات التى تحتاج لتلك العملية، إلا أن ذلك كله لم يحدث فى مصر، لافتا إلى أن مصر حققت المرتبة الأولى على العالم بإجراء عمليات الولادة القيصرية، وأن النسبة ازدادت بنسبة 50% خلال 8 سنوات فقط. ولفت بانوب، فى تصريحاته لـ«اليوم السابع»، أن العمليات القيصرية تعد تكلفة مرتفعة على الدولة، خاصة فى ظل وجود 2 مليون ونصف ولادة سنويا، نصهم عمليات قيصرية، و2/3 تجرى فى القطاع الخاص وتدفعها الأسر من جيبهم بما فيها الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، والتى قد لا يكون هناك داعٍ طبى لها من الأساس، مشيرا إلى أن الأسباب التى قد تؤدى لذلك هى عدم وجود رقابة على شروط إجراء العملية القيصرية، وفقد التعليم اللازم للزوج والزوجة وسبل تحفيز الأطباء لعدم اللجوء لتلك العمليات، بجانب فقدان رعاية الأم الحامل حيث إن 1/3 سيدات مصر لا يجرين الزيارات المفترض إجراؤها للطبيب خلال فترة الحمل، نتيجة للفقر أو صعوبة رعاية الأم فى المستشفيات العامة أو وحدات الرعاية.
من ناحية أخرى، أكد الدكتور خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء، أنه على الرغم من نص قانون النقابة على ضرورة وضع أسعار استرشادية للخدمات الطبية، إلا أنه ونتيجة لضعف المجالس المتتالية لم يتم ذلك، مشيرا إلى أن قانون النقابة لا يعاقب الأطباء، وأن لجنة آداب المهنة الغرض منها هو حماية المهنة وليس حماية المريض، موضحا أن أقصى عقوبة قد يتعرض لها الطبيب حال خطئه هى الإيقاف، وبالتالى المريض لن يستفيد شيئا فى حال تطبيقه، مضيفا: «لكن فى حال إجراء عمل جراحى غير مطلوب يحتاج إلى وجود شكوى من المريض، والتى لا تحدث إلا فى حال عدم حدوث مضاعفات أو وفاة».
وأضاف سمير: «أكثر الأطباء الذين تورد منهم شكاوى للجنة آداب المهنة هم أطباء النساء والتوليد، أو أطباء التخدير، خاصة فى ظل إجراء عمليات فى بير السلم وعيادات خاصة غير مصرح لها بإجراء العمليات، والتى تتسبب فى أغلب الأوقات فى الوفاة، وطالما يحدد الطبيب أجره بنفسه ويحصل على أجره من كل مريض على حدة، يجد نفسه وقتها أمام خيارين أحدهما أن يظل لمدة يوم بجانب المريض مقابل مبلغ زهيد من المال، والآخر يكلفه نصف ساعة ويحصل على مبلغ مرتفع، وبالتالى يختار الأسهل له، إذا كان الطبيب يعمل فى مكان يحصل من خلاله على مرتب عادل لما لجأ إلى تلك الأمور».
من جانبها، وصفت نتائج المسح السكانى الصحى لمصر 2014، وهو المسح العاشر من نوعه فى سلسلة المسوح السكانية الصحية التى شرعت مصر فى تنفيذها منذ عام 1988 تحت إشراف وزارة الصحة وبمشاركة العديد من المنظمات العالمية، زيادة الولادات القيصرية التى وصلت إلى 52% بالمفزعة، مشيرة إلى أن بعض المحافظات وصلت فيها إلى 76% مثل بورسعيد ودمياط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة