براء الخطيب

حسن طاطاناكى وليبيا أولاً ودائماً «5»

السبت، 22 أغسطس 2015 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لندع كلمات «حسن طاطاناكى» تعبر بنفسها عن متاجرة الإخوان المسلمين بالدين وعن أن جميع الحكومات التى توالت على ليبيا فى تاريخها السياسى الحديث كانت تنظر إلى الليبيين على أنهم رعايا وليسوا مواطنين، الفرق بين الرعية والمواطنين أن الرعيّة ليس أمامها إلا الطاعة والسكوت، أما المواطنون فإن أمامهم أدوارا إيجابية فاعلة لأنهم جزء أساسى ثابت من الدولة، وبدون وجود هذه الأدوار الإيجابية الفاعلة لا تنشأ الدولة، بل لا توجد أصلاً، إن الشعوب باقية لأنها أساس بناء الدول، أما الحكومات فهى متغيرة ومؤقتة وزائلة، ووجودها عابرٌ مهما كان زمنها طويلاً، هذه هى الحقيقة التى يجب أن يتمسّك بها الليبيون جميعاً، ويجب أن تفهمها النخبة من حكومات وأحزاب وقياديين فى مختلف الكيانات السياسية، دون أن تمارس هذه النخبة أى نوع من الوكالة أو الوصاية على المواطنين.

لقد مرّت على ليبيا عقود طويلة كانت فيها الوصاية مفروضة على شعب بأسره، ولم تكن بلادهم دولةً مستقرة قادرة على النمو والتطور.. كانت تمر من تجربة فاشلة إلى تجربة أخرى أكثر فشلاً وهكذا.. لم ينتظم التعليم، ولم يتحسّن مستوى المؤسسة الصحية، ولم تتطور البنية التحتية، ولم تشهد المدن والقرى تطوراً عمرانياً (باستثناء بعض العمران فى طرابلس ومصراتة).. باختصار كانت ليبيا مجتمعاً ريعياً يقتات على النفط، دون أن يتم التفكير فى تفعيل الموارد الأخرى التى تمتلئ بها البلاد، ولكن أسوأ ما كان يحدث فى ليبيا طوال هذه الفترة هو ما شهدته من ديكتاتورية عرّضت الناس البسطاء إلى الاستغلال من طرف أفراد يدّعون أنهم أكثر حرصاً على الناس من الناس أنفسهم، فهم بهذه الطريقة لم يسلبوهم حقوقهم فقط، بل نظروا إليهم باعتبارهم شعباً قاصراً تجوز عليه الولاية مثل الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد، هذه هى مصيبة الليبيين مع جميع القياديين فى الماضى والحاضر، وها نحن نعود الآن إلى نفس «الموّال» القديم عندما نرى بعض القياديين وهم يحاضرون ويصرّحون على الملأ وكأن الشعب الليبى قد منحهم وكالة مطلقة للحديث نيابةً عنهم، أو كأن الليبيين قد فوضوهم لتقرير مصيرهم ورسم مستقبل دولتهم، من هم الذين يمثّلون هذا الدور الآن؟ من هم الذين يستغلّون الليبيين ويريدون أن يعيدوهم إلى المربع الأول؟ من هم الذين يتاجرون بقضية الشعب لمصلحتهم الخاصة؟.

على رأس هؤلاء فئتان تجمع بينهما المصلحة الواحدة حتى وإن اختلفت الأساليب: الفئة الأولى هى بعض القيادات من النظام السابق التى وجدت فى ملف الصراعات السياسية والاقتتال ورقة رابحة لجلب انتباه الآخرين وتعاطفهم والسماح لهم بقيادتهم، والفئة الثانية هى الأصوليون وقيادات التيار الإسلامى التى اتخذت من الدين ستاراً تسوّق من ورائه برنامجها السياسى ومشروعها للسيطرة على الحكم فى ليبيا، الفئة الأولى تتاجر بأمن الليبيين واستقرارهم، والفئة الثانية تتاجر بعقيدتهم، وهم يشتركون جميعاً فى التضليل وقلب الحقائق، وها هم الآن يستغلّون فى الوقت نفسه ملف النازحين والمهجّرين ويتخذون منه ذريعة لكى يصل صوتهم إلى الجميع، بينما هم فى واقع الأمر يسعون إلى تمرير مشاريعهم وإثبات وجودهم من خلال مأساة الآخرين.. إنهم يتاجرون بمعاناة الليبيين وآلامهم، وهم على استعداد لأن ينكّلوا بالليبيين بلا رحمة أو شفقة فى سبيل الوصول إلى أهدافهم، أما بشأن النازحين والمهجّرين.. فإننا نقول إنهم ليسوا فى حاجة إلى من يمنحهم هبة أو صدقة.. إنهم يريدون استرداد ما تم انتزاعه منهم بقوة السلاح والترهيب.. يريدون العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التى صادرتها الميليشيات.. يريدون استعادة بلادهم التى اختطفتها الميليشيات ومن يدعمها من إخوان وغيرهم، وللحديث بقية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة