"اليوم السابع"، قضى يوما داخل الشبكة لرصد مكوناتها وآلية العمل بها والإجراءات الاحترازية المتخذة استعداد لوقوع الزلازل وما يتم فعله بعد وقوع أى زلزال من حيث كيفية رصد الزلزال والجهات التى تتلقى البيانات فور حدوثها.
70 محطة فرعية لرصد الزلازل ترسل بياناتها على مدار الـ24 ساعة
الحديث بدأ مع الدكتور أبو العلا أمين، رئيس المعهد، واحد من أقدم خبراء الزلازل، وقال أثناء متابعته لسير العمل داخل الشبكة برفقة عدد من الأساتذة، إن المعهد لديه 70 محطة فرعية لرصد الزلازل على مستوى الجمهورية تابعة للشبكة ترسل بيانات لا تنقطع على مدار الـ24 ساعة للمعهد من خلال الأقمار الصناعية، ويتم قياسها أوتوماتيكيا.
وأوضح أبو العلا، أن المحطة عبارة عن جهاز حساس وجهاز مرقم يحول البيانات إلى أرقام وجهاز آخر للإرسال يرسل الأرقام عبر القمر الصناعى عرب سات، مشيرا إلى أن مصر لديها صلاحية لإرسال تلك البيانات عبر هذا القمر بالتحديد.
الدكتور هشام حسين أحد كبار الأساتذة بالشبكة، التقط اطراف الحديث، قائلا: "إن هناك محطات تسمى محدودة المدى وتعتمد على نوع الترددات للزالزل المحلية تردداتها عالية، كما أن هناك محطات واسعة المدى وتستخدم فى دراسات اعمق مثل تركيب القشرة الأرضية"، موضحا أن كافة تلك المحطات تقوم يوميا برصد الزلازل والتى تحدث يوميا حيث هناك منها غير المحسوس.
مناطق نشطة زلزاليا فى مصر تحدث بها زلازل بصفة مستمرة
وقف الدكتور هشام بجوار خريطة للعالم تشبه إلى لحد ما التى نراها بأى مؤسسة لكن بها بعض الإشارات، قائلا: "إن هناك مناطق نشطة زلزاليا فى مصر يحدث بها زلازل بصفة مستمرة وعددها كبير جدا وتتراوح قوتها بين 1.5 إلى 2.0 درجة على مقياس ريختر، لكن المعهد يبدأ بالاهتمام بالزلزال حينما تصل قوته إلى 4.0 درجة على مقياس ريختر، بالإضافة إلى أنه يرصد باستمرار ترصد النشاط العادى الذى يقوم بها الأفراد وأعمال الشوشرة مثل تحرك السيارات الثقيلة والمد والجزر البحرى ويحدث بها تسجيل ولو كانت قوته كبيرة يحس فى معظم المحطات".
وأضاف أن هناك 3 أنواع من الزلازل أولها الذى تسبقه سوابق حيث تسبقه مجموعة من الزلازل الصغيرة والثانى يحدث مرة واحدة وتتبعه مجموعة قد تصل إلى 3 شهور، النوع الثالث تسمى الحشود الزلزالية والتى حدثت مؤخرا فى منطقة خليج السويس، مؤكدا أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل وليست هناك علاقة بينها وبين الظواهر الفلكية.
عدم الوعى سبب كوارث زلزالى عام 1995 و1992
صمت قليلا الدكتور هشام حسين، فتحدث أستاذ آخر بقسم الزلازل يبلغ من العمر قرابة الـستين عن ذكرياته مع الزلازل المدمرة التى شهدتها مصر، قائلا إن زلزال عام 1995 كان النوع الثانى من الزلازل حيث حدث بالمنطقة هدوء تام وتم التخزين ثم حدث الزلزال الكبير وتبعه مجموعة من الزلازل الصغيرة، موضحا أنه عند حدوثه كانت الشبكة التى تقيس الزلازل فى مصر بالغردقة وبعد 15 دقيقة تم قياس الزلزال وتم عمل فرق مسح تدرس الزلزال وفوجئنا به وبارتفاع قوته لـ7.2 وتوابعه كانت كثيرة.
وأضاف أن زلزال 12 أكتوبر 1992 وما حدث، نتيجته من كوارث لم يكن سببه قوة الزلزال لكن التعامل معه وكيف حدث هرج ومرج داخل المدارس وغيرها الأمر الذى أدى إلى وفاة العديد من المواطنين وهذا سببه عدم وجود ثقافة لدى المصريين للتعامل الزلازل، لافتا إلى أن الأمم المتحدة اجتمعت فى منطقة تسمى "هيوجو" باليابان بعد حدوث زلزال عام 1995 ووضعت روشته لتطبيقها حال وقوع زلزال وتم وضع فى مناهج المدارس ثقافة التعامل مع المخاطر وهناك بعض التجارب التى أجريت بالقاهرة فى حال حدوث زلزال يقوم الطلاب بالنزول أسفل المقاعد ثم يقوم المعلمون بإخراج الطلاب من المدرسة فصلا تلو الآخر وقامت بها إدارة الكوارث التابعة لمجلس الوزراء.
نوبتجيات المراقبة للشبكة مستمرة 24 ساعة بالمعهد
قام أحد الأساتذة المكلفين بمتابعة الشبكة، أثناء وجودنا بها من مكانه، ثم قال: "هناك نظام أوتوماتيكى يقيس بدايات زمن وصول الزلزال ويحدده ثم يقيسه أوتوماتيكيا وهو موقع مبدئى ونحن لدينا نباطشيات لمدة 24 ساعة بالمعهد متواجدة ومعهم دكتور مشرف على النوبتجيات بعد حدوث الزلزال يتدخل المعهد لتحسين موقع الزلزال، حيث إنه حال حدوث زلزال محسوس يتم تجهيز فاكس لوزارة البحث العلمى والجهات السيادة بالدولة والأمانة العامة للقوات المسلحة وعدد من الجهات الأخرى".
بيانات الزلازل تصل للقوات المسلحة بصفة مباشرة
وأضاف أن بيانات الزلازل تصل للقوات المسلحة بصفة مباشرة بالإضافة إلى أنه يتم التأكيد ببيان المعهد أيضا، مشيرا إلى أنه فى المرحلة الحالية لا يوجد نظام إنذار مبكر بالزلازل مثل باقى الدول لأنه يحتاج إلى إمكانيات عالية وأن يكون لدى متخذ القرار قرارات سريعة بدون تدخل البشر.
وأشار إلى أنه حال زيادة الزلزال عن 4.0 درجات يتم إرسال البيانات للمراكز الدولية وبالتحديد أزمنة الوصول فقط ولا يتم إرسال البيانات الرقمية وهى لمجرد مساعدة المراكز الأخرى فى هذه الدول مثل الذى يحدث فى البحر المتوسط، مشيرا إلى وجود شبكات دولية موزعة على مستوى العالم وإذا طلبت أى دولة بيانات من مصر معينة يتم إعطاؤها دون أدنى مشكلة.
الزلزال الذى يشعر به سكان المنطقة الصخرية مرة يشعر به سكان الدلتا أربع مرات
عاود الدكتور هشام الحديث من جديد، ليوضح السبب وراء شعور أهالى الدلتا بالزلازل دائما، حيث أكد أنه يقال إن الزلزال الذى يشعر به سكان المنطقة الصخرية مرة يشعر به سكان الدلتا أربع مرات، كلما بعدنا عن المصدر لا نحس بالزلازل والتكتل السكانى يؤثر أيضا والمخاطر تزيد بسبب عشوائية المبانى وعدد السكان.
وتطرق للحديث عن تصنيف جديد للزلزال الأول وهو العادى الذى يحدث طبيعيا أما الثانى فهو المستحدث والذى يحدث نتيجة شىء غير طبيعى مثل شفط بترول من الأرض أو ضخه أو ضخ المياه وتفجيرات شركات الأسمنت للجبال مؤكدا أن المعهد يقوم بتسجيلها.
توقف الحديث قليلا، وتوجه الأساتذة صوب شاشة مستطيلة مضيئة بها خطوط تشبه التى تظهر على الشاشة المتصلة بجهاز قياس نبضات القلب بغرفة العمليات مدون عليها أسماء جميع المحافظات بعدد ارتفاع المؤشر بإحدى المحافظات، ليطمئنوا على حالة الشبكة فإذا بها هزة خفيفة لا تتجاوز 3.0 درجة على مقياس ريختر أى زلزال ضعيف لا يتطلب أى إجراء فعاد كل منهم إلى مكانه من جديد.
المعهد يراقب شركات أسمنت من خلال تعاقدات تفرض من الدولة
عاد الحديث من جديد وقال أستاذ بالشبكة، إن المعهد يقوم بمراقبة شركات أسمنت من خلال تعاقدات تفرض عليهم حتى لا تزيد قوة التفجير عن قيمة معينة تؤثر على العجلة الزلزالية وهذا بتكليف من الدولة وحينما يتجاوزون الحد تتم مخاطبة الجهاز التابع له المصنع، موضحا أن غالبية التفجيرات قوتها أقل من الزلازل لكن لها تأثير على المبانى القريبة وقوتها من 3 إلى 3.5 درجة.
وتابع: "لدينا أيضا أجهزة العجلة الزلزالية والتى تستخدم فى تصميم المبانى وتؤثر عليها وهناك نوعان من الأجهزة الأولى تسجل الزلازل والثانية تسمى العجلة الزلزالية، حيث تم البدء فيها حديثا منذ حوالى 5 سنوات ولدينا 10 محطات ونضعها فى أخطر منطقة بالدلتا"، مضيفا أن الشركات التى تطلب العون يكون بها شريك أجنبى نظرا لتيقنهم بأهمية العجلة الزلزالية أما المقاول المصرى لا يعى ذلك على الإطلاق ويحصل على الترخيص ببناء أى منزل من مكتب المقاولات بمقابل مادى.
أحد الأساتذة الذين عملوا بالأماكن التى من المقرر أن ينشأ بها المفاعلات المصرية النووية، أشار إلى أن المنطقة التى سيتم فيها بناء مفاعل نووى أو برج يتم عمل شبكة زلازل تحوى جهازا للقياس لكنه يختلف عن رصد الزلازل، حيث إن الجهاز يكون فى هيئة كابلات وخطوط للمسح، موضحا أن لكل كيلو متر مربع 50 خطا وميزة هذه الطريقة أنه بدلا من الحفر يتم التعرف على طبيعة المنطقة على عمق 100 متر وحينما يتم التأكد من خواص هذه التربة الهندسية والديناميكية ويتم التعرف أيضا على مناطق الآبار وغيرها وهى من 2 إلى 100 متر.
واستطرد قائلا: "قمنا بعمل دراسات جيوفيزيقية منذ عام 1980 لمحطة الضبعة، حيث كانت هناك شركة تقدم ملف مصر بهيئة الطاقة الذرية الدولية تحصل منا على نتائج دراساتنا ويتم تحديثها باستمرار وهناك محطة لرصد الزلازل بمنطقة المحطة لأنه من شروط إنشاء أى محطة أن يكون بها محطة لرصد الزلازل ولذلك فإن الضبعة بها نوعين من المحطات الأولى لرصد الزلازل والثانية لرصد طبيعة التربة بحيث تم تحديد قيمة أكبر زلزال يمكنه أن يحدث بهذه المنطقة، مضيفا "الضبعة منطقة ليس بها زلازل وهادئة زلزاليا وأقرب منطقة نشطة بعيدة جدا".
آراء الأساتذة المتواجدين بالشبكة شبه متفقة على المشكلات التى تواجههم، حيث قال أحدهم إن منظومة إدارة الكوارث تحتاج إلى تطوير، وسرد من تجربته بدولة باليابان: "شاركت دورة لإدارة الكوارث تابعة للأمم المتحدة للتعامل مع الكوارث شارك فيها الأطباء وأفراد المجتمع المدنى ومسئولو الزلازل يتم تعليم الافراد كيفية التعامل مع الزلزال حين وقوعه وهنا لا تتم مثل هذه الدورات وتدريب المصريين على ذلك".
وأوضح آخر، أن الإعلام المصرى لا يقوم بدوره فى التوعية أيضا ولا يهتم به وننتظر وقوع الكارثة على الرغم من أجهزة المعهد حديثة وتتم متابعتها وتطويرها باستمرار من جانب مهندسين بالكلية الفنية العسكرية وهم ضمن الفريق البحثى بالمعهد.
10% من المحطات لا يعمل
أما المشكلة الثالثة ففجرها رئيس المعهد، قائلا: "90% من المحطات يعمل و10% لا يعمل، نظرا لسرقة المعدات الموجودة بها منذ ثورة يناير من بطاريات وألواح شمسية وغيرها من ولا يستطيع المعهد دخولها لأنها بمناطق ينشط بها الإرهاب مثل سيناء والعريش وغيرها".
وقبل مغادرة الشبكة واستلام "شيفت المبيت" محل العمل، تحدث الدكتور جاد القاضى، مدير مركز الحد من المخاطر وأستاذ الجيوفيزياء بالمعهد، عن آخر ابرز المشروعات التى سيقوم بها المعهد، قائلا: "من المقرر إنشاء المركز الإقليمى للطبيعة الأرضية والحد من المخاطر الطبيعية بمحور قناة السويس الجديدة مقره الرئيسى سيكون بمدينة الإسماعيلية، وسيتم ربطه بالشبكة القومية بالإضافة إلى محطتين أخريين ببورسعيد وسيناء".
وقال القاضى، إن المركز سيساعد كثيرا والمحطات بالمحور فى تأمين المشروعات اللوجستية التى ستقام به والأنفاق المزمع إنشاؤها أسفل القناة وغيرها بحيث تكون بمثابة إنذار مبكر للكوارث فى محور قناة السويس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة