- والد الطفلة سما " سعر اللبن خارج المستشفى غالى جدا وابنتى ركبت خرطوم معدة بسبب رفضها الأكل"
- أم محمود فقدت 5 من أطفالها وعم يوسف ينتظر وداع طفله الثانى
- رئيس قسم التغذية بمستشفى السرطان "المرض ظهر منذ 11 عاما ويجب مراعاة التحليل قبل الزواج والإنجاب
أسر بسيطة لا تحلم بأكثر من بقاء أطفالها بجانبها طوال العمر ولكن مرض "ميكوبولس سكريتوديز"المعروف باسم "التمثيل الغذائى" هو النقطة السوداء التى شاء القدر أن تكون فى حياتهم فأطفال أمراض التمثيل الغذائى يرحلون يوما بعد يوم وذلك بسب عدم توفر الإمكانيات والغذاء المناسب لهم فى مصر .
مستشفى الدمرداش
مرض التمثيل الغذائى وراثى خاص بخلل الجينات الوراثية للوالدين وهو عبارة عن مجموعة من الأمراض التى تتميز بخلل فى دورة الغذاء فى الجسم فتؤدى إلى تراكم مواد كيميائية ضارة و سامة تتجاوز خطورته الإعاقة الدائمة أو عدم النمو بشكل سليم والوفاة، وقد يكتشف البعض المرض مبكرا وقد يهمله البعض الآخر ولا يكون لديه وعى كامل بهذا المرض.
الأطفال تعانى من سوء التغذية
أمراض التمثيل الغذائى أكثر من نوع وكلها لا تقل خطورة عن بعضها فهذا المرض مأساة تجبر الأطفال على الاكتفاء بمشاهدة المأكولات والحلويات دون إمكانية تناولها وذلك لأنهم ممنوعون من أغلب الأطعمة مثل اللحوم بأنواعها والألبان والمخبوزات ، والأدهى هو معاناة أولياء أمورهم من عدم توفير الأغذية المخصصة لهؤلاء الأطفال بشكل جيد فى المستشفيات.
والد أحد الأطفال بصحبة طفلته فى المستشفى
اليوم السابع كشفت معاناة الأطفال المصابين بمرض التمثيل الغذائى فى مصر وتجولت بمستشفى الدمرداش بداية من المطبخ الخاص بصناعة الطعام للمرضى حتى عيادات الوراثة والصيدلية .
الآباء بمستشفى الدمرداش فى انتظار اللبن
فى المطبخ الذى يتسع نحو 100 متر ترى سيدة تقف على باب المخبز وعلى يمينها ثلاجة مليئة بمكرونة تشبه أصابع البقسماط معبئة فى أكياس بلاستك وبيتزا صغيرة وفى اليسار أطباق مغلفة من البسكويت والعيش المتحجر والمحشو بالعجوة وعند سؤال العامل عن كثرة العجوة فى البسكويت وأنها قد تضر الأطفال لما بها من بروتين قال: نسبتها قليلة، بينما قالت المسئولة بالمطعم: " يعنى أنتِ هتأكليه كل ده أديله حتة صغيرة"، وعن الأسعار قال العامل إن المكرونة والكفتة والعيش والبسكويت مجانا أما باقى الأكلات بفلوس.
المرضى أمام العيادات
فى سلم قصير بزاوية يأخذك إلى العيادات الخاصة بأطفال التمثيل الغذائى لترى وجوها لأسر بسيطة من جميع المحافظات والأقاليم حاملين هموما وحزنا على وجوههم وحاملين أطفالهم الذين يبدون فى سن الرضاعة وكأنهم لم يكملوا عامهم الأول وذلك بسبب حالة الضعف والمرض الذى ينهش فى أجسادهم ترى فى اليمين أمًا تحمل طفلها لتطعمه ما تبقى من اللبن الخاص به، وأخرى تحمل هم اللبن الذى لا تعلم هل تعود لبلدها وهو معها أما ستنتظر دورها الشهر القادم.
الأطفال المرضى مع آبائهم فى انتظار دور الكشف
"أنا عاوز بنتى تعيش دى كل أحلامى" بهذه الكلمات بدأ هيثم كامل والد الطفلة سما ذات العامين كلماته قائلا" ابنتى تعانى من مرض التمثيل الغذائى منذ ولادتها، وكانت فى حجرة العناية المركزة منذ كان عمرها أيام وذلك فى مستشفى ميت غمر العام لمدة شهر كامل ثم اتجهت بها إلى مستشفى الزقازيق ومستشفى البحوث وهناك أثبتت التحاليل أنها تعانى من المرض، وانتقلت بها إلى مستشفى الدمرداش لأخذ اللبن المخصص لحالتها، حيث إن أطفال هذا المرض ممنوعون من جميع الأكلات ولم يكتشفوا له علاجًا حتى الآن، ولكن معاناتى الأكثر بدأت منذ دخولى المستشفى وذلك بسبب عدم توفير اللبن والغذاء الجيد لها .
بكاء الأطفال من شدة المرض
ويستطرد حديثه قائلا " منذ ثلاثة شهور لم نحصل على اللبن المجانى من المستشفى وبذلك لا أملك إلا حلا واحدا فقط وهو شراء اللبن من الشركة المصرية بمبلغ 558 جنيها للعلبة الواحدة وظروفى المادية لا تسمح بذلك ولا يمكن أن أطعم ابنتى أى طعام آخر لا يناسبها حتى لا تتعرض لانتكاسات وحاولت كثيرا أن أطعمها من الوجبات التى يصنعوها فى المستشفى ولكنها رفضتها وذلك بسبب سوء الجودة والطعم لأنهم يقومون بصنع الأكلات من النشا، وطبيعى أن يتحجر الطعام بعدها بفترة ولا يستطيع الأطفال أكله، وعندما ساءت حالتها بسبب رفض الطعام قام الأطباء بتركيب خرطوم المعدة وإدخال الطعام مباشرة عن طريقه.
أحد الأطفال مع والده
وينهى كلامه: "رسالتى لوزير الصحة أطفالنا بتموت يومًا بعد يوم، كل أسرة تفقد أكثر من طفل، لا نطمع فى أكثر من الغذاء المناسب واللبن المتوفر فهؤلاء أطفال أبرياء لا ذنب لهم، وكفى ما تحملوه من قسوة المرض والألم الذى يتعرضون له كل يوم.
وفى صوت منخفض يسيطر عليه الحزن واليأس قال عم الطفلة "ملك محمد رزق " وعمرها سنة وشهرين " أذهب إلى مستشفى الدمراداش كل 15 يوما تقريبا لعمل التحاليل وأخذ اللبن ولكن منذ فترة لم أستطع الحصول على اللبن فاستسلمنا للأمر الواقع ونطعمها عصير فواكه مثل التفاح والجزر، وذلك لارتفاع سعر اللبن خارج المستشفى، وأنا على باب الله ووالدها متغرب عشان لقمة العيش، وعشان علاج ابنته، ونفسنا نشوفها فى أحسن حال المشكلة عند وزارة الصحة يا ريت توفر لنا اللبن، المستشفى بتعمل اللى عليها ولما بييجى اللبن بيصرفوه على طول.
"المرض خد منى ابنى الأولانى ومش راحم ابنى التانى " بهذه الكلمات قال عم يوسف والد الطفل محمد عمره ثلاث سنوات "كان ابنى طبيعى جدا حتى تم عامين ونصف بعد ذلك تعرض لوعكة صحية شديدة ودخل العناية المركزة فى مستشفى الإسكندرية لمدة طويلة ثم قال لى الدكتور " خد ابنك وروح عوضك على الله ابنك عنده مرض التمثيل الغذائى وملوش علاج" بعد سماع هذه الكلمات لم أتمالك أعصابى أنا ووالدته وانهرنا فى البكاء، وذلك لأننا فقدنا طفلنا الأول بسبب هذا المرض الخبيث .
وفى نظرة شجن استكمل عم يوسف كلامه " أهل الخير نصحونى بالذهاب إلى مستشفى الدمرداش لتوفير اللبن والغذاء لابنى ولكن للأسف اللبن غير متوفر دائما فى المستشفى نادرا جدا عندما أحصل على علبة أو نصف علبة، وأيضا الأكلات فى المطعم أربعة أصناف فقط مجانا والباقى بفلوس .
وأنهى كلامه " أنا بأكل ابنى خضار من البيت بسبب عدم وجود اللبن وبذلك يتعرض لانتكاسات ويدخل فى غيبوبة ، أنا نفسى ابنى يعيش مش هستحمل فقدان طفل ثانى بسبب هذا المرض".
وفى سلم المستشفى شاهدنا امرأة تحمل هموم الدنيا فى نظراتها خائفة على مصير طفلها الصغير تنتظر لساعات حتى تحصل على اللبن والغذاء المجانى لتعود إلى بلدها ويطمئن قلبها لمدة شهر واحد، هى والدة الطفل" مروان أشرف" صاحب الثلاثة أعوام " حيث قالت لليوم لسابع " عندما كان عمر ابنى 7 أيام اكتشفنا هذا المرض اللعين ومن هنا بدأت رحلة العلاج والذهاب دائما إلى مستشفى الدمرداش لأخذ اللبن والغذاء ولكن انتظر دائما ولا أستطيع الحصول عليه لعدم وجوده فى المستشفى وفى نفس الوقت ظروفى لا تسمح بشراء اللبن من خارج المستشفى لأنه غالى جدا وظروفنا قاسية، ده غير مصاريف التحاليل.
وتابعت : الأدهى من كل ذلك أن ابنى رافض الوجبات التى تصنعها المستشفى لأن الخبز والبسكويت ناشف جدا، كل ما أطلبة هو توفير اللبن.. الدكاترة كتر خيرهم فى أوقات يجمعوا من بعضهم ويشتروا لنا اللبن من خارج المستشفى لإنقاذ أطفالنا ولكن ما الحل كل ما نحتاجه هو أن تنظر لنا الوزارة وتحل مشاكلنا وتوفر الغذاء واللبن الصحى لأطفالنا باستمرار عيالنا بتموت كل يوم.
ومن جانبها قالت والدة الطفل " فاروق إيهاب " إحنا فى كارثة حقيقية محدش فى البلد حاسس بينا مرض السرطان اكتشفوله علاج ولكن التمثيل الغذائى لسة ولكن الحمد لله على كل شىء ولا بد من توفير اللبن والغذاء الصحى للأطفال فأنا واحدة من الأمهات التى يعانى ابنها من المرض ولكن أستطيع أن أوفر له اللبن والغذاء من خارج مصر، وذلك من خلال أصدقائى ومعارفى الذى أجبرهم مرض أطفالهم على الرحيل والهجرة من أجل الحصول على الغذاء المتوفر لأبنائهم فكل منهم لديه أكثر من طفل يعانى من هذا المرض ولكن اليأس أجبرهم على السفر لإنقاذ حياة أطفالهم.
وتضيف: ياريت الحكومة تنظر للأطفال بعين الرحمة وتسرع فى تسهيل الإجراءات الجمركية لتوفير اللبن فى مصر بسرعة أكثر ، ففى البلاد العربية مثل السعودية والإمارات والكويت و قطر يتم توزيع اللبن والطعام المجانى على هؤلاء المرضى وأكلات مميزة ومتنوعة حتى لا يشعر الطفل بالحرمان فمنها البسكويت الويفر والكفتة بالخضار والخبز واللبن وغيره وهو بديل للبروتينات والألبان.
وتتابع: لكل أسرة أكثر من طفل يعانى من هذا المرض ولو لقدر الله تناول الطفل أى طعام غير المخصص له سوف يتعرض لانتكاسات قد تسبب الوفاة فمنذ يومين توفت طفلة تدعى جنى بسبب عدم تناولها اللبن لمدة 3 شهور وسيدة أخرى تدعى أم محمود توفى خمسة من أطفالها بسبب هذا المرض فلا يوجد لدينا توعية بهذا المرض ولا توفير العلاج المناسب له.
وأنهى اليوم السابع جولته داخل صيدلية المسشفى ليعرف سر هذا اللبن غير المتوفر لدى جميع الأطفال حيث قال أحد الأطباء المسئولون عن الصيدلية لوالدة أحد الأطفال إن الألبان غير متوفرة من الأساس وليس ذنبه فكل وظيفته هى صرف اللبن وأن حالات الوفاة تزداد يوم عن الآخر بسبب تأخر اللبن كما قال مسئول إحدى الشركات الخاصة بتوريد الأدوية والألبان لهم إنه قد تم بالفعل تقديم طلبات للوزارة والكمية المطلوبة سوف تأتى ولكن التأخير فى الإجراءات الجمركية .
وقال الدكتور "عمرو عثمان" رئيس قسم التغذية العلاجية بمستشفى سرطان الأطفال لـ "اليوم السابع "إن الأمراض الاستقلابية أو أمراض التمثيل الغذائى ظهرت منذ 11 عاما فقط وهو جزء من الأمراض الوراثية وتعرف بالجين المتنحى أى أن الأب و الأم يحملان الصفات الوراثية للمرض وينقلانه إلى أطفالهما بنسبة 25% فى كل حمل (نسبة مولود مصاب مقابل ثلاثة غير مصابين) وتقدر الأمراض الاستقلالية المعروفة بأكثر من 400 مرض استقلابى.
وطبيعة هذه الأمراض هو نقص إنزيمات معينة منذ الولادة، وهذه الإنزيمات مهمة لتحويل مادة سامة إلى مادة أخرى أقل خطر فى أجزاء الجسم المختلفة، قد تكون سامة أو معقدة مما يؤدى إلى أعراض مختلفة عند الأطفال حسب موقع الإنزيم وأهميته.
وأضاف عثمان أن من الأعراض الأولية للمرض ( الخمول ، الكسل ، النوم المفرط واإمغماء ، نوبات صرع )، ويوجد عدة طرق للتشخيص منها ( قياس الإنزيم مباشرة عن طريق عينة دم أو عينة صغيرة من الجلد، بالإضافة إلى قياس المادة المتراكمة نتيجة نقص الإنزيم ، والكشف عن الطفرة الجينية المؤدية وذلك بتحليل الأحماض النووية DNA الموجودة فى الجينات).
وأنهى رئيس قسم التغذية العلاجية كلامه: يجب الكشف المبكر عن أمراض التمثيل الغذائى من خلال تحاليل وزارة الصحة للأطفال حديث الولادة و ملاحظات ظهور الأعراض للاستفسار من الطبيب مباشرة والاهتمام بهؤلاء الأطفال ويجب أيضا مراعاة التحليل قبل الزواج لأن 70 % من المصابين يكون عن طريق "زواج القرايب" و20% يكون أحد الأبوين الجينات لديه ضعيفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة