الخارجية الأمريكية تناقض نفسها..تتحفظ على قانون الإرهاب فى مصر بزعم إضراره بحقوق الإنسان والحريات وتتعامى عن قانون الحرب فى بلادها..قانون واشنطن يعتبر الصحفيين مرتزقة وجواسيس أو أعضاء بتنظيم القاعدة

السبت، 22 أغسطس 2015 06:42 م
الخارجية الأمريكية تناقض نفسها..تتحفظ على قانون الإرهاب فى مصر بزعم إضراره بحقوق الإنسان والحريات وتتعامى عن قانون الحرب فى بلادها..قانون واشنطن يعتبر الصحفيين مرتزقة وجواسيس أو أعضاء بتنظيم القاعدة إرهاب جماعة الاخوان فى مصر - صورة أرشيفية
كتبت: إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الخارجية الأمريكية تناقض نفسها وتظهر للعالم بألف وجه، خاصة فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان والحريات، فبعد أيام من إبداء الخارجية الأمريكية تحفظها على قانون الإرهاب فى مصر، وإعلان جون كيربي، المتحدث باسمها قلق بلاده بعد صدور القانون، أصدرت الولايات المتحدة "دليلا" حول "قانون الحرب" يضعف كما يبدو الحماية، التى يتمتع بها الصحفيون مراسلو الحرب، بحسب منتقديه، حيث عبر المدافعون عن حقوق الإنسان عن قلقهم حيال هذا الدليل، الذى يمكن بموجبه اعتبار الصحفيين "مقاتلين غير شرعيين" أو جواسيس أو عناصر فى جماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة.

بالطبع لم يتطرق المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إلى الاعتراضات الكثيرة على قانون الحرب، لكنه يمتلك الجرأة ليناقض نفسه والإدلاء بتصريحات يقول فيها: "نحن قلقون لأن بعض إجراءات قانون مكافحة الإرهاب في مصر، قد تضر بحقوق الإنسان والحريات الأساسية للمصريين، بشكل كبير، بما فى ذلك ضمانة سلامة الإجراءات القانونية، وحرية التظاهر والتعبير".

وقد أثار قانون الإرهاب فى مصر حفيظة الجماعات الصحفية والمدافعين عن حرية الصحافة، والتعبير من جهة، حيث يرفض الصحفيون البنود الخاصة بالعمل الصحفى فى قانون مكافحة الإرهاب الجديد، وتحديدا ما يتعلق بالمادة 33، التى تنص على دفع غرامة باهظة، بعد تعديلها بدلا من الحبس، لكل من يبث أو ينشر معلومات "غير حقيقية" حول الهجمات الإرهابية أو العمليات العسكرية بالمخالفة للرواية الرسمية للجهات الحكومية.

القانونان المصرى والأمريكى محل هجوم ودفاع


القانونان المصرى والأمريكى محل هجوم ودفاع، فكلاهما يواجها انتقادات ورفض وسائل الإعلام والمدافعون عن الحريات الصحفية، يقابلها دفاع العسكريين، الذين يصرون على حماية عملهم والالتزام الكامل بالجانب الأمنى، حتى لو كان على حساب بعض الأشخاص أو الجهات.

تتعلق جوانب الرفض الرئيسية فى قانون مكافحة الإرهاب الجديد فى مصر، الذى يعتبر مكملا لقانون "الكيانات الإرهابية"، الذى أقرته الحكومة فى فبراير الماضى، بالتعريف الواسع للإرهاب، حيث يشمل الكثير من الأفعال فى فئة واحدة، ويصفه البعض أنه يساوى بين الإرهاب، وأى نقد أو أصوات معارضة أو أعمال لا تروق للدولة، وفى المقابل فإنه لا يسأل جنائيا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة.

لكن ربما البند الأكثر جدلا هو ذلك، الذى يتعلق بتغريم كل من بث متعمدًا بأى وسيلة بيانات غير حقيقة عن عمليات إرهابية بالمخالفة للبيانات الرسمية ما بين 200 ألف و500 ألف جنيه، وتصل إلى منع الصحفى من مزاولة المهنة لمدة عام، وربما جاء هذا البند تحديدا ردا على تضارب الأرقام المتعلقة بالهجمات الإرهابية، التى استهدفت نقاط تفتيش تابعة للجيش فى مدينة الشيخ زويد، أواخر يونيو الماضى، وقالت وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية، وقتها أن أعداد شهداء جنود الجيش المصرى تجاوز الـ70 جراء هجوم مجموعات متطرفة تابعة لتنظيم داعش، على نحو 19 نقطة تفتيش أمنية فى الشيخ زويد، وهو ما أكد الجيش المصرى زيفه، فضلا عن أن التنظيم الإرهابى نفسه، الذى اعتاد تصوير ضحايا لم يذكر هذه الأرقام الكبيرة، وبحسب بيان القوات المسلحة، فإن عدد شهداء الجيش بلغ 17 جراء الهجوم على 5 نقاط تفتيش، فيما رد الجيش بحملة عسكرية قوية أسفرت عن سقوط عشرات الإرهابيين قتلى.

ووجه المجلس القومى لحقوق الإنسان ونقابة الصحفيين وحقوقيون وسياسيون مصريون، انتقادات لاذعة للقانون، معتبرينه تكريسا لحالة طوارئ دائمة وانتهاكا لحقوق المواطنين، فيما طالب المجلس الأعلى للقضاء الحكومة المصرية بإعادة النظر فى أجزاء من القانون.

القانون الأمريكى يعرض الصحفيين للخطر


وفيما يتعلق بـ"دليل" قانون الحرب الأمريكى، الذى يقول البعض إن بموجبه يمكن اعتبار الصحفيين "مقاتلين غير شرعيين" أو جواسيس أو عناصر فى جماعات متطرفة، قال الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار فى رسالة إلى وزير الدفاع الأمريكى، آشتون كارتر، إن "الدليل الجديد يتخذ موقفا خطيرا لأنه يلحظ أن نقل المعلومات يعتبر فى بعض الحالات مشاركة مباشرة فى الأعمال العدائية". وأضاف، أن "هذا التعبير يفسح المجال واسعا أمام تفسيرات، ويمكن أن يعرض وضعهم للخطر".

وأشار كريستوف ديلوار إلى أن الدول "من واجبها حماية الصحفيين، الذين يغطون النزاعات المسلحة، كما يذكر القرار الأخير لمجلس الأمن الدولى فى هذا الشأن"، وعبرت لجنة حماية الصحفيين عن القلق نفسه بينما دانت صحيفة نيويورك تايمز فى افتتاحية هذا الأسبوع قواعد، يمكن أن تجعل تغطية النزاعات المسلحة من قبل الصحفيين "أكثر خطورة وقاسية وخاضعة للرقابة".

وقالت هايدى كيتروسر، أستاذ القانون الدستورى فى جامعة مينيسوتا، والتى تعمل خصوصًا فى القضايا المرتبطة باسرار الدولة، إن الصيغ الجديدة، التى وضعها البنتاجون يمكن أن تتضمن بذور قيود على حرية الصحافة، وأضافت لوكالة الأنباء الفرنسية أن "المضاعفات الممكنة لذلك تثير القلق" لأنها "تتناقض مع المبادئ الدستورية الأمريكية".

الطعن فى دستورية القانونين


واتهامات كيتروسر للقانون الأمريكى بالتناقض مع المبادئ الدستورية للولايات المتحدة، يواجه مثلها القانون المصرى، إذ يشير بعض الخبراء القانونين فى مصر إلى أن القانون يشكل مخالفة لنصوص الدستور وينوى المجلس الأعلى للصحافة الطعن فى دستوريته، وبحسب الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون، ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، فإن المادة الثانية انطوت على مصطلحات "النظام العام، السلام الاجتماعى، الوحدة الوطنية" كل هذه المصطلحات يسهل انطباقها على أى شخص، وهو ما يعد مخالفة لمبدأ شريعة الجرائم والعقوبات، والتى نصت عليها المادة 95 من الدستور وأكدتها أحكام المحكمة الدستورية العليا.

المواقف المتطرفة للطرفين


ومع ذلك قلل ستيفن افترجود، عضو اتحاد العلماء الأمريكيين، الذى يتمتع بنفوذ كبير والمتخصص بقضايا السرية، من أهمية هذه الانتقادات الموجهة للقانون الأمريكى، مشيرا إلى أن النص ليس سوى استعادة لقوانين أو ممارسات قائمة أصلاً، وقال فى تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، هذا الأسبوع، إن "الأمر مرتبط إلى حد ما بالطريقة، التى تفسر فيها هذه القوانين عند تطبيقها".

وأضاف: "ما يبدو واضحا هو أن المواقف المتطرفة للطرفين من القضية خاطئة"، موضحًا أن "الإلغاء الكامل للتغطية الصحافية للحرب غير مقبول بالتأكيد، لكن الأمر ينطبق أيضا على مفهوم الحرية المطلقة للصحافة".. وتابع "هناك بالتأكيد أسرار شرعية فى ميدان المعركة يحق للعسكريين حمايتها".

وقد وصف الباحثان لدى مركز التقدم الأمريكى، بريان كاتلوس ومختار عوض، بنود قانون مكافحة الإرهاب المصرى بأنها "معقولة"، مشيرين إلى أن الإشكالية تتعلق بتوسيع تعريف جريمة الإرهاب لتشمل مجموعات واسعة من الأفعال فى فئة واحدة، وأضافا، فى مقال مشترك بصحيفة وول ستريت جورنال، أن التعريف الواسع لمطلح الإرهاب سيؤدى إلى التحامل على نظام العدالة الجنائية فى مصر، بينما الحاجة هنا إلى إستراتيجية أكثر فعالية تسعى إلى تركيز الموارد على مكافحة الجماعات الإرهابية العنيفة، فإلحاق هزيمة قاضية بالعنف الإرهابى لن يأتى من خلال تشديد العقوبات فقط، بل عبر إستراتيجية سياسية توفر مساحة لأنواع أخرى من المعارضة.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

يحي سالم

متوقع التناقض

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة