نقلا عن اليومى..
مرت العلاقات "المصرية- الأمريكية" بتغيرات وتوترات فى الفترة ما بعد قيام الشعب بثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، ملفات كثيرة متشابكة بالشرق الأوسط تحتاج لتوضيح..دفعنا هذا للقاء الدكتور وليد فارس مستشار الكونجرس لشئون الإرهاب والشرق الأوسط ، كما أنه الأمين العام للمجموعة النيابية الأطلسية لمكافحة الإرهاب، وأستاذ جامعى بواشنطن و كان مستشارا للمرشح الأمريكى السابق لرئاسة الجمهورية ميت رومنى.. خلال لقاؤنا الذى امتد لساعتين تناولنا العديد من الملفات بدءا من رؤيته للأوضاع الحالية والمستقبلية فى مصر والسياسة الخارجية الأمريكية والملف النووى الإيرانى ووضع الإخوان المسلمين من المعادلة على ساحة الشرق الأوسط الآن ومستقبل العلاقات بينها وبين البيت الأبيض والملف السورى وأسباب الصمت الدولى والأمريكى على ما يجرى هناك والمنظمات الإرهابية وخطورتها فى المنطقة ومستقبل داعش فى المنطقة العربية .. كما أكد أن داعش نتاج أخطاء كثيرة وقعت فيها الإدارة الأمريكية لسنوات طويلة..ولا تمثل خطرا على مصر ..
كشف لنا الدكتور وليد فارس كواليس ما يحدث فى مطبخ السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط مؤكدا أن موقف البيت الأبيض تجاه إيران لن يتغير إلا بانتهاء فترة حكم أوباما، كما أن موقف الإدارة الأمريكية من الملف السورى لن يتغير لربطه بالملف الإيرانى، أكد الدكتور وليد أن لا خوف على مصر من داعش لأن جيشها قوى فمن المستحيل ان تسقط كما سقطت العراق ..
أكد أيضا أن التزاوج والاتحاد بين الجيش والشعب المصرى أنهيا تماما نفوذ الإخوان ، وأن الأغلبية التى أتى بها عبد الناصر والسادات لم تكن أغلبية الأكثرية الصامتة .. لكنها كانت الأغلبية المتحركة فى إطار ما يسمح به النظام وهذا ما تميز به السيسى الذى جاء بأغلبية كانت صامتة ثم خرجت ثائرة لأول مرة
الدكتور وليد له العديد من المؤلفات عن الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية منها "الربيع المفقود" و"مستقبل الجهاد" الذى يتناول تفكير الجماعات الجهادية ودوافعها ومستقبلها فى العالم والشرق وحرب الأفكار بين هذه الجماعات وبين المجتمعات الإسلامية المعتدلة ..
ملف الإخوان وعلاقتهم بقطر ومستقبل علاقتهم مع البيت الأبيض وموقف الكونجرس وتحليله للأحداث الطائفية التى تقع من وقت لآخر فى مصر حيث تتزامن غالبا مع زيارات وفود من منظمات حقوقية دولية و أمريكية لبحث أسبابها ..العلاقة بين الأحداث الإرهابية التى وقعت مؤخرا فى تونس والويت ومصر بالتزامن مع فرنسا والسعودية ..ورؤيته للسياسات القطرية فى المنطقة ..جميعها ملفات شائكة حرصنا على إلقاء الضوء عليها من خلال حوارنا مع الدكتور وليد فارس مستشار الكونجرس الأمريكى لشئون الشرق الأوسط والإرهاب..الذى أكد الوحدة بين المسلمين والأقباط فى مصر لا يمكن لأحد ضربها ..
أكد لنا فارس الإخوان أحد أفرع السلفية المتطرفة التى تهدف لإسقاط الحكومات بالدول العربية وإنشاء ما يسمى بحكم أو نظام الخلافة الإسلامية ..وقد استخدم الخطاب الدينى المتطرف بمصر فى شحن الشباب والتجنيد العقائدى لصالح السلفية الجهادية وهى السبب فى بعض الأحداث الطائفية ..إلى نص الحوار ..
بالنسبة لملف مصر..
*ما تحليلك للعلاقات "المصرية- الأمريكية" مع ما مرت به من تغيرات فى فترات مختلفة..وتوقعاتك لمستقبل هذه العلاقة؟
- **لابد أن نفرق بين جانبين فى العلاقات المصرية الأمريكية الأول العلاقة بين الكونجرس ومصر وهى الآن جيدة جدا وهناك سعى دائم من قبل الكونجرس لتقوية هذه العلاقة أما الجانب الثانى وهو العلاقة بين الإدارة الأمريكية ومصر وهذه مرت بمراحل ومتغيرات كثيرة فبعد ثورة 25 يناير بدأت العلاقات "الأمريكية - المصرية" تمر بمرحلة جديدة مليئة بالمتغيرات بعد فترة طويلة من الاستقرار منذ توقيع السادات اتفاقية "كامب ديفيد"، واستمرت العلاقة متوازنة إلى حد ما خلال حكم مبارك للحفاظ على استقرار مصر والمنطقة ، لكن مع زيادة انتشار وسائل التواصل الاجتماعى ومن أهمها الفيس بوك بدأت تحدث تغييرات حثيثة فى درجة الوعى السياسى للمصريين فى فترة ما بعد 11 سبتمبر خاصةً بين الشباب الذى بدأ يدرك أهمية التغيير ويبحث عن سبل تحقيقه، خاصة مع المتغيرات التى حدثت على الأرض في المنطقة بكل من لبنان والعراق وإيران.
وفى 2009جاء أوباما لزيارة مصر متظاهرا بأنه يخاطب المجتمع المدنى والشباب من خلال خطابه بجامعة القاهرة لكن ما حدث بعد ذلك أظهر أن إدارته كانت تمهد الطريق للإخوان لأنها كانت الجماعة الأكثر تنظيما وترابطا والمثلى بالنسبة للإدارة الأمريكية للقيام بالتغيير المنشود في مصر وكانت الظروف مواتية للإخوان فكانت تتلقى تمويلا ضخما من بعض الدول فى مقدمتها قطر، لكن "الإخوان" لم يكن بمقدورهم تحريك المجتمع والشعب المصرى وخلق ثورة على نظام الحكم ؛ مما استلزم حشد مجموعات من الشباب وجموع الشعب المصرى بفئاته المختلفة ونشر رسائل تحفيزية للثورة عبر الفيس بوك ، مما أدى لثورة 25 يناير بترقب دقيق لأحداثها لحظة بلحظة من قبل الإدارة الأمريكية و المجتمع الدولى ووسائل الإعلام العربية والأجنبية.
وبعد أن أعلنت جماعة الإخوان موقفها بدأت الإدارة الأمريكية تساند الثورة وتطالب "مبارك" بالتنحى عن الحكم، وبدأت تساند "الجماعة" تحت ضغط اللوبى الإخوانى الذى كان يتمتع بقوة كبيرة في واشنطن، وبدورها بدأت محاولات الإدارة الأمريكية لممارسة نوعا من الضغط على الجيش المصرى ليعطى مساحة لـ"الإخوان" فى تلك الفترة..وبلغت العلاقات المصرية الأمريكية ذروة قوتها أثناء حكم الإخوان لمصر.
*هل كانت ثمة علاقة بين نتائج الانتخابات الأمريكية فى 2011وتشكيل السياسة الداخلية لمصر فى ذلك الوقت؟
**بلا شك مصير الانتخابات الأمريكية خلال 2011- 2012 لعب دورا فى تشكيل السياسة فى مصر والمنطقة حيث إن المرشح الرئاسى ميت رومنى الذى خسر الانتخابات أمام أوباما كانت له سياسات ضد الإخوان وخططهم في مصر، ولكن فوز أوباما حسم الموقف لصالح الجماعة وتقوت علاقات التحالف بين الإخوان والإدارة الأمريكية، وحينما ثار المصريون فى 30 يونيو كانت الإدارة الامريكية تترقب الأحداث عن كثب من بعد لأنها بدأت تستشعر أن الشعب المصرى سيصنع تغييرات عكس توقعاتها ومع سقوط الإخوان فعليا وبدء إجراء الانتخابات الرئاسية اطلقوا على هذه المرحلة "انقلاب على الشرعية" لأنهم من البداية ساندوا الإخوان ضد الأصوات التى كانت بدأت تنادى بإسقاطهم..وبعد الاستفتاء على الدستور وفوز الرئيس السيسى بدأت العلاقات تتحسن بعض الشئ، أما مستقبلا بعد انتهاء حكم أوباما أنا أعتقد أن أمريكا ومصر سيتحدان بشكل تدريجى لمواجهة المخاطر والحفاظ على المصالح المشتركة.
*الشرق الأوسط يموج بالمشكلات فمن وجهة نظرك هل لدى القائمين على ملف الشرق الأوسط بالإدارة الأمريكية الرؤية الكاملة والفهم الجيد لمشاكل هذه المنطقة؟
**المسألة ليست إشكالية توفر معلومات فأمريكا لديها حوالى 16جهازا وهى أكبر عدد أجهزة فى العالم جميعها على درجة عالية من الكفاءة فى نقل الوقائع والمعلومات، لكن المشكلة فى تقييم الإدارة والقائمين على السياسة الأمريكية لما يصل لأيديهم من معلومات وبالتالى تقديرهم للأوضاع بالشرق الأوسط بالنسبة لجميع الملفات سواء الإخوان أو داعش أو محاربة الإرهاب وغيرها .
*حدثنا عن كواليس ما كان يحدث داخل الأروقة السياسية الأمريكية فور علمهم بثورة 30يونيو؟
**معظم الذين كانوا ينتقدون حكم الإخوان كانوا يدركون أنهم جماعات إسلامية لها توجهات إسلامية خاصة بهم ولا تسير فى طريق الديمقراطية ولكن كانوا صامتين ولم يواجهوا أوباما بذلك لكن بعد هذه الثورة تبدل الرأى العام الأمريكى تماما تجاه الإخوان وتجاه مصر، ولابد أن نعلم أن الأكثرية من الشعب الأمريكى لا يهتم بالسياسات الخارجية ولكن المهتمون كانوا يدركون تماما أن الإخوان يسيرون فى الاتجاه الخطأ، لكن الإدارة الأمريكية هى التى صورت الإخوان أنهم معتدلون، والكونجرس حينما رأى ثورة الشعب والشعارات التى كان يرفعها الشباب بالإنجليزية مخاطبين الأمريكيين للتعبير عن آرائهم ضغطوا على الإدارة للتخلى عن موقفها إزاء الإخوان وقامت القيامة هنا بالكونجرس..وقد ألفت كتابا قبل ثورات الربيع العربى توقعت فيه قيام هذه ثورات أولية يعقبها سباق بين الإسلاميين والليبراليين،يعقبها مواجهات فى بعض الدول مثل سوريا ، ثم قيام ثورة ثانية فى مصر وأخرى فى تونس وهذا ما حدث.
*مرت العلاقات المصرية الأمريكية بأزمة وقت أن قررت إيقاف المساعدات العسكرية لمصر..ما أسباب وراء هذا القرار؟
**كانت وجهة نظر الإدارة الأمريكية فى ذلك الوقت أن عزل محمد مرسى جاء بوازع من الجيش المصرى وليس إرادة شعبية وتحت ضغط اللوبى الإخوانى على البيت الأبيض قررت الإدارة وقتها أن تأخذ عدة إجراءات تعبر بها عن عدم تأييدها لما يحدث بمصر وكان من ضمنها وقف المساعدات للجيش، فجاء موقفها مغايرا تماما لموقفها من ثورة 25 يناير وعزل مبارك.
*ما موقف الكونجرس من قرار تعليق المساعدات العسكرية لمصر؟
** عارض هذا معارضة شرسة وضغط ضغطا كبيرا على إدارة الرئيس أوباما لتغيير هذا القرار وبعد الذى جرى فى اليمن وبالنسبة لداعش وليبيا أنا كمستشار أطلب زيادة حجم المساعدات العسكرية لمصر لأن الجيش المصرى قوى وقادر أن يساعد المجتمع الدولى فى الكثير من المجتمعات العربية التى تعانى من أزمات مثل ليبيا فلماذا نبخل ببعض الطائرات الهليكوبتر مثلا فيجب على الكونجرس الأمريكى أن يصوت لمزيد من الدعم الأمريكى لمصر وجيشها .
* هل هناك توقعات بزيادة حجم المساعدات الأمريكية لمصر مستقبلا؟
**هناك رغبة من كثير من أعضاء الكونجرس فى ذلك لكن الإدارة الأمريكية مترددة إزاء هذا لكن إذا أتى السيسى لزيارة أمريكا وتحدث أمام الكونجرس وشرح خططه فى المستقبل والذى سيقدمه للمصريين، فهذا سوف يدفع الكونجرس بقوة للضغط على الإدارة الأمريكية لزيادة المساعدات العسكرية لمصر.
*هل تعتقد أن البيت الأبيض مازال يعمل على تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى أعلنت عنه الخارجية الأمريكية منذ سنوات ؟
** لم تكن هناك مؤامرة بمعنى المؤامرة لخلق شرق أوسط جديد كما يشاع لكن هذا المشروع طرح أيام إدارة بوش بهدف خلق وعى بالأفكار الديمقراطية فى الشرق الأوسط لمواجهة الإسلاميين المتطرفين ولكن هناك قوى قلبت المواضيع وكانت تعمل ضد هذا وصورت الأفكار الديمقراطية على أنها مؤامرة لخلق شرق أوسط جديد وبالتأكيد لم يكن هناك دعم من الإدارة الأمريكية فى عهد بوش للإخوان.
*ما تقييمك لنتائج المؤتمر الاقتصادى الذى عقد بشرم الشيخ؟
**المؤتمر الاقتصادى كان فكرة جيدة فى توقيت مهم وحدث ضخم ومهم لم يستطع أحد إغفاله ونجح فى حشد وفود من شركات بمختلف دول العالم وكثير من الشركات الأمريكية أبدت رغبتها فى التعاون الاستثمارى مع مصر وهذا مؤشر على نية أمريكا فى التواجد خلال الفترة القادمة بالسوق الاستثمارى المصرى، بالإضافة لحرص قيادات وزعماء من مختلف الدول على المشاركة والجميع التف حول مصر لدعمها وهذه الرسالة كانت واضحة من خلال الحضور وهذا مؤشر قوى أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح.
* ما الاختلافات الأساسية التى تراها بين عهود مبارك ومرسى والسيسى؟
** الاختلاف من وجهة نظرى ليس بين العهود ولكن الفارق الكبير هو بين الفترة ما قبل ثورة 30 يونيو وما بعدها فما قبل هذه الثورة كانت هناك مرحلتين الأولى مرحلة طويلة تحت سلطة الرئيس السابق مبارك ، ومرحلة قصيرة لسلطة الإخوان وأنا أعتقد أن ما يجرى فى مصر منذ ثورة الـ30يونيو هو أهم من كل المراحل التى مرت بتاريخ مصر منذ الاستقلال لأن لأول مرة المجتمع الدولى يرى ما يريده الشعب المصرى بأغلبيته الصامتة التى لم تتحرك من قبل ولم نرى لها مثيل 33مليون مصرى نزلوا الشارع حتى يعبرون عن رأيهم بإرادة حرة أنهم لا يريدون حكم الإخوان ويرفضون ديكتاتوريتهم ويريدون تعددية سياسية، فكان هذا بركان بشرى لم نراه فى مصر من قبل، والمرحلة التى بدأت بعد الثورة وهى عهد الرئيس السيسى الذى يعتبر أول عهد يمثل الديمقراطية الأعمق فى تاريخ مصر.
*لماذا؟
** لأن كل ما أتى بانتخاب السيسى جاء بأغلبية لم نراها من قبل بدءا من توقيع عريضة ضد نظام مرسى من 22 مليون مواطن مصرى كان هناك استفتاء لأكثر من 22 مليون مواطن على الدستور وانتخب الرئيس السيسى بأعلى نسبة أصوات فى تاريخ مصر وبإجماع من مختلف فئات الشعب وهو ما ظهر جليا أمام المجتمع الدولى، والأهم من ذلك أن عهد السيسى هو عهد مبنى فى شرعيته على أغلبية شعبية كانت فى الأساس أغلبية صامتة وفجأة تفجرت مثل البركان وعبرت لأول مرة عن رأيها فى 30 يونيو الثورة التى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى وأكثر من 12 محطة تليفزيونية من مختلف دول العالم مما أثبت للعالم كله أنها نابعة من إرادة مصرية خالصة.
*هل الإدارة السياسية الأمريكية كانت تدرك الفارق بين الانتخابات التى أتت بمبارك، وتلك التى أتت بمرسى، وما حدث فى انتخابات السيسى؟
** الأغلبيات التى جاء بها أى رئيس سابق لمصر منذ الملكية حتى عبد الناصر والسادات لم تكن أغلبية الكتلة الصامتة، لكنها كانت الأغلبية المتحركة فى إطار ما يسمح به النظام وفى 30يونيو شاهد العالم كله لأول مرة فى تاريخ الشعوب والثورات لأى دولة هذا التجمع البشرى فى الميادين ولذا فإن هذه الثورة سوف تغير فى مجريات علم السياسة الدولية.
*هل كانت هناك محاولات من الإدارة الامريكية لإقناع الدول العربية بوقف دعم مصر؟
**ليس لدى علم بحدوث نقاش مباشر بين الولايات المتحدة والدول العربية بخصوص هذا الأمر ولا أعتقد هذا وليس منطقيا ولكن قد تكون الإدارة الأمريكية حاولت التأثير على مواقف تلك الدول بطريق غير مباشر من خلال إبلاغهم بقرارها إيقاف المساعدات المقدمة لمصر لكن فى الواقع هذه المحاولات لم تلقى صدى لدى الدول العربية التى تساند مصر بل نجد بعض العلاقات المصرية شهدت نموا وقوة أكبر من ذى قبل مثل العلاقات المصرية الإماراتية والمصرية السعودية، وأحب أن أنوه هنا بأن أمريكا أشارت إلى أهمية مصر كجزء من آلية إحداث انتعاش اقتصادى، ومؤتمر شرم ساهم بشكل كبير فى تقوية علاقات مصر الدولية الاقتصادية.
*ما موقف الكونجرس من زيارة وفد الإخوان للولايات المتحدة التى تمت فى الفترة الأخيرة؟
**موقف الكونجرس واضحا من هذه الزيارات وهو يرفضها ويرفض التقاء أى من تلك الوفود، وهذا الموقف واضح تماما للإدارة الأمريكية وكثير من أعضائه عبروا عن رأيهم هذا من خلال الصحف الأمريكية، وأقول هنا أن واشنطن لم تعد تهتم بمثل هذه الزيارات كما كان فى الماضى ولم تعد أمريكا داعمة لهم وفى آخر زيارة التى كانت فى يونيو رفض البيت الأبيض لقاءهم .
*ما الذى يتوقعه الكونجرس والمجتمع الأمريكى والدولى من مصر فى الفترة القادمة؟
** العالم يترقب عملية انتخاب البرلمان الجديد فى مصر لأن هذه الخطوة هى التى ستؤكد التغيير الحقيقى الذى يحدث على أرض مصر فإذا انتخب هذا البرلمان الجديد وفيه من المعارضة وممن يؤيد ومن مختلف الأطياف كل هذا ما يؤكد أن مصر تتجه توجها جديدا صحيحا، والكونجرس الأمريكى والشعب الأمريكى ينتظر أن يرى من سيمثل الشعب المصرى على الصعيد التشريعى فى البرلمان بعد ثورة عارمة مثل التى حدثت فى 30يونيو، وحينما يتكون برلمان مصرى ستخلق علاقة بينه وبينه الكونجرس الأمريكى والبرلمان الأوربى وعدد من الهيئات التشريعية فى العالم وهذه العلاقة مهمة جدا فى تقريب وجهات النظر بين الشعوب.
*ما المتوقع بالنسبة للبرلمان القادم فى مصر والقواعد التى تحكم عملية الانتخاب أعضائه؟
**فكرة أن يكون لمصر برلمان بعد هذه الثورة والسيسى سيقرر أن تأتى الانتخابات البرلمانية بشكل يليق بالمرحلة التى بدأتها مصر وبشكل يعبر تعبيرا حقيقيا عن الشارع المصرى وأهم ما فى هذه الانتخابات ان تعطى المجال لكل من يريد الترشح أن يترشح ماعدا القوى الإرهابية فلن يكون لها الحق فى المشاركة السياسية أو نصيب فى العمل السياسى إلا بعد أن تلقى السلاح.
وأؤكد أن مصر تحتاج تغيير الثقافة السياسية وأنا أرى حب التغيير والأمل فى ملامح الشباب والمصريين جميعا من خلال زيارتى لمصر ضمن وفد أمريكى فى أبريل الماضى .
*حدثنا عن تفاصيل هذه الزيارة والهدف منها؟
**تكون الوفد الذى زار مصر فى أبريل الماضى من خبراء وساسة أمريكيين منهم كاثلين ترويا مكفارلاند نائبة وزير الدفاع الأسبق ، وعدد من الخبراء السياسيين بالولايات المتحدة الأمريكية والأدميرال روبرت هاروارد القائد السابق للقيادة المركزية للقوات المركزية في الشرق الأوسط ، والمدعى العام الأمريكى السابق مايكل موكاسى ومسئولى معهد جلوبال الأمريكى للأمن وكان وفد مبعوث بالتنسيق مع الكونجرس الأمريكى للتعرف على ما يريده الرأى العام المصرى ورؤى الشباب فى مختلف الموضوعات و دور الأزهر والكنيسة فى المرحلة الراهنة ورؤيتهم للتغير.
والتقينا خلال الزيارة مع الرئيس السيسى وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثانى وعدد من كبار القادة بوزارة الدفاع ، وممثلى الحكومة المصرية وأيضا شملت لقاءاتنا مع طلاب الجامعات والشباب من مختلف الفئات وممثلى منظمات المجتمع المدنى واستطعنا من خلال كل هذا أن نكون فكرة لم تكن واضحة لدينا من قبل فلدى المصريين جميعا إرادة كبيرة للتغيير، اتضح لنا هذا خاصة من خلال لقائنا مع الطلاب والشباب لأنهم هم أساس الثورة المصرية وتعرفنا عن قرب على أفكارهم وموقفهم من الأفكار المتطرفة ، وكشفوا لنا أن كل ما يرغبونه هو فى العيش فى سلام واستقرار وحرية وهذا كان المحرك الاساسى لثورتهم ضد الإخوان.
* ما الملفات التى تطرقتوا لها أثناء حواركم مع شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط خلال تلك الزيارة؟
** ندرك جميعا الدور المحورى لشيخ الأزهر وبطريرك الكرازة المرقسية وتأثيرهم على المجتمع ، وكان لنا مع كل منهما اجتماع مطول فتعرفنا من خلال لقائنا مع شيخ الأزهر على تفاصيل خطة الإصلاح وفهمنا ما يريده فيما يتعلق بالإصلاح الثقافى والتعليمى الدينى وإصلاح الخطاب الدينى وخطة تغيير المناهج بالمدارس مما يعكس توجه القيادة المصرية نحو الإصلاح والاعتدال والولايات المتحدة تعلم جيدا أهمية الدور المؤثر لشيخ الأزهر فى مصر والمنطقة العربية ككل وهذا ما تأكد لنا خلال هذه الزيارة ..ونقلنا كل هذا للكونجرس الأمريكى، بل وطلبنا منه زيارة الولايات المتحدة.
التقينا أيضا مع البابا تواضروس الثانى وبحثنا ملف الأقباط ومشكلاتهم وأكد لنا البابا أن أوضاع الأقباط اختلفت عن فترة حكم الإخوان حيث أصبحت أفضل وأن الكنيسة تتعاون مع الأزهر لمواجهة الفكر المتطرف، وعلى البابا أيضا أن يزور أمريكا ويلتقى بالقيادات الدينية هناك وممثلى الكنائس وينقل للرأى العام الأمريكى أيضا حقيقة أوضاع الأقباط فى مصر وجهود الإصلاح الدينى مع الأزهر للعمل على نشر الفكر المعتدل، وكل هذا فى النهاية يخدم مصر وصورتها أمام المجتمع الدولى.
كما تناولنا خلال لقائنا مع القادة العسكريين والرئيس السيسى المخاطر الإرهابية التى تواجهها مصر فى سيناء والتجمعات الجهادية فى ليبيا، أيضا ما يحمله الجيش على عاتقه من حماية الحدود المصرية وقناة السويس، ونقلنا للإدارة الامريكية حجم الجهود المصرية الضخمة فى مواجهة الإرهاب وضرورة دعم مصر وجيشها فى هذا الصدد، فجيشها هو جيش لكل العرب.
وأكد لنا السيسى سعيه للحفاظ على استقرار مصر وتنفيذ ما يريده الشعب المصرى الذى يعد مصدر السلطة الحقيقى، كما أطلعنا على الأوضاع الحالية فى مصر.
*ما رد فعل الكونجرس إزاء كل هذا؟
** عدد كبير من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ أصبحوا مسرورين جدا من الخطاب الجديد الذى يصدر عن مصر لكن ينتظرون مزيدا من التنفيذ لكل هذه الخطط التى وعد بها الرئيس على أرض الواقع.
*لكن البعض يعتبر مثل هذه الزيارات نوع من التدخل فى شئون السياسة الداخلية المصرية؟
** ليس الغرض التدخل فى الشأن المصرى ولكن جميع برلمانات العالم ومنها الكونجرس له وظيفة تشريعية ووضع الميزانيات حتى الخاصة بالمساعدات الخارجية ولكى يتمكن الكونجرس الامريكى من هذا عليه أن يستمع جيدا لما تريده هذه المجتمعات وهذا من صميم عمل الكونجرس وفى المقابل تأتى وفود مصرية لزيارة واشنطن من المجتمع المدنى وحقوق الإنسان للتواصل مع الكونجرس الأمريكى ، وعلى مصر إدراك أهمية مثل هذه الزيارات، وأنا طلبت من الكونجرس أن يدعو الرئيس السيسى نفسه كما يدعا زعماء الدول المختلفة لإلقاء كلمة أمام الكونجرس ليتمكن الشعب الأمريكى والرأى العام الامريكى من الاستماع للرئيس المصرى و التواصل معه مباشرة وليس من خلال وسائل الإعلام والتى بعضها ينقل ما يشاء وهناك عدد كبير من أعضاء الكونجرس يريدون أن يأتى السيسى لإلقاء كلمة به، مثلما فعل رئيس أيرلندا وغيره.
*ما تأثير مثل هذا الخطاب من وجهة نظرك؟
** عندما يلقى رئيس دولة أجنبية خطاب رسمى بالكونجرس فإن الرأى العام الأمريكى ينصت له جيدا وبالتالى يتأثر أعضاء الكونجرس ويحدث تقارب فى وجهات النظر بين أمريكا ومصر وأيضا إذا انتخب برلمان مصرى فى الفترة القادمة فيجب على كبار قادة الكونجرس أن يذهبون لمقابلة ممثليه لمد الجسور بشكل قوى وتقوية العلاقات الأمريكية المصرية .
*سيناء أصبحت هدفا للكثير من الهجمات الإرهابية ..كيف ينظر الكونجرس الأمريكى لجهود القوات المسلحة فى مكافحة الإرهاب؟
** الكونجرس يقدر تماما الجهود التى يبذلها مصر والجيش المصرى لمواجهة الخطر الإرهابى فى سيناء والذى يتمثل فى الإرهاب بأجنحته المختلفة سواء المجموعات الجهادية وبيت المقدس أو داعش بسيناء وليس هناك أحد يتهم مصر بالتقصير فى مواجهة ذلك، وهناك وحدة صف أمريكى مع مصر ضد العمليات الإرهابية التى تتم بسيناء، لكن مواجهة الإرهاب الذى كثف هجماته فى سيناء فى الفترة الأخيرة تحتاج دعما عربيا ودوليا ، وهذا ليس لأمان مصر وحدها ولكن جميع دول البحر المتوسط، وحماية البحر الأحمر والسعودية أيضا من الخطر الداعشى.
*وماذا عن الإخوان ؟
** بالنسبة للإخوان فالإدارة الأمريكية لا تريد أن تتحدث فيما يتعلق بشأنهم أو بشأن الاتهامات التى توجه لهم بأنهم جماعة إرهابية فكانت هناك شراكة سياسية أمريكية مع الإخوان فى السابق حيث إن الإخوان ومن يمولهم "بالدولار النفطى" اخترقوا الجامعات ومراكز الأبحاث السياسية فى واشنطن وهذه المراكز تعمل كمستشارين للإدارة الأمريكية لذا فالتقييم الذى صدر عنهم بشأن جماعة الإخوان أنهم "إسلاميين معتدلين" وبالتالى من الممكن استخدامهم كصمام أمان فى مواجهة المتطرفين فى المنطقة، أما الكونجرس فكان له رأى مختلف فالإخوان المسلمين برأيه يتلونون حسب مصلحتهم و لهم وجهان وجه جهادى ووجه سياسى، وعندما وصل الإخوان للحكم وبدأت محاولات أخونة الدولة بكل مؤسساتها، أدرك المشرع الأمريكى أن هدف الإخوان تحويل مصر لدولة متطرفة، والإدارة الأمريكية لا تريد أن تعترف بهذه النتيجة لأن هذا سيكون بمثابة إقرار منها بخطئها فى الماضى بدعمها للإخوان، ويكون هذا ذريعة المعارضة الأمريكية ضد الرئيس أوباما بشأن اتفاقه مع إيران، وهو اتفاق فى غاية الأهمية بالنسبة للرئيس الأمريكى ويريد إتمامه بشتى الطرق.
ولذا فإننا نجد أن الكونجرس يجرى إعداد مشروع قانون لاعتبار الإخوان منظمة إرهابية ووضعها على قائمة المنظمات الإرهابية وسيتم التصويت عليه خلال الأشهر المقبلة لكن البيت الأبيض سيرفضها وأوباما لن يصدق عليها فالإدارة الأمريكية كما ذكرت لا تريد الاعتراف بخطئها السابق فى دعم الإخوان.
* هل جميع مستشارى أوباما ينتمون للإخوان كما يشاع؟
** مستشارو أوباما جزء منهم وهم عدد قليل جدا إخوان والعدد الاكبر منهم متأثرة أو متعاطفة معهم، فهم يرون أن الإخوان جماعة مظلومة ومعها الحق فى كل توجهاتها ومواقفها، وبعضهم مقتنعون بالإخوان كحلفاء سياسيين.
*إذن كيف ترى مستقبل الإخوان فى واشنطن والعلاقة بين الجماعة والولايات المتحدة؟
** الاتحاد الذى حدث بين الجيش والشعب المصرى نجح فى القضاء على عهد الإخوان.. النتيجة المؤكدة أن مستقبل الإخوان السياسى فى واشنطن انتهى لا سيما أن فترة حكم أوباما أيضا أوشكت على الانتهاء، فأمريكا كانت تدعم الإخوان بشكل غير مباشر من خلال الأموال التى كانت تخصص لبعض منظمات المجتمع المدنى، وهذه العلاقة ستنتهى تماما بانتهاء فترة حكم الرئيس أوباما فسواء جاء الرئيس الأمريكى الجديد من الجمهوريين أو الديمقراطيين لن يكون هناك دعم سياسى أو مادى للإخوان من واشنطن مستقبلا.
* ما توقعاتك لخطوات السيسى فى المستقبل خصوصا مع وجود مشكلات طائفية فى مصر يثيرها البعض ..وكيف ينظر الكونجرس لهذه المشكلات ؟
**الوحدة الموجودة بين مسلمى مصر ومسيحييها قوية جدا ولا يمكن لأحد تفتيتها وهى فى الحقيقة علاقة تاريخية ولكن على الرئيس وحكومته احتواء هذه المشكلات مهما كانت صغيرة حتى لا يستغلها أحد ضد مصر وعليه أيضا مخاطبة الشعب المصرى عن حماية حقوق الأقليات فى مصر وأهمية الوحدة بين عنصرى الأمة خاصة فى ظل الظروف الخاصة التى تمر بها مصر وبالتالى يحسم هذه المشكلات تماما الطائفية بشكل ويقطع الطريق على من يريد ضرب هذه الوحدة وهذا يدعم بالتأكيد صورة مصر أمام العالم، وأرى أن مهما حدث مصر لن ترجع خطوة للوراء ولن تقف عن التطور مهما كانت العوائق.
ونرى خطوات جيدة يسير بها الرئيس السيسى فهو يعتبر المصريين شركاء فى التنمية ولا يعتمد على الخطب السياسية الخادعة ويتعرض للهجوم من قبل الإعلام الذى يخدم أهداف الإخوان فهو منتخب بعد ثورة على حكم الإخوان لكن لابد أن ندرك أن المجتمع لم يتخلص تماما من الثقافة السياسية المتشددة التى خلقها الإخوان منذ سنوات إذن على السيسى أن يقوم بعملية إصلاح شاملة بالتعاون مع شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط فهذا مثلث فى غاية الأهمية وعلى الرأى العام الأمريكى تأييد السيسى، واقترحت على الكونجرس زيارة أوباما إلى مصر ليجتمع مع السيسى ويوضح خطأه فى موقفه السابق من دعم الإخوان وطرح الرؤية الأمريكية الجديدة ودعوة أعضاء البرلمان المصرى الجديد فى أن يأتوا للقاء أعضاء الكونجرس ومن جهة اخرى تشجيع أعضاء الكونجرس على زيارة مصر ايضا ، فأنا متفائل بمستقبل مصر ولكن تحقيق الديمقراطية الحقيقية يحتاج مزيدا من الوقت ، مصر فى بداية طريق الديمقراطية وتتطور، ولن يستطيع أحد إيقاف هذا التطور حتى مع وجود الإرهابيين، ورغم محاولات الإخوان ومن يدعمهم وفى مقدمتهم قطر هز مصر لكن كلها محاولات غير ناجحة حتى أن أمريكا لم تعد داعمة للإخوان كما كان فى السابق.
*هل ترى أن الرأى العام الأمريكى يدعم أوباما وسياساته؟
** بكل تأكيد أوباما خسر كثيرا من تأييد الأمريكيين له واستطلاعات الرأى التى تجريها مراكز الأبحاث هنا تؤكد ذلك.
* لماذا؟
** لأسباب عديدة منها أن سياساته الاقتصادية لم تحقق نجاحا ، ولا ننسى أن العالم أصبح يموج بالحروب وصراعات والولايات المتحدة طرف بشكل أو بآخر فى العديد من الصراعات بمناطق مختلفة من العالم وهذا يزعج الأمريكيين كما أنه سارع بإعطاء وعود كثيرة لم يستطع الوفاء بها .
*هل ستتغير السياسة الخارجية السعودية تجاه الإخوان و قطر وتركيا بعد تولى الملك سالمان السلطة؟
** الخلاف بين السعودية والإخوان المسلمين لم يكن خلافا دينيا لكنه خلاف حول السلطة فالإخوان المسلمين فى المنطقة العربية عقب سيطرتهم على الحكم فى مصر وتونس وليبيا كان هدفهم أن يكونوا القيادة الإسلامية فى المنطقة ويسيطرون على الجزيرة العربية كلها فوقف الحكام العرب فى وجه هذه الأطماع ، و موقف السعودية من قطر وتركيا تحدده سياسة قطر وتركيا الخارجية إذا ما كانوا سوف يستمرون فى التحالف مع الإخوان ودعمهم ضد السعودية والإمارات ومصر وغيرها الذين يمثلون تكتل عربى أم أنهما سوف يتضامنان مع هذه التكتل ضد النفوذ الإيرانى وفى هذه الحالة تتحسن العلاقات بين قطر والسعودية إذن الموضوع برمته فى يد تركيا وقطر.
ومن جهة أخرى أدرك الخليج والسعودية أن القرارات لابد أن تكون نابعة منهم وليس من أمريكا حيث كانت السعودية تحرص على استشارة الإدارة الأمريكية أولا قبل أن تتخذ أى قرار سياسى وهو ما ثبت خطأه بعدما حدث فى اليمن فأعتقد أنها حينما تناقشت مع الإدارة الأمريكية بشأن الحوثيين لم ترحب أمريكا بتدخل السعودية فى هذا الأمر منذ البداية لتترك الأمور لإيران حتى تدهورت الأوضاع والخليج أدرك بعد ذلك أن القرارات لابد أن تكون نابعة منهم شخصيا .
*ماذا عن تركيا ودعمها للإخوان؟
**جماعة الإخوان كانت حليفة لحزب العدالة والتنمية فى تركيا لذلك استمر أردوغان فىى دعم الإخوان ولا نعلم هل ستغير موقفها بعد التغيرات السياسية التى حدثت على الأرض أم سيظلون على نفس موقفهم.
*بنظرك ..ما مدى تأثير الكونجرس على قرارات الإدارة الأمريكية وبالتالى على السياسة الخارجية الأمريكية ؟
**للأسف رغم أن للكونجرس الحق أن يعارض الإدارة فى جميع الموضوعات ويمارس ضغطا على الإدارة لتغيير سياستها بشأن بعض الملفات، لكن تأثيره محدود فهو مسئول عن وضع الميزانيات وتوجيه المساعدات لبعض الدول ولكن الإدارة لها الحق في اتخاذ ما تراه مناسبا ـ من وجهة نظرها ـ من قرارات سياسية و الدبلوماسية والمتعلقة بالسياسة الداخلية والخارجية .
*اتجهت مصر مؤخرا لدعم علاقاتها الخارجية على الصعيدين السياسى والاقتصادى مع الكتلة الشرقية ممثلة فى كل من روسيا والصين ..كيف ترى تأثير ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية؟
**هذا التوجه أصبح توجها عالميا ومعظم الدول تتجه نحو تكوين علاقات متوازنة مع غيرها من الدول وهذا الأمر ما تطبقه مصر الآن و لم ينعكس بالسلب على العلاقات بين البلدين فالولايات المتحدة تدرك تماما أن مصر دولة مركزية وأى دولة بحجم وثقل مصر طبيعى أن يكون لها علاقات مع أقطاب مختلفة فى العالم، فلها علاقات مع أوروبا وهذا لا يؤثر على علاقتها مع الولايات المتحدة، وهى تتفهم جيدا سعى مصر للحصول على احتياجاتها بشتى الطرق خاصة أنها تمر بفترة حاسمة فى تاريخها فهناك جهود للتنمية وفى نفس الوقت محاربة الإرهاب الخارجى والإخوان بالداخل وهذا كله يلقى بأعباء إضافية على الإدارة المصرية وميزانيتها.
*ما دور الخطاب الدينى المتطرف فى الأحداث الطائفية من وجهة نظرك؟
** للأسف استخدم الخطاب الدينى المتطرف بمصر و الذى يلقى ببعض الزوايا والمصليات فى شحن الشباب والتجنيد العقائدى لصالح السلفية الجهادية بتمويل من الدول التى تريد تأجيج الأوضاع فى المنطقة مما ساهم فى خلق ثقافة متطرفة لاقت استجابة من بعض المصريين خاصة الشباب وهى السبب فى اشتعال الأحداث الطائفية ضد الأقباط .
* حدثنا بشئ من التفصيل عن توجهات السلفية المتطرفة؟
** ما أعنيه أن التيارات الوهابية السلفية وراءها دوافع سياسية وهناك تقارير تأتى للكونجرس ممن يقمعون من قبل تلك التيارات، فالسلفية المتطرفة لها عدة فروع وفرعها الأقدم هو الوهابية والفرع الثانى هو الإخوان المسلمين والفرع الثالث هو المدرسة الديوباندية بجنوب آسيا فى الهند وباكستان وبنجلاديش هذه كلها هدفها إسقاط الحكومات بالدول العربية وإنشاء ما يسمى بحكم أو نظام الخلافة الإسلامية على شاكلة طالبان..وقد استخدم الخطاب الدينى المتطرف بمصر وغيرها من الدول فى شحن الشباب والتجنيد العقائدى لصالح السلفية الجهادية بتمويل من بعض الدول وهذا خلق لدى البعض بالمجتمع ثقافة متطرفة وهى السبب فى بعض الأحداث الطائفية ضد الأقباط.
*وقعت مؤخرا حوادث إرهابية فى مصر والكويت وتونس بالتزامن مع فرنسا..ما العلاقة بين الأحداث الإرهابية التى تقع فى الغرب وتلك التى تقع بالمنطقة العربية ؟
**بعدما حدث هدف هذه العمليات محاولة كسر البلاد الكبيرة فى المنطقة وإشعال حرب الفتن الطائفية بها مثل السعودية وخلق فوضى فى البلدان العربية مثلما حدث فى سوريا والعراق وما تشهده اليمن ولا ننسى أن السعودية تدعم الأكراد فى إيران ولها دور فى محاربة الحوثيين فى اليمن ..وأؤكد أن منفذى جميع هذه العمليات يستندون إلى عقيدة جهادية تحاول السيطرة على العالم وتقنع من ينضم إليها بأنها حرب ضد الكافرين وليس هم المسيحيون فقط ، مثلما حدث مع السادات وهذه الجماعات تغير استراتيجيتها من وقت لاخر فهم ذهبوا لأفغانستان للبدء من هناك بإقامة إمارة لهم ومنها يمتدون إلى باكستان والسعودية ثم الأردن وهذا يتضح مما حدث من بعض الجهاديين الذين هم من فلسطين مثل عبدالله العزام لذى اتجه لأفغانستان بدل من أن يقاتل صهاينة إسرائيل.
*هل داعش صناعة أمريكية؟ وهل يمكن عرقلة مصادر تمويلها الهامة كالبترول ؟
**داعش أصبح فى مقدمة المنظمات الإرهابية وفاق" القاعدة" من حيث وحشية الضربات والانتشار والقدرة على التجنيد ، وذلك حسب التقرير الذى أصدرته الخارجية الأمريكية حول الإرهاب، لكن لا يمكننا القول بإن داعش صناعة أمريكية خاصة بعد أن شاركت الولايات المتحدة فى القصف الجوى لبعض مواقع داعش لكن نقول هناك أخطاء فعلتها الإدارة الأمريكية فى السابق حينما ساعدت ودعمت الجهاديين والميليشيات الإسلامية المسلحة فى سوريا والتى انشق عنها بعض أفرادها وشاركت فى تكوين تنظيم الدولة الإسلامية.
وبالنسبة لتعطيل عمليات بيع داعش للبترول أنا لا أعتقد أن هذا سهلا دون السيطرة الحقيقية على الأرض لأن اللجوء إلى غلق الحدود كوسيلة لإيقاف أو عرقلة بيع البترول غير واقعى وغير ممكنا فهذا يحتاج عددا ضخما من الجيوش ومن جهة أخرى لا يمكن غلق الحدود الجوية.
*فى رأيك لماذا تحرص داعش على إذاعة فيديوهات القتل لضحاياها مثلما حدث للكساسبة؟
** داعش خارج أى إطار أنسانى وقانونى لأن القانون الدولى يجرم حرق السجناء، وهذه الأفعال هدفها ردع وإخافة الأردنيين والعرب كى لا يقومون بملاحقة داعش وتشجيع أعضائها وزيادة ثقتهم بقوتهم،ولا ننسى أنهم يعتبرون أنفسهم أنهم فى سباق مع القاعدة.
ولكن القوة الإقليمية المشتركة من الإمارات والأردن والسعودية والبحرين ومصر أصبحت قادرة أن يكون لها استراتيجية ضد داعش دون لا تحكمها الاستراتيجية الأمريكية ولكن خطة القصف الجوى بسلاح الطيران لا يكفى وحده لكن هذا لابد أن يكمله خطة تحرك على الأرض فإذا تشكلت قوة عربية من هذه الدول للهجوم على مواقع داعش ثم تتقدم على الأرض وتسلم المعارضة السورية المعتدلة فهذا يعنى تقدما حقيقيا ويعتبر دخول مرحلة جديدة مهمة ، أما إذا كان القصف جويا فقط فسوف تبقى قوى النظام هى المستفيد.
*هل هناك مخاوف على مصر من داعش ..فى تقديرك؟
**لا يمكن لداعش اقتحام مصر ولدى ثقة كبيرة فى قوة القوات المسلحة المصرية فى مواجهة الأخطار الداعشية وغيرها من الأخطار التى تحدق بمصر ولكن علينا أن ندعمهم لأن الثمن كبير والسيسى وحكومته أمامهم كثير من التحديات الاقتصادية والأمنية ومواجهة الإرهاب ومطالب بعض الدول العربية بمساعدة الجيش المصرى لها ومطالب بتدخل مصر فى أزمة اليمن فهو يعتبر جيشا عربيا وليس مصريا فقط بإمكانه مساعدة كثير من البلدان العربية.
ملف إيران و الشرق الأوسط
*التكوين الحالى للكونجرس به أكثرية جمهورية، فما دلالة ذلك على صعيد علاقته مع الإدارة الأمريكية؟
** الموقف السياسى لواشنطن منقسم فى تعاملها مع ملفات الشرق الأوسط ليست لديها وحدة صف بمعنى أنها تعانى ازدواجية بالنسبة للسياسة الخارجية حيث نجد أن الإدارة بالبيت الأبيض لها رؤية تختلف عن رؤية الكونجرس و لأول مرة نلاحظ فى عهد إدارة أوباما أن بعض أعضاء الكونجرس الديمقراطيين ينتقدون سياسة أوباما مع المحور الإيرانى وبالنسبة لملف داعش أيضا، لمسنا هذا الانقسام فى موقف السياسة الأمريكية من دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتيناياهو لإلقاء كلمة بالكونجرس فالبيت الأبيض نفى علاقته بهذه الدعوة.
*ما تصور الكونجرس عن السياسة الإيرانية فى المنطقة؟
** الكونجرس لديه قناعة أن إيران لا تريد السلام وقيادتها تناور مناورة استراتيجية مستغلة الملف النووى و فى نفس الوقت تكسب وقت لتتوغل وتتوسع فى المنطقة ونحن نرى توغلهم فى العراق وفى سوريا و حزب الله فى لبنان والحوثيين فى اليمن وأوباما والإدارة الأمريكية للأسف ظلت تساعد إيران بشكل غير مباشر فى كسب الوقت.
*ماذا لو كان هذا الاتفاق قد فشل؟
** كان من المحتم على البيت الأبيض عقد اتفاق نهائى مع إيران يحظى بتأييد الكونجرس ومجلس الأمن ومحاولة إسكات إسرائيل عن الاعتراض فعدم وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق مع ايران كان سيمثل مشكلة كبيرة للإدارة الأمريكية حيث كان الكونجرس سيضع عقوبات جديدة ويمنع تمويلاً معيناً عن الإدارة، وكان من الممكن أن يفتح هذا الفشل مجالا ليبدأ فى الحوار مع المعارضة الإيرانية.
*وما مدى تأثير الكونجرس فى الملف الإيرانى؟
**بالنسبة لموضوع إيران نجد أن أوباما بإمكانه لابد له أن يحصل على موافقة الكونجرس على الاتفاق النووى الإيرانى لأن أوباما يمكنه أن ينفرد فى رفع بعض العقوبات عن إيران لكنه لا يستطيع رفع جميع العقوبات القانونية بمفرده، خاصة بعد إقرار القانون الأمريكي الذى يعطى للكونجرس حق إبداء الرأي في أي اتفاق نهائي حول النووي الإيراني و هناك ضغط من الكونجرس فى هذه القضية إلى جانب ملفات أخرى نلمس للكونجرس تأثير فيها مثل تمويل الحرب على الإرهاب وتوجيه المساعدات للدول فى هذا الصدد، لكن قوة تأثير الكونجرس محدودة، فالكونجرس ليست لديه سلطة تنفيذية بل يضع الميزانيات ويحدد أوجه صرفها وله إمكانية الضغط السياسى لكنه يستطيع تعديل السياسة الخارجية، ونستطيع القول إنه لن تكون هناك سياسة موحدة في واشنطن قبل انتهاء فترة حكم أوباما.
* ماذا عن القانون الأمريكي الذى أقر مؤخرا يعطى للكونجرس حق إبداء الرأي في أي اتفاق نهائي حول النووي الإيراني مما أثار قلق إيران..حدثنا عن كواليس إقرار هذا القانون؟ وهل له علاقة بخطاب نيتانياهو بالكونجرس الأمريكى فى مارس الماضى ؟
** كثير من الجمهوريين اعترضوا على التنازلات التى قدمها أوباما للإيرانيين في الاتفاق الإطاري الذي تم بسويسرا في أبريل الماضى، وطالب الديموقراطيون بحقهم في الإطلاع على الاتفاق المتعلق بالملف الإيرانى، ولكن أوباما رفض أن يبدى أعضاء الكونجرس رأيهم في اتفاق طهران النهائي، لكن أعضاء مجلس الشيوخ ضغطوا على الإدارة حتى وصلوا لتسوية بخصوص حقهم فى الاطلاع وإبداء الرأى فى أى اتفاق حول الملف النووى الإيرانى فتم إقرار هذا القانون.
وأوباما حينما ألقى خطابه المعروف بخطاب (حالة الاتحاد) لوح للجمهوريين بأنه سيستخدم حق الفيتو لإيقاف أى مشاريع قوانين يقترحها الكونجرس لتشديد العقوبات على إيران فكان رد فعل مجلس النواب حيال ذلك أنه سيقوم بدعوة رؤساء وشخصيات سياسية دولية منهم رئيس الوزراء الإسرائيلى للتحدث أمام للكونجرس بهدف إطلاعه وإطلاع الرأى العام الأمريكى على كافة الأمور العالقة بالملف الإيرانى وبهذا يعلن الكونجرس أمام الرأى العام الأمريكى رفضه لسياسة أوباما بشأن إيران و لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى أهمية كبيرة بالولايات المتحدة وواشنطن خاصة أنه تحدث عن إيران، والرئيس الأمريكى أوباما قلق من هذا التوجه و كان ضد أن يقوم مسئول أجنبى بمخاطبة الرأى العام الأمريكى منتقدا الاتفاق الإيرانى لأن المحور الإيرانى يعتبر هو الخيار المتبقى لأوباما بعد أن فشل خيار التعاون والتحالف مع الإخوان المسلمين وانتهى بسقوطهم فى مصر وتونس ، إذن التوصل إلى الاتفاق النهائى مع إيران يعنى أن يكون لدي أوباما فرصة أخيرة لتحقيق أى إنجاز خلال الفترة المتبقية من رئاسته، وهو لن يتراجع عن المضى قدما فى إنجاز هذا الاتفاق لأنه إذا لم يحققه، سيعنى هذا سقوط خياره الاستراتيجى الثانى والأخير بالمنطقة، ويحاول جاهدا أن يقدم لإيران كل ما يستطيع، فى مقابل أن تعطيه إيران أي إعلان مجزى يواجه به الرأي العام، وهو ما لم تفعله إيران حتى الآن، لأنها تنتظر رفع بعض العقوبات الكبرى والقوانين التى وضعها الكونجرس الأمريكى منذ سنوات عديدة ضد إيران وبالـتأكيد الكونجرس لن يفعل هذا مما يضع أوباما بين مطرقة وسندان.
* ما سر غياب "الحرس الثوي الايرانى" و"حزب الله" عن لائحة الإرهاب في تقرير الاستخبارات الأمريكية الأخير؟
**لابد ألا نخلط بين التقييم السنوى الذى تصدره أجهزة الاستخبارات الأمريكية موضحا لائحة التهديد التى تشمل أكثر التنظيمات التى تمثل تهديدا وخطرا للولايات المتحدة ، و القوانين التي تصنف التنظيمات الارهابية ولائحة الأنظمة الداعمة للارهاب وهى تصدر عن الكونجرس و التقرير الأخير للاستخبارات الأمريكية لم يشتمل على حزب الله وحزب الحرس الثورى الإيرانى.
ونلاحظ أن التقرير استند إلى إشارات إلى أن إيران و"حزب الله" غيرا سياستهما و أصبحا يحاربان "داعش"والإرهاب والجماعات الإرهابية، لكن أؤكد أن هذا ليس مفاده أن حزب الله وإيران أسقطا تماما من لائحة الإرهاب الأمريكية فالبيت الأبيض لا يستطيع تغيير القوانين الخاصة بالإرهاب إلا بأغلبية ساحقة وهذه لا يمتلكها أوباما الآن، لكن يمكنه أن يعدل التقييم السنوى فقط وهذا ما أراد إيصاله للقيادة الإيرانية فهو يريد أن يحسن العلاقات مع إيران لكن فى حدود ما يملكه فقط .
ننتقل لملف اليمن
*ما توقعاتك بشأن مستقبل الأوضاع فى اليمن و المفاوضات السياسية بشأن هذا الملف؟
** ملف اليمن شديد الخطورة فهناك الحوثيين المتحالفين مع إيران من جهة و القاعدة والداعشيين من جهة أخرى ولو نجحت داعش فى الوصول للحدود العمانية السعودية فيمثل خطرا كبيرا على منطقة الخليج والسعودية، كما أنه إذا نجحت إيران من خلال شركائها الحوثيين فيما تصبو إليه بالوصول للبحر الأحمر ومضيق باب المندب فهذا يمثل تهديدا كبيرا للعالم وللاقتصاد العالمى .
فالمسألة إذن أكبر من كونها حركة داخلية باليمن لذا كان التدخل العسكرى من قبل السعودية ضروريا و كان على الدول العربية أن يعوا خطورة الحوثيين منذ أن كانوا يشتبكون فى "صعبة " مع القوات اليمنية والسعودية وأنا كنت أحذر من الأهداف الاستراتيجية للحوثيين لتحالفها مع إيران فهى كانت تريد السيطرة على اليمن حتى تستطيع الوصول للبحر الأحمر ووقتها تتغير كل الموازين بهذا الإنجاز الإيرانى على الأرض.
أؤكد أن الوضع فى اليمن شديد التعقيد فالحوثيون ومن يقف وراءهم "إيران" يدركون تماما أن إدارة أوباما لن تقف وجههم أو ضدهم بل تحاول أن تخلق مجرد فرص للمفاوضات وهذا سيفشل لأن الاجندة الحوثية هى أجندة إيرانية هدفها السيطرة على أجزاء من اليمن ثانيا هذا ضغط على جنوب السعودية لأن للمملكة السعودية حدود مع الحوثيين وبالتالى هم جنوب الحجاز ..
ننتقل للملف السورى..
*ما تفسيرك لضعف الدور الأمريكى فيما يخص الملف السوري، مقابل ازدياد حجم القوة الإيرانية هناك وصمت دولى إزاء المجزرة التى تحدث بالأراضى السورية ؟
**ما يحدث بسوريا يذكرنا بالإبادة الجماعية التى حدثت فى دارفور و المجتمع الدولى كان مطلوبا منه أن ينحوا الخلافات السياسية جانبا ويقفوا بجانب المدنيين السوريين ولكن هناك سلبية واضحة من المجتمع الدولى الغربى والفرنساويين والإدارة الأمريكية والسبب هو الخلط السياسى بين الملفين السورى و الإيرانى وكان يجب الفصل بينهما فأمريكا لا تريد التدخل فى أزمة سوريا حفاظا على اتفاقها مع إيران، ولبدء حل الأزمة السورية أقترح أن تكون هناك منطقتين حرتين "حظر جوى" بسوريا فى الشمال والجنوب تحملان علم لسوريا الحرة وتكون هاتان المنطقتان محميتان من سلاح الطيران العربى المشترك تتجمع بهما القوى السورية الحرة وأيضا يمكن أن ينضم السوريون بالنسبة للشمال هى موجودة وتشمل جزء من الحكسة والجزيرة إلى جانب القبائل العربية السنية والسريان و الأكراد وجزيرة كوبانى هذه المناطق تحمى بالحظر الجوى، وفى الجنوب هناك فرص كبيرة لإقامة منطقة حرة على طول الحدود السورية ـ الأردنية من الجولان حتى الحدود العراقية وعندما تقوم المنطقتين سيصبح لسوريا الحرة وجود حقيقى أمام المجتمع الدولى، ثم تبدأ مرحلة تحرير الأرض.
لابد أن ندرك أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع النظر للملف السورى بمعزل عن الملف الإيرانى وأن إيران هى من تحدد مدى التحرك الأمريكى ضد داعش فى سوريا والعراق
ولم يعد مطروحاً دعم المعارضة السورية بل كل ما كانت تريده الإدارة الأمريكية هو تجميد الأمور في سوريا والعراق حتى الانتهاء من الاتفاقية مع إيران، لأن من وجهة نظر الإدارة الأمريكية أن نجاح الاتفاق مع ايران يحل كل المشكلات العالقة في منطقة الشرق الأوسط .
حتى بالنسبة لتسليح وتدريب الجيش السورى الحر الذى يموله الكونجرس كان يعتبر مجرد محاولة من أمريكا لكسب الوقت حتى إنهاء الاتفاقية مع إيران لأن التدريب يتم خلال عام وتأمل أمريكا أن يتم إتمام الاتفاق خلال هذه المدة .
* أردوغان يريد إنشاء منطقة عازلة بالحدود التركية السورية ..ما موقف الإدارة الأمريكية من هذا؟
**أولا أردوغان سعى للحصول على موافقة على التدخل التركي فى شمال سوريا ليضمن عدم معارضة الحلف "سواء عسكريا أو سياسيا"..لذا كان الطلب باجتماع عاجل للحلف فى يوليو الماضى.
أما بالنسبة للولايات المتحدة فهى فى مأزق ما بين الاستجابة لطلب تركيا وبين الحفاظ على توازناتها مع الأكراد لذا فهى تنظر بحذر شديد فى هذا الشأن فهى تخشى أن تتحول هذه المنطقة العازلة من كونها منطقة هدفها مواجهة داعش إلى منطقة مواجهة بين تركيا والأكراد وهذا ما لا تريده الإدارة الأمريكية لذا تجرى المفاوضات بين أمريكا وتركيا فى هذه القضية
* ماذا عن الملف الليبى وتوقعاتك بشأن تطور الأوضاع هناك؟
** العالم كله أصبح لديه قلق كبير من الملف الليبى فى ظل تواجد الميليشيات الجهادية من جهة ووجود داعش من جهة أخرى..فهى تمثل تهديدا لمصر من جهة كما أنها تمثل تهديدا لأوربا حيث يمكن تنفيذ هجمات إرهابية ضد عدد من الدول الأوربية مثل فرنسا وإيطاليا من خلال السواحل الليبية وستظل تلك التنظيمات تتوغل فى أفريقيا حتى "دولة مالى" ومصر عليها دور كبير بليبيا ولكنها تحتاج تأييدا عربيا ودوليا حتى تستطيع الاضطلاع بهذا الدور، وعلى المجتمع الدولى ممثلا فى مجلس الأمن وحلف الناتو والولايات المتحدة القيام بدور عسكرى قوى وهجمات ضد داعش فى ليبيا، ومن جهة أخرى لابد من دعم البرلمان بطُبرق حالياً ودعم فريق القوات المسلحة الليبية وهناك عدد من منظمات المجتمع المدنى رفعت مذكرات لمجلس الأمن تطالب بالتحرك لمواجهة داعش فى ليبيا.
*سددت القوات المسلحة المصرية ضربات جوية لمواقع داعش بالأراضى الليبية عقب قتل الـ21 مصريا هناك.. صف لنا ردود أفعال الإدارة الامريكية إزاء ذلك؟
** للأسف إدارة البيت الأبيض وأوباما لم تقابل هذه الضربات التى وجهتها القوات الجوية المصرية لمواقع خاصة بتنظيم داعش فى ليبيا بارتياح، بسبب الضغوط التى مارسها اللوبى الإخوانى فى الولايات المتحدة.
*ننتقل للأوضاع فى لبنان.. ما علاقتها بالمشهد فى المنطقة العربية؟
**لبنان لها حصة من هذا الاتفاق، ومن أجل تحريك التركيبة اللبنانية هي تحتاج إلى ضغط أمريكي كبير، ولكن الإدارة الأمريكية غير مستعدة لمعركة أخرى في لبنان وضغط اضافي، خصوصاً إذا كان هذا الأمر يعرقل عملها مع ايران، ولهذا السبب وبما أن "حزب الله" وحلفاءه يبقون التركيبة من دون رئيس حتى يحصلوا على الرئيس الذي يريدون، فهم يفضلون هذا الوضع حتى تتم تسوية الأمور بين إيران و الإدارة الأمريكية.
*كان لقطر سياسات أثرت بشكل أو بآخر على استقرار المنطقة..ما رؤيتك للسياسات القطرية فى ظل وجود قاعدة عسكرية على أراضي قطر ؟
** مما لا شك فيه أن قطر ساندت جماعة الإخوان المسلمين كثيرا ودعمتها بتمويل ضخم، ولكن محاولات الإخوان المدعومة من قطر فشلت فى هز مصر وبعض الدول العربية اتخذت موقفا من قطر نتيجة هذه السياسات الداعمة للإخوان مثل السعودية والإمارات وغيرهما ولكن ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو أضعفت النفوذ القطرى فى مصر وليبيا.
أما بالنسبة للقاعدة العسكرية فهى مقامة بهدف الحفاظ على استقرار الأوضاع فى المنطقة من جهة و حماية تدفق البترول من جهة أخرى، وهناك قواعد فى دول عربية أخرى وليست قطر فقط ولا يوجد دور سياسى لمثل هذه القواعد.
*ما رأيك فيما تقدمه قناة الجزيرة ؟
** قناة الجزيرة تعبر عن سياسة قطر فى دعم الإخوان مما يجعلها تدخل فى تضاد مع عدد من الدول العربية.
بالنسبة للملف الفلسطينى الإسرائيلى
* الجالية اليهودية الأمريكية ذات النفوذ منقسمة من حيث موقفها من نتنياهو وسياساته ..حدثنا عن تأثير ذلك على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية؟
** هذا الانقسام ليس وليد اليوم لكنه يرجع لأيام سقوط حكم الليكود فى الثمانينات وهذا الانقسام نراه داخل إسرائيل أيضا فالغالبية من النخب نجدها ليبرالية على اليسار ولكن اكثرية الكوادر السياسية على الارض داخل أمريكا هى يمينية، ومعظم اليهود الأمريكيين هم يؤيدون أوباما اما فيما يخص أمن إسرائيل والملف الإيرانى مثلا هم يساندون إسرائيل بشكل مطلق حتى إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى يمينى فإننا نجد بعض اليهود الأمريكيين من اليسار يساندونه أيضا وهذا ما لاحظه أوباما على صعيد العلاقات العسكرية بين البلدين وفيما يتعلق بالملف الإيرانى يقفون بجانب السياسة الإسرائيلية.
*ما روشتك لتصحيح الأوضاع فى الشرق الأوسط.. ؟
** إصلاح الأوضاع فى الشرق الأوسط لابد أن تتم من خلال شقين الأول إيران فعلينا إيجاد قرار بالتحالف السياسية مع قوى المعارضة الإيرانية بكل أشكالها فيمكنها الضغط على النظام الإيرانى مثل الحركة الخضراء وعرب الأهواز ومجاهدى خلق وغيرهم ..أؤكد إن نجاح عملية التغيير فى إيران تكسب العالم نصف الحرب ضد الإرهاب لأن مكافحة الإرهاب تشمل جزأين الأول سلفى تكفيرى جهادى يتمثل فى داعش والقاعدة والجزء الثانى يتمثل فى النظام الخامئنى الذى يبدأ من الحرس الثورى فى إيران وأتباعه فى العراق و سوريا وحزب الله وحلفاؤه فى اليمن، فيجب التعاون مع الأقليات والعرب المعتدلين سواء سنة أو شيعة كلهم جميعا يعملون معا لتغيير الواقع فى المنطقة .
الشق الثانى الأمم المتحدة فلابد من موقف إيجابى موحد من الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن لأن مواجهة الإرهاب تحتاج توحيد الجهود الدولية.
وعلى المجتمع الدولى تقديم مزيد من الدعم العسكرى للدول التى تواجه الإرهاب فى مقدمتها مصر وليبيا وتونس، وتصحيح الخطاب الدينى المتطرف كما بدأت مصر فعلى بقية الدول العربية أن تحذو حذوها فى هذا.
*هل تعتقد أن البيت الأبيض مازال يعمل على تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى أعلنت عنه الخارجية الأمريكية منذ سنوات ؟
** بالأساس لم تكن هناك مؤامرة بمعناها المفهوم لخلق شرق أوسط جديد كما أشاع فى الماضى فهذا المشروع طرح أيام إدارة بوش بهدف خلق وعى بالأفكار الديمقراطية فى الشرق الأوسط لمواجهة الإسلاميين المتطرفين والأفكار التى تدعو لها إيران وتحاول نشرها، ولكن هناك قوى قلبت المواضيع رأسا على عقب لخدمة أغراض معينة وكانت تعمل ضد هذا وصورت الأفكار الديمقراطية على أنها مؤامرة لخلق شرق أوسط جديد وبالتأكيد لم يكن هناك دعم من الإدارة الأمريكية فى عهد بوش للإخوان.
*هل يمكن لجماعة الإخوان أن تعود للمشهد السياسى فى مصر مرة أخرى ؟
**هذا قرار الإخوان فإذا توقفوا عن الإرهاب والعنف وقاموا بنشاط إصلاحى لكسب ثقة الناس مرة أخرى وبالتالى يعودون لممارسة دور فى الحياة السياسية الموجودة كما فعل الإسلاميين فى تونس، وعلى الإخوان فى مصر الاقتياد بهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة