مراسلات عزمى بشارة مع أمير قطر السابق تكشف لعبة الدوحة للسيطرة على ليبيا.. عضو الكنيست الإسرائيلى طلب من الشيخ حمد تسليح الغرب الليبى معقل الإخوان.. ونقل للدوحة أماكن توزيع القبائل الداعمة للقذافى

فى حواره مع "اليوم السابع" أكد اللواء عبد الرازق الناظورى، رئيس أركان الجيش الليبى، أن قطر حاولت "تدمير ليبيا من أجل أن يكون لهم اليد الطولى فى تصدير الغاز"، مؤكداً على أن الدوحة "ساهمت فى إسقاط النظام السابق من أجل الغاز، لأنهم كانوا يرغبون فى توقيع اتفاقية مع القذافى لإغلاق كل حقول الغاز فى ليبيا، بحيث يسيطرون على الغاز فى العالم، وعندما فشل الاتفاق جندوا «الناتو» ودفعوا الأموال لإسقاط نظام معمر القذافى ".

وأشار الناظورى إلى أن أمير قطر السابق حمد بن خليه آل ثانى " كان يرغب فى أن يكون أميرا للمؤمنين"، وكان دائم التدخل فى الشأن الداخلى الليبى .

تصريحات الناظورى أكدتها وثائق ومراسلات حصلت عليها اليوم السابع من مصادر خاصة داخل صحيفة "العربى الجديد"، التى يتولى إدارتها عضو الكنيست الإسرائيلى السابق عزمى بشارة، الذى كان أحد رؤوس الحربة للسياسة الخارجية القطرية فى دول الربيع العربى، منها دولة ليبيا التى تعرضت لتدخل عسكرى تسبب فى دخول البلاد فى فوضى تقودها إلى مستنقع الإرهاب والتطرف.

وتشير مراسلات عزمى بشارة مع حكام وأمراء قطر مدى الدور الخطير والمحورى الذى لعبته قطر فى ليبيا، مستخدمة فى ذلك الاستشارات التى كان يقدمها لهم عزمى بشارة والذى كان يقدم لها بجانب ذلك تحليلاً للواقع على الأرض فى ليبيا، حتى يتسنى للقطريين اتخاذ القرارات التى تمكنهم من السيطرة على ليبيا سياسياً واقتصادياً.

بشارة يدعم قطربتقارير استخباراتية عن ليبيا

فى 28 مارس 2011 أرسل عزمى بشارة رسالة عاجلة للشيخ حمد بن خليفة آل ثان، أمير قطر السابق، حول الأحداث الجارية فى الدولة الليبية والعمق الصحراوى للقذافى والتوزيع الجغرافى للقبائل الليبية، وبدت الرسالة كأنها تقارير استخباراتى معلوماتى يسرد أدق التفاصيل فى البلاد، حيث تطرقت لوصف دقيق جدا للقبائل الموالية للعقيد الراحل معمر القذافى، ووصف دقيق للمنطقة الشرقية فى ليبيا وتوزيعات القبائل جغرافيا فى ليبيا.

وأرفق بشارة خلال مراسلاته، خارطة طلبها أمير قطر السابق منه حول التوزيع الجغرافى للقبائل الليبية، ويقول عزمى بشارة فى المراسلة "يلاحظ من خلال المسارات التى سلكتها الثورة الليبية، بأن التموضع الجغرافى يرتبط بشكل كبير بالعامل الأنثروبولوجى الذى عمل نظام القذافى على استمراره وتشجيعه رغم الشعارات الاشتراكية والناصرية التى رفعها وتجربة اللجان الشعبية التى عمل على إرسائها، لذلك من الضرورى لاستقراء الاستراتيجية المتبعة من نظام العقيد القذافى خلال المرحلة القادمة الوقوف عندها من العديد من الملاحظات، وقد فند بشارة تلك الملاحظات لأمير قطر السابق لاستقراء استراتيجية القذافى التى سيتبعها مستقبلا.

عزمى بشارة يرسم إستراتيجية وسياسة دولة قطر الخارجية

وتوضح المراسلة، أن عزمى بشارة يرسم استراتيجية وسياسة دولة قطر الخارجية من خلال تحليلاته واستقرائه للأحداث فى دول الربيع العربى، من خلال معلومات دقيقة يجمعها لصالح الدوحة، فطبيعة عمل عزمى بشارة المتمثلة فى كونه مستشارا سياسيا لحكام دولة قطر دفعت أمراء الدوحة للاعتماد على تحليلاته فى التعاطى مع الأزمة الليبية، وهو ما ثبت فشلها ودعمها لطرف بعينه يتمثل فى الإخوان المسلمين والتنظيمات المتطرفة.

وتتضمن رسائل بشارة لأمير قطر السابق معلومات حول المناطق التى انطلقت منها شرارة الثورة، ومنها – بحسب المراسلات - الولايات الشرقية وتركزت فى مدن مثل بنغازى وطبرق ودرنة، وهى تاريخيا مرتبطة بالحركة السنوسية وكانت مقرا للثوار ضد الاستعمار الإيطالى، ويشير بشارة إلى أن قبيلة الحرابى من أكبر القبائل فى الشرق الليبى، إضافة إلى نحو 15 عشيرة تعتبر بطونا لقبيلة الحرابى، ويحدد تمركزها ويذكر أنه فى منطقة الجبل الأخضر والتى أعلنت انضمامها للثورة بما فيها الوحدات العسكرية فى الجبل الأخضر.

أمير قطر السابق طلب من عزمى بشارة تحديدا أماكن تمركز القبائل الموالية للقذافى

ويبدو أن أمير قطر السابق طلب من عزمى بشارة تحديدا أماكن تمركز القبائل الموالية للقذافى وتوزيعها الجغرافى بالبلاد، حيث سرد بشارة فى مراسلته للشيخ حمد أماكن تواجد وتمركز قبيلة القذاذفة التى تتواجد فى الوسط الليبى فى منطقة سبها داخل العمق الصحراوى وصولا إلى سواحل سرت، وهى ضمن حلف قبلى كبير تشكل فى الصحراء الليبية بقيادة أولاد أحمد، وإليهم ينسب معمر القذافى وقريبه أحمد قذاف الدم مسئول العلاقات المصرية الليبية، وأحمد إبراهيم القذافى، والزناتى الزناتى، واللواء سعد مسعود القذافى.

ويشير عزمى بشارة إلى أن انتشار قبيلة القذاذفة فى الوسط الليبى وداخل العمق الصحراوى لليبيا، قد يمنح القذافى نقطة ارتكاز يستطيع على أساسها الاستمرار فى التحكم بطرابلس الغرب مع حرية شبه مطلقة فى الانطلاق من العمق الصحراوى فى مواجهة الثورة فى الشرق والغرب، وحذر أمير قطر السابق من أن ذلك سيمكن القذافى من الاستفادة من العمق الصحراوى فى استمرار تدفق الكتائب الإفريقية التى يدعمها " المرتزقة" من دول تشاد والسودان والنيجر.

ويسرد بشارة فى مراسلاته للشيخ حمد تاريخ العلاقات الليبية مع دول إفريقية مثل دولة تشاد والنيجر، يتحدث عن تاريخ التقارب الذى سعى له معمر القذافى مع الدول الإفريقية، كذلك مرحلة صراعه مع تشاد ومحاولته لخلق وحدة مع دول إفريقية بعينها.

عضو الكنيست الإسرائيلى بمثابة المستشار الأول لحاكم قطر

وقبيل زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثان أمير قطر السابق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أرسل عزمى بشارة رسالة عاجلة لحاكم قطر تتضمن مجموعة من النقاط التى سيتحدث فيها الأمير مع كلينتون، وتؤكد تلك المراسلة أن عضو الكنيست الإسرائيلى بمثابة المستشار الأول لحاكم قطر فى كافة القضايا التى تخص شئون دول الربيع العربى.

وتتضمن الرسالة التى بعثها عزمى بشارة للشيخة هند نجلة وسكرتيرة الشيخ حمد بن خليفة، يطالبها بأن تصل الرسالة للشيخ حمد فورا، وتتضمن نقاطا حول الأوضاع فى كل من ليبيا وسوريا وفلسطين واليمن، والرسالة مؤرخة يوم 11 أبريل 2011، بإجراء عملية بحث على الموقع الرسمى للخارجية الأمريكية حول لقاء حمد بـ "هيلارى كلينتون" تأكد وجود لقاء جميع الطرفين بتاريخ 12 أبريل 2011 ، وتم التطرق إلى القضايا سالفة الذكر.

وطالب عزمى بشارة فى مراسلاته لأمير قطر السابق أن يطالب كلينتون بضرورة حسم الصراع فى ليبيا، بضرورة أن يذهب نظام القذافى بأكمله وليس القذافى وحده، مع ضرورة الضغط على واشنطن لدعم الليبيين بكافة الوسائل وتقديم الدعم اللازم لليبيين لما أسماه " تحرير أنفسهم".

وافقت واشنطن على مطالب الدوحة المتمثلة فى الاعتراف بالمجلس الانتقالى

وشدد عزمى بشارة على الشيخ حمد بضرورة إقدام واشنطن على خطوة الاعتراف بالمجلس الوطنى الانتقالى الليبى الذى يرأسه مصطفى عبد الجليل، وقد وافقت واشنطن على مطالب الدوحة المتمثلة فى الاعتراف بالمجلس الانتقالى ودعم الثوار فى غرب ليبيا بالسلاح، وتحديدا فى المناطق التى يتركز فيها تنظيم الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية فى العديد من المدن على رأسها مدينة مصراتة.

والملاحظ أن المناطق التى طالب بشارة من الشيخ حمد بأن تسلحها واشنطن هى المناطق التى يهيمن عليها تنظيم الإخوان الإرهابى، فقد ساهم التسليح الذى قدمته واشنطن وقطر للمنطقة الغربية فى اختطافهم العاصمة الليبية طرابلس، ورفضهم تطلعات الشعب الليبى فى تطبيق أسس الديمقراطية ورفع السلاح بوجه الليبيين والدولة الليبية، إضافة لاستقطاب العديد من العناصر المتطرفة والإرهابية من شتى بقاع العالم، مما أدى لدخول ليبيا فى فوضى أمنية ومؤسساتية وقتال يدفع البلاد نحو مصير مجهول.

ونصح بشارة فى مراسلاته للشيخ حمد بضرورة رفض وقف إطلاق النار فى ليبيا، مشيرا إلى أن أى وقف إطلاق نار فى ليبيا من شأنه تمكين القذافى من المدن وقمع المتظاهرين، وطالبه بضرورة أن يوضح لواشنطن أن لديها هى وفرنسا وبريطانيا شرعية عربية لتحقيق ما أسماه بـ"إنجازات" فى الدولة الليبية.

وفى 11 أبريل 2011 أرسل بشارة للأمير تميم، ولى عهد قطر وقتها، تصريحات وزير خارجية ليبيا السابق"عبد الرحمن شلقم واتهامه لقطر بـمحاولة الهيمنة على المجلس الانتقالى فى ليبيا، ومعارضته الشديدة للتحالف الدولى فى ليبيا الذى تقوده قطر بعد انتهاء مهمة الناتو.

وفى 25 أكتوبر 2011 أرسل عزمى بشارة رسالة إلى الشيخ حمد بن خليفة تضمن ما أسماه بـ"ملاحظات هامة" للشيخ حمد لإثارتها مع رئيس المجلس الوطنى الليبى الانتقالى مصطفى عبد الجليل أثناء لقائهم، وتضمن النقاط تذكير عبد الجليل بأن قطر عرضت نفسها للخطر من أجل دعم ليبيا ووضعت إمكانياتها التى وصلت للمجازفة من أجل قضية الشعب الليبى.

ويشير بشارة على الشيخ حمد بأن يبرر لمصطفى عبد الجليل سبب تواصل الدوحة مع أطراف بعينها وقت اندلاع الثورة، تحديدا التنظيمات الإسلامية كجماعة الإخوان وغيرها، مبررا ذلك بأن وقت الثورات يحدث تدخلا من قبل الدولة ويتم الاتصال الميدانى فى الدول، وهذه النقطة توضح أن الدوحة تتخذ مبدأ التدخل فى شئون الدول التى تندلع فيها الثورات، زاعمة أن ذلك أمر طبيعى ومنطقى فى تلك الدول التى تحدث بها ثورات.

وكشف بشارة عن إجراء الدوحة اتصالات مع كافة الأطراف الليبية المقاتلة ضد القذافى كى يتم إرضاؤها وحثها على الصمود والاستمرار فى القتال، ويؤكد أن الدوحة قدمت كل ما يلزم تلك الأطراف من أجل استمرار قتالها ضد نظام القذافى لإسقاطه، ويؤكد بشارة على ضرورة أن يذكر الشيخ حمد أن قطر صاحبة الحملة الدولية للاعتراف بمصطفى عبد الجليل كرئيس للمجلس الانتقالى الليبى ودعمه، إضافة لتذكيره بأن الدوحة استقبلته كرئيس دولة.

وتكشف المراسلات عن وجود بعض الإملاءات التى يطالب عزمى بشارة الشيخ حمد بأن يطرحها على مصطفى عبد الجليل، وهو أمر خاص بإعلان عبد الجليل لمبادئ الدستور وحده إضافة انتقاد إلغائه للقوانين، وجاءت تلك التوصيات من جانب بشارة قبل يومين من خطاب مصطفى عبد الجليل يوم 23 أكتوبر2011.