انتشرت هذه الأيام بعض الفتاوى والمطالبات التى تؤكد على حق المرأة العاملة فى الحصول على أجر مقابل قيامها بالأعمال المنزلية لخدمة زوجها وأبنائها مما جعلنى أتخيل ماذا يحدث للرجال لو استيقظوا يوما على شعار "هنعتصم بإذن الله" هذه الصيحة التى أطلقتها السيدات العاملات وكأنهن استيقظن فجأة ووجدن أنفسهن يعملن بالوظيفة ثم يمارسن جميع الأعمال المنزلية فى منزل الزوجية فجمعن أنفسهن للاعتصام منددين بالتصعيد فى حالة عدم تنفيذ مطالبهن التى تتمثل فى :
- قيام أزواجهن بجميع الأعمال المنزلية طبخ – غسيل – مسيح - تنظيف الشقة – شراء الطلبات.. إلخ
وفى حالة عدم موافقة الأزواج على هذا المطلب يتعهد كل زوج بدفع 600 جنيه شهريًا لزوجته كراتب عن أدائها هذه الأعمال دون حسابها فى المصاريف الشهرية.
ونددت المعتصمات بأنه فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهن سوف يقدمن استقالتهن من العمل بالوظيفة وليتحمل الزوج وحده تكاليف المعيشة.
وأرى أن مثل هذه الفتاوى ظاهرها فيه الرحمة بالمرأة العاملة وباطنها دعوات لتحريضها على الرجل مما يهدم الحياة الأسرية فبالنظر إلى دور المرأة المصرية العاملة على مر العصور نجد أنها احتلت مكانة كبيرة فكانت المرأة فى العصر الفرعونى تعمل فى مجالات عديدة لاسيما السياسة... وفى تاريخ مصر القديمة العديد من الأمثلة للملكات والوزيرات التى قدر ذكاءهن أم الفرعون الذى بنى الهرم الأكبر واسمها حوتب تولت الحكم بدلا من ابنها الصغير حتى بلغ السن المناسب للحكم هناك أيضا ملكات استمرت فى الحكم سنينا طويلة مثل الملكة حتشبسوت التى حكمت مصر عشرون عاما وملكات كانت تحكم مصر بجانب أزواجهن مثل زوجة اخناتون نفرتيتى – جميلة الجميلات وزوجة امنحوتب –السمراء- تى وأشهرهن آخر ملكة لمصر وهى كيلوبترا التى أصبحت بعد ذلك بطلة للروايات و الأفلام .
أيضا المرأة فى العصر الفرعونى كان بإمكانها أن تصل إلى مناصب مهمة فى الدولة فنجد أسماء و ألقاب فى أوراق بردية تثبت لنا ذلك هناك أسماء سيدات كن يعملن فى القضاء مثل القاضية نبت التى كانت حماة للملك بابى من الأسرة السادسة أى فى بداية تاريخ الدولة المصرية تقريبا. أيضا نجد اسم طبيبة مصرية اسمها بسخت ومن الأوراق يمكننا أن نستنتج إنها قد كانت من احسن و اقرب أطباء الفرعون.
وكرم الإسلام المرأة تكريما رائعا وكرمها الله فى كتابه بسورة تحمل اسم النساء فالمجتمع الإسلامى يقوم على الأسرة التى تقوم على المرأة، ويتخرج أفرادها على يديها، ويتلقون مبادئهم عنها، فهى محور ارتكازه، وعمود بنائه، وأساس أركانه، وبدونها لا يكون أبداً، بل لا يتصور فى ذهن أن يقوم مجتمع بدون المرأة، المرأة التى بنيت بناء صالحاً، وأعدت لتقوم بدور بناء المجتمع، وتخريج أفراده ليقوم كل منهم بما يجب عليه حتى يكون مجتمعاً صالحاً.
وأخيرا فالمرأة العاملة وجهودها فى رعاية الأسرة لا يقدر بمال والزوجة العاملة التى تراعى الظروف وتقف بجوار زوجها فى الشدة وأصعب الأزمات هى التى تكون نشأتها الاجتماعية صالحة، ويقال عنها زوجة أصيلة؛ تستطيع أن تعْبر مع زوجها الأزمات، حتى وإن طالت مدتها ، تكون هى العون والمدد له لاجتيازها، لأنها تضع مستقبل أسرتها وأبنائها وزوجها هدفها الذى تحارب من أجله وتحافظ على بقائه فتحية كبيرة للمرأة المصرية العاملة تجعلنا نحن الرجال نرفع لها القبعة دائما.
محمد على طه يكتب: المرأة المصرية العاملة ودور مجتمعى لا يقدر بمال
الجمعة، 21 أغسطس 2015 10:00 م
امرأة مصرية أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة